أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الصلحاتي - إنهُ البحرْ














المزيد.....


إنهُ البحرْ


محمد الصلحاتي

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


ربما منذ عشر سنوات أو يزيد, أجلس مع أسرتي أشاهد معهم تليفزيوننا القديم كان الطريف أنهُ محاطُ بصندوق كبير من الخشب ولكنه كان يعمل بكفائة يعرِضْ صوراً أو مَشاهدْ كالأحلام لا أستوعبها كليا ًأو أدرك ماذا يجري حولي بحكم عمري الصغير ْحينها. لكني رأيتُ صوراً لشئ لونه كلون السماء يمتد للأبد أمامي والشمسُ تُلامسْ صفحتَه, رأيتهُ يداعبْ البشر فيه, فيضرِب هذا بموجة ويقذف ذاكَ على الرمالْ. إنهُ "البحر" ربما أسرتي من قالت لي أن هذا الشئ يُسمَّى كذَلك أو عَلٍمْتُ إسمَهُ من غيرٍهم, عقولنا لا تتذكرُ التفاصيلَ كلها ولكن العجيب أن أحياناً أكثر ُ التفاصيل ِ تفاهة ً بالنسبة ٍ للناس تستقرُ فينا للأبد وتحيا معنا ربما لأنها ليست تافهةً كما يراها الناس ولكنها تبني وُجداننا وشَخصيتنا. مشاهد وتفاصيل وأشخاص وضحكات ودموع وألم وإحساس بالقهر والظلم والشجن الذي نولَد به وإحساس بالغرور والإنتصار, كلها متناقضات فينا ومن يظن أنهُ غير متناقض فهو يخدع نفسة ومن يقول ذلك فهو كاذب الأهم أن تتعايش مع متناقضات نفسك وتعترف بها.

إنه ُ "البحر" , كأي طفل ِ يبدأ الفضول ومتعة الإكتشاف تتحرك داخله. المتعة التي يجب أن يتمتع بها أي عالم وأي فيلسوف, يجب أن يفكر كالأطفال ويطرح أسئلة تبدو بديهية وإجاباتها معلومة ومحفوظة ككتب الدراسة التي أحيانا نحفظها كالطلاسم بدون نفهم ماذا تعني! يجب أن يحافظ العالِمْ على الطفل داخلِه, ولكنْ يتم قتل هذا الطفل داخلنا. في المدرسة يكون التقدير للطالب الصامت ولِمَن يسمع ويطيع الأوامر وينفذها كما يريد المُعلِّمْ ولمن يحفظ الكتاب عن ظهر قلب ويرددهُ كتعاويذ لا يعرف معناها. لماذا يقتلون في المجتمع الطفولة والسؤال والشك والصراخ والهرولةُ بدون أن ننظر إلى أين سيؤدي المطاف ؟,لماذا يقتلون فينا التهور والإندفاع والحرية ومتعة إكتشاف الآخر؟! . إهدأو أيها الكبار فلن نفعل شيئا خطيراً, لن نهدم دولَتكم لن نُسقطْ المدرسة لن نحطم شوارعكم. نحنُ مجرد أطفال. أحياناً تقام حفلة تعذيب لفتى لأنه أرسل ورقةً فيها كلمة "بحبك" مكتوبة ٌ بخطٍ مضحك لفتاة يرى فيها أحلامه أو لطمة ً تتلقاها فتاة لأنها أرسلتْ وردةً لصديقها؟! . لا أعلم مما كانو يخشون أن نفعل؟ ربما ليس الخوف ولكن الحقد. البعض يحقد عندما يجد من حوله يحب ويثور ويهرول . فهو يضربهم لأنهُ ضُرِبَ مثلهم. ويجعلهمْ يعانون لأنهُ عانى مثلهمْ. فالمرأة في مجتمعنا تعانى من البرود في علاقتها مع زوجها وعندما تولد لها فتاة تقوم بختانها لتعاني هي الأخرى والتي تقوم هي الاخرى أيضاً بعمل هذه العملية لإبنتها وتستمر المأساة. مجتمع هو الجاني والمجني عليه وهو القاتل والمقتول والصليب والمصلوب!

إنهُ "البحرْ." طلبت أن أزوره, أن أراه حقيقةً, أن ألامسهُ أن يلاطفني ويداعبني كمن رأيتهم. ولكنها الحياة ليست فردوساً لأطلب شيئاً فأجدَه, تأخر اللقاء بالبحر. تأخر ربما سنةً , سنتان, لا أدري ولكنهُ فجأة أصبح غداً. غداً ستكون الرحلة.

على بعد خطوات أراه أمامي. هرولت وقفزت. نسيتُ أن أخلعْ ملابسَ أو ألبس عوامةً, لامسني وضربتني الموجةُ ودفعتني وأنا أضحك وأبكي وأشكر الله. كالصوفي الصغير وقفتُ والماء يحمل معظم وزني ويساعد عضلاتي الصغيرة على حملي. وقفت أتأمل السماء والشمس والناس والأمواج. قلتُ " الله صنع هذا كلّه. الله جميل, عظيم يحبنا, الله ليس كما يقولون عنْهُ . إنهم كاذبون. أحبك يا الله, أشعر بحبك لنا. أشعر بالجمال الذي خلقت. مُمْتنْ لك لأنك وهبتني الحياة وأنا كنت لاشئ منذ الأبد أنا أعرف أنك تسمعني بدون أن أحتاج لأن أتكلم أو أهمس. أحبك يا الله "

غريبُ أن يفعل فينا المجتمع كل ما يفعلهُ من قهر وكبتٍ وظُلم ونبقى بشر. نبقى صامدين. وتصمد إنسانيتنا, تظلُ الأذن ترقُص عندما يُعزف العود, نظل نُحب ونستمتع بالأدب والفن. نظل نضحك ونغنيْ.



#محمد_الصلحاتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس عمرا ً واحدا ً
- ورقة ٌ مهترئه
- سقوط الآلهة


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الصلحاتي - إنهُ البحرْ