أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مشكلة ضمير البرادعي














المزيد.....


مشكلة ضمير البرادعي


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 01:38
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في الحقيقة، منذ أطل د. محمد البرادعي بحضوره الطاغي والمثير للجدل على الساحة السياسية المصرية في الأعوام الأخيرة من عمر العهد المباركي ذو الثلاثين حولاً وأنا أتفق معه في كل مواقفه وقراراته بالكامل تقريباً، عدا قراره الأخير المتعلق بالاستقالة من منصب نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية المتخذ بالتزامن مع بدء الحكومة المصرية استعمال القوة في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. هذا القرار كانت له انعكاسات وتداعيات مهمة وخطيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي معاً، وأثار مزيداً من الجدل حول شخصية ونوايا د. البرادعي المثيرة للجدل أصلاً منذ البداية؛ لكن هذا القرار جاء أيضاً كاشفاً لجانب أصيل في شخصية د. البرادعي يكاد يتفرد به دون منافس على جميع اللاعبين المنافسين في الساحة السياسية المصرية: الضمير الحي.

حتى هذه اللحظة أنا على قناعة كبيرة من أن البرادعي كان الشخصية المحورية وراء ثورة 25 يناير 2011 والإطاحة بنظام حسني مبارك ولولا حضوره هو بالذات لكانت الأحداث اتخذت منحنى آخر؛ كذلك لا شك عندي إطلاقاً في أن البرادعي كان هو أيضاً الملهم والمحرك المركزي من وراء ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين. حتى من دون أي منصب رسمي أو تنظيم حزبي مؤثر على الأرض، قد استطاع د. محمد البرادعي خلال أقل من ثلاث سنوات فقط أن يسقط في هدوء نظامي حكم استبداديين عتيدين أولهما ذو خلفية عسكرية مستمر منذ ستة عقود والآخر مسنود بتعصب من جماعة دينية شمولية عمرها ممتد أكثر من ثمانية عقود وذات تنظيم عالمي. علاوة على ذلك، كنت ولا أزال على قناعة أخذت تتشكل بعد عودة الجيش إلى المشهد السياسي عقب 30 يونيو أن البرادعي سوف يتزعم خلال سنوات قليلة قد لا تتجاوز الأربعة ثورة ثالثة لإسقاط النظام الذي سوف تتمخض عنه هذه العودة السريعة للجيش إلى الحكم، الذي أتوقع أن يحتل سدته الفريق أول عبد الفتاح السيسي بعد أن يخلع زيه العسكري.

نحن أمام شخصية عظيمة لا أحد يستطيع أن يشكك في حقيقة وزنها الثقيل محلياً ودولياً، أو في إخلاص وصدق نواياها المتعلقة بتأسيس الديمقراطية في مصر وربما المنطقة العربية كلها، أو في قدرتها على إنجاز المهمة بكفاءة استثنائية لو توفرت لها الشروط المطلوبة. رغم كل ذلك وأكثر، في تقديري الشخصي وقد أكون مخطئاً أن د. البرادعي بقراره الأخير قد أساء إلى مشروعه هذا وإلى مؤسسات الدولة المصرية على نحو ربما يقطع الثقة والاتصال فيما بينهم إلى الأبد. في الواقع لأن ضميره لم يتحمل رؤية الدماء تسيل وهو في موقع مسؤولية، البرادعي قد ترك موقعه وخذل الدولة في ساعة شدة وآثر السلامة.

استقالة البرادعي، بجانب الضمير الحي، تلقي الضوء أيضاً على جانب مهم آخر من شخصيته المهنية: هو رجل منظمة، لا رجل دولة. ثمة اختلاف كبير جداً بين الدولة الوطنية والمنظمة المهنية، ومن ثم بين إدارة إحداهما والأخرى. الاختلاف الأكبر بين الاثنين يكمن في أن الدولة تملك وتحتكر استعمال القوة في حين لا يتوفر للمنظمة أي من ذلك. وقد كان استعمال القوة تحديداً مشكلة البرادعي في منصبه الجديد، التي لم يتردد في التملص من عذاباتها عند أول تجربة. بحكم تربيته المهنية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا شك في أن د. البرادعي يتمتع بمهارة فائقة في التفاوض لكنه لا يملك القوة اللازمة لفرض ما قد يتمخض عنه هذا التفاوض من قرارات؛ وحتى لو كان يملك مثل هذه القوة هو لا يزال لا يملك الخبرة أو الممارسة الفعلية في استعمالها وتحمل نتائجها المؤلمة. البرادعي مفاوض وليس مقاتل؛ وفي حين أن المنظمة المهنية تستطيع أن تستغني بالأول عن الثاني، الدولة الوطنية لا يمكن أبداً أن تستغني عن أي منهما.

ربما البرادعي قد وضع نفسه في المكان الخطأ حين قبل أصلاً المشاركة في حكومة دولة وطنية من الطبيعي شأن كافة الدول الأخرى أن تلجأ إلى استعمال القوة المسلحة ضد الذي يتحدى إرادتها ومصالحها، داخلياً وخارجياً؛ والأكيد أن هو بانسحابه في ذات ساعة هذه المواجهة المسلحة بين الدولة من جهة والمتحدين لإرادتها في المقابل قد وجه ضربة قاسية لذات الصفة التي لا تكون الدولة دولة بدونها: الحق الحصري في استعمال القوة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن فوائد الحروب
- ليبراليون في بيادة العسكر
- عن ديمقراطية الإسلام السياسي الموعودة
- 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان
- وهل الرُسُل بشر أيضاً؟
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-
- سائق اللصوص الشريف!


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مشكلة ضمير البرادعي