أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - المخرج خيري بشارة لـ - الحوار المتمدن -: في الفيلم التسجيلي تهبط المخيلة إلى الواقع، وفي الروائي تجنح إلى التحليق















المزيد.....

المخرج خيري بشارة لـ - الحوار المتمدن -: في الفيلم التسجيلي تهبط المخيلة إلى الواقع، وفي الروائي تجنح إلى التحليق


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1202 - 2005 / 5 / 19 - 10:33
المحور: مقابلات و حوارات
    


ينتمي المخرج خيري بشارة إلى تيار السينما الإحترافية، هذا التوصيف الذي أحبه، وإرتكن إليه، أكثر من ركونه إلى توصيفات أخرى بما في ذلك السينما الواقعية، أو المغايرة، أو الشاعرية. فخيري بشارة هو مخرج دؤوب، درس في معهد السينما في القاهرة في أوائل الستينات من القرن الماضي، وتخرج منه عام 1967، ثم حصل على دورة تدريبية في بولندا بعد التخرج مباشرة، وأمضى في وارسو قرابة عام ونصف العام، تعرف خلالها على تجارب سينمائية لمخرجين بولنديين أبرزهم كيشيشتوف كيسلوسكي، أندريه فايدا، يرجي سكولميوسكي، زانوسي، ويرجي هوفمان. وحينما تمكن من أدواته الفنية، وتكرست رؤيته الفنية بدأ في مشروعه الإخراجي الذي دشنه بالأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، إذ أخرج منذ منتصف السبعينات وحتى الآن 18 فيلماً تسجيلياً وروائياً قصيراً بضمنها شريط فيديو من بينها " صائد الدبابات، طبيب في الأرياف، طائر النورس، تنوير، حديث الحجر، تجاوز اليأس، كما أخرج 11 فيلماً روائياً طويلاً وهي على التوالي " الأقدار الدامية، العوامة 70، الطوق والإسورة، يوم مر. . يوم حلو، كابوريا، رغبة متوحشة، آيس كريم في جليم، أمريكا شيكا بيكا، حرب الفراولة، إشارة مرور، قشر البندق " إضافة إلى فيلم" ليلة في القمر " صوّره بتقنية الديجيتال. وقد أثارت تجربته الفنية ردود أفعال متباينة، سلباً وإيجاباً. وبمناسبة تكريمه في مهرجان الفيلم العربي في روتردام لعام 2004، فضلاً عن تكريم الفنان طارق التلمساني الذي صوّر العديد من أفلام بشارة، إلتقيناه، ودار بيننا الحوار التالي الذي سلّط من خلاله الضوء على تجربته الحياتية والإبداعية في آنٍ معا:
* صنّفك العديد من النقاد بأنك تنتمي إلى تيار السينما الواقعية الشاعرية، لكنك رفضت هذا التصنيف، وقلت بأنك تنتمي إلى تيار السينما المصرية الجديدة؟ ما طبيعة هذا التيار، وما هي مميزاته الفنية؟
- أنا في رأيي أن هذه التصنيفات هي من صنع النقاد أولاً، وهم يحتاجونها لدراسة المنجز السينمائي لهذا المخرج أو ذاك بهدف تحليل تجربته، أو نقدها بطريقة قد لا تخرج أحياناً عن حدود شرح حدوتة الفيلم. أنا أعتقد أن أي مخرج حينما يصنع فيلماً لا يفكر بالتيارات والمذاهب السينمائية، ولا يضع نفسه سلفاً تحت تصنيف محدد، لأن هذا التصنيف يشكّل خطراً كبيراً على المخرج. أنا أتحدث عن نفسي هنا وأقول لك بصراحة عندما أنشغل بإخراج فيلم معين لا أفكر بأن هذا الفيلم سيكون واقعياً أو سريالياً أو شاعرياً، ولا أنظّر له، لأن التنظير ليس من واجب المخرج، وإنما هو من واجب الناقد، والمحلل، أو الصحفي الذي يكتب عرضاً صحفياً عن الفيلم بعد مشاهدته. أنا أصنع أفلامي بالطريقة التي أحسها، وأشعر بها. والفيلم بالنسبة لي يمثل رؤيتي الخاصة كفنان. فإذا وضعت نفسي ضمن قوالب وتصنيفات محددة سلفاً فإن هذا التصنيف سيحد من رؤيتي، وديناميكيتي، وإنطلاقتي الإبداعية العفوية التي تنسجم مع حساسيتي البصرية.
