|
فشل اردوغان والاخوان في محاولة بعث الفاشية العثمانية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 18:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ان اكد اوباما على محدودية الضربة ضد سورية المرتقبة ، خرج اردوغان يطلب باجتياح سورية لقلب نظام البعث وتسليم الحكم الى الاخوان المسلمين وحلفائهم من التيارات السلفية الرجعية . اما القرضاوي منظر التيار الإخواني الدولي فقد شكر امريكا على مواقفها المعادية لسورية وضامنا لسلامة اسرائيل و امنها بالمنطقة . لقد اربك الشعب المصري مؤخرا مشروع الاخوان الاردوغاني الذي كان يحلم بإقامة حزام اخواني يمتد من مصر ، سورية ، اليمن ، تونس سورية وحتى المغرب معتقدا ان حزب العدالة والتنمية المغربي ، فعلا قد وصل الى الحكم ، وما هي إلاّ لحظات وبضع خطوات امام اخوان بنكيران للسيطرة على الحكم واخونة المغرب على غرار اخونة الدول العربية التي حصل فيها ما يسمى ب ( الربع العربي ) الذي سرقه الاخوان في ليل بهيمي ، آملين التأسيس لنظام ( الخلافة ) الفاشية العثمانية بمساحيق وأقنعة مختلفة ، لكن هيهات بين حزب بنكيران المشارك فقط في الحكومة وليس في الحكم وبين اخوان مصر ، تونس تركيا الذين وصلوا الى سدة الحكم ، وإخوان ليبيا ، اليمن ، الاردن والجزائر الذين يسيطرون على الساحة ويشكلون الاكثرية . وبالرجوع الى تكتيك وإستراتيجية التيارات الاخوانية المتاجرة بالدين وعلى فترات متعاقبة ومختلفة ( السنية منها ) ، سنجد ان مختلف التنظيرات التي نظر لها الاخوان ومعهم الجماعات المرتبطة بهم ، كانت تصب في هدف واحد اوحد ، هو الوصول الى بناء دولة اخوانية تيمّنا بدولة الخلافة العثمانية الفاشية ، ومن ثم فإنهم كانوا ينظرون الى هذه الدولة الفاشية نظرة ولاء وتعاطف اختلفت درجته من تيار الى آخر . وقد جرّدت نظرة التعاطف الغبية هذه الامبراطورية العثمانية ، من اطارها التاريخي ، واعتبرتها بدافع تعاطفي جيّاش ، دولة اسلامية ، ودون ان تبحث في القوى الاقطاعية التي تزعمت تلك الدولة الفاشية والدكتاتورية ، واستخدمتها لاستثمار الفلاحين وجماهير الحرفيين في المدن من مسلمين وغيرهم . كما اغمضت هذه التيارات الاخوانية المتزمتة والفاشية عيونها عن دور الاقطاعية الشرقية ، وتاليا الامبراطورية العثمانية ، في كبح جِماح التطور ، وعرقلة سير المجتمعات الاسلامية في طريق التطور الرأسمالي والثورة الصناعية ، اي الانتقال من نظام الاقطاع والحرف الى نظام ارقى اقتصاديا واجتماعيا وفكريا . يلاحظ انه بعد انتعاش التيارات الدينية في السبعينات من القرن الماضي بسبب : (--- استمرار بقايا العلاقات الاقتصادية في عدد من المناطق العربية . --- ازمة التطور الرأسمالي العربي الهش التابع للسوق الرأسمالية العالمية الاحتكارية ، والذي يقدم الثروة على اطباق من ذهب للمتسكعين والطفيليين ، ويحرمها عن الفئات المنتجة . --- وجود الانماط الحرفية والفكر الغيبي الطوطمي التقليدي المتزمت والمولد لفئات ذات وعي اجتماعي متخلف . --- ازمة التناقض بين قاعدة رأسمالية هشة وتابعة للغرب الاستعماري وبين غطائها الفكري الرجعي الاقطاعي الخرافي مع مخلفاته الصوفية . --- ضعف تبلور البنية الطبقية الرأسمالية التي جاوز عمرها قرنا من الزمن ، وعجزها عن القيام بما حققته البرجوازية الاوربية في عصر شبابها من تكريس للعقلانية والتصنيع . --- السير الوئيد في عملية تكون طبقة عاملة عربية بذاتها ولذاتها ، وعدم استقرار هذه الطبقة التي ترفدها ( روافد ) اعداد غفيرة من فئات مختلفة المشارب والألوان حاملة معها ايديولوجيات متعددة وممارسات متنوعة . --- تراجع فئات كبيرة من البرجوازية الوطنية عن خطها السابق المتسم بازدواجية تناهض الاستعمار ورأسماليته الغازية من جهة ، وتساويه من جهة اخرى . --- تراجع اقسام واسعة من البرجوازية الصغيرة عن مواقفها السابقة في الخمسينات وما قبلها وما بعدها ، المفعمة بالمشاعر الوطنية والقومية ، حيث قامت هذه البرجوازية بدور بارز في حركة النضال الوطني والجماهيري ، وبعد فشل ( التجربة الاشتراكية ) التي كانت من صنع يديها ، وهزيمة 1967 ، اخذت بعض شرائح البرجوازية الصغيرة تغير مواقعها ليس فقط الاقتصادية والسياسية ، بل والفكرية باتجاه الانغلاق والتقوقع والابتعاد عن ما يمكن تسميته المشكلات الوطنية والقومية الكبرى ، التي جرت في صفوف العديد من شرائح البرجوازية الصغيرة عملية انتقال سريعة احيانا ، من اليسار باتجاه اليمين ، ومن العلمانية الى نقيضها ، ومن العقلانية والفكر المتفتح الى فكر مملوكي عثملي ( عثماني ) رجعي فاشي من نوع التقنية المستوردة . --- ظهور برجوازية طفيلية وبيروقراطية ذات جناحين مدني وعسكري تدعّمت مواقعها بفضل ما جنته من عوائد البترول والغاز والفوسفات ، ومن استنزاف مجهود الجماهير المنتجة . وقد رافق ذلك كله اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء ، وانتشار نمط الاستهلاك وفق نموذج الاستهلاك العالمي ،الذي تشكل الامبريالية الامريكية مركزه ومصدره الاقتصادي والإيديولوجي . وسرعان ما تحول نمط الاستهلاك المصدّر الينا من الغرب الاستعماري اداة ايديولوجية واقتصادية لتمييع اصل الصراع الطبقي ، وإيهام المجتمعات العربية بالبحث عن شكل آخر للتنمية ، هو في نهاية المطاف تبعية للغرب الصناعي الاستعماري ، وتوقف عن التنمية الحقيقية ، وسير في طريق تحويل المنتجين في المدينة والبادية الى عبيد وأقنان وخدم لفرسان الانماط الاستهلاكية التابعة للغرب الصناعي الاستعماري . ومع ارتفاع عائدات البترول والغاز والفوسفات ، واستئثار اقلية بهذه العائدات ، مما ادى الى ازدياد التفاوت في امتلاك الثروات ، وتعمق الهوة بين الغني والفقير بين الغنى والفقر ، كان نمط الاستهلاك يحرق الاخضر واليابس ، وأمسى البترول والغاز والفوسفات معبود المندفعين نحو الاستهلاك والباحثين عن الثروة دون اي يقدموا اي جهد او عمل . وبالمقابل اخذت الفئات المحرومة المستاءة من مظاهر الترف الاستهلاكي ، ومن التصرفات الخاطئة والهوجاء والمستهترة احيانا بالقيم ل " الطبقة الجديدة " الصاعدة نحو الثروة والترف تبحث عن مخرج لها في ظل ضعف وتراجع اليسار بشقه العروبي والقومي والاشتراكي والماركسي . في هذه الاجواء القاتمة التي تكرر نفسها اليوم ، ظنت الفئات الاجتماعية البعيدة عن ادبيات اليسار وتحليلاته ، والمتخلفة في وعيها الاجتماعي والسياسي ، والخائفة من الموجة الاستهلاكية ، وما يرافقها من فساد وانحلال خلقي وانحطاط في القيم والعادات والتقاليد ، ظنت ان نمط الاستهلاك وما رافقه ونتج عنه ، آفة سماوية ، وليست من صنع بني البشر المسيطرين على الشركات الاحتكارية الرأسمالية . لقد شكل الالتجاء الى الدين ، او العودة اليه ، احد مظاهر الاحتجاج على الازمة الخانقة التي دفعتها الرأسمالية الى طريق مسدود بعد ان القت تبعاتها على اليسار بشقيه القومي والماركسي ، وألقت بها كذلك على التيارات الليبرالية ، بل القت بها حتى سياسة المغربة والإصلاح الزراعي ومناهج التعليم . ولابد من القول هنا إن الحنين العميق في العودة الى " المنابع الصافية " للتعاليم الدينية ، هو احد اشكال الاحتجاج على نمط الاستهلاك ، واستئثار اقلية باذخة طفيلية بالثروة وحرمان الاكثرية منها . وليس غريبا ان كثيرا من الشباب المنحدر من البادية والمهاجر الى المدينة للعيش في ضواحيها وأكواخها تأثر وجدانيا بهذه الظواهر ، ولم يكن امامه في كثير من الاحيان ، إلاّ البحث عن مخرج في السماء حيث دعاة التيارات الدينية المتزمتة والفاشية بانتظاره ... ) ، وبعد انتعاش التيارات الدينية في السبعينات ، ارتفعت اصوات اكثر ، وبجرأة لم تكن تتجاسر على اظهارها في السابق لتبييض صفحة الامبراطورية العثمانية الفاشي ، ووضعها خارج سياقها التاريخي ، تاريخ العلاقات الاقتصادية – الاجتماعية السائدة في الامبراطورية وحولها . فالسلطة العثمانية في رأي تلك الاصوات ، امتداد للسلطة السجلوقية او بديل عنها ، و العثمانية تندرج في المعاني التي اكتسبتها عملية تأسيس الدولة في الاسلام : الاموية ، العباسية