|
مصر بعد سوريا و العراق ... امريكا تدمر المنطقة 2 ( ذرائع التدخل في العراق و اهدافه )
الرفيق طه
الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 23:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعدم صدام حسين شنقا يوم عيد اسلامي ، عيد الاضحى . لم يكن اعدام صدام حسين ذا اهمية لانه عبر عن ذلك بنفسه و في مواقفه, اعدامه ليس اهم من العراق ارضا و من على الارض ، لكن الاشارة في اعدامه و في يوم عيد للامة التي ينتمي لها كانت لها اهميتها . الاشارة يقصد منه مدبروها اهانة للنخوة و الخلق العراقي و المنطقة ، اهانة للانتماء ...ليس لانه صدام حسين او اي رئيس او شخصية ، و لكن لان الجريمة تمت في حق انسان من هذه الارض و هذه الثقافة و هذه الحضارة الضاربة في التاريخ من طرف جيش بني للتدمير و القتل و الارهاب ، انه جيش الولايات المتحدة الامريكية . تحت ذريعة حماية الشعب العراقي من رئيسه ، صدام حسين الدكتاتور ، المستبد ، دكت بغداد و اسوارها و قناطرها ، بهدف اسقاط النظام اللادمقراطي كانت مذبحة العامرية من انجاز صواريخ الادارة الامريكية و مجزرة الفلوجة بايادي المارينز الامريكية . من اجل نقل ثقافة التحضر تم محو كل اثار الشعب العراقي وء سرقة متاحف بغداد و كل مناطق العراق لتباع في اسواق الغرب المتحضر . عقابا لصدام على المقابر الجماعية و قتله "لثلاثين الف عراقي "في فترة حكمه التي دامت ثلاثون سنة ، بمعدل الف قتيل في السنة ، اجتاحت الولايات المتحدة الامريكية العراق ليقتل في ظرف خمس سنوات ما يقارب مليون بريء .و مثيل ذلك و اكثر لاجؤون في سوريا و الاردن و غيرهما ،بمعدل مائتي الف قتيل سنويا . من اجل بناء الديمقراطية المأمولة اسست الادارة الغازية بقيادة بول بريمر الحاكم العسكري ببغداد لاخطر دستور في تاريخ العراق .دستور وضع الحجر الاساس للنظام الطائفي في العراق . انه دستور بول بريمر جعل العراق تحت رحمة المحاصصة الطائفية للقوى السياسية ، التي جعلت العراق اخطر ارض على المستوى الامني . العراقي في هذه الظروف لم يعد امنا في اي شيء الا ضمن طائفته التي يدين لشيوخها الذين هم كراكيز اوكلتهم الولايات المتحدة الامريكية في توفير شروط نهب البلاد و العباد . نهب الثروات التاريخية و الحضارية و العلمية و الاقتصادية ... الدستور الذي اتى به بول بريمر و ادارته الامريكية اتقن مهندسوه احكامه لوضع بلاد بين النهرين في فوضى عارمة لا بداية و لا نهاية لها،دستور ضاعف عدد القتلى الذين يسقطون دون حسيب و لا رقيب . الصراع الطائفي لا وجه له و لا صفة و لا طعم سوى الاحقاد المبنية على العنصرية التي كرستها الادارة الامريكية بدستورها الممنوح للعراق . انعشت ازمة المجتمع بدخول تنظيم القاعدة بالعراق الذي قاده الزرقاوي . هذا الرجل الاردني الحامل للفكر السلفي اختار احد كوادر المخابرات الامريكية يده اليمنى في تدبير العمليات الارهابية التي تديرها القاعدة .