أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...















المزيد.....

لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1202 - 2005 / 5 / 19 - 10:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما رفعت حركة "كفاية" في مصر شعارها "لا للتمديد.. لا للتوريث" كسبت تعاطفا كبيرا داخل شرائح عدة من المجتمع المصري.. الذي سئمت غالبيته العظمى حال الفساد والاستبداد والقهر الذي عم مصر طوال ربع قرن، دون بادرة أمل في التغيير.. وصار كثير من المصريين كل همهم هو "أن يغور هذا الرجل ولا يهم من يأتي بعده" على حد تعبير أحد الزملاء المثقفين.. وكنت أحذره من مغبة حصر أهداف الحركة في تغيير شخص أو أشخاص.. بينما المطلوب تغيير نظام بأكمله.. نظاما لم يحكم بإرادة الشعب واستمر في الحكم بمساندة خارجية، فعاش طوال حكمه خادما لولي أمره "أباه الذي في البيت الأبيض".. يحرص على إرضائه، ولا يجرؤ على التململ من تلبية رغباته مهما كانت مجحفة بمصالح هذا الشعب الذي ابتلي بحكم هذا النظام.
كنت وما زلت أصر أن شعار "لا للتمديد.. لا للتوريث" شعار ينقصه "لا" ثالثة.. بل ربما كان الأصح أن تكون الأولى، فيصبح الشعار "لا للتبعية.. لا للتمديد.. لا للتوريث".. وأشعر بالخوف على بلدي وأنا أرى ما حدث في العراق. فنحن نعرف جميعا أن سقوط بغداد العريقة واحتلالها، كما أنه تم بجيوش التحالف الغازي وبتواطؤ من عملاء.. إلا أن نفرا غير قليل من العراقيين كانوا يحملون مرارات من نظام صدام، ودفعتهم الرغبة المتعجلة في الخلاص منه إلى اختزال هدف التغيير في مجرد تغيير وجوه الحكام.. فكانت النتيجة أن حدث تغيير في الوجوه ولكن إلى الأسوأ بصعود حكام أكثر عمالة وتبعية، يضمنون لأمريكا استمرار سيطرتها على العراق وثرواته وموقعه الاستراتيجي وسيادته فترة أطول.
لقد نجحت حركة "كفاية" بشعارها الواسع، في توحيد قطاع عريض من المعارضين لمبارك تحت لوائها.. وهذا إنجاز يحسب لها بالقطع.. ولكن استمرار التركيز على مجرد تغيير شخص أو أشخاص، دون التنبيه إلى أن هؤلاء الأشخاص ليسوا ـ بذواتهم ـ السبب في إفقار مصر وتدهور أحوالها، وقهر أبنائها.. وإنما "سياسات" هؤلاء الأشخاص هي التي أدت لهذا.. وهذه السياسات ليست من اختراعهم ـ كأشخاص ـ وإنما نتيجة لتبعيتهم لمن يملي عليهم قراراته.. أخشى أن تغييرا قادما بالفعل في الأشخاص الجاثمين على صدر مصر.. ربما كان الغليان الشعبي ونفاد صبر المصريين عاملا من عوامل حدوثه. لكن التغيير للأسف ـ في الفترة القصيرة القادمة ـ لن يكون على أيدي معارضة شعبية مصرية منظمة وقوية، وإنما سيكون ، كما يشير تطور الأحداث، "تغييرا من أعلى" وبإرادة خارجية.. ارتأت القيام بحركة استباقية، واستبدال عملاء شاخوا وضعفوا ومل الشعب وجوههم، فلم يعودوا مناسبين للمرحلة القادمة من تنفيذ مخطط "الشرق الأوسط الكبير" والقضاء نهائيا على أي انتماء عروبي في توجهات الدولة المصرية.. لذلك، ستعمل واشنطن على إحلال وجوه جديدة، ربما تحمل شعارات براقة تدغدغ مشاعر الشعب الملهوفة إلى الديمقراطية والحرية.. قبل أن تجد المعارضة الشعبية الحقيقية وقتا كافيا لتوحيد صفوفها وإفراز حكام وطنيين يرفضون التبعية..