أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن محسن رمضان - في مشكلة الفشل الحضاري العربي














المزيد.....

في مشكلة الفشل الحضاري العربي


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 20:58
المحور: المجتمع المدني
    


تتعدد مظاهر الأزمة العربية فيما يخص الحداثة والحضارة ومفاهيمهما المعاصرتين. فلا شيء يبدو سهلاً أو مباشراً في الإطار الثقافي العربي، ولا شيء يبدو مستساغاً طيِّعاً في أذهان من ينتمي إلى هذه الثقافة بصورة أو بأخرى. كل إشكالية حداثية أو حضارية ضمن الفضاء العربي تبدو وكأنها تولِّد إشكالات متفرعة لا أول لها ولا آخر، وكل إشكالية فرعية تُولّد بدورها مظاهر أزمة أو أزمات ضمن المجتمع والسياسة والاقتصاد. الشيء الثابت الوحيد ضمن إطار تلك الأزمات كلها هو (الفشل)، وهو بدوره يشير إلى ذهنية عامة شاملة، منطلقة أساساً من صراعات دينية وعِرقية، عاجزة تماماً عن فهم واستيعاب الأدوات الحضارية المدنية في إدارة الدولة والمجتمع والاقتصاد.

هذه المجتمعات العربية تتظاهر بأنها ترفع شعارات (الحرية والعدالة والمساواة)، ولكنها في حقيقتها لا تعي معناها إطلاقاً إلا من خلال ثقافتها الاجتماعية الأولى المتصارعة المتنافرة على محاور الدين والأصل والعقيدة. وكل التناقضات التي نراها اليوم على الساحة العربية، من سياسييها ومثقفيها ورجال دينها، إنما مرجعها الحقيقي إلى أن تلك الثقافة العربية، قبل ما يُسمى بالربيع العربي، لم يتغير فيها شيء إطلاقاً، هي كما كانت تماماً. كل الأحداث السياسية الأخيرة تدل على هذا. فالخطاب الإعلامي - الدعوي الديني المرافق للصراع السياسي يتم من خلال شعارات (الكفر - البدعة)، أما الخطاب الإعلامي عند الليبراليين والعلمانيين بأنواعهم فيتم استبدال ذلك المصطلح الديني بمصطلح (الخيانة – العمالة - التخابر)، أما القطاع العام من الشعوب العربية فهي تستخدم جميع تلك المصطلحات حيثما تصادف، ومن خلال تلك المصطلحات يتم التهيئة والتبرير لتصفية الخصوم أو اعتقالهم وتلفيق التهم لهم. إذ لابد للخصوم السياسيين في تلك الثقافة أن يُزالوا من على وجه الأرض بطريقة ما، فلا مجال للاختلاف إطلاقاً في أوطاننا العربية، فأنت إما معي أو (كافر – خائن – عميل) اختر واحداً من الثلاثة. والقتل هو القتل، لم يتغير شيء، بل اليوم هو أسوأ حالاً وأكثر عدداً لأن مثقفينا أصبحوا يبررون له في ساحات مصر، ويتعاملون معه بانتقائية مذهبية في لبنان ومدن سوريا، ويتجاهلونه تماماً في اليمن وليبيا وكأنهم ليسوا بشراً. ورجال الدين، المسلمين والمسيحيين، لا يزالون ضمن إطار السياسية وأطرافاً فاعلين فيها، بل اليوم هم أسوأ حالاً، لأننا رأيناهم يبررون ويساندون القتل والتصفية في مصر وسوريا ويصطفّون مع الانقلابات العسكرية ويؤلهون جنرالاتها. أما (عبادة الأفراد) والصراع (الوطني!!) حولهم وكأنهم أنبياء أو أنصاف آلهة، فهو هو. في الماضي كان التأليه لـ (الرئيس) وبواسطة آلته الإعلامية ورجاله المدفوعين الثمن ومَن تأثر بهم من عامة الشعب، أما اليوم فهو لـ (الجنرال) أو (رجل الدين) أو (الرمز) وبواسطة الشعوب التي اختارته ليقتل وينكل بـ (الآخر المختلف) سياسياً أو دينياً أو مذهبياً أو عرقياً ثم لترى مظاهر التشفي والفرح واضحة في أعينهم وفي "زغاريد" نسائهم التي يطلقونها على جثث مخالفيهم. الأسوأ هنا أن "المثقفين" أصبحوا تابعين لتلك "العقدة الشعبية" وسائرين في صفوفها ومبررين لها ومُنظِّرين لبربريتها وهمجيتها. كل شيء كما هو، بل هو أسوأ حالاً لأنه وجد نفسه ضمن نطاق (حرية) لم يسبق له أن اختبرها، فاختار معها (حرية السقوط)، ولكن أي سقوط.

