أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - بهار رضا - يوم وأربع رجال.















المزيد.....

يوم وأربع رجال.


بهار رضا
(Bahar Reza)


الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 20:29
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


طلبت الطلاق بعد خمس سنوات حياة زوجية عاشتها كجارية. هي المرأة الساذجة الجميلة التي تنتمي للمنزل, خادمة تحفظ له سمعته و منظره الاجتماعي . كانت ثمرة الخمسة اعوام طفلين ورثوا عنها ما أنعم الله عليها من نعمة الجمال أو بالأحرى نقمة الجمال التي أغوت العجوز ذو الجاه والمال لشرائها بدفع مبلغ كبير كمهر. طلبت الطلاق بعد ان بدأ يشك بكل تصرفاتها وبدأ باستخدام العنف والذي هو مرفوض في هذا المجتمع. كان صراخ الطفلين رسالة استغاثة للجيران الذين لم يخيبوا ضنهم وبادروا بالاتصال بالجهة المسؤولة عن حماية الطفولة لكي تخيرها بدورها بين التحفظ على الولدين عند عائلة حاضنة، وبين الحياة بكنفه، اختارت أو بالأحرى أجبرت على احدى الخيارين. وانتصر حس الامومة عندها لتختار الولدين. رفعة قضية الطلاق القصرية نوعاً ما والتي سببت في قتلها طعناً بالسكين امام مراءى ومسمع ولديها.
لم يتحمل هو السجن. هو الذي عاش حياته بين ثلاث زوجات وعز وجاه ضاق به السجن، فلجئ الى حيلة افتعال حالة الجنون، لكي يتم نقله لمستشفى الامراض العقلية. وكان له ما أراد.
كان اتصال هاتفي من الشرطي المحقق يطلب مني الحضور لمستشفى الامراض العقلية لأخذ أقوال المتهم كما اسماه.
أدخلتني الممرضة المسؤولة عبر عدة بوابات محكمة الاغلاق الى صالة مفتوحة لتخبرني بأن هذه الصالة تابعة للجزء المغلق من المشفى. أي للمرضى الخطرين. ولكن هؤلاء المتواجدون في البهو اخذوا العقاقير اللازمة وهم في حالة مستقرة. لتضيف قائلة بأن الشرطي المكلف بالتحقيق اتصل ليعتذر عن تأخيره بضع دقائق.
جلست على احدى الكراسي يملئني الترقب والخوف (ماذا لو كانت العقاقير ليست بكافية؟؟ ماذا لو تظاهروا بأخذها ولم يتناولونها كما نشاهد في الافلام؟ ماذا لو ....) انا في هذه الهواجس قطع حبل افكاري صوت رجولي. انتبهت لشاب وسيم وهو يوجه لي الحديث
ــ هل تؤمنين بالله؟
ما عاسني أُجيب؟ ان اجبت ب لا وهو يطلب النعم مصيبة، والعكس صحيح. هذا وجملة الممرضة (هذا القسم مغلق) تتراقص امام عيني كلافتة تهزها رياح الجنون. بابتسامة مفتعلة اجبته بما أسعفني به عقلي من جواب حيادي.
ــ هل تؤمن انت بالله؟
ــ طبعاً طبعاً ,لا يمكن ان تكون صدفة خلق الكون بهذه الدقة .
ــ يا محاسن الصدف، أصبحنا على الأقل اثنان في هذه الباحة نؤمن بوجود الله.
لم التقط انفاس الراحة، حتى فاجئني العبقري بسؤال أصعب.
ــ بنظرك هل الاله مذكر ام مؤنث؟
ما هذه اللعنة التي حطت على رأسي، أي عمل هذا مع المجرمين المجانين! ورطة !! يجب ان أكون حذرة في ردي وابتعد قدر المستطاع عن العبارات التي ممكن ان تكون استفزازية! لكن كيف لي ان اعرف العبارات التي تستفز المختلين؟ عملت بعدة مجالات حتى النجارة اخذت كورس بها، لكن مجنونة !!! ليس لدي أدني خبرة بهذا الحقل. اللعنة لو كانت لي فقط قليل من الخبرة في عالم الجنون كانت نفعتني اليوم! لو كنت جربت الجنون يوماً واحداً على الاقل. على إثر المحاورة الطريفة بيني وبين ذاتي طبعت ابتسامة أقرب للهبل على شفتي. واجبته
ــ تعرف، سؤالك سؤال عبقري! لم يخطر ببالي ابداً. كيف توصلت لهذا السؤال الرائع؟
ــ انا خريج جامعة كوبنهايكن قسم الميثولوجيا واخترت هذا القسم لأبحث عن الجواب. لكن انت انثى لماذا لم تفكري به؟
رغم هدوءه، كنت قلقة من ردة فعله. حاولت ان أركز على طريقة تنفسي حتى استمر بالحوار الغير مستفز. مع بحثي المستمر بناظري عن احدى الممرضات كي أستنجد بها وقت الشدة وفي عقلي تدور جملة (المسكين كتر العلام لحس مخو) بادرت بمحاولة اخرى للمراوغة والتملص اثمرت من جديد
