|
سوريا: إشكالية الدفاع عن الوطن..!(*)
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 20:17
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تبقى إشكالية (الدفاع عن الوطن)، في مقدمة الإشكاليات التي تتنازع حول جدليتها، على مستوى العلاقات السياسية والإجتماعية، الكثير من وجهات النظر المتباينة في الروىء والأفكار، بل وفي ادق الكلام؛ من وجهات التباين في الأهواء والتبعية والمصالح. وليس في مثل هذه الحال، ان يكون هناك من غرابة في القول، ان يجد المرء بين أوساط الكثير من أبناء المجتمع الواحد، من يكون أكثر إستعداداً الى تقديم فروض الطاعة والولاء الى من يحرر بحقه صكاً للعبودية، بل وقد يذهب الى أبعد من ذلك في التمرغ في وحل الخيانة، لبلده وشعبه، فيستمرء الهوان للأجنبي بأبخس الأثمان..!؟؟
وتطرح إشكالية (الدفاع عن الوطن) نفسها، كحد فاصل، بين الكبرياء وبين الإستخذاء؛ بين الحرية والعزة والكرامة، بكل ماتعنيه تلك المفردات من معنى في قاموس اللغة، وبين العبودية والتخاذل والمهانة، ويا لبؤسها من مفردات..!؟؟
وقد عودتنا دروس وعبرالتأريخ، وهو أمر قلما يصمد أمامه النقاش؛ بأنه حينما تتعرض الأوطان الى الغزو والعدوان، يستنفر في العادة، أبناؤها؛ شيباً وشبانا، رجالا ونساء، للذود عن حياض الوطن والدفاع عن كل القيم والمقدسات، وعن كل ما يمت بصلة الى مجد الوطن وإرثه وتراثه الخالد في الحضارة، وكل ذرة من ترابه، مرخصين من أجله الغالي والثمين، من نفس ومال..!
ومهما قيل ويقال من تغير في المفاهيم والمصطلحات، مع تغير الأزمان، فهي وحدها مقولة (الدفاع عن الوطن)، وحدها التي لم يعترها التغيير في الشكل أوالمعنى أو في الجوهر، مع إمتداد العصور وتغير الأزمان، وهي وحدها التي ما زالت في عرف الشعوب؛ المقولة الوحيدة التي يُحتكم اليها في تحديد مكانة ما يعنيه لقب ( المواطنة )، حيث يكون في المقدمة واجب صيانة مدلولها قولاً أو في العرف العام، الأمر الذي ينص عليها في دساتير الشعوب، وترفع بها الهامات، عزة وإفتخارا..!
لقد جسد الكثير من الشعراء والخطباء ومن الفنانين والقادة الوطنيين، التي كانت تدهم أوطناهم المحن، من غزو وعدوان غادر، ما يعنيه شعار ( الدفاع عن الوطن )، وسجلوا من الصفحات، سجلاً ناصعاً من المآثر التي خلدتهم عبر التأريخ، والعديد منهم من آثر الإستشهاد والتضحية في سبيل الدفاع عن كرامة أوطانهم وعزة شعوبهم، فكانوا قدوة لكل الشعوب التي ناضلت وما إنفكت بعضها، تناضل حتى اليوم، من أجل حريتها وكرامتها في الإستقلال والسيادة الوطنية، مرخصة من أجل ذلك، أغلى وأثمن ما تملك من نفس ومال من أجل ذلك، وسجل تأريخ الشعب المصري غزير بمثل هذه المناسبات..!(2)
وإن كان لنا في التأريخ العربي والعالمي، ما نستعيده في الذاكرة، من قصص المآثر والكفاح في سبيل (الدفاع عن الوطن)، ما لا تتسع له الصفحات، فإن لنا من خلال هذا الإستذكار، ما يفتخر به اليوم، وما تشهده أعين كل العرب والعالم في مشارق الأرض ومغاربها بما فيها الأعداء؛ من صمود باهر، ومنقطع النظير، للشعب السوري البطل، أمام غدر هجمة عدوانية ظالمة، ينفذها الحلف الغربي _ التركي/ الخليجي بقيادة أمريكا؛ هجمة تستهدف الوطن العربي السوري، أرضاً وشعباً وحضارة، تحت مظلة من الذرائع الزائفة والإتهامات المزعومة الكاذبة، وفي مقدمتها ذريعة " إستخدام الأسلحة الكيمياوية" من قبل النظام السوري، تلك الإتهامات التي لم يتمكن الحلف المذكور من تقديم، حتى ولا دليل واحد على صحتها..!؟
كل هذا، لدرجة بات معها التهديد بتوجيه ضربة عسكرية قريبة ضد سوريا، من قبل الحلف المذكور، وبالإلتفاف على القانون الدولي ومن وراء ظهره، وحتى قبل أن تقدم لجنة التحقيق الدولية تقريرها الى الأمم المتحدة، رغم مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بضرورة منح اللجنة التحقيقية الأممية، ما يكفي من الوقت لإنهاء عملها، ودون مبالاة لتحذيرات الوسيط الدولي السيد الأخضر الأبراهيمي والمندوب الروسي لدى مجلس الأمن، بأن أي عمل عسكري يجب أن لا يسبق القرار الدولي (قرار مجلس الأمن)، فقد بات معه هذا التهديد، أمراً لا يمكن التهاون معه، أو التقليل من خطورته، بل ينبغي التحذير من تداعياته الكارثية على الشعب السوري وشعوب المنطقة الإقليمية، وما يمكن أن يجره من عواقب وخيمة ومخاطر على الأمن والسلم الدوليين..!!؟
فالتدخل العسكري المبيت ضد سوريا، قد كشر عن أنيابه، ورفع كثيراً من وتيرة التضليل الإعلامي، وباتت نواياه وخططه الإستراتيجية واضحة للعيان؛ ليكن على رأسها تدمير الجيش السوري الوطني، وليكن تحقيقه في مقدمة تلك المهام الإستراتيجية، على غرار ماتم من تدمير للجيشين العراقي والليبي، ناهيك عن بناها التحتية، وإقتصادها الوطني، لتأتي النتيجة، إذا ما تحقق ذلك، واضحة على الصعيد العسكري، في خلق وتعميق عدم التوازن العسكري في المنطقة لصالح إسرائيل..!؟؟
في مواجهة هذا الواقع، لم يعد أمام الشعب السوري والحال، من طريق آخر، غير رص الصفوف وتوحيد الكلمة، ومجابهة الغزاة وصد العدوان، فالإستسلام لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يكون بديلاً او قريناً لشرف (الدفاع عن الوطن)، على العكس من ذلك؛ فإن ما تلمسه الجميع، من صمود الشعب السوري العظيم، بجيشه وتلاحم صفوفه الشعبية الوطنية، طيلة تسع وعشرين شهرا، قد أرعب فلول الغزاة، وأصاب كل من وقف وراء حملة الغزو والإرهاب، كل هذا الوقت العصيب، بخيبة الأمل والفشل الذريع والهزيمة النفسية..!
