|
إفساد الديمقراطية
سلام كاظم فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 21:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إفساد الديمقراطية.... سلام كاظم فرج حسني مبارك آخر الفراعنة في تاريخ مصر, وسيدخل التاريخ باعتباره الفرعون الاخير.. قطار الديمقراطية تحرك منذ زمن حين استطاع سعد زغلول ان يحرج الفرعون الصغير فؤاد في بدايات القرن العشرين , واستطاع ان يقود كتلة تاريخية وطنية وديمقراطية عريضة.. حفرت جذورها عميقا في روح الشعب المصري التواق للحرية والعدالة الاجتماعية.. ولم يكن الاخوان بعد عشرين سنة من وفاة سعد زغلول سوى ثلة صغيرة لا تملك برنامجا متكاملا للبناء.. وما خرج من معطفها اقتصاديون او سياسيون أكفاء. بل فدائيون يجيدون قتل الخصوم ووضع المتفجرات و رغم انها تبلورت كجماعة مهمة وخطيرة فيما بعد.. لكنها بقيت رغم شعبيتها المتنامية جماعة نكوصية لم يستطع أي من قادتها تجاوز إطروحات حسن البنا او سيد قطب وتطوير النظرية إقتصاديا وسياسيا . ولم يؤمنوا بالديمقراطية .. بل كان طرحهم غامضا مستندا الى مفهوم الشورى الاسلامي .. الذي كان يعتمد البيعة من قبل النخبة من القوم ... . اعتمدوا في شعبيتهم على الأميين والبسطاء والمهمشين .. ساعدهم في ذلك فشل حسني مبارك ومن سبقه من الحكام في الارتقاء بالواقع الاجتماعي والسياسي للشعب المصري.. وساعدهم نكوص قادة ثورة يوليو 52 من تحقيق وعود العدالة الاجتماعية والتحرر الاقتصادي لاسباب عديدة موضوعية وذاتية .. تسجل لحسني مبارك فضيلة انه كان الفرعون الاخير .. الفرعون الإشكالي المحير..(( كممهد للديمقراطية. والمفسد لها في ذات الوقت.)). لقد استلم تراث ناصر والسادات (المزدوج..) ذلك التراث الغني بالقمع. الغني بالحراك .. ناصر قمع كل الاحزاب التي عملت خلال حقبة الملك فاروق.. قمع الوفد .. والشيوعيين.. والاسلاميين. وأسس لما سمي في حينه الاتحاد الاشتراكي العربي.. او اتحاد القوى العاملة.. ونشر كتيب( الميثاق ..) لخص فيه فلسفته التي تحاكي ماوتسي تونغ بروح عربية هجينة تجمع بين الاشتراكية والقومية العربية والاسلام والعلمانية .. وفيها اقتباسات من سوكارنو صاحب نظرية الديمقراطية الموجهة في اندنوسيا لقد قلد صديقه سوكارنو... لكنه لم يحاول ابدا ان يقلد صديقه جواهر لا ل نهرو رئيس وزراء الهند..رغم علاقتهما الوطيدة.. فزرع نهرو الديمقراطية وزرع ناصر الاستبداد.. لقد تصاعدت شعبية ناصر وبنيت على وعوده الأماني.. لكن هزيمته الكارثية في حرب حزيران وفساد بطانته وموته المبكر أحدث هزة فكرية في العالم العربي وفي مصر.. وسادت مرحلة من التشاؤم واليأس.. بعد ان قمع الجميع دون ان يحقق شيئا ذا شأن.. لكن من الانصاف ان نذكر انه انجز مشروع السد العالي بمساعدة السوفيت وحقق نوعا من الاصلاح الزراعي ووزع آلاف القطع الزراعية على الفلاحين الفقراء. مالبث خليفته المقرب منه جدا السادات ان نسف كل شيء وألغى الكثير من قرارات ناصرالتقدمية.. ولعل افضل من كتب عن ذلك الروائي يوسف القعيد في روايته الحرب في بر مصر.... حاول السادات ان يقدم شيئا في الديمقراطية فأسس ما سمي بالمنابر.. وهي هيئات شبه حزبية ثلاث.. الاول منبر الحكومة المعتدل.. والثاني منبر لليساريين (المعتدلين المتوافقين معه.) والثالث لليمين الرجعي !!.. ونكاية باليساريين اعطى الضوء الاخضر للأخوان ان ينشطوا ويتحركوا. وما علم ان مقتله سيكون على ايديهم بعد أول مضايقة لهم. بعد زيارته لاسرائيل.. من الطريف ان نذكر قول الكاتبة نوال السعداوي لقد صدقته ( السادات ..) لكنه ألقى بي في السجن..!!) جاء مبارك وهو يحمل تراث