* كيف تفتق لديك هاجس السينما، أو هاجس الصورة. وهل كان تعلقك بالفنون البصرية ناجماً عن إهتماماتك الذاتي أم أن هناك أناساً مهدوا لك الطريق لخوض هذه التجربة، ووضعوا خطواتك على السكة الصحيحة. ويا حبذا لو تتوقف قليلاً عند التأثيرات الأولى التي خلّفها خالك الأستاذ كامل يوسف الذي عمل في مجال الإخراج والتمثيل منذ أواسط القرن الماضي؟
- لقد كتبت ذات مرة مقالة جميلة عن مئوية السينما، ونشرتها في مجلة العربي، وقد لاقت هذه المقالة إستحسان الكثيرين، وفيها ما يمكن أن نعتبره رداً على سؤالك الطويل هذا، والذي يحتاج إلى بعض الوقت للإجابة عليه، وإيفائه حقه لأنه يغوص في الطفولة والمؤثرات الأولى التي صنعت مني مخرجاً. دعني أبدأ من مرحلة الطفولة. أنا عشت ست سنوات من عمري في قرية صغيرة هي قرية سيدي سالم التابعة لمحافظة كفر الشيخ، حيث كان والدي يمتلك أرضاً زراعية فضلاً عن وظيفته في شركة إنكليزية تستصلح الأراضي البور وتؤجرها في زمن الإحتلال الإنكليزي. أستطيع القول بأن عائلتي تنتمي إلى البرجوازية الريفية. أتذكر دائماً المدرس العجوز الذي كنت أنتظره بشغف لكي يأتي إلى المقهى، ويرسم على ورق أبيض أشكالاً هندسية جميلة ملونة. ربما أحببت حساسية اللون بسببه. كما منحتني الطبيعة الخلابة فرصة التمتع بالحياة الريفية حيث الماء والشجر والسماء الصافية، وجمال شروق الشمس وغروبها. لقد منحتني تلك القرية الصغيرة فرصة الإستمتاع بالطيور والفراشات والحيوانات الداجنة. في هذا الجو القروي حيث لا وجود للكهرباء، وإنعدام وسائل اللهو والترفيه المتعارف عليها كان لابد أن أبحث عن شيء يشغلني، فلم أجد سوى هذه العلاقة الحميمة مع الطبيعة ومعطياتها. وبشكل لا إرادي تركت عيني تتربى على الضوء، ضوء المناظر الطبيعية. أتذكر أنني صنعت ثقباً في جدار إحدى الغرف، فتسلل منه ضوء باهر كان بداية الطريق لإكتشاف السينما. كما كنت أعشق المصابيح التي تشتغل بواسطة الكاز أو البنزين وتتوهج في قلب القرى البعيدة والتي تحولت لاحقاً إلى " مؤثر بصري " وعندما إنتقلت إلى حي شبرا في القاهرة تبدلت حياتي، وبدأت الإحتكاك بخالي الذي أشرت إليه في سؤالك. وهو في الحقيقة له فضل كبير ليس عليَّ وحدي، وإنما على كثيرين. كان خالي كامل يوسف يمثل حالة غامضة بالنسبة لي، وكنت أشعر به من خلال زياراته المتكررة لنا، أنه مختلف تماماً عن الآخرين حتى في طريقة حديثه، وإرتدائه لملابسه الأنيقة. تعلقت كثيراً بهذا الخال ذي الصوت المميز، ولم أكن أعرف وقتها ما هي طبيعة عمله. حينما غادرَنا ذات يوم ترك حقيبة ضخمة في منزلنا، وكانت هذه الحقيبة أشبه بسر كبير، إذ أنني كنت أعرف أنه يفتحها بين الحين والآخر، ويلتقط منها بعض الكتب، ويعيدها إلى الحقيبة ما أن ينتهي من قراءتها. ثم إنشغلت بطبيعة هذه الكتب، وماهيتها، ولماذا يبدد كل هذا الوقت الطويل في قراءتها؟ لابد أن هناك سراً ما في هذه الكتب؟ ذات يوم قررت أن أفتح الحقيبة التي أتعبني لأعرف ما في داخلها. كانت أمي منشغلة بإعداد الطعام في المطبخ، تسللت خلسة، وفتحت الحقيبة عنوة بسكين، فوجدت فيها كتباً أجنبية تصفحتها في الحال فأدهشتني الصور الجميلة المبهرة، وأدركت فيما بعد أنها صور لأفلام ومسرحيات إنكليزية تعود إلى الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي. ثم عرفت لاحقاً أن خالي قد درس المسرح في الأكاديمية الملكية في إنكلترا بعد إنتهاء الحرب الثانية. على الصعيد الذاتي ساهمتُ شخصياً في إكتشاف الطريق إلى السينما، أذكر أنني سرقت بعض النقود من جدي من أجل الذهاب إلى السينما وشراء بعض الكتب، ثم تفتحت ذائقتي على التلفزيون والسينما، وما أزال أتذكر مشهد إغتصاب الشغالة في فيلم " إحدى التلامذة " الذي حرضني على مشاهدة أفلام أخرى علني أجد فيها شيئاً من هذا القبيل.
* أخرجتَ عدداً كبيراً من الأفلام التسجيلية التي حققت لك شهرة واسعة، وكرّستْ إسمك كمخرج سينمائي. هل تعتقد أن الفيلم التسجيلي لابد منه لخوض تجربة الفيلم الروائي الطويل؟ ما أهمية الفيلم التسجيلي بالنسبة إليك على الصعيد الفني؟
- ليس بالضرورة أن تمر بالفيلم التسجيلي لكي تمهد الطريق لدخول الفيلم الروائي، ولكن أنا أتكلم على المستوى الشخصي، في الفيلم التسجيلي تهبط المخيلة إلى الواقع، وتتكون علاقة حميمة معه، وهو بحث في الواقع، ومحاولة لفهمه. قد يسأل المخرج نفسه سؤالاً بسيطاً، لكنه على قدر كبير من الأهمية وهو: ماهي مصادري لو أردت أن أصنع فيلماً تسجيلياً؟ الجواب هو الواقع طبعاً، كذلك الفيلم الروائي الطويل الذي يعتمد على العلاقة الواقعية الممزوجة بعنصر الخيال. في الفيلم الروائي تجنح المخيلة للتحليق، وتمارس الفنتازيا ربما من خلال التجربة الذاتية أو من خلال تجارب الآخرين. الفيلم التسجيلي له علاقة شديدة بالواقع حتى على الصعيد الذاتي، هو الذي جعلني أفهم الواقع بدقة شديدة، وأمدني بمعرفة هائلة بالناس حتى على مستوى كيف يجلس هذا الشخص، وكيف يتكلم، وكيف يتحرك. هذه التفاصيل الصغيرة يحتاجها الفيلم التسجيلي في أثناء عملية التوثيق لشخصية ما، أو مكان ما، أو حدث معين، أو ظاهرة ما تستحق التسجيل لكي يراها المتلقي، ويستفيد منها، ويستمتع بها.
