|
رئيسان وثورتان
محمد نبيل الشيمي
الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 16:05
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
محمد مرسي العياط ومحمد حسني مبارك رحل الإثنان غير مأسوف عليهما...ألأول عزل والثاني خلع...تعالوا نقرأ في صفحة جرائمهما...الإثنان قاما بكل ما يدمر مصر وأسهما في تكريس الهيمنة الأمريكية والسماح لفئة مافياوية الطابع بأن تنمو وتتسع دائرة نفوذها وطغيانها..مبارك ظل يحكم لمدة ثلاثة عقود سادها الصمت والخوف وجعل مصر كلها سجنا وإعتمد مبارك علي الموقع الجيوسياسي لمصر ليروج عن الإستقرار الذي يتمتع به المصريون ولم يكن هذا صحيحا فقد كان هذا استقرارا ظاهريا نتيجة لتغول وتوغل الأجهزة الأمنية في كل مفاصل الدولة..كانت هذه الأجهزة في حالة عداء مع الشعب لدرجة أنها كما يقول المصريون كانت تحصي أنفاس المواطنين وإستخدم مبارك حتي آخر يوم له فزاعة حدوث فوضي حال ذهابه..كانت الأحوال المعيشية للمواطن المصري في أسوأ حالاتها وقد شهدت مصر كثير من الإنتفاضات إحتجاجا علي الفقر والبطالة والتفاوت الصارخ في مستويات الدخول وشهدت حالة غير مسبوقة من الفساد السياسي والمالي فقد كان الفساد ممنهجا حيث كان يمارس في كافة أجهزة الدولة والقطاع العام والحكومي من خلال إساءة إستخدام السلطة لتحقيق منافع خاصة وإنتعشت ظاهرة الإقتصاد الأسود(عبارة عن الأنشطة المالية التي تجري في الخفاء وتخالف النظام العام ولا تسجل نتائجها في السجلات الحكومية كتجارة المخدرات وعمولات السلاح والدروس الخصوصية ورشاوي المحليات وعمليات غسل الأموال ) كما زادت معدلات التهرب الضريبي والجمركي تحت نظر ألأجهزة المعنية وطالت عمليات الفساد كل الأنشطة بما فيها التعليم والصحة والإعلام والقضاء وإنخرط فيه كبار رجال الدولة حتي أصبح ممارسة مجتمعية يشارك فيها غالبية المصريين..وقد بلغت مأساة الإقتصاد المصري قمتها مع برامج الخصخصة تحت زعم إصلاح إقتصاد مصر وتم علي إثرهانقل ملكية أوإدارةالأصول الإنتاجية من هيئات القطاع العام أو الدولة الي القطاع الخاص وقد شهد هذا فسادا وتلاعبا في تقييم الأصول المباعة فضلا عن تمويل معظم عمليات الشراء من خلال قروض البنوك وإتجاه الملاك الجدد إلي تسقيع الأراضي والعقارات وبيعها والإستغناء عن العمال وقد كان الإثر الناتج عن زيادة البطالة مدمرا للنسيج الإجتماعي وكان أحد أهم أسباب الجرائم التي لم تكن مألوفة في سلوك المصريين ... لعب نظام مبارك دورا كان مبارك من خلال حزبه المافياوي يقفز ويبقي الصراع علي حاله وربما إتخذ بعض الإجراءات الترقيعية لتهدئة الأوضاع دون إتخاذ بدائل إقتصادية تؤدي إلي الإستقرار والواقع الذي يجب أن ندركه أن الأمر عند المواطن المصري لم يكن يتعلق بالشكل الذي يجب أن تكون عليه السلطة فقط من حيث الحريات العامة ولكن كان مايهم المواطن النمط الاقتصادي الذي يواجه مشكلات البطالة والفقر والتهميش..ثم أن مبارك كان كما قال الإسرائيليون الكنز الإستراتيجي لهم وظل علي وفاء للمشروع الأمريكي والتبعية للولايات المتحدة..