أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدولين الرفاعي - آخر ورقة في التقويم














المزيد.....

آخر ورقة في التقويم


ماجدولين الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1198 - 2005 / 5 / 15 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


لم تهتم أمِّي يوماً باقتناء تقويم بما في ذلك تقويم الحائط الذي يعلقه الناس على حوائط بيوتهم وينزعون ورقاته يوماً وراء يوم وكأنهم ينزعون أسنانهم التي لا تعود إلى النمو من جديد وهل ينمو من جديد يوم مضى .
كانت أمِّي تقول ما الفائدة من التقويم وماذا يعنيني من مرور الأيام ، كلها متشابهة ولا تحمل إلا الألم والموت والغياب فهل سأعدُّ أيامي حتى أموت أو حتى يعود الذين غابوا ولا أعرف متى يعود أحدهم .
كانت أمِّي تتوجس دائماً في أنني لن أعود ، لأن اغترابي القسري الذي أبعدني عنها أكثر من ربع قرن ، استقر في فؤادها مثل حجر لا يطفو يوماً وتجدني واقفاً أمامها .
مع ذلك كنت ألتقي بأمِّي عبر الهاتف الذي كنت أجتمع حوله مع أولادي وزوجتي لكي تشعر أمِّي أننا حولها ، ربما احتضنت أولادي وربما صرخت فيهم حينما يعبثون بالمنزل .
كنتُ أقول لأمِّي إن ذلك يمكن أن يحدث يوماً ما وكنتُ أشعر أنها تبتسم يأساً من الفكرة ثم يكفهر وجهها الحبيب .. إنها تحلم وتعلم أن حلمها لن يتحقق .

قالت أمِّي بفرح إنها اشترت تقويماً للحائط بعد أن اتصلتُ بها هاتفياً وأخبرتها بأنني قادم أخيراً .
أنا قادمٌ يا أمي ....
قادم برفقة زوجتي وأولادي ، لأعانقك وأبكي على صدرك الذي افتقدته طويلاً .
يتحدث أخي عن أمِّي قائلاً في الهاتف ، هل تعلم أن دهشة صاحب المكتبة كانت كبيرة ، لأنه لا يُعقل أن يشتري إنسان تقويماً بعد تجاوز منتصف العام .

لكن أمِّي حصلت على تقويم للحائط ، انتزعه الرجل من على جداره وقدمه لها بدون مقابل بعد أن قدمت له الكثير من الدعاء لكي يحفظه الله ويطيل عمره وعمر والدته وبعد أن أدرك سرَّها ...
أمِّي تنتظر ولدها الغائب .

علقت أمِّي التقويم قرب صورتي على الجدار وبدأت بنزع ورقاته واحدة بعد الأخرى في كل صباح ، قبل أن تبدأ يومها تنزع ورقة وتدعو ربها أن يحميني .

أمس هاتفتها وكانت سعيدة فلم يبق على موعد لقائها بي إلا عدة أيام وبدأت أنا بعد أن انتهيت من عدِّ الأيام في عدِّ الساعات شوقاً إلى رؤية أمِّي .
إن أخذنا فارق التوقيت في الحسبان فقد رن جرس الهاتف بمنزلي في بلد اغترابي وكان الوقت نهاراً في العراق .
لم يكن صوت أمّي ولكنه أخي يخبرني أن صوت الأم غاب في تفجير سيارةٍ مفخخة وغاب جسدها أيضاً .
لقد تصورت غياب صوتها أولا كونه الأكثر التصاقاً بي خلال سنوات طويلة من الغياب .
سوف استمر في عدِّ الساعات ، لكي أجلس أمام القبر الذي يضم أمي وأترحم علي وجودها الذي تلاشى قبل أن أتلاشى أنا في أحضانها .



#ماجدولين_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلادة الدهشة
- تأهيل المراة المطلقة
- جئتكَ بالحب
- صدر كاريكاتوري
- نهاية الخدمة
- أسماء النساء بألوان السيارات
- حينما كنتُ أسكبُ فناجين القهوة..
- مطالبة المراة بالمساواة بين التطرف والاعتدال
- هل يغار الرجل من تفوق زوجته؟
- البايوجيومترى هل هو طب حديث؟؟؟؟؟؟
- الحرية النفسية..
- الحرية النفسية للمراة
- أولادنا ومفاهيم خاطئة
- ام البنات
- قانون لحماية حقوق المراة في حال الطلاق


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدولين الرفاعي - آخر ورقة في التقويم