* نرجع إلى أفلامك الروائية الأربعة الأولى التي صنفناها ضمن هذا التصنيف القسري، وقلنا أنها واقعية شاعرية. هل حدثت عندك إنعطافة حقيقية بعد فيلم " كابوريا " بإتجاه الفنتازيا السحرية؟
- جاء الإنتقال بشكل طبيعي، فأنا لا أحب الإنعطافات المفاجئة، أو النقلات السريعة المباغتة، لأنني أريد أن أشعر دائماً بأنني ديناميكي، أنتقل من مرحلة إلى أخرى بشكل عفوي لا مجال للقسر فيه. أنا أشعر أنني شخص غير ثابت، ولا أمتلك حقائق السينما كلها، ولا عن الحياة أيضاً. وأنني أحاول بشكل دائم أن أطور نفسي بإتجاة إحتياجاتي الفنية، وربما بسبب إحساسي بنبض الزمن المتغير. أنا في كل فترة من فترات حياتي لدي إحتياجات شخصية، وفنية، إحتياجات وإهتمامات مختلفة لها علاقة بالإبداع البصري أولاً والفكري أو الثقافي ثانياً. أنا كنت أميناً لهذا التغيير الذي تتحدث عنه، ولكن ليس بطريقة النقلة السريعة، وإنما بالدراسة الهادئة المتأنية، وضمن الشروط الفنية التي تفرض نفسها قبل فوات الأوان. لذلك لم أحاول أن أضع نفسي في خانة محددة، ولا أنضوي تحت تيار معين حتى وإن وضعني النقاد والدارسون فيه. أنا أستجيب لرغبة التغيير التي يفرضها الواقع العملي، وتقتضيها الضرورة الفنية.
* كنت تميل إلى توظيف القصة بهيكلها القديم في أفلامك الأولى، أي قصة فيها بداية ووسط ونهاية، أما في فيلم " كابوريا " فقد صارت صارت عندك القصة أقرب إلى المواقف والحالات. . هل تميل إلى القصة المحبوكة المتماسكة، أم إلى المواقف والحالات الخاطفة، وأي منهما هو الأجدى بالنسبة إليك، ومن منهما يمنحك الحرية في العمل الفني؟
- في كل فيلم أنا أستجيب لشروط اللحظة الإبداعية، مثلما أستجيب لشروط التطور الزمني. فبعد الأفلام الأربعة الأولى وهي " الأقدار الدامية، العوامة 70، الطوق والإسورة، ويوم مر. . يوم حلو " صادف أنني أردت أن أتحرر من السرد الدرامي الذي كنا نألفه آنذاك، لكنني وصلت إلى مرحلة معينة بعد كل تجاربي السينمائية الطويلة الأربع، فضلاً عن تجاربي مع الفيلم التسجيلي، فوجدت أن التغيير ضروري ولابد منه. أردت أن أُخرج المتفرج من طقس الرتابة الذي تعوّد عليه، كما أن من حقي أن أجرّب لكي اشد المتفرج، وأتعاطى معه بالطريقة الفنية التي أجدها مناسبة ومعقولة شرط ألا تكون عائقاً لتفجر الخيال. كنت فقط محكوماً بالرغبة في المزاوجة بين الحرفة والخيال وتحريك الطاقة الإبداعية الكامنة.
* على صعيد الكتابة تميل إلى كتّاب وسينارسيت محددين، هل هناك خصوصية معينة تضطرك لتفضيل كاتب سيناريو على آخر؟
- أنا من النوع الذي يحب العشرة، والعلاقة الإجتماعية. وعندما أتفاهم مع شخص محدد، وتنشأ بيني وبينه علاقة مودة، وصداقة، أجد نفسي محكوماً بهذه الصداقة، ولا أستطع أن أتخلى عنها. كما أعتبر أن الصداقة هي أشبه بالرحلة الطويلة، ولا أفضل أن يفترق صديقان وهما في بداية الرحلة. الصداقة هي نوع من الأمانة، والمحبة الدائمة، ممكن أن يفترق الأصدقاء، لكن وقْع هذا الفراق قاسٍ ومؤلم. أنا وفي للعلاقات والصداقات التاريخية التي لا تنشأ من فراغ. الصداقة إختيارات عسيرة ودقيقة تفضي إلى حياة كاملة فيها عمل، وتجارب، وفرح، وحزن. من هنا فإن الكتاب الذين تتحدث عنهم هم جزء من هذه العلاقات المبنية بناءً رصيناً، لذلك أحبهم، وأعتمد على مخيلتهم، ومنجزهم الفني في الكتابة.
