أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - متى نكون ديمقراطيين بالفعل؟















المزيد.....

متى نكون ديمقراطيين بالفعل؟


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 02:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


" ان الحياة السياسية تبقى حتما مطبوعة بالنضال من أجل الوصول الى الحكم والحفاظ عليه ومعاودة الاستيلاء عليه، انه نضال من أجل السيطرة السياسية"1
يتميز الوضع الراهن بالتشاحن والتصادم والتباغض بين القوى والمكونات والمؤسسات التي تتشكل منها الخارطة السياسية العربية وهو ما يهدد الأمن الذاتي ويربك السلم الأهلي ويمزق النسيج الاجتماعي. هذا المأزق المرتدي يؤذن بحلول الكارثة والتشرذم وخراب العمران وذهاب ريح الحضارة الباقية في ديارنا. مظاهر هذا الصراع تتنزل في اطار سياسي وتتمظهر في شكل التخالف في وجهات النظر وفي صورة الدولة ونموذج المجتمع بين العلماني والديني وبين العسكري والمدني، وتلعب المصالح الحزبية الضيقة الدور الأبرز في هذا التحارب بين الأقطاب المالية والمعسكرات الايديولوجية واللوبيات الأمنية والجهوية. بيد أن الأمر الملغز يتعدى ذلك العامل السياسي المباشر الى عوامل رمزية وثقافية معقدة مثل الخوف من الموت المباشر والعنيف والاحتراس من المستقبل والرغبة في قنص المنافع المادية بشكل آني ومباشر والبحث بكل السبل والوسائل عن الشرف والمجد والتضحية بالكل من أجل الجزء. لكن ماهي الدواعي المؤدية الى العنف والتقاتل؟ وهل تبنى الدمقراطيات بالتفاهم والتوافق أم بالتنازع والتواصل؟
ربما من أهم الأسباب التي عقدت الوضعية وأربكت المشهد السياسي وجعلت الربيع العربي يتحول الى خريف غضب وينحرف عن مساره الطبيعي ويحرم الشعوب من تحقيق أحلامها:
- فشل القوى الثورية في دفع الحراك الى حدوده القصوى وانجاز المد الانعتاقي بشكل تام.
- وصول شريحة من الثوريين الجدد الى الحكم بعد خضوعهم لعمليات تعدي جيني وموافقتهم على مجموعة من الأجندات وجنوحهم نحو الاحتكار والهيمنة والإقصاء.
- بقاء جزء كبير من النظام القديم في موقع الادارة والتسيير والحكم من الدولة العميقة ورفضهم التام لصيرورة الأشياء ومآل التاريخ ورغبته الشديدة البقاء في مكانه.
- التمركز على الذات من طرف رؤساء الأحزاب وادعاء الأفضلية وامتلاك الحقيقة المطلقة وإعادة انتاج طريقة في التسيير الفوقي والتكوين الايديولوجي المغلق والاعتماد على خطاب سياسي متشنج وانفعالي ومتصلب واتباع خطط ماكيافيلية مفضوحة.
- نشوب نزاع حول المشروعية بين الاحتكام الى قيمة الكفاءة ومبدأ المردود والاستناد الى الارادة الشعبية والرأسمال النضالي والعمل التضحوي زمن الجمر ضد حكم الاستبداد.
- بلوغ الصراع السلطوي بين القوى الثورية المضادة والقوى الديمقراطية التقدمية مجال مجهري تتعاضد فيه السياسة بالدين وتتشابك التجربة بالحلية ويتلاقى عنده المال بالقرار.
- تحول المنطقة العربي- بحكم موقعها الاستراتيجي وأهمية ثرواتها البشرية والمادية مستقبلا- الى حقل تجاذب بين القوى الدولية المتصارعة باسم خدمة السلام الدولي والصالح العام والانتقال من عالم القطب الواحد الى محاولة تشكيل عالم متعدد الأقطاب.
" الأكيد أن السياسة الكوكبية ليست موعودة بالنصر على الاطلاق. لكن يمكنها أن تلعب دورها ، بل عليها أن تفعل ذلك بماهي يقظة الوعي الدولي، العالمي وبماهي تدخل في خدمة الصالح العام"2 .
- ابرام تفاهمات مغشوشة بين قوى سياسية متباينة الأهداف وتتميز بفقدانها للسند الشعبي والانفصال عن المنسوب الفكري الابداعي وعجزها عن نحت برامج وخطط علمية. والحجة على ذلك أن " الدولة لا يمكن إلا أن تستند إلا على توافقات هشة وتعاني الدولة وتصل معاناته الى الاجماع الذي يؤسسها"3 .
