|
قلب الله
أحمد عفيفى
الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 21:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل لله قلب؟ وإذا كان له؛ فلماذا لا يشعر بالمستضعفين؟ بل لماذا لا يشعر بالمؤمنين؟ ولماذا ينصب شعوره فقط على الفسده والظالمين؟ لماذا لا توجد لديه مثالية في توزيع الرحمة؟ كمثاليته في توزيع البلاء؟ لماذا لا توجد لديه عدالة في توزيع الرزق؛ فتجده يرزق الملوك والكفره والفسده والطواغيت تحت دعاوي سخيفة من قبيل دعهم يخوضوا ويلعبوا أو دعهم في طغيانهم يعمهون أو يمهل ولا يهمل، وكل هذا الهراء الإلهي الممقوت غير المقبول، في حين لا يرزق الفقراء والمساكين والمحتاجين والمستضعفين إلا بكل بلاء وهم وغم وفقر ومرض، تحت دعوى إلهية ممقوتة مشبوهة مشابهة؛ ألا وهي الاختبار والصبر على البلاء، لماذا لا تختبر الطواغيت والملوك ورجال المال والأعمال بنفس المنطق أيها الكهل عديم الفهم والمنطق؟ يا من قطعا ليس له قلب.
مطالب العامة المستمرة؛ بالعدالة الاجتماعية، مطالب حق حمقاء، وغير طبيعية، فالله نفسه قد ميز الأثرياء، فكيف يرق قلب الأثرياء، لشيء لم يرق له قلب الله؟ ونظرة متجردة متفحصة على توزيع الرزق بالعالم أو توزيع الثروة بالعالم، ستدرك بعدها أنه ليس هناك رزق بالسماء وما يوعدون وأن الأمر كله مردود لرجالات السلطة والسياسة والقوة والمصلحة، وأنه – إن وجد ما يُدعى بالله – فهو كائن لا حول له ولا قوة، وأنه مجرد شيخ مخرف، لا يجيد سوى السفسطة والتسويف ودغدغة مشاعر المؤمنين بعزاءات واهية وهمية لا تنقطع، وإلا كيف يكون الملك لله، وينتزع منه ذلك الملك بشر أمثال ملك السعودية وملك قطر وملك البحرين وغيرها من الدول المبتلاة بالإسلام، والمبتلاة أكثر بطواغيت يحكمون بشرع ذلك الله، ويتخذون مكانته كملوك، ضاربين بعرض الحائط شريعته القائمة على الشورى، تلك الشورى المضحكة التي لم تكن حتى تطبق بعهد حبيبه الحميم ورجله الأول في مشروعه الإسلامي، محمد بن عبد الله.
قلب الله؛ في حال كان له قلب، بل في حال وجود هذا الله، لا تقتصر غلظته وقسوته، بل وهشاشته فقط على الرزق، فأنت لن تجد أكثر ولا أقسى ولا أبشع من المرض لتسويق فكرة عدل الله عن طريق الكلمة الفضفاضة المهترئة المخزية والمعروفة بالابتلاء، فأي ابتلاء هذا أيها الشيخ الموغل في العمر والزهايمر والخرافة، أي ابتلاء هذا الذي يجعلك تصيب أطفال حديثي الولادة بمرض السكري، أو بمرض المغول أو بعيوب خلقية تستمر بحياتهم وحتى مماتهم، أي قلب إله هذا الذي ينتج ويتحمل، بل ويتعايش مع تلك الورطة المزمنة لبشر لا ذنب ولا حول لهم ولا قوة، ناهيك عن كونهم وكون أهلهم فقراء، لا قبل لهم بمتابعة العيادات والأطباء والزيارات والمتابعات الباهظة التكاليف، وهوانهم على الناس؛ من يعطف عليهم ومن يشمئز منهم ومن مرضهم وضعفهم وطلبهم المستمر للعلاج والمال، المرض هنا أيها الله ليس ابتلاء، المرض هنا محض جريمة مقصودة، جريمة منظمة مع سبق الإصرار والترصد، جريمة يجب أن تحاسب عليها أمام نفسك، وأمام مريديك، وأمام محكمة عدل دولية، كمجرمي الحرب تماما.
قلب الله المرهف؛ المنحاز دوما للأثرياء، وكأنه يعمل لديهم مصرفي، أو مدير بنك سويسري أمين على حفظ وتنمية ثرواتهم، تلك الثروات التي نمت وتواجدت بلا حول منهم ولا قوة، تماما كما نمت وتواجدت الفاقة لدى الفقراء بلا حول منهم ولا قوة، فكل يولد ليواجه حظه، لا مجال للقدر والنصيب والرزق وكل الهري الإلهي المقدس هنا، فحتى الجنة المزعومة لا يلقاها إلا كل ذو حظ عظيم، الله وكيل حصري للأثرياء، وأنا هنا لا أدين الأثرياء، فالثراء ليس ذنبا أو جريمة، وأثرياء كثيرون خيرون، يستوي في ذلك المؤمنون منهم وغير المؤمنون، فالخير والعطاء ليس قاصرا على طائفة أو فئة أو دين، الجريمة المنظمة، المقصودة والمتعمدة، والذنب كل الذنب، بل الحماقة كل الحماقة، تقع بالكلية على عاتق المصرفي الفاشل، المقسط، مقسم الأرزاق، ذلك الذي لم يفلح بشيء في تاريخه الأسود المظلم المخزي العنيد، كما فلح بتوزيع الظلم.
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه؛ لأنه يبدو أن الله أستأثر بذلك التناقض في جوفه، عطوف على الكافرين، غضوب على المؤمنين، ولكم بأوروبا وأمريكا عبرة يا أولي الأبصار، بل ولكم في زبانية الأمويين والعباسيين والعثمانيين عبرة يا أولي الألباب، فحتى خلفاء الله في الأرض، لم يكونوا سوى عصابة من المؤمنين، ممن أدمنوا تطبيق شرع الله الدموي، بحتمية وإصرار وحرفية، غير مسبوقة، حتى بالقرون الوسطى و العصر الجاهلي، بحتمية الغزو والقتل والسرقة والسلب والسبي والاحتلال والاستيطان، والآن بالمُلك، واحتكار السلطة والثروة، ونظرة واحدة بائسة على البلدان العربية أو الإسلامية، ستجد أن شرع الله الجائر مطبق حرفيا، فلا شورى ولا قسط ولا عدالة اجتماعية ولا تداول للسلطة، فقط ملوك وثروات وعروش، ومن يبتغ غير الإسلام دينا – دون السلاطين و المُلاّك طبعا – فليول وجهه شطر أمريكا و أوروبا، حيث يرزق الله الكافرين هناك رغد العيش، لقاء كفرهم.
#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله الشبح
-
الله البشري
-
الحيرة الحمقاء
-
عقل المُلحد دليلُه
-
فصيل وثني
-
تاريخ زائف
-
الرب الشرقي
-
هل أتاك حديث الزنديق
-
تحصيل حاصل
-
في البدء كانت الفتنة
-
العُهدة العُمرية
-
ساديزم
-
أخطر الأسلحة
-
علماء مُلحسون
-
الجنس ليس حرام
-
سمّن كلبك يأكلك
-
لو كان الرَبُّ رجلاً لقتلته
-
بطُل السحر يوم حنين
-
نكسة الحُديبية
-
حقيقة الخُدعة
المزيد.....
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|