* هل ينطبق هذا الكلام على المصور طارق التلمساني الذي صوّر لك الكثير من أفلامك ولماذا يقترب من ذهنك أكثر من الآخرين؟
-هذه الصداقات لا تقتصر على كتاب السيناريو فقط، وإنما تنطبق على علاقتي الدائمة بالمصور العزيز طارق التلمساني، وهكذا بالنسبة لبقية العاملين، لأن العلاقات الإنسانية هي مثل الكيمياء أو لنسمها كيميا العلاقات الإنسانية التي تشبه اللغز، كما أنها أحياناً تشبه القدر. تخيل طارق عاش في روسيا وأنا عشت في بولندا، وقد جمعنا أكثر من همّ قد يكون تاريخيا أو إجتماعياً أو فكرياً، أو ربما هناك وجهة نظر مشتركة إلى الحياة. فهمنا للحياة، والفن، والرؤية الإبداعية أو الجمالية هي كلها عناصر مشتركة جمعتنا، ودفعتنا للعمل سوية في العديد من الأفلام. قد نختلف أنا وطارق التلمساني في مكان ما أو زاوية ما، ولكن هناك أرضية مشتركة تجمع بيننا، أسميها أرضية للأرواح المتآلفة. هناك شيء آخر لابد من التوقف عنده وهو أن طارق التلمساني لم يصور أفلامي كلها، ولكنه يظل موجوداً فيها، بمعنى أن طارقاً يلقي بظلاله على الأفلام.
* خلال دراستك في بولندا، ما هي اللمسات أو التأثيرات التي خلفتها السينما البولندية على تجربتك الإخراجية؟
- أنا ذهبت إلى بولندا بعد أن درست السينما في مصر، إذ كنت مواكباً للتجارب السينمائية في العالم ومنها بولندا طبعاً. أنا حينما دخلت معهد السينما سنة1963 بدأت أكرس نفسي لمشاهدة الأفلام العربية والعالمية، إذ شاهدت أفلام الموجة الجديدة السينما الفرنسية، وأفلام السينما الحرة الإنكليزية. كما رأيت بإمعان أفلام بازوليني وفلليني وفيسكونتي، أي أسست لنفسي خبرة بصرية جيدة. تأثير بولندا عليّ كان عميقاً حتى من الناحية الحياتية. تعرفت في بولندا جيداً على أفلام مخرجين كبار أمثال أندريه فايدا، هوفمان. أحببت تجاربهم، وأعجبت بتقنياتهم، ولكنك كما تعلم فكل مخرج في العالم يحاول أن يؤسس لتجربته الفنية. أنا بعد سنوات التأثر، والتعلم، وإكتساب الخبرة بدأت أبحث عن ملامحي الخاصة، وقد أخذت تتضح أكثراً بعد كل فيلم جديد أضيفه إلى قائمة أفلامي الروائية.
