أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد بشارة - حرب الذهب الأسود هل ستطيح بنظام صدام حسين؟















المزيد.....


حرب الذهب الأسود هل ستطيح بنظام صدام حسين؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 298 - 2002 / 11 / 5 - 02:49
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


 

 / باريس

هل ستحمل حرب الخليج الثالثة، إذا ما حدثت، عنوان " حرب البترول" ؟ أم ستخفي هذا الهدف الجوهري وراء ذريعة تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل أو تحت حجة لابد من إطاحة النظام العراقي الذي يشكل خطراً على أمن المنطقة والعالم.
لكن من المؤكد  إن الهدف غير المعلن لهذه الضربة العسكرية القادمة هو السيطرة على منابع النفط  العراقية والخليجية ومجمل احتياطي النفط الشرق أوسطي.
لقد تبين لجميع المراقبين والمتابعين للشأن العراقي والشرق أوسطي إن الحملة العسكرية التي تعدها واشنطن على قدم وساق يشم منها رائحة البترول والجميع متفق إن الذرائع التي تتحجج بها واشنطن صحيحة جزئياً لكنها غير كافية لتفسير هذا الإندفاع الأهوج ويعتقدون إن صدام حسين وإن كان ديكتاتوراً دموياً ومتوحشاً لكنه لايشكل خطراً داهماً على جيرانه في الوقت الحاضر ولا يخلق خللاً في التوازن الإستراتيجي الإقليمي.
فمن المعروف للقاصي والداني، إن العراق يمتلك الكثير من النفط ويعتبر ثاني أكبر إحتياطي نفطي في العالم وإن نفطه هو الأقل كلفة في إستخراجه وتسويقه وهذا مايعرفه العراقيون قبل غيرهم ويركزون عليه في حملتهم الإعلامية المضادة لفضح نوايا الولايات المتحدة الأمريكية المستورة . وتلح الماكنة الإعلامية العراقية على أن لدى واشنطن هدفاً استراتيجياً محدداً هو توسيع هيمنتها لتتسلط بشكل مباشر على كافة الثروات الحيوية العالمية وترى نفسها قادرة على الإمساك في الثروة النفطية العالمية وتوزيعها على هواها على حد تعبير وزير النفط العراقي. فالولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أنها لو تمكنت من السيطرة على النفط الخام في الشرق الأوسط، كخطوة أولى، فسيكون بمقدورها السيطرة على العالم والتحكم بمقدراته وقيادته بالاتجاه الذي تريده.وبالتالي يعتقد ديكتاتور بغداد أن بلده سيكون ضحية الإمبريالية الجديدة لواشنطن.
إن نظرية " المؤامرة النفطية العالمية التي تحيكها واشنطن وتحرك خيوطها" لم تلق تأييد جميع الخبراء العالميين في هذا المجال. فمنهم من يعتقد بصدقيتها ومنهم من يعتقد بضحالتها وعدم جديتها . فالخبراء الذين يرفضون تصديقها يتسلحون بالتلويح بالأخطار المواكبة والمرافقة لمثل هذا السيناريو الجهنمي لأنه سيقود حتماً إلى فوضى شاملة وزعزعة وعدم إستقرار دائم في أخطر منطقة في العالم وأكثرها حساسية مما سيؤدي حتماً إلى إنعدام وجود " أمن الطاقة" الذي تسعى إليه الولايات المتحدة إليه بأي ثمن.ويبقى السؤال الجوهري :
هل التسابق على النفط هو أحد الأسباب الرئيسية للأزمة العراقية الحالية؟ من بين  المعارضين لفحوى هذا السؤال بيير نويل الباحث في المعد الفرنسي للعلاقات الدولية الذي يقول أنه إذا كان هدف واشنطن فقط هو السيطرة على النفط العراقي وفتح السوق النفطية العراقية أمام الشركات النفطية الأمريكية فإن هذا لايستوجب شن حرب تدميرية فيكفي الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع الحظر المفروض على العراق وإيران وليبيا  لتوفر لنفسها مصادر تزود بالنفط بأبخس الأثمان وبلا مخاطر أو مغامرات. فالتبعات النفطية للحملة العسكرية المرتقبة غير معروفة وغير مضمونة على المدى القصير والمدى البعيد حتى في ظل أكثر الإحتمالات العسكرية تفاؤلاً . فليس من الضروري أو المؤكد إن عواقب الحرب النفطية ستكون موائمة ومتناسقة أو متوافقة مع المصالح الأمريكية.