|
صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حفظه الله
فوزيه العيوني
الحوار المتمدن-العدد: 1200 - 2005 / 5 / 17 - 14:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
أرجو أن لاتظن أنني ألتمس منك شيئاً عبر هذا الخطاب،فالمغترب في وطنه لا يبحث سوى عن أصدقاء ، أو عن بشر يشترك معهم في هم ما..، وأنا مغتربة في وطني وهمّ البسمة التي غابت يجمعنا . ولذا فأنا أخاطب فيك الإنسان والشاعر والمثقف وراعي ( منتدى الفكر العربي ) كما أتوجه لكل المثقفين في الداخل ، بعد أن صدرت الأحكام المجحفة في حق ثلاثة من المثقفين والمفكرين في البلد ، بسنوات سجن تتراوح بين6-9 سنوات، وأنا هنا لا أستجدي ولا أطلب صدقة ، بقدر ما يهمني أن أتساءل عن حقي وحق زوجي في الحرية والأمان.، وأن ألفت أنظار العالم_ بالقرائن التي تعري أسباب هذه الأحكام الجائرة_ للإجحاف الذي يتعرض له المواطن عندما يبدي رأيه حتى عبر المنتديات الإلكترونية . إنني أخاطب ضميرك اليقظ، الذي جعلك يوماً ما تجيش بحزنك من أجل الوطن في مقالتك الشهيرة ( من غيب البسمة ) وأذكّر أن عشاق الوطن _ممن هم مستعدون للتضحية من أجله_ كثر ، لكنهم للأسف مصيرهم التغييب في السجون. أذكر أني قرأت المقالة وأنا في الطائرة متجهة من الدمام إلى الرياض، لأزور زوجي علي الدميني بعد خمسة أشهر من اعتقاله، ووالله لقد فرت دمعة من عيني تأثراً بتلك الحقيقة الصارخة، ولا تظنني تذكرت البسمة التي غادرت بلا رجعة وجوه أبنائي، وخاصة ابنتي ذات العشر سنوات التي أخفيت عنها خبر اعتقال والدها لمدة ثلاثة أسابيع ( وليتني لم أفعل فقد كانت تتابع الأخبار من ورائي مما سبب لها جرحاً عميقاً جراء الاستهانة بوعيها) ، بل أني استحضرت كل أولئك النسوة اللائي اختطفن البسمة والحس الوطني من بناتنا في المدارس، وحولوهن إلى مرضى نفسيين يعانين الازدواجية، حتى إذا ما وشت إحدى الطالبات برفيقة لها بأنها " تستمع إلى الأغاني" ، أو غيرها من خصوصيات الأطفال في بيوتهم وبرضا أسرهن ، اضطرت الأخيرة الادعاء بأن ذلك ليس منها وإنما من الجن الذي يتلبسها... ، طفلة تدفع للتحايل بما ينجيها من المساءلة والحرق الاجتماعي الذي تمارسه حارسات الفضيلة من المسئولات في العديد من المدارس، و لذا لامست المقالة جروحي. ولعل الجميع يعرف كم من الأسر نأت بأبنائها بعيداً( ربما إلى مدارس أهلية ) أو منعتهم عن المراكز الصيفية والرحلات البرية وجماعة المكتبات في مدارسنا الحكومية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمر خوفاً عليهم من الانسياق إلى أحضان الغلو والتطرف الديني . فبكم من الأجيال سنضحي كيما تعود البسمة التي افتقدناها........... !؟ تقول في مقالتك: ماذا حدث لهذا الإنسان؟ كيف ذهبت عنه البهجة والفرحة؟ من غيب الابتسامة عن وجهه المشرق؟ من أسدل ستار الكآبة على الوجوه؟ من خوف الأطفال من اللعب والضحك والمرح؟ من خوف الكبار من الحياة؟ من ألغى السعادة ونشر الأحزان؟ من أقنع الأبناء أن يكفروا آباءهم والبنات أن يكفرن أمهاتهن؟. من علم طفل دار الأيتام أن وطنه الإسلام - وليس السعودية - وأن مهنته المستقبلية هي الجهاد وأن مشاهدة التلفزيون السعودي حرام لأن فيه موسيقى؟ من حول ساحات المدارس والجامعات إلى معسكرات حركية وجهادية؟! من حوّل المخيمات الصيفية إلى معسكرات تدريب على الأسلحة,؟ من أقنع الشباب السعودي بأن أقرب طريق للجنة هو الانتحار, وقتل المواطنين والمقيمين ورجال الأمن وتفجير المجمعات السكنية؟ من فعل بنا هذا؟ أعتقد أن كل من في هذه البلاد يعرف الفاعل المسئول عن كل هذا, وما هي إلا عودة للكتب والمطويات والأشرطة, التي وزعت بمئات الآلاف, في المدارس والجامعات, والمساجد والجمعيات الخيرية, في السنوات العشرين الماضية, لنجد الأسماء مطبوعة عليها بكل وضوح!!! ومواقع الإنترنت تكشف عن البقية. ولكن السؤال المهم الآن هو: من يستطيع أن يغير هذا الواقع الجديد المؤلم؟ ومن يعيد إلينا عقول أبنائنا التي اختطفها الضالون المضللون؟ الجواب هو أن كل المجتمع مسئول, من الدولة إلى كبار العلماء ثم كل فرد في هذا المجتمع.. وأخص ثلاث فئات: 1. المعلم والمعلمة في المدارس. 2. الأستاذ - من الجنسين - في الجامعات. 3. الأئمة والخطباء في المساجد والدعاة. وإلى هؤلاء جميعا... وباسم كل مواطن غيور على دينه ووطنه.. أرجوكم.. أرجوكم.. أرجوكم.. أعيدوا البسمة, والبهجة, والحياة لأبنائنا وبناتنا ووطننا. وشكراً. صاحب السمو لقد صغت القضية بأسلوبك الفني العذب وقلت كل شيء ولم تسجن ولم يحقد عليك قاض، فيا لسعادتنا بوطن تحترم فيه حرية الكلمة والفكر والرأي والاجتهاد.. أنظر ( انظروا أيها المثقفون ) ماذا يقول علي الدميني حول نفس الموضوع : "إن من أهم أسباب انتشار العنف في المملكة هو احتكار تيار فقهي واحد من التيارات الأربعة ونفي ما عداه من مذاهب وطوائف، مما أدى إلى تغلغل هذا التيار في كافة مفاصل النظم التعليمية والتربوية والاجتماعية والسياسية". وقبل أن أورد في دفاعي عن ما ورد في هذه الجملة الطويلة من آراء واجتهادات، أود أن أوضح حقيقة تتصل بهذا الأمر، وقد وردت في ثنايا حواري على الإنترنت، ومفادها أن الاختلاف بين الناس، من حيث التشدد والغلو أو التسامح والموضوعية، فطرة وطبع فطر الله عليها عباده. كما أن التشدد والغلو لا يختص بفكر دون آخر، ولا بتيار أو مذهب دون سواه، وأن هذه الظاهرة البشرية توجد في كل زمان ومكان، وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى اجتناب المغالاة فيما ورد عنه في الحديث حيث قال "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فيسّروا ولا تعّسروا، وبشّروا ولا تنفّروا". لذا فإن طريق الغلو والتشدد والتطرف والإرهاب التي اختطها تيار ديني يستند إلى مذهب معيّن، لا يعني أن كل أتباع هذا المذهب هم من المتطرفين. ووجود تفاوت بين المذاهب الإسلامية، أمر معروف لم أخترعه من عندي، وإنما هو شأن متداول بين الجميع، وأشير هنا لما أكدّه الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، حيث نبّه إلى أن من ابرز ما يعانيه العالم الإسلامي اليوم، يكمن في الضعف والفرقة