غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 15:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رد أخير إلى صديقة قريبة بعيدة
أنا أقبل كل تساؤلاتك...ولكنني لا أقبل اتهامك لي بالحياد.. أو اتهامي بقبولي للرئيس الأسد.. إلى الأبد. ولكنني أيضا لا أقبل تراكم الاتهامات الكاذبة ضده التي لا تتغير عن الاتهامات التي وجهت إلى العراق من الأمريكان لغاية اجتياح العراق وتفجيره.. وتحويله إلى باندوستانات تعمها الفوضى وتسيطر عليها ديمومة الإرهاب والقتل والتفجير واستمرار الموت... موت الأبرياء... في هذا البلد التاريخي الحضاري الأصيل الذي يحمل اسـم ســـوريــا...
تخلصوا من جماعات القاعدة والنصرة وغيرها من هذه الجحافل الغريبة الإسلاموية التي فاقت جحافل هولاكو وتيمورلنك بالقتل والترويع... وتحققوا جيدا من فجر الكيماوي ضد الأبرياء... وبعدها لكل حادث حديث.
**********
بهذه الكلمات أجبت صديقة سورية, ما زالت معتصمة بمدينة حــلــب السورية المقسومة حكما ما بين السلطة الرسمية وما بين مقاتلي جبهة النصرة. حيث يعيش سكان البلد قلقا وحرمانا ونقصا ظاهرا بأبسط الحاجات المعيشية الضرورية. مواطنة عادية لم تعد تتحمل الاعتياد على هذه الحالة المأساوية التي يعيشها كل سكان مدينتها, كما العديد من المدن والقرى السورية.. متساءلة فيما إذا تخلت سلطات دمشق عنهم... حـرب إرهاقية استراتيجية.. غايتها حتما إزاحة وتخفيف حدة الصمود الذي يبذله كافة الشعب السوري الذي التف وصمد مع الدولة والجيش السوري, للوقوف بـوجـه الغزاة القادمين من غابات الأرض كلها.
ضربات استراتيجية, حربية, إعلامية, واتهامات فظائعية مختلفة, تثير المشاعر لدى شعوب العالم. كما حدث قبل غزو العراق تماما.. ورأينا نتائجه البعيدة المدى, وما سبب من جرائم ضد الإنسانية. تاركا العراق.. أشلاء بلد يحتاج إلى عشرات السنين, حتى يستطيع إعادة التنفس الطبيعي. إذ أنه ما زال يعاني من الاغتيالات والتفجيرات والموت بالمئات كل يوم. بالإضافة إلى فتنة طائفية ما زالت قائمة, مخربة كالسرطان القاتل... وكما الفتنة في لبنان ومصر... وغيرها.. وغيرها......
ولهذا السبب اليوم, تتكرر الاتهامات الغاشمة, ضد سوريا وسلطاتها وجيشها, عبثا ودجلا وكذبا, لإثارة الشعوب التي ترى هذه المناظر الهوليودية الفظائعية المفبركة, لتبرر غايتها التي رسمت وخططت من عشرات السنين.. وهو تفتيت وتجزيء كل البلاد المحيطة بدولة إسرائيل, وكسر كل قواها.. حتى لا تستطيع بأي يوم من الأيام مجابهة هذه الدولة التي تطمع دوما بالتوسع والامتداد على كل أراضي جيرانها. وكل برامجها هي تفجير القوى المفكرة والانتاجية والمتطورة بهذه البلاد. وخاصة جيوشها النظامية. ومن أولى أسلحتها المدمرة الرخيصة, هي إثارة الفتنة الطائفية المزروعة في جيناتنا منذ قرون بعيدة, والتي عرفت مخابرات أمريكا والغرب وإسرائيل كيف تثيرها, عبر أولاد عمنا العربان ممن اعتادوا على العبودية والاستزلام والخيانة. وما نرى من تحضيرات لإرسال كوماندوس أمريكي عبر الأردن, للدخول إلى ســوريا, ودعم للمقاتلين الإسلامويين على الأرض السورية.
كل هذا مدعوم بأبواق إعلامية مفتوحة من مئات وسائل إعلام عربية وغربية.. وخاصة صهيونية, لإثارة الرأي العام العالمي وتهيئته لتفجير سوريا, كما فجروا العراق, وكما يحاولون تفجير مصر وجيشها اليوم وتفجير ألف فتنة طائفية في لــبــنــان...
لهذا السبب يا صديقتي الطيبة, لا يسعني اليوم, سوى رفض هذا المشروع الاستعماري التخريبي الإجرامي المنظم الذي يسعى من سنوات, باستراتيجية إرهابية منظمة, تفتيت بلد مولدي وكل البلاد العربية, واحدة تلو الأخرى, بواسطة ما سمي ألف ألف مرة خطأ.. الربيع العربي!!!...