ولا ننسى إن ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي الحالي عندما كان مسؤولاً لدى شركة هاليبيرتون النفطية قد حاول جاهداً منذ ست سنوات رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس عام 1996 على كل من إيران وليبيا. الأمر الآخر هو إن نفط الشرق الأوسط يشكل 10% فقط من الإستهلاك النفطي للولايات المتحدة الأمريكية أي 4% من الإستهلاك العام للطاقة وهذا أمر واقع منذ ثلاثين عاماً وسيبقى صالحاً لمدة عشرين عاماً قادمة فحصة الخليج في معادلة العرض والطلب العالمية هي نفسها اليوم عمّا كانت عليه قبل ثلاثين عاماً أي 27% . من هنا فإن فكرة إن أمريكا تقود حرباً من أجل النفط فكرة غير جادة وبالمقابل فإن أخطار مثل هذه الحرب جادة جداً. فأي إنزلاق في مجريات هذه الحرب سيؤدي حتماً إلى إثارة الفوضى والإضطراب وزعزعة الاستقرار في المنطقة كلها قد تكون كارثية على دول الجوار المحيطة بالعراق. ولو خسر العالم جزء أو كل الانتاج السعودي من النفط خلال أشهر بسبب تداعيات الحرب فستحدث صدمة نفطية خطيرة سيكون لها تبعات وعواقب رهيبة على الاقتصاد العالمي. سيحدث ركود في إقتصادات عدد من الدول الصناعية الغربية خاصة في منظمة الـ OCDE ومثل هذا السيناريو الكارثي سيكلف جورج بوش ثمناً باهظاً قبل عامين من إعادة تجديد ولايته الثانية وهو لاينسى ما كان لمثل هذا الأمر من نتائج وخيمة على حملة والده الانتخابية سنة 1993أي بعد عامين من حرب الخليج الثانية التي أدخلت الاقتصاد الأمريكية في نفق الكساد والركود وافقدت جورج بوش الأب فرصة إعادة إنتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
ولو حدث العكس وكانت الحرب خاطفة وسريعة وناجحة وحققت هدفها الأول المعلن وهو إطاحة صدام حسين وتنصيب نظام موالي 100% لواشنطن داخل شرق أوسط هاديء ومستقر عند ذلك ستتوفر الشروط اللازمة لرفع الطاقة الانتاجية النفطية العراقية التي ستتضاعف في غضون سنوات قليلة قد تكون سنتين ولكن علآ أقصى حد لن تتجاوز الخمسة، بفضل الاستثمارات المالية الهائلة التي ستضخها الشركات الأمريكية العملاقة ، إلاّ أن نتائج مثل هذا السيناريو لاتتوافق مع رغبة أمريكا في إبقاء التوازن الحالي داخل السوق النفطية فسوف تفتح الأبواب على مصراعيها نحو سباق جنوني لزيادة الانتاج وخلق الخلل في معادلة العرض والطلب التي تتحكم بالأسعار لأن السعوديون لن يقبلوا بهذه السهولة أن يخسروا حصصاً في السوق النفطية لصالح العراق الأمريكي الجديد تؤثر على ميزانيتهم الاقتصادية، وبما أنهم يمتلكون الوسائل المالية والتقنية الضرورية لرفع طاقتهم الإنتاجية إلى اقصى حدودها فالنتيجة المؤكدة من جراء ذلك هي إنهيار مؤكد ومريع في أسعار برميل الخام على المدى المتوسط التي قد تصل إلى 8 دولار للبرميل. ومن تداعيات ذلك انهيار الاستثمارات النفطية الأمريكية في مناطق مثل بحر قزوين وروسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتدهور وتيرة تصدير نفط بحر الشمال وانهيار الانتاج النفطي الأمريكي في الداخل وستتركز الأنظار والعرض العالمي للنفط على منطقة الخليج حصراً بعد عشرين عاماً من الجهود والمساعي لتنويع مصادر النفط والخروج من حالة التبعية لنفط الخليج.وهكذا سيضعف " الأمن الطاقوي " بدل أن يتدعم عكس ما تشتهيه الولايات المتحدة وستزداد أهمية منطقة الشرق الأوسط التي لايمكن أن تبقى إلى ما لا نهاية تحت السيطرة الأمريكية المطلقة أما الرأي المضاد لهذه الأطروحة  فيطرح مبرراته وتفسيراته بصورة أخرى.
