أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (1) كيف حُشِدَ الشباب؟! (أ)















المزيد.....

الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (1) كيف حُشِدَ الشباب؟! (أ)


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 16:02
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كان من المفترض أن أكمل سلسلة المقالات المتعلقة بفكر الفيلسوف الفرنسي كلود هنري دي سان سيمون، إلا أن الواقع القائم في مصر أجبرني على التخلي عن آخر هذه المقالات، والذي كنت أعتزم أن أتناول فيه فكرة المجتمع المثالي لدى سان سيمون كنقطة انطلاق نحو تناول فكرة المجتمع المثالي بشكل عام في سلسلة مقالات جديدة. تخليت عن هذه المقالات لمصلحة صياغة رؤية للواقع العام في مصر، كمحاولة لإزالة الضباب بشكل ما — ولا أقول بشكل كامل — عن بعض — ولا أقول كل — أجزاء الصورة في المشهد السياسي المصري بما يساعد في الوصول إلى الوضوح الكامل، الأمر الذي قد يقودنا في النهاية إلى صياغة حل ما للأزمة الشاملة الراهنة في مصر.
هي أزمة، وهذه نقطة انطلاق مبدئية يتعين التشديد عليها قبل أي حديث. ومن لا يعتقد بوجود أزمة في مصر فهو إما جاهل أو أعمى أو واهم أو نصاب. وأستخدم هنا كل أساليب التشديد على صحة ما أقول من أنها أزمة؛ فهي حقيقة تصل لمستوى اليقين مثل أن الشمس تشرق صباحًا وأن القمر يطلع مساءً. هل من مجادل في هذه الحقائق؟
وفي هذه الرؤية التحليلية اجتماعية المنطلق، سوف نلقي الضوء على المكونات المختلفة للمجتمع المصري؛ بحيث نتعرف على مقدار وكيفية مساهمة هذه الفئات في الحراك السياسي المصري القائم بدءًا من ثورة 25 يناير وصولًا إلى "ثورة" أو "انقلاب" 30 يونيو، والمصطلح المناسب يتحدد وفق الشط الذي يقف عليه المرء على جانبي نهر السياسة في مصر.
شخصيًا، أفضل تعبير "حراك 30 يونيو"؛ فهذا اليوم شهد تحركات سياسية لا مجال لإنكارها، ولكن ما إذا كانت هذه التحركات قد أفضت إلى "ثورة" أم "انقلاب" فهذا ما لا أستطيع تحديده، ولا أجد أن من المفيد الانشغال به في الظرف الحالي.
حقًا، يمكن الشيطان في التفاصيل!!
ولكن... بمن نبدأ؟!
بأية فئة اجتماعية يمكننا أن نبدأ في صياغة هذه الرؤية التحليلية؟! لدينا الكثير من الفئات؛ لأن المجتمع المصري كبير ومتشعب حقًا، رغم ما قد يبدو عليه من وحدة. فهل نبدأ من الطبقات الوسطى؟! أم النخب السياسية؟! أم رجال الأعمال؟! أم المهمشين؟! أم... الشباب؟! لما كانت ثورة 25 يناير هي ثورة شبابية في المقام الأول، سوف يكون من الجيد النظر إلى الشباب باعتباره الشريحة الأهم والأكثر مساهمة في الفعل الثوري الذي تشهده مصر منذ يناير 2011، والذي تم احتواؤه على يد التيارات الدينية والعسكر، بما أدى في النهاية إلى إخراج الفاسدين من السجون. ويحيا حكم العسكر!!

