أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - رشيد لبيض - الاغتصاب والشرف في المتخيل الاجتماعي المغربي















المزيد.....

الاغتصاب والشرف في المتخيل الاجتماعي المغربي


رشيد لبيض

الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 18:57
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


لاشك في أن ظاهرة الاغتصاب على شناعتها مرفوضة رفضا قطعيا من طرف مختلف الجماعات البشرية على اختلاف ثقافاتها، دياناتها، وأديولوجياتها، ولا يختلف إثنان حول فظاعتها بما هي ضرب في إنسانية الإنسان ذاته، فمواقعة شخص لشخص آخر ذكرا كان أم أنثى تحت الإكراه ما هو إلا تعدّ سافر على حقّه في الوجود والحياة عامة.
إلا أننا وفي إطار حصر موضوع تحليلنا هذا، لن نخوض في أشكلة مفهوم الاغتصاب ولا في أشكاله ولا في مدى انتشاره...بل سنسلط الضوء على جانب هو الأهم في اعتقادنا الخاص، وهو ما بعد عملية الاغتصاب، لنتوجه مباشرة إلى الضحية لنتلمّس صورته في المتخيل الاجتماعي المغربي. هذا المتخيل الذي سنحاول استنطاقه من خلال بنية مفاهيمية سائدة سواء على لسان الضحايا، أو المتحدث باسمهم، أو المتحدّث عنهم.
إن ما نرمي إليه أساسا بالبنية المفاهيمية هو مفهوم "الشرف" الذي يطفح على السطح كلّما تعلّق الأمر بواقعة الاغتصاب، وهنا سنوضح الفكرة السالفة بإقحام العناصر الثلاث التي أوردناها: فإما أن تجد الضحية تتحدّث عن فقدها لشرفها - وتاء التأنيث هنا من باب التغليب لا الحصر، فقد يكون الضحية ذكرا بالغا-، وإما أن تجد أمّا مثلا تتحدث عن شرف ابنها أو ابنتها الذي راح نتيجة عملية اغتصاب، كما أن المجتمع بأسره من متعلّمين وأميين يستعملون غالبا نفس البنية المفاهيمية.
إن حضور مفهوم الشرف على هذا النحو يحتم علينا طرح مجوعة من التساؤلات من قبيل: كيف نعرّف مفهوم الشرف؟ هل يرادف هذا المفهوم مفهوم الجسد؟ هل شرف الرجل هو شرف المرأة أم أن الأمر يختلف؟ وهل المغتصِب شريف؟ وهل المغتصَب شريف أم لم يعد كذلك؟؟ كلّها أسئلة يطرحها المنطق السوسيولوجي وسنحاول أن نجيب عنها قدر الإمكان بالوقوف على الإشكالات التي تطرحها.
لعل محاولة الوقوف على مفهوم الشرف أولا في معناه الحقيقي، يحيلنا على قيمة اجتماعية وأخلاقية تعتبر منبعا لقيم أخرى عديدة. فالشرف هو الأمانة، هو النبل، هو الكرم، هو الشجاعة...هو كل القيم الإنسانية النبيلة، ولكن هذا المفهوم في ثقافتنا العربية والإسلامية ونتيجة لمجموعة من الشروط التاريخية - التي قد يتداخل فيها السياسي بالديني بالاجتماعي- عرف اختزالا له في الجسد الإنساني، وهنا سنعود إلى إشكال انطلاقنا لنتبين أي جسد هو هذا الذي احتضن مفهوم الشرف، هل هو الجسد الأنثوي أم الجسد الذكوري؟
ويبدو أن الحكم بأن جسدا نوعيا هو الذي يسقط عليه مفهوم الشرف سيكون مجازفة لا موضوعية، لأننا نتغيّى بالدرجة الأولى مساءلة الجسد الإنساني كمفعول به نتيجة لواقعة الاغتصاب لا باستقلال عنها، فالأمر ليس سيان، لأن الاغتصاب قد يكون ضحيته طفل أو طفلة، شاب أو شابة، شيخ أو عجوز. أما الجاني فإنه في أغلب الأحوال إن لم نقل دائما من الجنس الذكوري، ومنه فنحن أمام ذكر يغتصب ذكرا أو أنثى حسب المعطى البيولوجي، ولكن هذا المعطى البيولوجي في واقع الحال يكشف في عمقه عن معطى سوسيولوجي في غاية الأهمية يمكن أن نسجله تحت مفهوم "الفحولة"، فالإنسان العربي منذ طفولته إلى أن يصير كهلا يمرّ عبر مجموع من قنوات التنشئة الاجتماعية التي تعزز فيه جانب الفحولة على حساب الأنثى، ونشير هنا أننا لسنا بصدد تحليل لشخصية الجاني بقدر ما نروم الوقوف على العوامل التي أدت إلى انزياح مفهوم الشرف ضمن عملية الاغتصاب ليلصق بالضحية بدل الجاني، لأننا إذا أخذنا المفهوم في معناه الأصلي، لوجدناه ينطبق على الجاني وفقط، وبالتالي ستنزع منه صفة الشرف لبشاعة الجرم الإنساني الذي اقترفه.