عمليات يسقط فيها اكبر عدد من الضحايا العراقيين لانها و بكل بساطة تدار من القاعدة و توجه من المخابرات الامريكية . ما كانت بلاد الرافدين بعد سقوط صدام لتفتح ابواب جهنم عليها لولا الخطة الاجرامية المدبرة من الغزاة الامريكيين . هؤلاء الذين اتوا من وراء البحار بما يزيد عن 180 الف جندي ثلاث ارباعهم امريكيين و من جنسيات اخرى ، خطة حل الجيش العراقي الذي يعد من اعتى و افضل الجيوش في المنطقة . حل الجيش العراقي لم يكن كما حاول بعضهم ترويجه خطأ ، لكنه كان هدفا مقصودا . ليس فقط لان الجيش العراقي يعتبر احد الرموز المهمة في دولة العراق الحديثة ، او لان الجيش العراقي من بين المؤسسات التي يصعب ادخالها في دوامة الطائفية ، و لكن لان الغزو الامريكي للعراق له هدف انكى في النذالة و الخساسة و الحقد ، و هو اعاقة اي تطور دفاعي لدولة العراق مستقبلا .و منع اية امكانية لاستتباب الامن في بلاد الرافدين ، اضافة الى ان اي اعادة بناء للجيش العراقي ستبقى معاقة بالطائفية التي اسس لها الغزاة . لان التجربة علمت الامريكيين و حلفاءهم ان الجيش اذا لم يكن طائفيا فبامكانه قيادة المجتمع او على الاقل ان يكون محط اجماع في بلاده و به ينال احترام الجميع و يرمز للسيادة و الوحدة . في الوقت الذي تنهار فيه كل الرموز . و النموذج في لبنان ، لبنان الدولة الطائفية بعد اتفاقية الطائف اصبحت الطائفية ممأسسة . لكن الجيش رغم تواضع قدراته الا انه ينال رمزية الوحدة الوطنية ، و هذا ما ارادت المؤسسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة الامريكية حرمان العراق منه بعد غزوها له . بعد كل السنوات التي قضتها الولايات المتحدة الامريكية حاكمة للعراق و سارقة لخيراته المادية و المعنوية و مغتالة لسيادته ، بعد ثلاث عشرة سنة من الحصار و التجويع و الحظر اعلنت انها خرجت من العراق و سلمته سيادته و استقلاله . اي سيادة و اي استقلال ؟؟؟ بعد ان حققت الاهداف المرجوة ، اي اهداف ؟؟ عراق ما بعد الغزوالامريكي اصبح امام العالم ثلاث مناطق واضحة المعالم ، شيعة في الجنوب سنة عرب في الوسط و الغرب ، و اكراد في الشمال . الشيعة و العرب السنة ينخرطون في الحكومة المركزية التي يسيطر عليها امراء الطوائف الشيعة الذين يختلفون في كل شيء الا في خدمة الغزاة و التبعية لمرشد الجمهورية الايرانية و ايمانهم بولاية الفقيه و الحلم بعودة المجد الفارسي العقيم . اما ممثلوا السنة اغلبهم يدعي اللبرالية لكنهم اقنان في الاقطاعية الامريكية كانوا يبيعون اعراضهم و اعراض وطنهم في محافل الامبريالية مقابل موقعتهم في اماكن يختارها لهم اسيادهم من مدبري الغزو الامريكي . هذا الذي سلمهم مفاتيح خزائن العراق ليقتسموا ما يسقط تحت طاوولة اكل الغزاة من فتات . اما في الشمال حكومة الاكراد تدعي الانتماء للعراق و تشارك في الحكومة المركزية لكنها تستقل عن العراق في كل ما يمكن ان يضفي سيادة العراق على الاقليم الذين يديرونه . مساهمتهم في الحكومة العراقية الركزية فقط لان صنيعهم الامريكي لم يتوافق مع حليفه التركي على انشاء دولة مستقلة للاكراد في المنطقة . كما ان الملف الكردي صالح للاستعمال في خلط اوراق اخرى في المنطقة خاصة في سوريا و ايران و ربما حتى في تركيا . لان الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية و على المدى البعيد في المنطقة هو فك كل الاوصال داخل كل الاوطان في المنطقة و استغلال النعرات الطائفية فيها لجعلها على صفيح ساخن للتطاحنات العرقية و الاثنية و المذهبية . هذا الوجه من الصراع ذو الطبيعة الدموية هو الضامن لعدم استقرار المنطقة ، عدم الاستقرار هذا تضمن به الدولة القيادية في العالم الحضور المستمر كاهم