فاز العسكر على الإخوان... فخرج الشباب من البطولة!!
يعرف المتابعون الجيدون لكرة القدم أن مصير أحد الفرق المشاركة في بطولة ما من حيث الاستمرار فيها من عدمه قد يتحدد أحيانًا بناء على نتيجة لقاء فريقين آخرين. وهذا ما حدث حرفيًا في المشهد السياسي المصري. كيف ذلك؟!
تعيش مصر منذ ما قبل 1952 هذه الثنائية الحادة بين العلمانيين والإسلاميين، وهي الثنائية التي يكون فيها العلمانيون في الحكم طيلة الوقت، بينما يتراوح موقع الإسلاميين بين المعارضة تارة والمهادنة تارة أخرى، ولكنهم لم يصلوا إلى سدة الحكم إلا في الفترة التي تلت ثورة يناير؛ عندما حقق الإخوان المسلمون الأغلبية في الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى، وكذلك فاز مرشحهم الدكتور محمد مرسي في أول انتخابات رئاسية بعد 25 يناير، والتي حمل بعد عام منها لقب "الرئيس المعزول"، إثر حراك 30 يونيو.
لكن ثورة يناير شهدت اختلالًا في هذه المعادلة بدخول الشباب عنصرًا أساسيًا فيها؛ حيث كانت ثورة شباب بامتياز، ولا مجال للجدال في ذلك. ولكن ربما يكون من الأفضل قبل أن نبدأ في الحديث عن الدور الذي لعبه الشباب في صياغة المشهد السياسي المصري أن نتحدث قليلًا عن "الموقع الاجتماعي" للشباب في الخريطة المصرية.
تقول إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن الشباب يشكلون حوالي 23% من إجمالي عدد السكان في مصر، وهو ما يعني أن الشباب يمثل حوالي الربع من سكان البلاد، وهي نسبة كبيرة فعلًا. إذن، يمكن القول إن من بين كل أربعة مصريين هناك شاب واحد، وهذا كان من شأنه أن يمنح مصر قوة ضاربة اقتصاديًا، ويساهم في تحسين الحالة المعيشية للمواطن المصري؛ بالنظر إلى أن ربع الشعب المصري لا يقع فقط ضمن الفئة القادرة على الإنتاج، ولكن أيضًا في الفئة التي تمثل ذروة القدرة الإنتاجية في المجتمع، وهي فئة الشباب. لكن الأمور لم تسر كما هو مفترض. لماذا؟!
لقد تعرض الشباب لأسوأ أنواع الاستغلال والقهر. هكذا بكل بساطة. نعم، لشتى وأقسى أنواع الاستغلال والقهر، وهذا القهر شمل الإقصاء والتغييب والإنهاك بغية عدم السماح للشباب بالظهور كقوة فاعلة في المجتمع تحمل مطالب في مقابل ما تقدمه من خدمات لهذا المجتمع. فكان الإغراق في دوامة المعيشة، وكذلك في مستنقعات الفساد والرذيلة، والإبعاد عن كل الأفكار البناءة، أو تلك التي يمكن أن يشتمّ منها المجتمع رائحة أن تكون بناءة، مع تسويغ كل الأفكار الهدامة في عملية ممنهجة أشرفت عليها قوى خارجية ونفذتها — ولا تزال تنفذها — أياد داخلية سواءً عن قصد أو غير قصد. ولكننا هنا للأسف لا يمكن أن نعفي الشباب من مسئولية السقوط في كل هذه الفخاخ التي حيكت له، وكذلك بالاستسلام لكل هذه الفخاخ، وعدم المقاومة، أو حتى عدم الإحساس بوجود مشكلة من الأساس.
وكذلك كان الاستغلال بشتى الطرق فمن الاستغلال الاقتصادي كوقود لعجلة تنمية لم تحرك إلا سيارات الصفوة، إلى الإلقاء في بؤرة لافكر الديني المتطرف خدمة للقوى الغربية في مواجهة السوفييت في أفغانستان، وإلى... وإلى... الكثير من المواقع التي تم استغلال الشباب فيها حتى افقد الشباب إحساسه بذاته، بل بوطنه كذلك للأسف الشديد.