ــ رائعة هي دراسة الأديان كمثلوجينا. جميلة الفكرة.... لكن الدين في مجتمعاتنا مقدس ويحرم التفكير. نتعلم الطاعة بدون تلفظ كلمة لماذا! هذه "لماذا "كلمة ليست للاستخدام العام. حتى علامة الاستفهام هي خطرة الاستخدام. باختصار نحن محكومون بثنائية " الكفر والإيمان" بما فيها من نفي للأخر المختلف، هذه الثنائية احالت بيني وبين التفكير بهذه الطريقة التي تطرحها، او أحالت بيني وبين التفكير بشكل عام. لكن، أخبرني انت، هل توصلت لجواب؟ انا كلي شوق لسماع ما توصلت اليه
بعد نجاحي في هذه الجولة والتي كان من الواضح انصاته لكلماتي مع اهتمامه للمعنى. صرت مشدودة أكثر بتفكيري. حول السؤال التالي (يخرب بيت هالعيشة) مهنتي الخطرة! يا إلاهي الا توجد لقمة أسهل من هذه التي التقطها من فم المجرمين والمتخلفين ؟؟ قال بلهجة المنتصر
ــ الجواب دائما في راحتينا ونحن نبحث عنه بعيداً، انظري للطبيعة، شبعي ناظريك بهذا الفن! هل من المعقول ان يكون هذا السحر والشغف والابداع من صنع رجل؟ الرجال يولدون لا يولدّون.
تنفست الصعداء وانا أرى المحقق بلباس الشرطة يتوجه نحوي. شكرته للطفه وتقديسه للمرأة وانصرفت مع الشرطي لغرفة "المتهم" القاتل بعد ان شكرني وقبل كفي كجنتل مان. لكن قبل ان يودعني انتبه لغرض وجودي فعلق بجملة لاحقا عرفت معناها (انه داهية لذيذة)
دخلت الى الغرفة بحضور المحقق والطبيب النفسي. بدأ لي من النظرة الاولى قبيح الشكل، أقبح مما كان عليه في الصور، أرجح بان انطباع صورت القاتل في عقلي الباطن طغت على صورته كانسان. فلم يكن بلقاءتنا اللاحقة والتي كانت مع الطبيب النفسي دميماُ. بل بالعكس انتبهت لكاريزما لافته للنظر فيه. وقد حاول ان يمرر لي بكل اتزان واعتزاز بالنفس، صورة الضحية ضحية لمجتمع ذكوري التي تقمع مؤسساته، إنسانية البشر بكل ما أوتيه من قوة ومن شرف ورجولة مزعومة! إضافة على ذكاءه الواضح، كانت شخصيته الساحرة تدل على ثقة عالية في النفس واشياء صغيرة اخرى جعلتني اشك انها كانت اولى ضحاياه. ليس بالضرورة ان تكون الأخريات من الضحايا تعرضوا لنفس المصير لكن مصير مشابه يشكل او بآخر.هو قادر والاخرون عليهم الطاعة لأنه يرد لهم الصلاح.
في الغرفة، كنت استمع دون اصغاء. أفكر بمنطق أنوثة الله وذكورية القاتل. هو يتصور بأنها طعنت رجولته وكفرت بذكوريته بطلب طلاقها. لذلك اختار طعنها بجسدها. من وجهة نظره، هي تمردت، والمتمردات " فاجرات خارجات عن القوانين" والخارج عن القانون له حساب، حساب من رب بيته، من رب عمله، من رب الوطن.... اسوةً برب الكون الذي لا ينسى ولا يترك مثقال ذرة الا ويحاسب عليها.
كان يتحدث بهدوء، وهو يكرر عبارة (ولكل اجل كتاب) وقد أعازها الطبيب النفسي للجنون.
انتهى التحقيق وهو يكرر عبارة (ولكل اجل كتاب)
كل كان يتحدث بمنطقة. الطبيب: يتحدث بمنطق الطب والعلم والإنسانية، خريج الميثولوجيا: من منطق دراسته وشغفه ب "الأساطير دينية". والمحقق من منطق قانون الجريمة والعقاب. القاتل: بمنطق الرجولة في مجتمعات ادت اندماج الذكورية العشائرية مع الدين الى قدسية، يحرم المساس بها. وانا المستمعة الوحيدة، والوحيدة التي تنظر على الزوايا المختلفة لمربع مبعثر الاضلاع.
أربعة رجال كل يحكم من خلال البيئة والمنطق الذي ترعرع ونشأ. مختلفين، يجمعهم مكان واحد.
لم يكن مجنون كما يدعي، ولا قاتل كما يدعون، بل كان رجل، فحل! ما كان يترك شرفه، انثاه، التي هي جزء من ممتلكاته ليتمتع بها فحل اخر ويدنس شرفه. وتصّرف بدافع موروثه الثقافي، ثقافة الايماء (تعاليم قريش) .
هي كانت موضوع الشرف وليست صاحبته. فالمرأة ليست "إنسانا" يمتلك الشرف ولكنها "الشيء" الذي ممكن أن يجلب الخزي!!! فيحق للرجل أن يقتل ابنته أو زوجته أو أخته دفاعا عن الشرف، ويصبح حينها في نظر العرف والقانون رجلا كامل "الرجولة" يؤدي واجبه المقدس. وقد أنهي الموضوع بعد ابتعد عن الصلاح، صلاحه وصلاح العشيرة والقطيع.
لو كان الكون كما تمنى الميثولوجي بإلهه انثوي وكنت صاحبة القرار، لكنت استغنيت عنهم جميعاَ. استغني عنهم لا، لأعيد تكوينهم ومن حولهم من جديد، بل اهديهم الإرادة. فقط الإرادة.