وتراهن "ماما أمريكا" على أن مجرد التغيير في الأشخاص سيرضي بعض المصريين الذين بات كل همهم أن يفتحوا الصفحة الأولى في جميع الصحف اليومية، فلا يروا صورة "مبارك" تتصدرها.. وسيشعر البعض بالراحة ـ ولو لبعض الوقت ـ من زوال أشخاص مثل مبارك ورجاله عن الساحة. ثم يستيقظون بعد ذلك على حقيقة مروعة وهي أن "أحمد أسوأ من الحاج أحمد". وإلى أن تحدث هذه اليقظة.. يكون الحكام الجدد قد استغلوا الوقت في توطيد أركان حكمهم وتثبيته..على نحو يرضي سادتهم و"أباهم الذي في البيت الأبيض".. ويكون الشارع المصري قد استكان لما ظنه تغييرا.. ولا شك أن الحاكم الجديد (سواء كان جمال مبارك أو غيره من عتاة الموالين لواشنطن).. سيسمح بنوع من الديمقراطية يماثل ما هو سائد في العراق الآن، حيث يصبح من حق جميع أفراد الشعب سب مبارك ورجاله وصب جميع اللعنات على سياساتهم بمنتهى الحرية والديمقراطية، كما أصبح من حق جميع العراقيين ـ في ممارسة لم يشهدوها من قبل ـ سب صدام وعائلته ورجاله، بل والوقوف أما عدسات التصوير لضرب صورته وتماثيله بالحذاء!! الأمر الذي لم يكونوا يحلمون به قبلا.. ولكن لن يسمح لأحد أن يفتح فمه للتساؤل عن ـ ناهيك عن الاعتراض على ـ عدم قدرة حكامنا على الحفاظ على سيادة مصر واستقلالها ومقدراتها، فضلا عن التحدث في أي شأن عربي أو الاعتراض عما يحدث في فلسطين أو العراق أو سوريا.. أو.. أو.. أو..
أرى أن على حركة "كفاية" وبقية التيارات المعارضة،أن تسارع إلى إدراك هذه الحقيقة، قبل فوات الأوان.. فهذا النظام التابع هو الذي يجب أن يرحل وليس مبارك وحده.. نحن نريد نظاما وطنيا بحق.. ديمقراطيا فعلا, ولاؤه لناسه داخل حدود مصر، ولا يتلقى أوامره من خارج الحدود.. وأحذر بأن التغيير في الأشخاص قادم فعلا لأن مبارك أدى ما عليه من دور، والمسرح يعد الآن لوجه جديد.. وأخشى إن لم تنتبه المعارضة المصرية بكافة فصائلها لهذه الحقيقة.. فسيكون من الصعب عليها أن تجمع الشارع، وراءها طلبا للتغيير بعد ذلك.. لأن الإحباط الذي سيحسه المواطن العادي بعدما يجد أن التغيير الذي نادت به المعارضة، وخرج وراءها ينادي به، قد تحقق، لكنه لم يحقق له الحياة الكريمة التي بدأ يحلم بها بعد أن ركن إلى اليأس.. وأخطر أنواع اليأس هو الذي يحدث إثر محاولة صاخبة للتغيير.. أخشى أن حصر شعارات التغيير في "لا للتمديد.. لا للتوريث" ستكون نتائجه مخيبة لآمال بعدما يحدث التغيير المتوقع في الأشخاص خلال شهور .. وستجد المعارضة الوطنية الحقيقية نفسها في مأزق.. وسيصبح من الصعب أن يصدقها الناس عندما ترفع شعار التغيير مرة أخرى.. الشعار يجب أن يكون " لا للتبعية، لا للإفقار" قبل أن يكون لا "للتمديد، لا للتوريث".. ويجب أن يكون "لا لأمريكا.. لا لمبارك" وليس لا لمبارك فقط.. فمبارك ـ يا سادة ـ كما نعلم جميعا ليس إلا موظفا لدى الإدارة الأمريكية يسهل عليها استبداله.. أما الأصعب فهو التغيير الحقيقي، وهذا لن يحدث إلا على أيدي الشعب بقيادة معارضة واعية تنظم صفوفها وتتكاتف لتحقيق أمله في الاستقلال الوطني ـ الذي ضاع في مسيرة التبعية ـ والعدالة، و الديمقراطية الحقيقية.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
- انتهى الدرس ياغبي
- فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
- -عندما -نستوردنا
- ديمقراطية -هوم دليفري-
- العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...