والسجلوقية . يلاحظ ان هذه التيارات تحاول الهروب من الاسباب الداخلية ، التي ادت الى تفكيك وتفكك الدولة العثمانية وتخلف مجتمعاتها ، الى الاسباب الخارجية ، التي اسهمت فيما بعد في عملية التخلف وترسيخه . ويرى هؤلاء ان الدولة العثمانية وهي آخر شكل ل ( الدولة الاسلامية ) تفككت نتيجة عملية " التغلغل الاوربي البطيء " ، وهنا ايضا يغمض اصحاب التيارات الدينية الاخوانية عيونهم عن الطبيعة الطبقية الرأسمالية ، ومن ثم الاستعمارية لذلك التغلغل الاوربي محاولين تفسير التاريخ وكأنه صراع بين الشرق والغرب وليس بين الفاشية والديمقراطية ، بين القروسطوية والحداثوية . والغريب والخطير في الامر ان بعض مؤرخي التيارات الدينية الاخوانية ومفكريها اخذوا يلقون ظلالا من الشكوك حول الحركة القومية العربية ورجالاتها ، وهذا ما قام به الاخوان المصريون بعد سيطرتهم على الدولة ، اذ لم يترددوا في التجريح بالرئيس جمال عبد الناصر والضباط الاحرار . ان الاحزاب الاخوانية والسلفية الرجعية لا تزال تنادي بإحياء الخلافة ملقية على عاتق " الكفار الغربيين ومخترعاتهم اسباب تخلفنا .فالعوامل الخارجية في نظرهم وفي رأيهم ، هي سبب البلاء و سبب جميع المشاكل . اما العوامل الداخلية فلا شأن لها في ذلك ، وهذه الظاهرة تشبه حال ذلك الانسان الذي يرتكب الآثام والمعاصي ثم يزعم ان الشيطان قد أطغاه وظلله . ان طريقة انقاذ الامة الاسلامية من الفناء عند هذه التيارات الاخوانية والسلفية المتعفنة ، هي اعادة ثقتها بأفكار الاسلام وأحكامه ، والخلافة الاسلامية في نظرهم ، هي التي تجمع كلمة المسلمين تحت رايتها ، ولذلك يجب على كل مسلم ان يسعى لإقامتها بطريقة حمل الدعوة الاسلامية في الطريق السياسي ، لان اقامتها هي وحدها التي تنقد الامة من الفناء . فهل محاولة اردوغان بخلق الدولة العثمانية الفاشية هي بسبب تجنيب الامة الفناء ، ام ان السبب الاول والأخير البحث عن سوق تجاري ومالي واقتصادي لتفريغ السلع والمنتوجات التركية السجلوقية بالدول التي اعتمدت خيار الاخوان في الحكم ، مصر قبل طرد مرسي ، تونس ، ليبيا ، سورية اليمن ، بل لم ينس السيد اردوغان من القيام بزيارة تجارية خاصة الى المغرب للتسويق للشركات التركية على حساب الشركات المغربية ، وهي الزيارة التي باءت بالفشل .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثقف الماركسي والوعي الطبقي
-
دفاعا عن سورية وليس عن الأسد
-
الإتجار بالديمقراطية البرلمانية
-
الديمقراطية وترويض القدرة السياسية في المجتمع
-
الاخوان الفاشيون
-
الإستعارة في اللغة السياسية
-
- امرأة عند نقطة الصفر -
-
الطب والامبريالية في المغرب
-
حين يصبح الانقلاب والتزوير مشروعا
-
منظمة -- حزب -- تيار
-
ادوات اشتغال المخزن
-
دراسة تحليلية لماهية المخزن -- المخزن عقيدة وليس مؤسسة .
-
جدل عن غياب العاهل محمد السادس خارج المغرب
-
الطريق الاستراتيجي الثوري للدولة الفلسطينية
-
المسار الاعرج لمنظمة ( التحرير ) الفلسطينية
-
بين جبهة وجبهة خمسة وثلاثون سنة مرت
-
برنامج حركة 3 مارس
-
كتمان العلم والحق في الاسلام ( علماء ) فقهاء السوء
-
اساطير الاولين
-
مشروعية الملكية اساس استمرارها
المزيد.....
-
خطط ترامب في غزة: أنباء عن كون المغرب من المناطق المرشحة لنق
...
-
مخطّط ترامب في غزة: ليبيا تعلن رفض سياسات التهجير والتغيير ا
...
-
مصراتة
-
ردا على مخطّط ترامب: الجزائر ترفض بشكل قاطع تهجير وإفراغ قطا
...
-
تونس: عائلات مفقودين في عمليات هجرة غير نظامية تحتج أمام الس
...
-
تونس: اعتصام ثان لقيادات في اتحاد الشغل والأزمة تتفاقم
-
النائب الجمهوري جو ويلسون: -الرئيس التونسي قيس سعيد ديكتاتور
...
-
3 سنوات على بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا: هل بوتين مستعد لل
...
-
أحكام سجن مشدّدة في تونس: محاكمة نزيهة أم -محاكمة سياسية ظال
...
-
صورة متداولة لشبان جذابون ووسيمون: هل هؤلاء هم أعضاء فريق شر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|