* كيف تعاطىالنقاد مع أفلامك التسجيلية والروائية، هل أنت راضٍ عن الدراسات النقدية والتحليلات التي كُتبت عن تجربتك؟ وما هو حجم الفائدة من هذه النقود؟
- دعني أقول لك، وربما أنت تعرف هذه المعلومة بحكم متابعتك، بأنني ناقد، وقد كتبت النقد لمدة ليست بالقصيرة. لذلك فأنا أعرف جيداً ما هو النقد، وما معناه، وما هو طبيعة الدور الذي يلعبه؟ لنكن صريحين جداً، ففي العالم العربي ليس هناك إتجاهات نقدية صارمة، تدرس الفيلم، وتحلله، وتكتشف عيوبة الفنية والتقنية، أو تكشتف جمالياته. فالنقد السينمائي العربي في معظمه، كي لا نعمم ونظلم بعض النقاد الجادين، ليس له علاقة عميقة بالفيلم، ولا يمسه إلا من الخارج. قد يشرح النقاد من هذا النوع حدوتة الفيلم، وهذه الحدوتة موجودة في الفيلم ولا داعي لشرحها. هذه النظرة النقدية أسميها نظرة ضيقة لا تضيف شيئاً جوهرياً للمخرج أو لكل العاملين في الفيلم. النقد العربي نادراً ما يكتشف موهبة حقيقية، المواهب الأصيلة تظهر من دون الحاجة إلى النقاد. إذاً، فالنقد من هذا النوع لا يضيف شيئاً على الإطلاق ووجوده مثل غيابه تماماً. القلة النادرة من النقاد الذين كتبوا أشياء مهمة ممكن أن تضيف للفيلم شيئاً.
* هل صادف أحد من النقاد أن كتب عن التقنيات، أعني عن المؤثرات المؤثرالت الصوتية والبصرية وما إلى ذلك؟
- كلا، لم يكتب أحد. وهذا هو الشيء الذي أريد أن أقوله الآن، فالنقاد لم يحللوا أفلامي بشكل جيد أو بطريقة ناضجة. أغلب النقود كانت تدور حول القصة أو المضمون.
* أنجزتَ مسلسلاً درامياً بعنوان " مسألة مبدأ " هل لديك نية للمضي في هذا الإتجاه؟
- نعم، لدي نية للمضي في هذا الإتجاه الدرامي الذي يشاهده عدد كبير من الناس في مختلف الأقطار العربية، ومن مختلف الستويات الثقافية. هذا المسلسل يتألف من " 33 " حلقة، وهو من تأليف محمد صفاء عامر، وبطولة إلهام شاهين، خالد النبوي، جميل راتب، رياض الخولي، سميرة عبد العزيز، غادة عبد الرازق. لدي مسلسل آخر بعنوان " ملح الأرض " بطولة محمد صبحي.
* منْ هم المخرجون من جيلك أو الأجيال التي سبقتك الأقرب إلى نفسك وتجربتك الفنية؟
- محمد خان، يسري نصر الله، وداوود عبد السيد.
* طالما أنك تكتب النقد السينمائي، ما هو تقييمك للأفلام التي شاهدتها الآن في مهرجان الفيلم العربي في روتردام. كيف تنظر إلى تقنيات هذه الأفلام؟ ألا تعتقد بوجود بعض الحشو والمشاهد الزائدة، ومجاملات للجهات الممولة لبعض الأفلام؟
- أنا أغفر بعض الأخطاء التقنية، وآمل أن نتجاوز مثل هذه الأخطاء، ولكنني لا أغفر للحشو أو الترهل أو الزيادات المفرطة أو ممالأة الجهات الممولة. أذكر مرة شاهدت فيلماً روسياً في مهرجان روتردام الدولي عام 1996 على ما أظن. كان هذا الفيلم يتوافر على تقنيات عالية جداً، وهو معمول بلغة سينمائية رفيعة، فضلاً عن ديناميكيته، وقد شد الناس فعلاً، لكن الجمهور ضجر بعد نصف ساعة من حيوية الفيلم الزائدة. هذه مشكلة أيضاً. وثمة فيلم تايواني إسمه " Time to die..time to live " كان إيقاعه بطيئاً جداً، وطولة ثلاث ساعات، في البداية ضجر المشاهدون منه، ولكنه في النهاية " أي الفيلم " مسك المشاهدين وأخذ بتلابيبهم كما يقولون، ولكن بعد معاناة ليست بسيطة.