ثورة يوليو المرتبك والمحير والازدواجي الذي يشبه مرض الشيزوفرينيا.. !!!.. تراث الفراعنة. البناة القساة الطغاة !!. وتراث الخديوي اسماعيل الذي شق قناة السويس . هذا الانجاز العظيم والأليم في ذات الوقت.. حيث مات خلال اثنتي عشر سنة هي المدة التي استغرقها حفر القناة آلاف المصريين في اعمال السخرة.. تراث الفراعنة الذي جعل من ناصر الاشتراكي يقتل ويسجن الاشتراكيين !!.. من جهة هو اشتراكي ومن جهة هو الذي أجهز على الحزب الشيوعي المصري الذي ناضل ضد الفرعون فاروق. (هل بعد هذا من ازدواجية وشيزوفرينية؟!!. ناصر الذي رفع شعار اشتراكية وحرية ووحدة .. ولم ينجح لا في وحدة ولا في اشتراكية . وكانت كلمة حرية.. تعني التصويت بنسبة 99 بالمائة.. ولمدى الحياة للرئيس.. وأستطاع ان يلفق لقادة حزب الوفد العريق في الوطنية محاكمات صورية ويغلق حزبهم وقد سار على ذات الدرب كل من السادات ومبارك.. من الطبيعي وسط هذه الاجواء ان ينشط الاخوان وتزداد شعبيتهم.. فالناس عندما ينتشر الجوع الكافر ( والجوع ابو الكفار..) ليس لهم من ملاذ سوى شيخ الزاوية. يصبرهم ويؤملهم ان الوعد قادم. والوعد في جعبة السلفية والأخوان.. من هنا يجب ان نحاكم الفراعنة من رمسيس وخوفو وانتهاء بمبارك على إفساد الديمقراطية.. وتشويه معنى الاشتراكية. والحرية والوحدة.. وفشل كل المشاريع الواعدة.. بعد ذلك من الممكن ان نحاسب مرسي وبديع والعريان. هؤلاء الثلاثة الذين هم نتاج عملية إفساد وتزييف ممتدة.. وهم لا يشكلون شيئا بحساب السنين وسيمضون كما تمضي سحابة . بشرط محاكمة التأريخ وإجراء عملية نقد ذاتي..لكل الماضي. عند ذلك يمكن الشروع بالاحتفال بأول رئيس ديمقراطية يفهم الديمقراطية ويعيشها ويطبقها على أصولها. وأول برلمان ديمقراطي حقيقي. وليس كمثل الدكتور مرسي وجماعته ( الأخوان..) الذين اعتقدوا ان فوزهم بفارق ضئيل برئاسة الجمهورية والبرلمان يعني مايعنيه الفوز بجائزة اللوتو او الجائزة الاولى في اليانصيب الوطني.. . الفوز ديمقراطيا يعني ان تعتني بمن لم ينتخبك .. اكثر من الذي انتخبك..وأن تراعي حقوق الاقباط والمسلمين كأسنان المشط.. ولا فضل لقبطي على مسلم . والعكس صحيح . الديمقراطية ليست هي الفوز في صندوق الاقتراع وحسب.. بل هي ايضا.. تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع الاستثمار ومعالجة مشكلة البطالة . وتقليص الفجوة بين الفقراء والاغنياء .. وتعني ديمقراطية التعليم . ونزاهة القضاء. واستقلالية الجيش وقوات الشرطة.. نعم.. حسني مبارك هو الفرعون الاخير. وقطار الديمقراطية بدأ يتحرك بسرعة منذ يناير وزادت سرعته في يونيو الماضي..
#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزوة بني علمان
-
شيخ الزاوية (قصيدة نثر )
-
فيفي عبدو والعلمانية والاسلام السياسي
-
دموع غيفارا
-
البوصلات كلها لا تشتغل ( قصيدة نثر..)
-
قراءة في مذكرات رسمية ( الشعر مقابل الحب..)
-
مدى قصيدة النثر لانهائي ...(تأملات فيما يسمى بقصيدة النثر..)
-
نظرات من وحي رواية غالب الشابندر (شياطين)
-
مأزق البطل في رواية توفيق حنون المعموري ( الخلوي..)
-
مجلات ميتة ... قصيدة نثر
-
إنطباعات عن الفلم الكردي (نصف قمر )
-
عن الوردة ثانية وثالثة ورابعة (قصيدة نثر..)
-
وجهي القديم , قصائد نثر
-
قراءة في مجموعة قصصية
-
إقتياد الحروف الى المعنى
-
وعن حلبجة تحدثنا
-
قصيدة نثر, لانثر شعري
-
إشكالية مستحقات شركات التنقيب عن النفط في كردستان العراق
-
أسوأ من غريب كامو
-
مابين ( استير وجبير) خاصمتني القصيدة.....(مقاصة..)
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|