وعمل مبارك من خلال حزبه وبتأثير مباشر من حرمه ومعها عصابة (زكريا عزمي/صفوت الشريف/أحمد عز) وبمساندة من المافياويين ممن يمكن إعتبارهم من الرأسمالية المتوحشة علي التمكين لجمال مبارك...كانت كل هذه مقدمة الي ثورة تفضي إلي تغيير عميق في البنية المصرية إجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا..فشل مبارك في مد جسور التعاون مع الدول الأفريقية وأضاع علي مصر دورها التاريخي الرائد في القارة ولم يعد لها مكانة وظلت بعيدة تماما عن ممارسة أي دور في حل الصراعات علي إمتداد القارة ووجدنا دولة قطر شريك في حل مشكلة دارفور و كينبا تحتضن فرقاء السودان..وكانت الطامة الكبري في غياب مصر الكامل عن دول حوض النيل وترك الساحة مفتوحة علي مصارعها لإسرائيل تعربد فيها وتتمدد مهددة الأمن القومي ..ورحل النظام بعد ثورة هزت 0مفاصل الظلم وأقضعت مضاجعه....ولن أستفيض في كيفية سرقة الاخوان للثورة ولكن ما أركزعليه أن الجماعة التي أسسها البنا عام 28 فشلت فشلا ذريعا في إدارة الدولة ولم تدرك أن قيادة فئة أو جماعة تختلف تماما عن إدارة الدولة ...جاء الاخوان وهم في حالة غير مسبوقة من التخلف والتشدد الأصولي والسلفية الدينية..لم تعمل الجماعة علي الإتفاق علي حل وسطي ينتهج التسامح والتصالح و تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة مع كل القوي والفصائل بإختلاف توجهاتها...وعمل الاخوان علي فرض سيطرتهم والإمساك بتلابيب السلطة مع إقصاء كامل لكل فصائل العمل السياسي ولم يدفعوا بعجلة التغيير بل بدا حكم الجماعة مترهلا بغير بوصلة مع ضبابية المشهد ..ولم يتحسن الوضع الإقتصادي وبدأت عملية تحول كبير وخطير في الإقتصاد المصري حيث زاد الإعتماد علي الموارد الريعية علي حساب الصناعة التحويلية وبدأ الأخوان تنفيذ مخططاتهم في السيطرة علي النشاط الإقتصادي العيني والخدمي ولم يكن هناك حدودا لديهم في التصرف في ممتلكات الدولة بدعوي التطوير (نموذج إنشاء منطقة السويس كمنطقة ذات نظام خاص لا تخضع للقواعد العامة ولها قانونها الخاص) وكان المقصود من هذا تمكين الجماعة والقوي المتحالفة معها في تملك المشروعات الهامة كما فشل الإخوان في القضاء علي الأزمات التموينية ونقص المعروض من الوقود ولم يواجه الإخوان الإنفلات الأمني بل من المؤكد أنهم كانوا طرفا في كل التجاوزات التي شهدتها مصر فالوضي كانت من ضمن مخططاتهم لإيهام المواطنين بأن هناك حاجة لفرض الأمن ومن ثم يتخذون من الإجراءات التي تمكنهم من ملاحقة المعارضين ولم ينجح محمد مرسي ولا جماعته في إستنهاض القوي الذاتية للمصريين وتجاوز أو حتي معالجة التناقضات التي كانت تطل برأسها علي المشهد وفشل الاخوان في التعامل مع الحراك الوطني وساهموا في دخول مصر كلها في دوامات العنف المفتوحة والمجهولة حتي أن هناك من الاخوان من راهن علي تحلل كيان الدولة كي يؤسس لدولة الخلافة ولم يدرك الاخوان أن من مصلحتهم ترسيخ معاني المواطنة وترسيخ الوحدة الوطنية وإيجاد الحلول المناسبة لخلق مناخ توافقي بين المصريين..