توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 01:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في مثل هذا الوقت من أكثر من عشر سنوات، حينما كانت أمريكا تشرع في ضرب العراق.... كنت في إحدى المؤتمرات الدينية المسيحية بمصر- وكنت قد بدأت مرحلة إنسلاخي عن المسيحية- وكانت جموع من مئات من مختلف محافظات مصر، أغلبهم خدام وقسوس وطلبة كليات لاهوت، يقفون للترنيم في فترة التسبيح وكان قائد فترة التسبيح ولمدة ثلاث أيام من بداية ضرب العراق، ولأكثر من مرة في اليوم يختار ترانيم حماسية عن خروج الرب للحرب، وأنه يسحق الشيطان ويسحق الأعداء وغيرها من الترانيم... التي لا تغيب عن ذهن إنسان واعي بأنها دلالة عن فرح لإجل ضرب أمريكا للعراق وكانت الجموع طوال فترة المؤتمر في حالة نشوة بالغة بمن فيهم أنا!!
وما أشبه اليوم بالبارحة مع إختلاف المصليين . فبالأمس كان المسيحيين سعداء بضرب نظام صدام حسين ثم تدمير العراق من قبل أمريكاً، حيث رأى المسيحيين في أمريكا المنقذ الذي سيخلصهم في الشرق الأوسط ويعيد حقوقهم المسلوبة ويغضب ويحارب عنهم وهم صامتون. واليوم نجد المسلميين يفعلون المثل في إستحضار والدعاء لله بأن يستخدم أمريكا لنصرتهم ونصرة قضيتهم العادلة. فالله يستخدم حتى الكفار لإداء رغباته ويعملون في سبيله رغماً عنهم أو برضاءهم! أنتظر عزيزي القارئ وسترى كيف سيتصرف المسلمين الأصوليين في المساجد غداً بكافة أنحاء العالم عن قرب ضرب نظام بشار السوري وتدمير سوريا فيما بعد، وأستمع للخطب الدينية!
أني أتمنى أن أرى وجوه مسيحيي مصر الذين حضرت معهم المؤتمر التعبدي في شتاء عام 2003 الأن وأري ردود أفعالهم عن أنباء ضرب أمريكا لسوريا وربما مصر بعد حين! بعد إفتضاح أمريكا بأنها ليست منقذ أو ( إله) لأي فئة حتى ولو كانت هذه الفئة المسيحيين أنفسهم! فطالما كانت أمال الأقباط منصبة على أمريكا لنصرة حقوقهم وتخليصهم من الإضطهاد، ولا هم لأمريكا في الحقيقة في الشرق الأوسط سوى مصالحها فقط وحماية أراضيها عن طريق نقل الصدام مع الإسلام السياسي من الأراضي الغربية الى داخل أراضي المسلميين أنفسهم وجعلهم يقتتلون فيما بينهم طبقاً لقواعد الجيل الرابع من الحروب 4th Generation Wars حيث تقريباً يحرزون النصر بأقل الخسائر في العتاد والأنفس!!
يا ليت العرب يستفيقون فقد تم التضحية بالشرق الأوسط بإجماع عام للدول المتقدمة؛ فلا تنخدع عزيزي القارئ بلعبة أن روسيا تعادي أمريكا أو أن أوروبا تدعم المسلمين أو المسيحيين في الشرق الأوسط! فقد صدر الأمر بتصفية الأسلام- ذلك الصداع في قلب الكرة الأرضية- في أوطانه بإجماع أممي متناسيين حقوق الإنسان أو حقوق أقليات وغيرها من الشعارات التي هي بلا معنى أو جدوى في بلاد العرب، فقد أيقن الغرب ذلك، وتعلموا أن يعاملوا العرب بمثل أساليبهم!!!
لا تنتظروا الخلاص من الأعداء... فأنتم كمثل الخراف التي تستنجد بالذئاب لإنقاذها من الثعالب! ودعونا نتفق على حماية أراضينا وتبرأة أراضينا من السرطانات الدينية بأنفسنا قبل أن يأتي الوقت الذي فيه نُرغب على ذلك من الغرب بعد دمار وموت يشيب له الولدان!!!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