أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - حرب على قاعدة الحرب!














المزيد.....

حرب على قاعدة الحرب!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 08:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يأتي «الحدث الكيميائي» الأخير في سوريا، ليسجل واحدة من أفظع المراحل في التاريخ البشري الحديث والمعاصر، ناهيك عن القديم. وأحد أوجه خطورته يتمثل في أن ضحاياه من الأطفال، والذين ما أن يصابوا به حتى يكونوا وجهاً لوجه أمام الحالات الأخيرة من موتهم أو من افتقادهم كبشر أسوياء. وفي العموم والإجمالي، فقد قرأنا في السابق أخباراً تُعلمنا عن «الحدث الكيميائي»، حين يتحوَّل إلى كتل من نار تلتهم الصغار والكبار. وتوافق الناس، وبينهم محاربون، على أن وصول حرب أو صراع ما إلى مرحلة «الحرب الكيماوية»، إنما هو خروج عن قواعد لُعبة الحرب ذاتها، أو بالأحرى هو حرب على قاعدة الحرب. وشيئاً فشيئاً اكتشف البشر أمراً فظيعاً، وذلك في سياق تقدم المجتمعات الحديثة الرأسمالية، وهو أن التقدم العلمي عموماً إنما هو -في أحد انزياحاته- عملية ملوثة بالدماء، خصوصاً حين يتم ذلك في حضور نمط من التقدم في العلوم الطبيعية والبيولوجية، وحين يجد هذا التقدم نفسه في تناقض وتنازع مع مظاهر التقدم الأخرى في الحياة الإنسانية والعلوم الاجتماعية.

في تلك اللحظات تنقضّ الكشوف العلمية الأولى (الطبيعية والبيولوجية) على الكشوف الأخرى الاجتماعية، لتحول دون وصول فضائل تلك إلى هذه، عبر تدخّلٍ من المصالح المادية والاقتصادية في الصراع الناشب بين الفريقين. لقد ظهر هذا حين وجد العالم الكبير «ألفريد نوبل» نفسه محاصراً باكتشافه نفسه، والذي قاد إلى القنبلة الذرية والذي وقف في تناقض هائل وفظيع مع الكشوف العلمية الاجتماعية والاقتصادية التي قدّمها علماء بارزون، خاصة حول أفكار العدالة في توزيع الثروة والحرية الإنسانية في الإبداع... إلخ.

لقد شعر نوبل بأسى وندم كبيرين ظهرا بعمق في تأسيسه لجائزته، جائزة نوبل. وقد ظهرت الإشكالية المعرفية والأخلاقية المريرة في السؤال التالي: هل كان على نوبل أن يتجنَّب، قدر ما يستطيع، الاقتراب من اكتشافه الذي ظهرت خطورته على البشرية في وقائع دامية مثل هيروشيما في اليابان أواخر الحرب العالمية الثانية؟! إن هذا السؤال كان ولا يزال يعشش في عقول ملايين البشر، الذين يحملون همّ البشرية المعذبة على أيدي تجار الحروب والساعين إليها في الاقتصاد والحرب والسياسة، وكذلك في العلم، إضافة إلى الباحثين عن وسائل للقتل الجماعي، بزعم أن هذا «يُريح البشرية من آثام الخارجين على القانون». وهنا نضع يدنا على مفارقة ضخمة تعادل في ضخامتها أوهام من يسعون إلى «تطهير العالم» بأقصى أشكال الإبادة. كيف يحدث ذلك؟ كيف يحدث في سوريا؟ وهل الأمر الذي بدأ بخربشات على جدران في شوارع درعا من قبل أطفال، ينتهي بهذا الحدث الإجرامي الفظيع؟ لم يعد الصمت ممكناً، إنه العار الذي يهتك كل أنماط العار. نحن نرى أن العالم كله معني بما حدث في الغوطتين، وهو مسؤول كذلك، حتى يبلغ مرحلة وضع القتلة في لاهاي، وينبغي أن يتحوَّل الحدث إياه إلى مناسبة لمراجعة الفكر السياسي والتأمل في الجرائم السياسية التي أسست لأولئك القتلة محفزات قتلهم الأطفال والنساء والرجال... الذين وجدوا أنفسهم جميعاً في ساحة الموت. إن المطلوب، والحال كذلك، هو تعميم الحدث الخطير عالمياً، واستخلاص النتائج، ودراستها في المؤسسات العلمية، ولكن كذلك استخلاص ما يتعين على المرجعيات القضائية والأخلاقية أن تستخلصه في هذه المرحلة، مرحلة تدفق الظواهر الإجرامية في العالم العربي والإسلامي وبقية العالم: إنها الطائفية والعرقية والثأرية والتدميرية... وكل ما يتصل بحجب الحياة عن الأحياء. ولن نجد أنفسنا قادرين على الصمت، طالما أن هنالك من يصر على خربطة خرائط العالم، لصالح الشر والجريمة والنظر إلى الأوطان بمثابتها ثكنات عسكرية تؤسس لموت دائم مفتوح.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا وحكمة «سنوحي»
- سوريا: الطريق من أوِله!
- سوريا: السياسي والاعتقادي
- جيوش العالم الثالث
- سُلّم الأخطار
- الثورة السورية والمشهد المصري
- الطائفية والثأرية... موقف واحد
- من مؤامرة كونية إلى ثورة
- اقتراحان لإخماد حرب القرن
- الثورة السورية... وذريعة «المؤامرة الكونية»
- طرق لابتلاع الثورة السورية
- العرب بين السياسة والدين
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»


المزيد.....




- رئيس وزراء إسرائيل السابق: السبيل الوحيد لحماية إسرائيل هو ا ...
- قطر تستضيف مفاوضات جديدة حول غزة وألمانيا تدعو للتوصل لاتفاق ...
- البيت الأبيض: على مادورو الاعتراف بفوز منافسه زعيم المعارضة ...
- حميميم: طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن انتهك قواعد أمن ا ...
- رجل أعمال ألماني يؤكد أن روسيا ستستحوذ مستقبلا على جميع الأس ...
- منسق العمل السري: الضربات على ميناء أوديسا استهدفت ترسانة لل ...
- ليبيا تعلن حالة الطوارئ الصحية لمواجهة جدري القردة عقب تفشيه ...
- روسيا تهدد.. عمق أوكرانيا مقابل كورسك
- -القسام- تنشر مشاهد استهداف جنود إسرائيليين متحصنين داخل الم ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: جاهزون لقرار القيادة السياسية سواء ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - حرب على قاعدة الحرب!