وبهذا المعنى فقد انتقل مفهوم الشرف من مساءلة الذات الجانية إلى الأخرى المجني عليها، وهنا تكمن المفارقة العجيبة التي تزيد الطين بلةّ، ففي اعتقادنا الخاص أن المساءلة الاجتماعية تبقى أشدّ قسوة بكثير من أخرى قانونية، فحتّى وإن نال المجرم المغتصِب جزاءه من العقاب القانوني وهو عادة السجن لمدة معينة، فإنه بعد ذلك لا يجد عسرا في الاندماج في الحياة الاجتماعية من جديد، وهنا نتحدث عن المجتمع المغربي الذي تسود فيه الفحولة والذكورة كقيمة اجتماعية على غرار باقي الوطن العربي.
إلا أننا لا يمكن أن نرفض التصالح الاجتماعي مع الجاني، بل بالعكس من ذلك هو قيمة إيجابية في حذّ ذاتها على اعتبار أنه قد تعلّم من خطئه أو قد يكون استفاد من جلسات نفسية شفي على إثرها من مرض نفسي كان سببا في اقترافه الجرم.
ولكن دعنا ننظر إلى الطرف الآخر من "المعادلة الظالمة"، ويتعلق الأمر بضحية الاغتصاب من الجنسين حيث نسجل مفهوم "اللاشرف"، فكلّ مغتصَب قد ذهب شرفه حسب المظور الاجتماعي السائد، وهو حكم تردده حتى الضحية نفسها وهنا تتجلى خطورة الاستبطان الداخلي للأطاريح الاجتماعية السائدة دون تمحيصها العقلي، فيساهم المرء في إعادة إنتاج خطاب هو مسبّة له في ذاته، وبذلك يتواطئ الضحية بشكل لا واع مع المجتمع في قتل نفسي لذاته، كنتيجة لقوة ورسوخ تلك الصورة المزيفة لمفهوم الشرف في المتخيل الاجتماعي، والتي طبعت صورة لها في متخيله الفردي الذي لا يخرج في الغالب عن إطاره العام.
إن هذا التحليل يستدعينا أن نستحضر مفهوم "الوصم الاجتماعي" للضحية، حيث سيوصم ب"اللاشرف" لمدة غير يسيرة، مرتبطة أساسا بالحركية الاجتماعية والتغير الاجتماعي والثقافي الذي ينعكس على تحوّل نمط تفكير المجتمع، ولكنه كذلك يرتبط بنظرة هذا المجتمع للجنسين وانتماءاتها الفئوية، لأن طفلة أو شابة مغتصَبة ليست كطفل أو شاب مغتصَب ، وذلك أن الجنس الذكوري سواء كان ضحية أو جانيا يحضى بتساهل اجتماعي يضمن له أقل ضرر من الوصم الاجتماعي، أما الفتاة طفلة كانت أم شابة أم متزوجة، فإن الوصم الاجتماعي ينزل عليها بكلّ قساوة وكأنها "عاهرة" لا "ضحية"، ما قد يقلل من فرصة ارتباطها العاطفي أو من زواجها بل ومن اندماجها في مجتمع يختزل المرأة في "بكارتها"، بل إن تلك العاهرة التي ضربنا بها المثل هي الأخرى تنعت بالعهر فيما لا ينعت شريكها الجنسي بأي صفة، اللهم صفة الفحولة التي تبقى تثمينا لا انتقاصا له، وهذا ما يؤكد طرحنا الرامي في نهاية المطاف إلى استخلاص خلاصة موضوعية مفادها أن بنية المجتمع المغربي الذهنية التي حاولنا استنطاقها من خلال متخيله الاجتماعي هي بنية ذكورية أشدّ قساوة على المرأة منه على الرجل حتّى وإن كان جانيا وكانت ضحية.



#رشيد_لبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...
- المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - رشيد لبيض - الاغتصاب والشرف في المتخيل الاجتماعي المغربي