* لماذا عدتَ إلى الفنتازيا والخيال العلمي ثانية من خلال فيلمك الأخير " ليلة في القمر " والذي نفذته بتقنية الديجيتال؟
- أولاً نفذت هذا الفيلم بتقنية الديجيتال لأنها رخيصة، ولم يستغرق التصوير سوى ثلاثة أسابيع وبضعة أيام، وقد أسندت دور البطولة إلى رغدة، وشاركها في التمثيل جيهان فاضل، وطارق التلمساني. تدور أحداث هذا الفيلم عام 2050 حول ممرضة خجولة جداً تقع في حب طبيبها الذي لا يبالي بهذا الحب عندما يعرف أنها متعلقة به، فيقيم علاقات عابرة أخرى من عدة نساء، ولكنه يعود إليها في النهاية، لكنها ترفضه، وتقرر أن تسافر لتعيش فوق القمر!.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج السينمائي قاسم حَوَلْ لـ - الحوار المتمدن -:عندما تسق ...
- المخرجة الأمريكية - مصرية الأصل - جيهان نُجيم: أشعر أن هناك ...
- لماذا لم تندلع الثورة الذهبية في أوزبكستان، البلد الذي يسلق ...
- الأصولية والإرهاب: قراءة في مستقبل الإسلام والمسلمين في هولن ...
- المخرج فرات سلام لـ - الحوار المتمدن -:أتوقع اقتراب الولادة ...
- موسوعة المناوئين للإسلام - السلفي - والجاليات الإسلامية - ال ...
- التراسل الذهني بين فيلمي (ان تنام بهدوء) و(معالي الوزير) الك ...
- الرئيس الجيورجي ميخائيل ساكاشفيلي والثورة الوردية: حليف أمري ...
- فرايبيرغا، رئيسة لاتفيا الحديدية: تتخلص من تبعية الصوت الواح ...
- -المخرج فرات سلام في شريطه التسجيلي الجديد - نساء فقط
- صمت القصور - فيلم من صنع امرأة: كشف المُقنّع وتعرّية المسكوت ...
- في زيارته الثالثة لأوروبا خلال هذا العام جورج بوش يحتفل باند ...
- سمفونية اللون - للمخرج قاسم حول: شريط يجمع بين تقنيات الفيلم ...
- الروائي بختيار علي لـ - الحوار المتمدن -: النص لا يخضع لسلطة ...
- في جولته الجديدة لكل من لاتيفيا وهولندا وروسيا وجيورجيا جورج ...
- التشكيلي سعد علي في معرضه الجديد - المحبة في مدينة الليمون - ...
- الملكة بياتريكس في يبويلها الفضي: لا نيّة لها للتخلي عن العر ...
- نزلاء حتى إشعار آخر - للمخرج فرات سلام: فيلم تسجيلي يقتحم قل ...
- المخرجة الإيرانية رخشان بني اعتماد: - سيدة أيار - إدانة صارخ ...
- التشكيلي ستار كاووش لـ ( الحوار المتمدن):أنا ضد المحلية البح ...


المزيد.....




- الخارجية الروسية: ألمانيا تحاول كتابة التاريخ لصالح الرايخ ا ...
- مفاجآت روسيا للناتو.. ماذا بعد أوريشنيك؟
- -نحن على خط النهاية- لكن -الاتفاق لم يكتمل-.. هل تتوصل إسرائ ...
- روسيا وأوكرانيا: فاينانشيال تايمز.. روسيا تجند يمنيين للقتال ...
- 17 مفقودا في غرق مركب سياحي قبالة سواحل مرسى علم شمالي مصر
- الاختصارات في الرسائل النصية تثير الشك في صدقها.. فما السبب؟ ...
- إنقاذ 28 فردا والبحث عن 17 مفقودا بعد غرق مركب سياحي مصري
- الإمارات تعتقل 3 متهمين باغتيال كوغان
- خامنئي: واشنطن تسعى للسيطرة على المنطقة
- القاهرة.. معارض فنية في أيام موسكو


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - المخرج خيري بشارة لـ - الحوار المتمدن -: في الفيلم التسجيلي تهبط المخيلة إلى الواقع، وفي الروائي تجنح إلى التحليق