وما يجري تبييته خلال الساعات القادمة من عدوان سافر ضد سوريا، طبقاً لوسائل الإعلام الدولي والإقليمي، فإن تحقق ذلك، فهو في أدنى تقديراته، لا يعبر إلا عن تحد مرفوض لكل المواثيق الدولية، وخروج على القانون الدولي ومباديء حفظ السلم والأمن الدوليين، وإجهاض لكل محاولات المجتمع الدولي، بإتجاه حل الأزمة السورية بالطرق السلمية، ومنها المحاولات المبذولة لعقد مؤتمر جنيف/2، وليس مثل هذا العدوان إن تحقق، إلا مغامرة مجنونة العواقب، ترتكب بحق وطن وشعب سوريا، وبحق السلم والأمن الدوليين، ومن السابق لأوانه الحديث عن حجم ردود الفعل التي ستجابه بها المغامرة المذكورة على الصعيد الدولي، وهذا ما أدرك مقدماته السيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني..!؟؟(2)
وليس بعيداً عن كل ذلك، ما يجري الحديث عنه، من تحميل أطراف المعارضة السورية وخاصة المتواجدين منهم في الخارج (الإئتلاف الوطني للمعارضة)، نصيبهم من المسؤولية الأخلاقية والتأريخية، فيما ستتعرض له سوريا من تدمير شامل على صعيد الشعب والوطن، فهم قبل غيرهم من يدعو ويلح ويطالب دون توقف ومنذ تشكيله، بضرورة التعجيل بتوجيه الضرية العسكرية الى سورية من قبل دول التحالف الأمريكي _ الغربي/ الخليجي _التركي، دون الحساب لأي من التبعات التي ستترتب على ذلك..!؟؟
ولكن ومع كل ما تقدم، فقد أثبت الشعب السوري البطل، بأنه ما كان يوماً في طبعه، ولا في كل تأريخه المجيد، ما يمت للإستسلام والخنوع بصلة، وهذا نفسه ديدن جميع الشعوب في مقارعتها للغزو والعدوان وللإستعمار والظلم، وما مثل الشعب الفيتنامي البطل، إلا المثل القريب على صمود وبسالة الشعوب؛ فصمود شعب سوريا، هو وحده القادر على التحدي، وعلى مواجهة العدوان، ولديه وحده ، رغم كل هذا الضجيج الإعلامي الغوبلزي، الخبر اليقين...! باقر الفضلي / 2013/8/29 _________________________________________________________ (*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=375045 (1) http://umkolthoum.blogspot.se/2011/02/blog-post.html (2) http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2NWE20130829
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا : التدخل العسكري إنتهاك صارخ للقانون الدولي..!!؟
-
سوريا: التلويح بالتهديد والإنذار بالوعيد..!؟
-
مصر: حينما يصبح الإرهاب حقيقة..!!؟
-
مصر: الثورة المصرية وخطر الإرهاب..!!؟؟
-
مصر: المشهد السياسي بين الواقع والتضليل..!؟
-
مصر: لا وقت للإنتظار..!
-
فلسطين: قانون - برافر- العنصري..!؟
-
مصر: الشعب يستعيد المبادرة..!
-
فلسطين: نجم في سماء الفن العربي..!
-
سوريا: نفق الحل السياسي..!؟
-
فلسطين:النكبة.. الحدث الذي لا ينسى/ثانيا..!
-
سوريا: إسرائيل رأس الحربة في التدخل..!!؟
-
سوريا: -أصدقاء سوريا- في الميزان..!؟
-
العراق: الحكمة قبل القرار..!؟
-
العراق: الإنتخابات بين الأمل والتأمل..!!؟
-
فلسطين: شهداء في قبضة الإحتلال..!
-
سوريا: جامعة الدول العربية؛ عود على بدء..!؟
-
سوريا: جامعة الدول العربية في الميزان..!؟
-
المرأة: في دائرة العنف..!
-
فلسطين: الأسيرُ الشهيد..!(*)
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|