والتمزّق، وأن سببه الرئيس هو الخلاف المذهبي بين المسلمين، وأن هذا المأزق، يفرض على ولاة الأمور والعلماء والمفكرين، أن يبحثوا عن مخرج من هذا المأزق الذي يهدّد بمزيد من تدهور الأمور". وانطلاقاً من إيماني بحق كافة مكونات المجتمع المذهبية والطائفية والثقافية بانتهاج الأسلوب السلمي للتعبير عن آرائها واجتهاداتها الدينية والحياتية، فإنني أعتقد أن من حق تيار الغلو والتشدد المستند إلى هذا المذهب أو سواه، أن يعبر عن فكره واجتهاده بطريق سلمي، وهذا ما أتاحته الدولة لهذا التيار عبر كافة المنابر والمؤسسات على مدى زمني طويل، إلا أن تفرده واحتكاره للفهم الصحيح للعقيدة ونفيه لما عداه، قد دفعا به إلى مرحلة التشدد والتطرف التي نعيشها، حيث خرج على تيار الاعتدال والوسطية داخل نفس المذهب الذي يمثله كبار العلماء، وخرج بالعنف المسلح على المجتمع والحكومة على السواء. ولذا وقفت كما وقف غيري أمام ظاهرة التشدد والغلو والتكفير والإرهاب، لأرى أنها ظاهرة معقدة وتنطوي على أسباب عديدة فكرية ومعيشية وسياسية واجتماعية وتتداخل في تكوينها عوامل داخلية وخارجية أيضاً، مثل حرب أفغانستان، والمظالم الأمريكية والإسرائيلية في العالمين العربي والإسلامي. وبالرغم من قناعتي بأن الإرهاب لا ينمو ولا يترعرع إلا في ظروف غياب الحرية، وتفاقم الأزمات الحياتية للناس، إلا أن تيار التشدد والغلو الذي يبلغ مرحلة التكفير والإرهاب في بلادنا قد حظي بمساحة كافية من الحرية. ولكنها الحرية القاتلة، التي قمعت ما عداه من مكونات المجتمع، وقضت على إمكانية الحوار مع تيار الوسطية والاعتدال ومع المذاهب الفقهية الأخرى، وكرست إيهامه بصواب ما يذهب إليه، وجعلت منه كياناً مستبداً يحتكر الحقيقة. ولذا تمكّن من الاستحواذ على قلوب الشباب وتجنيدهم في تنظيمات في مختلف مرافق الدولة ومناطق المملكة، ولو أن الباب كان مفتوحاً أمام حرية التعبير، وتكوين جمعيات المجتمع المدني، وأمام فقهاء المذاهب الأخرى، وأمام العقلاء من نفس المذهب، لما توهم ذلك التيار أنه على صواب دائم، ولما تمكّن من الاستحواذ على هذه القاعدة الكبيرة من الشباب، لأنها ستتوزع على المذاهب والتيارات الأخرى، مما يساعد على نشؤ حوار ثقافي وفكري، يؤدي إلى ترسيخ مبدأ القبول بالاختلاف، ومبدأ " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " الذي قال به الشافعي). إن هذه القراءة لواقع الحال، والتي لا تخرج عن اجتهاد ورأي قد يتفق الآخرون معه أو يختلفون لم ترق للقضاة ،لأنهم من نفس التيار، ولذا كلفت كاتبها تسع سنوات من عمره وأكبر دليل على أنهم من نفس التيار تلك الأحكام المجحفة التي لم تستند إلى شرع أو قانون ناهيك عن أي ميثاق من المواثيق العربية أو العالمية التي وقعتها بلادنا والتي تنص على كفالة حرية الإنسان في رأيه وفكره وتعبيره ، فأي ظلم يقع على الإنسان في وطنه ؟ وكيف ستعود البسمة وهناك حرب على حرية الكلمة والرأي الآخر، فوزيه العيوني 15/5/2005
#فوزيه_العيوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|