أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عيسى نور - المقابر الجماعية / الجزء الثاني














المزيد.....

المقابر الجماعية / الجزء الثاني


احمد عيسى نور

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


المقابر الجماعية / الجزء الثاني
ذهبتُ للسؤال عن ولدي الذي لم يعد إلى الآن ، وهو ليس من عادته أن يتأخر، وحتى لو تأخر فهو يكلمني ، إلا إنني لم احصل على أي جواب ، لا في مراكز الشرطة ولا في المستشفيات .
توجهت بعد ذلك إلى الأعلى في المسؤولية ثم الأعلى ، ولكن بلا فائدة ، وعند خروجي من احدهم ناداني الحارس وهمس بأذني ، إن ابنك أخذوه بسيارة إلى جهة مجهولة .
بعد ذلك بدء سيل الاتهامات يوجه اليّ ، وكل أسبوع إن لم يكن كل يوم أنا في مركز من مراكز الشرطة لتوجيه الاتهامات لي ولولدي الذي لا أعرف أين هو، وليستمر الحال لسنوات عديدة.
سقط النظام وتبدد الخوف وبدئت الناس تبحث ، فهذا يبحث عن ابنه وتلك تبحث عن زوجها وأنا الأم ابحث عن ولدي ، ولدي الذي ربيته مدللاً بين الآه والحسرات ، لقد كنا في
غرفة طينية لا يدخل الصباح في متسع غرفتي، وأنا اكدح من اجل أن لا يشعر بالعوز ,حقاً أن الأمر يستعصي عليّ كلما حاولت أن أنفض
غبار الليل عن مقلة النهار ,والج مترنحة احتسي النوم العميق وأنتظر متى تدق ساعة الصفر ليستيقظ أهل قريتي فيفرون كعصافير يوم النفير لنبحث عن الضائع عسى أن تكون بارقة أمل تُعيد الحياة أليّ .
جلستُ مبكرةً ، أنضر إلى الصباح في هذا اليوم ، مرتبكٌ هذا الصباح ، القلق يغلف الأجواء رغم حبات الندى العالقة على الأوراق.. ليس من عادة الشمس
النوم حتى ساعة متأخرة ، ربما هي متخفية خلف الغيوم ، أو لعله عدم قدرتي على الرؤيا .. أو إنها لازالت تخافُ أن يصطادها قناص بهوية أسد.
قبل اشتعال الثورة ، كانت تجمعنا هناك في ساحة الدار مناسبات لا تنسى.. كانت الحكايات والمواويل والطرائف تُزين المساءات ، لكنهم سرقوا كل شيء منا حتى الضحكة الجميلة بل وحتى الابتسامة البسيطة .
لبستُ الشال ووضعتُ عليه العباءة ، وهممت بالخروج ، فاستوقفتني المرءاة حين تأملت نفسي ،عينان..كانتا تشعان حزنا دفينا لا يراه غير
محترف لتفسير قسمات العيون ! قبل أن يكتمل المشهد بانتكاسة على محياي الذي كان يشع جمالاً .. انتكاسة تراكمت عبر سنوات القهر والحرمان الذي
أتجرعه بشكل يومي حتى افقدني معنى الأنوثة أصبحت اشعر بالوحدة فكل من حولي لا وجود لهم وكان الأيام تحكم علي بموت أحاسيسي وكان الدموع تأسرني إلى
ارض الآهات لم اعد اعرف أين سأمكث بداخلي أم استفيق لحلم ضاع في صفحات السنين
ذهبتُ للبحث عن ابني الذي اشتاق لرؤيته ، وأحلم به كل يوم وقفتُ عند باب بيتي ارتجف ، داخلََني خوف منقطع النظير ، بل وجل قاتل على مصير ابني ، و إباءٌ
عظيم تشتعل به أعماقي ،اخرج صباحاً يلفني الليل، يحضنني كالطفل. لم تتفتح عيناي إلا على ظلمته السرمدية حتى صرت من أبنائه، لقد أصبح نهاري ليلا أتسكع فيه مثل الخفافيش لأعود وارتمي على فراشي منهكة متعبه .
مرت الأيام وأنا أواصل البحث بلا هوادة ، وفي لحضه فتَحتُ التلفاز فجاءني الخبر ، لقد تم العثور على مقبرة جماعية تضم رفات لمواطنين تم دفنهم أحياء في زمن النظام البائد.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ، وانجلى الليل.
ركضتُ مسرعةًً إلى المقبرة الجماعية ، ووصلتُ إليها ، انه ابني هذه أوراقه وهذه ملابسه نعم انه هو ، أنضر ألي يا ولدي جسد نحيل،...أنا أجلس بجانبك
هل تراني يا أغلى عندي من الدنيا وما فيها ، وفي لحضه لا اعرف ما هي هل هي غضب أم انتصار أم حقد على الماضي ،نهضت
ورفعت يد ابني وناديت ، يحيا النضال وتحيا الثورات ، عاشت الشعوب المناضلة ، أتركونا نحيا بسلام .
انتهى
اخوكم
احمد عيسى نور



#احمد_عيسى_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقابر الجماعية / الجزء الاول
- الحي الميت
- أنتِ الحبيبة
- لا تنازُل
- التعاون قصة للاطفال والكبار
- ياليتنا مثل النمل
- العيد
- الشيطان قصة واقعية
- الخائن
- لماذا يا حبيبي


المزيد.....




- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عيسى نور - المقابر الجماعية / الجزء الثاني