بيير تيرزيان مدير المجلة المتخصصة الذائعة الصيت " بيترو ستراتيجي Pétrostratégies أو الاستراتيجيات النفطية" يرد على سؤال هل النفط العراقي هدف رئيسي واستراتيجي في المشروع العسكري الأمريكي تجاه العراق بالقول :" نعم فبرأيه إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد وتنوي قلب المعادلات الإقليمية وعدم الإعتماد الكلي على النفط السعودي" . فلو سيطر الأمريكيون فعلياً على العراق فإنهم سيسيطرون بالتالي وبشكل بديهي على منطقة هي الأغنى في العالم المتخمة بآبار البترول الممتدة من الخليج حتى أطراف آسيا الوسطى . وحتى لو لم يكن النفط وحده هوالعامل الوحيد أو الرئيسي  إلاُ أنه بلا شك حافز مهم وعامل مؤثر في الخطط الأمريكية العسكرية والاستراتيجية البعيدة المدى.فهو يدخل في صميم استراتيجية واشنطن الدولية التي تريد زيادة مصادر النفط الصديقة وتنويع مصادر التزود بالوقود لاسيما وإن الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على رفع أو زيادة طاقتها الإنتاجية النفطية اليوم وكلنا يعلم إن هذا الموضوع كان على جدول أعمال الحملة الإنتخابية  لجورج دبليو بوش الذي أطلق حملة إعداد خطة الطاقة . لكن : خطة تشنيني " كما تسمى  اليوم تواجه مأزق في أروقة الكونغرس الأمريكي. ومن هنا نفهم إستدارة إدارة بوش إلى الجانب الدولي لرأب الصدع في الخطة النفطية الأمريكية والتركيز على العامل الدولي لتوفير الطاقة الضرورية للغطرسة الأمريكية ولقوتها العاتية.
والعراق يمثل أحد أهم المفاصل الرئيسية في السياسة النفطية العالمية كما هو معروف فهو غني  ويمتلك احتياط ضخم مثبت  وآخر  محتمل يشكل ثاني إحتياط نفطي في العالم وهو، أي العراق، من المؤيدين والمتحمسين لأسعار مرتفعه للبرميل الخام لذلك إذا بقي النظام الحالي في العراق، وهو غير مضمون في ولائه للولايات المتحدة الأمريكية، فسوف يعرقل التخطيطات التي ترغب في تنفيذها حكومة الرئيس بوش وبالتالي فإن وجود فريق حاكم في العراق موالي لواشنطن وخاضع لتوجيهاتها سيقود حتماً إلى زيادة هائلة في الإنتاج وتخفيض في الأسعار لأنه سيخلق خلللاً في معادلة العرض والطلب في السوق النفطية العالمية .فخلال أربع أو خمس سنوات إذا ما وفرت  الولايات المتحدة الأمريكية الإستثمارات الضرورية لتجديد الآلة الإنتاجية النفطية في العراق فإن بمقدور هذا الأخير أن يرفع قدرته الإنتاجية إلى الضعفين أو أكثر وسينتقل من 3 مليون برميل في اليوم التي ينتجها حالياً إلى 6 مليون برميل في اليوم.
وبإحتلالها للعراق بشكل من الأشكال " المباشر أو غير المباشر " ستتحكم الولايات المتحدة بمصائر المنطقة برمتها وستحكم تطويق إيران المتمردة حالياً والخائفة على مصيرها. فالقوات الأمريكية والقواعد الأمريكية واسلحتها الحديثة تطوق إيران من جميع الجوانب ، من افغانستان إلى آسيا الوسطى ومن المملكة العربية السعودية إلى منطقة الخليج بأكملها " في الكويت والبحرين وقطر"، وقريباً من القوقاز والحدود الروسية وسوف تغلق الطوق من البوابة العراقية ايضاً. من هنا يمكننا القول إن الأمريكيين يمكن أن يسيطروا على منابع النفط الخام الأهم في العالم.
