أم الزين بنشيخة المسكيني
الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 21:22
المحور:
الادب والفن
أضناها القرنفل ذات مساء ..
أفق يتموّج بين رموشها ..
و المدى يرتعش همسا
و يطلب من القلوب التي أتعبها الهوى
بقيّة ما سرقوه من الصدى ..
و حين يلحّون في النوم بين أجفانها حبّا
تعدّ السحاب الى غيوم هازئة بكل سماء
و ترتاح قليلا
أضناها القرنفل ذات مساء ..
و حين تكتظّ الصحاري بالياسمين المؤجّل
يرحل الرمل بعيدا
و ترقص في ذرّاتها تفاصيل القادمين من أحلامهم
الى أوهام الله المثقل بعطر الثرى ..
كيف تمرّ من هنا شعوب و لا تدري متى تحلّ الأعراس و تستريح هذه الدماء ؟
كيف تمضي أرواحهم سهوا
الى مكان هيّؤوه خصّيصا لرقص الدمى ..؟
قالت صحراؤها الهائجة : " سيختنق الأقحوان
ليلا في عروق صمتت عن مدن تبيع الهوى
و تضاجع أصنام من السفرجل الممنوع من لمس نهود الندى .."
قال الثرى : " اختنقوا جيّدا ..أو فلتسقطوا جيّدا في المياه السوداء ..
بيني و بينكم مستنقع و وردة
ناموا قليلا قبل وصول حكّام البغاء "
..واصلت الدوران على أطراف روح أنهكتها الخطى
و الطريق واقف بلا مارّين ينتظر قطارات لا تصل ..
بين جحيمين تتأرجح هي و المربّع و الدائرة
و بقايا هندسة حمقاء ..
عبرت بحرفها دمعة عطر سالت من ورق مقلوب
قالت و حفيف الربيع يئنّ في رماد مسروق :
" ان طلبت الصحراء ..هاجرتك الثنايا ..
و تناثرت خطواتك بين السدود ..
و ان طلبت الجبال ..سقطت عليك أحذية الكادحين
و جحيم نبي يأتي من مستقبل غير موعود ..
ان طلبت الكهوف ..سيغلّق الفسفاط دونك معابر الوجود
أيا حلما شاهقا ..تماسك في الخلاء قليلا ..
و مزّق بعضا من عرق مسدود ..
لا تنسى السؤال :" أين تمضي و المدينة هاربة منذ عام
منذ عامين ..منذ ألف قتيل ..و زهرتين ..
أين تمضي و السنابل مخصيّة ههنا ..
و المكان تائه..
بين حبّ الندى و موت الشهود ؟"..
و هي تمضي ..لا تسمع غير هذيان الزبرجد
و عصف الرياح القادمة
من جنوب سرقوا نخيله و السهوب ..
و هي تمضي ..
هي و الخلاء و بعض الغبار
و منشّة لطرد الذباب ..
و قنافد تراقص الخمر خلسة ..
وهي تمضي ..
تحدّثها أرواحهم السائلة بينها
و بين ورد وُلد ذات يوم من رصاص مفقود ..
قال الرصاص للورد الهارب عفوا : " اعلم أنّ موتك
لم يعد مرخّصا فيه الاّ على طريقة الشنق المعهود ..
فاختر اذن بين تابوتك و التابوت .."
أجابت روح شُنقت قبل يوم
من زمان ضاع على الحدود : " من لا يحبّ الصعود في مسامّ جلده
عليه أن ينام قبل انتحار الغروب "...
وهي تمضي ..
و الصحراء شاردة عن وجه مفقود ..
و ألف غزال مرّ يوما من هنا و ألف عاشق
و ألف قتل مشهود ..
بين حكومات البغاء و جوع جائع الى أهله
و مارد أسود لتوزيع التوابيت في غير مواعيدها ..
وقف بعضها ..و مضى بعض آخر
و بكى ما تبقى من بعضها على وطن شرّدته المنايا
و أتعبته الثنايا ..
وهي تمضي ...
و الله يؤجّل موتها الى يوم معهود ..
#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