عمل الاخوان علي القضاء علي كل معارضة لهم وإستخدموا الدين للتغرير بالبسطاء وباعوا للناس أوهام الدفاع عن الدين والشريعة وتحقيق ما يسمي بدولة الخلافة ومارس الإخوان الحكم بانتهازية مطلقة وبدا هذا واضحا فيما عقدوه من صفقات مع المجلس السكري الذي أدار البلاد بعد رحيل مبارك وشهدت تحالفاتهم مع القوي السياسية الأخري حالة مد وجزر ولم يعملوا علي تحقيق السلام الإجتماعي وحاولوا من خلال إمتلاكهم سلطة التشريع إختزال الكل لصالح توجهاتهم وجميعنا يعلم كيف صدر الإعلان الدستوري وكيف تشكلت الجمعية التأسيسية وكيف حوصرت المحكمة الدستورية وكيف حاولوا التوغل في القضاء والعمل علي تسييسه ... تدخل الاخوان في كل مفاصل الدولة..إستبد وا ولم يكن يهمهم أن يصاب المجتمع بتفكك عراه وظلوا علي فكرهم في تكريس ثقافة منغلقة تشوش الفكر وتضلل الناس وعملوا علي الدخول في تحالفات مع جماعات أكثر إنغلاقا بل وتوظيفها للدفاع عن أمنهم والدخول في مواجهات مباشرة مع الشعب وقد رأينا ذلك في مشاركة هذه الجماعات في القتل ومهاجمة المنشآت المملوكة للدولة وقطع الطرق..إلخ...لم يستوعب الاخوان دروس التاريخ وغردوا بعيدا عن الشعب وإبتعدوا بثورة يناير عن أهدافها..ووضعوا الوطن في مشهد مثقل بالاحباط واليأس وفشلوا في إسدال ستائر النسيان علي طبيعتهم المخاتلة وضربوا بكل تعهداتهم وحنثوا بكل ما قطعوه علي أنفسهم كان فشلهم ذريعا في إدارة الحكم...ذلك أنهم لم يدركوا أن ادارة وطن تختلف عن إدارة جماعة وأن الإدارة داخل السراديب لا تتواءم مع الأدارة في النور.. إستنهض الشعب ذاكرة التاريخ وتراث الصمود..وهب في ثورة أذهلت العالم ومعها نفض المصريون عنهم ما كان علي بصائرهم من غشاوة...وإسترد المصريون وطنا كاد أن يسقط نهائيا تحت إحتلال فصيل لم يدرك حقائق التاريخ وأن إرادات الشعوب لا تقهر وأن أي فصيل لن ينتصر علي دولة خاصة إذا كان هذا الفصيل مازال يكتب حاضرومستقبله بلغة الدم ورائحة الموت ..وخسر الاخوان كل شيئ ولم تنفعهم أفكارهم البالية وسلوكهم الميكيافيافلي.
#محمد_نبيل_الشيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التوافقية
-
ثورات الربيع العربي ... والمعارضة السياسية
-
الفساد السياسى
-
مصر..وماذا بعد؟
-
الجنيه المصري بين المؤامرة والمقامرة
-
الأخوان المسلمون والنظام الاقتصادي
-
مصر والموقف الملتبس..
-
مصر والمرحلة الفارقة
-
الكويز اتفاق مر الثمرة
-
قراة في الزجل
-
قراءة في خطاب رئيس اخواني
-
السلفيون...الجذور والأفكار: دراسة وصفية 1/3
-
السلفيون...الجذور والأفكار: دراسة وصفية التيارات السلفية في
...
-
السلفيون...الجذور والأفكار: دراسة وصفية 3/3
-
نشأة الاستبداد في الدولة الاسلامية..قراءة أولية
-
الثورة المصرية استحقاقات لم تكتمل وقلق مشروع
-
الثورة المصرية..وهواجسها
-
قراءة في الميزان التجاري المصري
-
الاقتصاد الريعي المفهوم والإشكالية
-
الثورة والطريق إلى النهضة
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|