يعتمد الأمريكيون في الوقت الحاضر على إرادة المملكة العربية السعودية كلياً وهم لايريدون أن يكون رهينة بيد هذا البلد . فبفضل العراق  الذي يمكن أن يشكل البديل النفطي والسياسي، وبمساعدة روسيا، يمكن للأمريكيين أن يضغطوا على السعوديين ويدفعون الرياض إلى المزيد من التعاون والخضوع في كافة المجالات  وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وكذلك إتباع السياسة التي ترغبها واشنطن في داخل الأوبك " منظمة الدول المنتجة للنفط" فبتشجيع واشنطن للإنتاج المنافس بكثرة تقلل من اعتمادها الكبير على النفط السعودي فنفط الكويت بيدها ولو أضيف إليه نفط العراق يمكنها أن تباشر في إعادة توزيع الأوراق بحرية ودون خوف من النقص في الطاقة.هذا لايعني إن واشنطن تريد خنق الأوبك في الوقت الحاضر لأنها بحاجة إليها. فبدون هذه المنظمة الدولية سينخفض سعر النفط الخام إلى 8 دولار للبرميل الواحد ولذلك فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى جهاز يتحكم بأسعار النفط ويضبطها عالمياً فلو إنخفض سعر النفط إلى أدنى مستوى متوقع له أي 8 دولار ستفقد الابار النفطية مردوديتها وستصبح واشنطن معتمدة كلياً على النفط المستورد بنسبة 75% لذلك فإن واشنطن لاتنوي تدمير الأوبك بل السيطرة عليها من خلال السيطرة على أهم الأعضاء فيها والعراق واحد منهم إلى جانب  السعودية والإمارات والكويت.وستسعى الولايات المتحدة الأمريكية حتماً في وقت لاحق وضمن سيناريو طويل الأمد إلى السيطرة التامة على النفط الإيراني بطريقة من الطرق سواء بالقوة عن طريق الديبلوماسية.
الإدارة الأمريكية الحالية عند وصولها إلى السلطة كانت تؤيد سعراً مرتفعاً للبرميل بحدود 25 دولار  لكنها تطالب اليوم بتخفيض نسبي ومستعدة لقبول سعر 20 دولار للبرميل الواحد لأن من شأن ذلك أن يساعد في إنعاش الإقتصاد الأمريكي الذي يواجه صعوبات كبيرة في الوقت الحاضر لإعتماده على إستيراد الطاقة أكثر فأكثر.وهذه مقاربة قصيرة النظر لأن الإنخفاض الحاد في اسعار النفط عالمياً سيؤثر سلباً على الهدف الثاني للولايات المتحدة أي رفع الطاقة الإنتاجية للنفط خاصة في الدول الصديقة والحليفة لها لاسيما وإن غالبية مصادر الإنتاج الأخرى مكلفة [ مثل روسيا  وبحر قزوين وأفريقيا].
مما لاشك فيه إن حرباً تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن حسابات دقيقة لن تقود إلى وقف الإنتاج النفطي في المنطقة وقد كانت سابقة حرب الخليج الثانية سنة 1991 أكبر دليل على ذلك واتضح للجميع إن التهويل كان لغايات دعائية وإنه لم يكن بمقدور العراق تهديد منابع النفط في البلدان النفطية الأخرى أو وقف تصديرها بل على العكس إنخفض سعر البرميل 10 دولارات عند بدء الحرب فكيف يمكن للعراق الراكع على ركبتيه اليوم أن يمارس أي تهديد يذكر ؟ .