الشباب... قنبلة غير مقصودة
لم ينبته القائمون على صناعة القرار في الدولة المصرية أن "سياسة البراد" التي يتبعونها مع الشباب قد بدأت تبوء بالفشل. فما هي "سياسة البراد" هذه؟! عندما يقوم المرء بغلي الماء الساخن في أحد البرادات، يتسرب بخار الماء الساخن من إحدى الفتحات منعًا لانفجار البراد. وقد سعت الحكومة المصرية طويلًا لترك مثل هذه الفتحة لكي يتسرب البخار خارجها، إلا أنه في الفترة التي سبقت ثورة يناير، أساء القائمون على البلاد التقدير؛ فيما يبدو، وانسدت منهم الفتحة، فتحول البراد إلى قنبلة انفجرت على غير ميعاد. فكيف وقع القائمون على صناعة القرار في مصر قبل يناير في هذا المأزق الذي أطاح بهم — لفترة ما — وأوقع البلاد في مأزق عدم الاستقرار السياسي للآن رغم مرور ما يزيد على العامين ونصف على قيام ما سُمِّيَ بـ "ثورة الشباب"؟!
الخطايا كثيرة!! ليست مجرد أخطاء، ولكنها خطايا عارمة وقع فيها الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان حاكمًا في مصر، ويبدو أنه في طريقه للعودة إلى الحكم ثانيةً!! من بين هذه الأخطاء سد كافة المنافذ أمام الشباب على مستوى الممارسة السياسية، والتعيينات في الوظائف الحكومية، والاستفادة من الخدمات وفي مقدمتها الدعم المقدم للشباب في العقارات والمساكن، وارتفاع تكلفة المعيشة بشكل عام نظير محدودية الرواتب والأجور وشبه انعدام فرص العمل أمام كل شاب بما يوافق مؤهله الدراسي، وحتى بما لا يوافق هذا المؤهل. وكانت الكلمة السحرية في هذه المهزلة الحكومية في التعامل مع الشباب هي الفساد؛ فقد كان الفساد هو العنصر الرئيسي الذي سد كافة المنافذ أمام الشباب لكي يتواجد في الساحات المختلفة من العمل العام والخاص، فانطلق بدلًا منها للتواجد في ساحات التظاهر معبرًا عن سخطه في 25 يناير، إلا أن القمع الحكومي وجد طريقه نحوه، فكان الانفجار العظيم في 28 يناير والذي عرف بـ"جمعة الغضب".
انفجر الشباب في تلك الأيام، وقام بالثورة. ولكن كيف تم حشد الشباب؟! التقنيات التي تم بها حشد الشباب في جمعة الغضب هي نفسها التي تم استخدامها لحشدهم في 30 يونيو، وكانت الكلمة السحرية في الموقفين هي "الحرية". كيف ذلك؟!
شعر الشباب بالاختناق من القيود التي ألقي تحتها في عهد النظام المخلوع (يقصد به نظام مبارك، أما "المعزول" فسوف يكون إشارة إلى نظام الدكتور محمد مرسي!!)، فكان الانفجار الرامي إلى الوصول إلى الحرية؛ حرية العمل وحرية التعبير وحرية التصرف وحرية... الحياة!!
الحرية نفسها كانت اسم اللعبة التي تم بها استقطاب الشباب في حراك 30 يونيو؛ فكانت الكلمة التي سرت في المدينة هي أن الإخوان المسلمين سوف يقمعون الحريات، ويكممون الأفواه، ويقطعون أذن من يخالفهم، وكل هذا الهراء الفكري. الإخوان المسلمون لهم من الكوارث الكثير، وهي الكوارث التي تهدد الأمن القومي المصري بلا مراء، ولكنها كوارث لا يفقهها الشباب لضعف مستواه الفكري والثقافي، لذا كان يتعين تخويفه بما يفهمه وما يستطيع تقبله وهي "الحرية"!!
فكانت الحرية هي كلمة السر التي أدت إلى أن فقد الشعب المصري بأكمله حريته!!
للأسف الشديد، طال المقام في هذا الجزء لوجود المقدمة فيه أكثر مما قد يحتمل القارئ الإلكتروني. وبالتالي سوف نكتفي بهذا القدر من الرؤية على أن نستكملها في الحلقة المقبلة بالحديث أيضًا عن الشباب.
****



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على فكر سان سيمون (2)... الدين والطبقة الاجتماعية
- ملاحظات على فكر سان سيمون (1)... التاريخ وتقدم المجتمعات
- مصر... في زمن الإرهاب
- مصر... بين ديكتاتورية اللحية وعسكرة الفساد
- الإنسان إذ يواجه ذاته... وقد ينتصر!
- من الهيمنة إلى الفناء... الثقافة كعامل فناء وإفناء
- الأخلاقية في الفعل السياسي... الحالة المصرية والتشيّؤ!
- تأملات... في حاكم سقراط!!
- سفر الخروج... تأملات لا دينية!!
- لماذا يخاف الإخوان من (تمرد)؟!
- التعديل الوزاري المصري.... عندما يتجسد الفشل!!
- بين عمرو دياب وأم كلثوم... عن التأثير المصري نتحدث!
- حلوة بلادي...!! إفطار في الجمالية...!!
- بعد 9 أشهر... ألم يولد مشروع النهضة بعد؟!
- هل الإنسان -الحر- أسطورة؟؟!! الذات الإنسانية قيدا وقائدا
- القومية العربية... ألا تزال حية؟!
- الثقافة العربية الإسلامية... هل نحن أمام خطأ تعبيري؟!
- الخطايا... كيف تخسر الطبقة الوسطى صراع بقائها بالنيران الصدي ...
- الطبقة الوسطى... العميل السري لأنظمة القمع العربية!
- 3 أرغفة لكل مواطن... 3 عمارات لكل مالك!!


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - الوضع المصري... محاولة للفهم وربما الخلاص (1) كيف حُشِدَ الشباب؟! (أ)