محمد هاكوهين
الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 18:33
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ما هو الخمر؟ هو شراب مسكر يصنع من عصير العنب أو نقع التمور أو غيره.
قال تعالى في سورة يوسف: إني أراني أعصر خمرا.
ما حكم شرب الخمر؟
هو مباح ولا جناح على المؤمنين فيه إذا ما أمنوا بالله وبروا الوالدين وانتهوا عن قتل النفس التي حرم الله و اجتنبوا الفواحش وراعوا حق اليتيم وأقسطوا في الميزان وقالوا الحق ولو على أنفسهم وأوفوا بعهودهم وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة ولا يسرقون, ويتصدقون على أهل الصدقات وكانوا من الصادقين واجتنبوا العداوة والبغضاء وذكروا الله كثيرا وكانوا من المحسنين.
قال تعالى : ليس على الذين أمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وءامنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين . المائدة 5 : 93
في شرب الخمر منافع للناس وتجارة ورزق حلال حسن مباح.
قال تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا
بيان محرمات الطعام:
الطعام هو كل أكل و شراب, الأكل مثل اللحوم و الفواكه و الخبز, و الشراب هو السوائل مثل الماء و اللبن و العسل و الخمر( المسكرات).
قال تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم. الأنعام 6 : 145
في الاية تبين أنه لا يوجد في الوحي من محرمات الطعام إلا أربعة, أكل الميتة و شرب الدم و أكل لحم الخنزير أو أكل ما اهل به لغير الله.
وهي أية جامعة مانعة وتحدد محرمات الطعام الأربع ولا يوجد بالأية تحريم أي خمر أو مشروب أخر سوى شرب الدم المسفوح المراق فهو حرام.
و حين نجد رواية منسوبة للنبي تقول: كل مسكر خمر و كل مسكر حرام. أو ما أسكر كثيره فقليله حرام, فهي تحدث التناقض فهي تضيف لمحرمات الطعام الأربع صنف أخر يحدث تناقض مع نسيج الأية التي حصرت محرمات الطعام في أربعة أصناف فقط.
فلا يعتد بمثل هذه الروايات المنسوبة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام, فهي مثلها كمثل الكثير المنسوب اليه وهي روايات مفتراه عليه.
ومن يقول بأنها أحكام منسوخة ويقصد بذلك ازالة حكمها, فليعلم أنه لا يزيل أحكام آيات القرآن الا آيات القرآن و ذلك يكون بشكل جلي , وفي القرأن حكمان تمت ازالتهما أحدهما هو توجيه قبلة المسلمين من جهة المشرق والمغرب إلى المسجد الحرام وكان بيان إزالة الحكم مبين وواضح.
قال تعالى: يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. النساء 4 : 43
إن الله سبحانه وتعالى نهى عن الصلاة في حالة السكر و عدم العلم بما يقال في الصلاة, ففي الآية إباحة للسكر و ليس تحريم, بل نهي عن الصلاة في حالة السكر لدرجة عدم الوعي بالقول في الصلاة وهو صد عن ذكر الله و عن الصلاة.
الخمر و الميسر – الزوجان كإثم واحد كبير:
قال تعالى: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" البقرة 2: 219
قبل أن نبدأ بتأويل الآية علينا بفهم مدلولات ضمير الغائب للمفرد و المثنى و الجمع و كذلك الإفراد و التثنية و الجمع.
الافراد و التثنية و الجمع :
كلمة إثم مفرد,
و مثناها إثمان,
و جمعها آثام,
وكلمة منفعة مفرد,
و مثناها منفعتان
و جمعها منافع.
أما ضمير الغائب:
الهاء للمفرد "ك اثمه "
و هما للمثنى "ك اثمهما"
و هم للجمع "ك اثمهم" .
هذه المقدمة النحوية البسيطة سوف تكون تأصيل لفهم الآية السابقة,
يسألونك عن الخمر والميسر... قل فيهما "إثم كبير" و منافع للناس, "الخمر والميسر" هذان الزوجان معا فيهما إثم واحد دلالة على الحالة وأن الجمع بينهما يصنعان إثم كبير و ليس إثمان كبيران وليست آثام كبيرة.
ما هو هذا الإثم الكبير؟
مثلا لو أن جماعة من الأصحاب يشربون الخمر و أسرفوا بشرابهم لدرجة غياب العقل و هم على حالهم هذا يلعبون الميسر, يلعبون و يشربون و منهم من يشعر بنشوة المكاسب أما الآخر يشعر بحسرة الخسارة, و يتربص بهم الشيطان ليوقع بينهم العداوة و البغضاء و يصدهم عن ذكر الله و عن الصلاة, فإن فرصته سانحة لأن يوقعهم في إثم كبير وهنا يأتي التحذير من خطر العداوة و الكراهية التي قد تؤدي الى سوء العواقب من العنف وتبعاته, وقد تؤدي الى نسيان الصلاة و صدهم عن ذكر الله وهم مستغرقون في نشوة هذا الاثم الكبير.
قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون, إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منهون" المائدة 5 : 90 -91
وفي الأية نجد النهي واقع على حال الخمر والميسر معا و ليسا منفردين, إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في "الخمر والميسر" بما يعني شرب الخمر و لعب الميسر في آن واحد هو إثم كبير منهي عنه .
"أنهار الجنة ومشروبات الدنيا"
قال تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم) محمد 47 : 15
في الجنة أنهار وردت بالترتيب كما في الآية السابقة:
1- أنهار من ماء,
2- أنهار من لبن,
3- أنهار من خمر,
4- أنهار من عسل.
كل هذه الأنهار في الجنة خلقها الله ووعد منه سبحانه لعباده المتقين ليهنئوا بلذة الشرب منها, و بنفس الترتيب لهذه الانواع من المشروبات أتت في سورة النحل لتبين أنها مشروبات مباحة و حلال في الدنيا أيضا.
قال تعالى: ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) , (والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لأية لقوم يسمعون), (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين), (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لأية لقوم يعقلون, وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون), (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لأية لقوم يتفكرون) النحل: 16 : 64-69
الآية الأولى تؤكد أن سبب تنزيل الكتاب لتبيين ما قد نختلف فيه (كالخمر مثلا ) ومنه الآيات التالية لها هي مصدر الهدى إذا ما حدث أي اختلاف بيننا ثم يليها:
1- الماء المشروب الأول للناس وهو سبب الحياة على الأرض ومصدره السماء.
2- اللبن الغذاء الأول للناس وأية خلقه من بين فرث ودم.
3- الخمر مشروب المتعة وتخفيف من عناء الحياة الأول للناس و مصدره ثمرات النخيل والأعناب لنتخذ من العنب والبلح شرابا مسكرا و رزقا حلالا.
4 العسل وفيه شفاء للناس ومصدره رحيق الازهار وبطون النحل.
الآيات تحث على التدبر لما بها الكثير من المعاني و المعجزات, و من ثمرات النخيل و الأعناب تتخذون منه سكرا و رزقا حسنا, يتبين أن من التمر و العنب نصنع شرابا مسكرا و نشربه و نتاجر و ننفق منه حلالا طيبا, و أن لم يكن هذا هو المقصود, لقال سبحانه رزقا سيئا تعبيرا عن الذم و التقبيح و لم يقل الله سبحانه رزقا حسنا.
#محمد_هاكوهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