إن مخاطر الحرب سياسية أكثر منها نفطية برأي بيير تيرزيان . فالأسواق النفطية العالمية تخشى من عواقب الضربة العسكرية على العراق ولكن من منظور خاص. "فاي حرب تثير العديد من التساؤلات والترقب وعدم اليقين في الكثير من الأمور وهذا أمر طبيعي"كما يعتقد تيرزيان، الذي يضيف :" إن أي تصريح بهذا الإتجاه أو بذاك سيكون له عواقب وتبعات على سعر النفط الخام" لكن الأمر يتعلق بمجال تحرك السعر بحدود 5 دولارات فقط بزيادة أو نقصان".وبعد برهة قصيرة ، بعد أن تتأكد الأسواق من عدم حدوث أي انزلاق  أو أي تأثير على إنتاج وتصدير النفط ووصوله إليها فسوف تحافظ على تماسكها واستقرارها وهدوءها.العراق ينتج اليوم مايزيد على مليوني برميل في اليوم في حين إن قدرة الأوبك على الاتتاج المؤكد فيما يتجاوز طاقتها الحالية هي بحدود 5 مليون برميل في اليوم زيادة على السقف المتفق عليه اليوم . وبالتالي فإن وقف النفط العراقي قابل للتعويض الفوري وبلا مشقة تذكر.
ومما لاشك فيه إن مخاطر الحرب المتوقعة لن تتجاوز الحدود العراقية فيما يتعلق بحركة النفط العالمية فلن يكون بوسع العراق غلق مضيق هرمز كما كان الحال إبان الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي.فمنذ قرن والنفط يتدفق عبر هذا المضيق بلا صعوبة ولم يتوقف أبداً . مرة واحدة تعرضت فيها السوق النفطية العلمية للنقص الحاد وذلك سنة 1967 مع غلق قناة السويس ولأسباب لاعلاقة لها بالإنتاج النفطي. وخلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق وتدمير أغلب مصافي النفط في البلدين وتفجير العديد ناقلات النفط والمنصات النفطية وآبار الإنتاج لم تنجح تلك الحرب في وقف تدفق النفط إلى السواق بوتيرة منتظمة.
يركز المراقبون على حقيقة مفادها لو إن أمريكا كانت تريد أخذ جزء كبير من النفط العراقي لما كانت بحاجة إلى شن حرب مكلفة والتعرض لمخاطر، بل بوسعها فقط رفع الحظر النفطي عن العراق وإزالة العقوبات الإقتصادية وبمقابل ذلك يمكنها تأمين حصة الأسد في عقود الاستغلال وإعادة الإعمار  والنظام العراقي الحالي موافق تماماً على ذلك بل ويتوسل إلى واشنطن لقبول هذا العرض. ولكن السيطرة الأمريكية على النفط العراقي تتجاوز بكثير حدود  الوصاية  والرقابة الاقتصادية . فواشنطن لاتريد فقط الهيمنة على العراق اقتصادياً فحسب بل تريد أن تصبح قائدة ومسيّرة للمنطقة برمتها ووضع الأسس الجيوـ استراتيجية للتحكم بالمنطقة والهيمنة على المناطق المحيطة بالعراق كإيران وسورية  والعربية السعودية والخليج وتعزيز موقع إسرائيل ودورها الاستراتيجية في المنطقة وسيظهر مثلث استراتيجي جديد لخدمة المخططات الأمريكية تتكون أضلاعه من تركيا في الشمال وإسرائيل في الغراب والعراق الأمريكي في الشرق وإخراج العربية السعودية من المعادلة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة أي رفع الحماية الدولية عنها وتركها فريسة  للتغيرات الداخلية المحتملة وخلق البلبلة والإضطرابات التي ستوفرا الذريعة القانونية لواشنطن للتدخل المباشر للحفاظ على منابع النفط السعودية الحيوية لها وتنصيب نظام أكثر طواعية لها من العائلة السعودية الحاكمة اليوم.