لاعب و مدير للازمات . ادارة الازمات التي تثقنه الولايات المتحدة هو اعاقة هذه الشعوب حتى لا تدخل نادي الحرية و الاختيار الحر لمصيرها و دخول عالم العلمية و زمان الحضارة الانسانية التي تضمن للانسان انتماءه للوطن كفاعل فيه و ليس كمفعول به كماهو حال ابناء المنطقة اليوم . بقي الحزبين الكرديين المسيطرين جزءا من الحكومة المركزية في العراق ضامنين لعدم استقرارها لانهما الراعي الامين لمصالح امريكا و اسرائيل في العراق و المنطقة . الاكراد يعلمون جيدا ان مصلحتهم لم تكن و لن تكن مع امريكا و لكن مع محيطهم . لكن الحزبين الحاكمين فيها شمال العراق يحتكر السلطة و يوجهها وفق مصالح قياداته كعملاء للامبريالية و خدام للصهيونية . الولايات المتحدة الامريكية اتت لتسقط صدام المستبد ، و اهدت كرسي الحكم لاتباع ايران لم يتخلوا عنه منذ جلوسهم عليه . الولايات المتحدة اسقطت صدام حسين لانه ضرب شعبه بالاسلحة الكيماوية لكنها ابادت الشعب العراقي بالارانيوم المخصب ،اشعاعاته لازالت اثارها بادية على البشر و الشجر و الحجر . الولايات المتحدة الامريكية اتت لنشر الدمقراطية في بلدان تجهلها و لكنها زرعت الطائفية العدوة اللذوذة للدمقراطية . الولايات المتحدة الامريكية اتت للعراق لتحرير شعبه من نظام مستبد و طاغية و سلمته لمليشيات عنصرية و مافيات دولية و حركات طائفية . الولايات المتحدة دخلت العراق غازية لنشر الثقافة الحضارية لكنها اعادته الى العصور البدائية . قتلت علماءه و فخخت جامعاته و قصفت مناراته و دمرت طرقاته ، و جعلت منه بيداء بلا منافذ . الولايات المتحدة الامريكية دخلت العراق عطفا على ابنائه لكنها يتمت اطفاله و رملت نسائه و شردت شبابه و اغتالت مفكريه و هجرت شعبه تائها بين البلدان . اغلقت مدارسه و مستشفياته و اخرست اصواته . الحركات و القوى المناضلة في كردستان و العراق تمت محاصرتها و كبح جماحها كضريبة لوطنيتها و اخلاصها لشعوب المنطقة لايمانها بوحدة مصير اطياف هذه الشعوب مهما اختلفت دياناتها و اعراقها و اثنياتها و لغاتها و قومياتها و مذاهبها ، كما انها تؤدي فترة عقاب لها لعدائها للامبريالية و حلفائها داخل و خارج المنطقة . مستقبل المنطقة لن يبنى بشكل سليم الا على اكتاف المخلصين لوطنهم ارضا و شعبا . انهم اولائك الذين يحملون مشروع التحرر الوطني و القومي لشعوبهم . انهم اولائك الذين توضع عليهم مهمة تدبير و نشر ثقافة الخدمة الجماعية للاغلبية ضدا على استبداد الاقلية . انهم ابناء المنطقة الذين يسعون لوحدة قواها العاملة و كل البروليتاريا في العالم . انهم اعداء المشروع الامبريالي الرجعي ، الذي ينتهي بدون ادنى شك باستنهاضهم لعزيمتهم و ايمانهم بقدراتهم و عودة الحلم بالمجتمع البديل .
#الرفيق_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر بعد العراق و سوريا .. امريكا تدمر المنطقة 1
-
تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدو
...
-
مصر بين شرعية النص و شرعية الميدان. الجزء الاول
-
مصر: الاخوان ، الجيش و المعارضة اي سيناريو
-
البيان في علاقة 20 فبراير بالعدل و الاحسان
-
فاتح ماي/ ايارللعمال اية علاقة ببن كران ؟
-
اليسار و اشكالية النضال الدمفراطي ( مساهمة في ندوة psu 7/8/1
...
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|