في الواقع ازاء ظاهرة الاجهاض الغريب للتجارب السياسية الديمقراطية عند العرب وتفويت الفرصة مجددا أمام دخولهم الحداثة وتحريكهم التاريخ الثقافي الخاص به وتبديد أمل المشاركة في صناعة الكونية يحتاج العقل السياسي العربي الى الفكر المتعقد والمقاربات المركبة والمتعددة المناهج بغية فهم الواقع الغامض والحركي وضبط البرامج وتفصيل الأوليات والعاجل والآجل.
هكذا تقوم الديمقراطية المتعقدة على ثلاثة ركائز التعددية والنزاعية والتوافق وتحرص على احترام قواعد اللعبة "التي تنظم التناقضات وتعوض المعارك المادية بمعارك بين الأفكار"4 .
هل يمكن القول بأن تفجير العرب معجزة ثورية قد باء بالفشل وانتكس ومجرد أضغاث أحلام؟ وأن الديكتاورية صنم لا يتحطم والسلطويون لا يقهرون وأن الحرية ممتنعة والمدنية مستعصية؟ هل المنعطفات مربكة والنهايات مخيفة الى درجة هروب الناس من الاستقلالية الذاتية الى طاعة أولي الأمر والزعيم المخلص؟ ما سر رسوب العرب في الاختبارات السياسية الحاسمة؟ هل الخلل ذاتي ويرجع الى بؤس الوعي والتقصير في البناء والفصام بين التصور والواقع أم أن الخلل موضوعي ويعود الى مؤامرت الآلة الاعلامية وضخامة الهجوم الايديولوجي المعادي؟ كيف يترشد الفعل السياسي العربي بعيدا عن الاستقطاب الثنائي وفي منطقة ثالثة بين اليمينين الديني والليبرالي؟ ومتى تبدأ الكتلة التاريخية في التشكل عندنا؟ ولماذا لا يتحول ديننا الى أرضية للتسامح العقائدي والسياسي؟ أليس من الأجدر تفتيت المراكز السلطوية والمالية والحزبية التي تمثل حصن الشمولية؟ فمتى تشرق شمس الديمقراطية المحلية والأفقية على الأرض العربية؟
الهوامش:
1] ] بول ريكور ، من النص الى الفعل، أبحاث التأويل، ترجمة محمد برادة- حسان بورقية، دار الأمان، الرباط، المغرب، ط1، 2004. ص.280.
[2] Edgar Morin, introduction à une politique de l’homme , édition Seuil, Paris, 1965.p.90.
[3] بول ريكور ، من النص الى الفعل، أبحاث التأويل،ص.282.
[4] أدغار موران، تربية المستقبل، ترجمة عزيز لزرق ومنير الحجوجي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2002. ص.101.
المراجع:
Edgar Morin, introduction à une politique de l’homme , édition Seuil, Paris, 1965.
أدغار موران، تربية المستقبل، ترجمة عزيز لزرق ومنير الحجوجي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2002.
بول ريكور ، من النص الى الفعل، أبحاث التأويل، ترجمة محمد برادة- حسان بورقية، دار الأمان، الرباط، المغرب، ط1، 2004.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف السياسي وأولوية السلم الأهلي
- طرق مقاومة الارهاب
- علم السياسة والمعطى الديني عند حنة أرندت
- اشتباك المثقف بالسلطة عند إدوارد سعيد
- الآليات الدفاعية ضد الهدر الإنساني
- ثورية السياسة الحيوية عند ميشيل فوكو
- توجيهات البيوإتيقا للانسان المعاصر
- العفيف الأخضر ...نهاية تراجيدية في زمن الربيع العربي
- العدل والمساواة والإنصاف
- الفلسفة اليوم : حوار مع زهير الخويلدي
- أفكار فلسفية حول مشروع الدستور
- نظرية الهابيتوس والرأسمال الرمزي عند بيير بورديو
- بوليفارية تشافيز ومناهضة الامبريالية
- الحاجة الى تثوير فلسفة التربية والتعليم
- مبادىء أولية في الثورة الثقافية
- فن السياسة وحسن التدبير
- من الثورة الى التثوير، حول أطياف 17 ديسمبر والثورة الثقافية
- تشذر الخطاب الفلسفي
- شذرات ثورية في زمن مؤقت
- شذرات ثورية


المزيد.....




- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - متى نكون ديمقراطيين بالفعل؟