إن زمن العلاقات المتميزة والثقة المطلقة بين الحليفين السابقين ، العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ، قد ولى . فمنذ خمسين عاماً والعربية السعودية هي الحليف المفضل لواشنطن في المنطقة بعد إسرائيل في هذه المنطقة النفطية الغنية. وتعاونهما كان مثالياً في الكثير من المجالات وفي مقابل ذلك ضمنت الولايات المتحدة للعربية السعودية أن تكون البلد الأكثر استقراراً واطمئناناً.ولكن وبعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر 2001 ودور السعودية غير المباشر فيها [ تمويل المنظمات الإسلامية المتطرفة وكون بن لادن من أصل سعودي ونسبة كبيرة من قراصنة الجو من السعوديين ] غيرت واشنطن من أولوياتها وبدأت تخطط لإحداث التغييرات الإقليمية اللازمة لخططها الاستراتيجية الجديدة وبالاعتماد على العراق  والتضامن الروسي  يمكن لواشنطن أن تجبر السعوديين على الإنصياع لإرادتها وتنفيذ توجيهاتها ومطالبها. لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار عوقب هذه السياسة متناسية إن السعودية  هي قلب العالم الإسلامي وفيها أقدس الأماكن الإسلامية ففيها الكعبة الشريفة وقبر النبي محمد وقبلة المسلمين وموقع الحرمين الشريفين، وهذا قد يقود إلى زلزال لن يمكنها السيطرة عليه وبركان لن تتمكن من إخماده مهما أستخدمت من قوة وجبروت.
إن خطة ديك تشيني دخلت في نفق أو طريق مسدودة وواجهت معارضة من قبل الكونغرس وتتضمن إجراءات بيئية ضخمة مثل اختراق الأراضي البكر في آلاسكا وخفض الاعتماد على النفط الخارجي وخفض الاستيرادات في مجال الطاقة . ولذلك بات على الإدارة الأمريكية الحالية إيجاد البديل المتمثل بالهيمنة الكلية على النفط العراقي  والتمركز داخل العراق بقوة، والتحالف مع روسيا في مجال الطاقة  وتركيع السعودية والخليج أكثر فأكثر وتقوية إسرائيل وفرض حل أمريكي ـ إسرائيلي على أزمة الشرق الأوسط يقبله العرب صاغرين،وفي نفس الوقت ممارسة ضغط  أكبر على الاتحاد الأوروبي المعتمد كلياً في سياستها الطاقوية على نفط الشرق الأوسط وروسيا، هي الحلول البديلة المقترحة من قبل اللوبي الصهيوني المؤثر جداً في السياسة الأمريكية.ولتنفيذ هذه الاستراتيجية لابد للولايات المتحدة أن تبدأ بإطاحة النظام العراق الذي فقد دوره السابق كحليف للغرب ودرع في مواجهة الثورة الإسلامية الإيرانية، ليتحول إلى عائق لابد من إزالته للمضي قدماً في تنفيذ هذا المشروع الأمريكي الشرق أوسطي الجديد ولعب  ورقة النفط العراقي كجوكر أمريكي في مواجهة الرياض.


   
 



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة والانتماء
- ندوة في معهد ايفري عن الأنظمة الملكية
- المسألة العراقية
- من هو العدو ؟
- الجوكر الأمريكي في مباريات النفوذ العالمية
- أمريكا وأوروبا والطموحات الاستراتيجية في عهد الرئيس الأمري ...
- قبل وصول اليورو إلى الجيوب
- الإسلام ماله وماعليه - الجزء الاول
- النظام القانوني لمشروعات البوت B.O.T. البناء ـ التشغيل ـ نقل ...
- مقابلة مع الدكتور إسماعيل قمندار - كتاب اللهجات الكردية الجن ...
- مقابلة مع القاص العراقي جبار ياسين
- قصة سطوع وأفول نجم في سماء باريس السياسية فضيحة ابن الرئيس ...
- محرك الحرب الأمريكية ضد النظام العراقي
- هل هناك حقاً إتصالات بين بن لادن والنظام العراقي؟
- وقفة مع شاعر السينما الراحل اندريه تاركوفسكي
- مقابلة مع مؤلفي كتاب : - 11 أيلول/سبتمبر: لماذا تركوهم ينفذو ...
- الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأمير ...
- فرنسا ومعضلة التواد الإسلامي على أراضيها بعد أحداث 11 أيلول ...
- تقرير عن النفوذ الفرنسي في أفريقيا
- الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 لماذا سمحوا لقراصنة الجو ...


المزيد.....




- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
- -وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة ...
- رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم ...
- مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
- أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
- تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
- -بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال ...
- بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد بشارة - حرب الذهب الأسود هل ستطيح بنظام صدام حسين؟