بالإضافة أن العديد من رؤساء الدول الأوروبية, ووزراء خارجيتهم, وعلى رأسهم وزير خارجية فرنسا السيد لوران فابيوس Laurent FABIUS, الذي يلوح بقصف جوي مشترك ناتوي ـ إسرائلي على سوريا... جريمة إضافية لا تغتفر لن يتحملها شعب بلدي وأهلي ووطن أهلي ووطن مولدي...
وأنت هل تقبلينها يا صديقتي. وهل يمكن أن يقبلها أي إنسان متزن حكيم عاقل؟... أي مواطن متزن حكيم عاقل؟... لم تعد مشكلة بقاء الأسد أو عدم بقائه... إنها مشكلة بقاء بلد.. أو عدم بقائه.. وديمومة وجوده بين دول العالم.
أو لم ترين ما فعله الأمبارغو الغاشم الآثم المفروض عليكم؟؟؟... ألم ترين ما فعلته هذه الجحافل الغريبة الهيتروكليتية الملتحية القادمة من كل غابات الأرض... ولماذا لا تفكرين بأنها هي التي فجرت الكيماوي بطرق بدائية, ضد المواطنين السوريين الأبرياء؟؟؟... لماذا تشاركين وتؤيدين حلقات الاتهامات المفتعلة الغاشمة الكاذبة ضد سلطات بلدك اليوم.. مهما كانت لك ضدها من انتقادات معقولة مقبولة منطقية. الخطر الداهم الأول اليوم, هو تفجير البلد. وتفجير الدولة السورية وجيشها كليا.. ومن ثم تفتيته وتقسيمه حكما... هذا هو الخطر الرهيب الذي يجب على كل مواطن واع حكيم تجنبه, والسعي إلى تفاديه وتجنبه. وخاصة ما سيجر ويؤدي إلى حرب طائفية فتاكة, كما جرى بالعراق الجريح.
يا صديقتي بهذا الكلام, أنا لست حياديا. أنا موطن إنساني يخشى على بلد من موت سريري. كما أخشى على أي بلد أراد الاستعمار والرأسمالية والصهيونية العالمية قتله وتفتيته... كما حدث في يوغوسلافيا, وكما حدث في العراق والسودان.. وهذا ما سيحدث في سوريا ومصر ولبنان.. إذا نجح ما سموه تمويها ودجلا الربيع العربي... يا صديقتي.. قليلا من الوعي السياسي.. وبعد النظر... أنا لست مع الأسد ولم أكن مع الأسد.. لا أبــا ولا إبــنــا. أنا مواطن إنساني من أصل ســوري. ولا أرضى الضيم والموت لهذا البلد, ولا لأي بلد آخر...ولكنني أرى باتزان وعقل وتحكيم هادئ, ماذا سيصيبه من نكبات دائمة.. إذا حكمته هذه الجحافل الإسلامية, بشرائعها التي تعود إلى قرون فظائعية لا إنسانية.. وما رأيناه على الأرض خلال سنتين ونصف السنة, يكفي لأي عــاقــل متزن أن يرفض سيادة هذه الجماعات على البشر... لأنهم أثبتوا بفظائعهم ومجازرهم أنهم ضد البشر.. ضد كل من هو الآخر.. وضد الإنسانية.....
*************
آخــر خــبــر ــ إضـــافــة
انفجاران رهيبان منذ ساعة في مدينة طرابلس اللبنانية. أحدهما قرب جامع لدى خروج المصلين هذا اليوم الجمعة. الثاني في حي أمن سكني راق... عدد غير معروف من عشرات الضحايا والعديد من الجرحى والمصابين...
البارحة أطلاق صاروخ إسرائيلي, على مخيم للجبهة الشعبية الفلسطيني ,في لبنان. ردا على اربعة صواريخ اطلقت على منطقة حدودية إسرائيلية ـ لبنانية من قبل جماعة إسلامية غير معروفة.. تبنت الإعلان عنه...
استمرار خلط الأوراق بأشكال مخابراتية معروفة, لاستمرار إثارة الفتن المختلفة والفعل ورد الفعل الطائفي الإثني المعهود... حتى يكتمل المخطط التفجيري للمنطقة كلها.. وديمومة القلق والاضطراب والقتل والتقتيل والموت والخراب وعدم الاستقرار....
نــحــن نبكي بلدنا وموتانا... وإسرائيل ومن يدعمها ويشاركها ويمولها ويحميها... يضحك.. وينام هادئا مطمئنا....
بـــالانــــتــــظــــار
لك يا صديقتي القريبة البعيدة.. وإلى القارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