نحن أمام إشكالية خطيرة. إشكالية أن المجتمع العربي، بكافة فئاته وأديانه وأعراقه، يعاني من فشل في استيعاب المفاهيم الحضارية المدنية المعاصرة. نفس المفاهيم التي يرفع شعاراتها ويتشدق بها، هو في الحقيقة لا يستوعبها ولا يفهمها. هذا الفشل هو ذاتي بحت، ولكن ليس بسبب الحكومات أو القوى التسلطية أو (الاستعمار) كما لا يزال يحلو للبعض أن يشير بأصابع الاتهام. وهو فشل قديم أيضاً انتبه له المفكرون منذ سنوات طويلة. فقد كتب الراحل حافظ الجمالي منذ حوالي أربعين سنة هذه الملاحظة عن (الفشل) المريع في كتابه (بين التخلف والحضارة). هي ملاحظة صادمة، ولكنها حقيقية تماماً، وتشي بحجم الفشل الحضاري للشخصية العربية. كتب ما يلي:

"إننا نوفد منذ خمسين سنة أناساً للتخصص، كما فعلت مصر قبلنا بأكثر من قرن، من دون أن ينشأ لدينا ولا لديها حتى الآن أي جهاز علمي يُطمأن إليه ويـُعتمد عليه في حل أية مشكلة تقوم في بلادنا (…) نحن نـُقصِّر عن إدراك المعروف، الشائع المتداول، لا من علم واحد بل من كل العلوم معاً. أوليس من الغريب أن تسبقنا مصر إلى الاتصال بالحضارة الغربية أكثر من قرن، ثم ننظر فإذا بنا معاً نتحرك على مستوى واحد من العلم أو اللاعلم، من المعرفة أو اللامعرفة؟ أوليس خطيراً أن تكاثف الأيام والجهود والإيفادات والإطلاع لا يتقدم بنا خطوة واحدة إلى الأمام، ونظل دوماً كما لو تماسنا بالحضارة العالمية الطويل المدى نسبياً يظل كالتماس القصير المدى أو كعدم التماس معاً؟". ثم يسترسل ليكتب الجمالي ما يلي: "كثيراً ما تساءلت وأنا أدرس تاريخ أمتنا العربية الماضي عن أسباب انحلال سلطتها وتدهور حضارتها. وكنت فيما مضى أعزو ذلك إلى ما انتابها من حروب وما أصابها من غزوات. غير أني، لا أشك، غدوت الآن أعتقد أن السبب الأول والأهم في ذلك كله إنما كان الضعف الداخلي الناتج عن ضعف العلة الرئيسية من علل التنظيم والإبداع، أي الشخصية العربية".
[بين التخلف والحضارة، حافظ الجمالي، منشورات اتحاد الكتّاب العرب، دمشق 1978، اقتباسات من صفحات متعددة]

إذن هي الشخصية العربية، بمعناها الثقافي العام، وبغضّ النظر تماماً عن دينها أو موقعها الجغرافي أو أصولها الأولى، هي التي تتأبى على التقدم الحضاري حتى مع الاحتكاك طويل المدى بحضارات (الحرية والعدالة والمساواة). إنها إشكالية شخصية وثقافة، وآن أوان تسيلط الضوء عليها لتفكيك عقدهما مع



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة اكتشاف الغباء الجماعي
- في الأزمة الأخلاقية العربية
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 5
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 4
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 3
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 2
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس - 1
- مشكلة نقد النصوص المقدسة
- مشكلة الآخر المختلف في الإسلام
- مصطلح الثوابت الإسلامية
- يسوع والمسيحية والمرأة – 2
- يسوع والمسيحية والمرأة - 1
- من تاريخ التوحش المسيحي – 2
- من تاريخ التوحش المسيحي
- الازدواجية في الذهنية الدينية ... الموقف من نوال السعداوي
- في الاستعباد كنزعة إنسانية متأصلة
- الأحاديث الموضوعة كأداة لتصحيح التاريخ
- مشكلة الإيحاء الجنسي في إنجيل يوحنا
- صراع


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن محسن رمضان - في مشكلة الفشل الحضاري العربي