#بهار_رضا (هاشتاغ)       Bahar_Reza#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بهشته وروح الله (قصة قصيرة)
- 31 اب لم يعد وجود لهزائم أقبح لصنعها.
- نقول للدودة الوحيدة طوبى لك يا أشرف خلق الله
- لا تحرگوهم بالنفط ، لأن النفط بسرعة يشتعل حرگوهم بالزيت
- دونية الاكراد وذوي العاهات والمحارفين.
- والدتي ،زوجي وضرتي
- حملة جمع تواقيع لهدم الوثن القاطن في ساحة الشكر (التحرير ساب ...
- الى برواز حسين
- To be´-or-not to be human
- كان زقاق الحلواني (قصة قصيرة)
- ( ربي إجعلني بقرة في عيون الرجال) Some dance to remember, so ...
- أنا وطبيبي المُثلي
- آني شرحت ليش ما أخون زوجي وانت ما شرحت ليش خنت زوجاتك..(قصة ...
- حواء وآدم والتفاحتين. (قصة قصيرة)
- كيفما تكون نساءكم تكون حضارتكم
- صومعة أحلامي
- أعِدُّواْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة.
- ضليت أحبة للعراق ..وبعدني أحبة .
- نسيان
- أصحاب الفيل


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - بهار رضا - يوم وأربع رجال.