أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامح سعيد عبود - لماذا تحولت للاسلطوية؟















المزيد.....

لماذا تحولت للاسلطوية؟


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 297 - 2002 / 11 / 4 - 05:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


 

 

كانت النقطة التى ساعدت فى تحولى  من الماركسية اللينينية إلى اللاسلطوية بالإضافة لتجربتى فى الحركة الشيوعية المصرية بالطبع ، هو اكتشافى الجذر المشترك بين كل الحركات السياسية يسارية كانت أو يمينية ، مع رفضى الكامل لهذا الجذر باعتباره أساس كل شر اجتماعى ، الجذر المشترك الذى يخفيه الجميع بحرص بالغ خلف شتى الادعاءات عن أنفسهم و عن الآخرين ، أو  بتوضيح التمايزات فيما بينهم ، الصحيحة منها أو الزائفة ، هو أن الجميع يعبدون السلطة و ينحنون لها ، ويسجدون خشوعا لدولتهم هم ، فى حين يرفضون فحسب دول الآخرين و يدينوها ، والجميع يسعون بشتى السبل لاحتكار السلطة من أجل تحقيق أهدافهم رغما عن أنف المعارضين ، و بموافقة من يستطيعون تضلليهم من الجماهير ، وهم حريصون رغم أى إدعاءات وشعارات تبشر بالحرية والمساواة و الأخاء ، على استمرار انقسام البشر لسادة و عبيد ، لقاهرين ومقهورين ، لمعلمين وتلاميذ ، لقادة و اتباع ، لجنرالات و جنود ، لنخب وجماهير ، لأوصياء و قاصرين  ، مرة باسم الدين أى دين ، ومرة باسم القومية والوطن و الأمة ، ومرة باسم الطبقة العاملة وسائر طبقات الكادحيين .

والحقيقة التى يجب أن يعلمها الجميع أنه لا حرية ولا عدالة و لا مساواة و لا أخاء ،  إلا بانهاء هذا الانقسام بالفعل لا بالقول ، بالقضاء على أسسه المادية التى يستند عليها ، لا بمجرد إقرار إنهائه فى القوانين والمواثيق والدساتير ، وتدبيج هذا الإقرار  فى الشعارات والخطب ، بل بتحقيقه فى الممارسة العملية والواقع الملموس لا فى النظريات والكتب . وهذا الانقسام لن ينتهى إلا بالقضاء على استئثار البعض بالسلطة دون البعض الآخر . الناتج عن سيطرة البعض دون الآخرين على وسائل الثروة و العنف والمعرفة .

       يقسم الإسلاميون البشر إلى مؤمنين و كفار ، و وفقا لهذا فلابد أن يسود المؤمنون على الكفار ، كما يسود الأكثر إيمانا على الأقل إيمانا ، و الأكثر علما بالإلام على الأقل علما به ، ليستمر القهر و الاستغلال باسم الإسلام و تحت رايته ، مثلما يقسم اليهود البشر إلى اليهود " شعب اللة المختار " والأغيار المطرودين للأبد من رحمة اللة وعنايته .  فاللة و الغيبيات عموما هى مطلقات مجردة ، فلا بد إذن و أن يمثلها شخص ما من البشر ملموس ونسبى ، الخليفة أو البابا ..الخ ، و مؤسسة واقعية تتحدث وتستبد بالاخرين وتقهرهم باسم  تلك المطلقات المجردة  كالخلافة أو الكنيسة ..الخ .

       كما يقسم الماركسيون اللينينيون البشر إلى حزبيين يمثلون الطبقة العاملة ، وغير حزبيين ، سواء أكانوا أتباع مخلصين للحزب  أم من أعداءه ، ومن ثم يستمر الانقسام الاجتماعى بين القادة والأتباع باسم الطبقة العاملة التى يحق للحزبيين وحدهم تمثيلها بلا منازع كما يدعون ، وباسم الحقيقة العلمية الماركسية التى يدعى الحزبيون معرفتها وحدهم بلا منافس ، وعلى الآخريين إما اتباعهم بلا مناقشة أو الوقوف فى الناحية الأخرى من المتاريس .

      كما يستند القوميون بجناحيهم الليبرالى والفاشى ، على تمثيلهم لهوية جماعية مجردة و مطلقة أيضا هى الأمة والوطن والقومية ، ومن خلال هذا التمثيل المتعسف والادعاء المتهافت ، يستبدون بكل من يخالفهم الرأى ، سواء أكانوا من الجماهير التى يدعون تمثيلها أو من من لا ينتمون للهوية الجماعية التى يدعون تمثيلها .

     الجذر المشترك بين كل القوى السياسية السلطوية من أقصى  اليسار السلطوى إلى أقصى  اليمين السلطوى ، و ما بينهما ، هو الجذر المشترك لكل ما شهدته البشرية من شرور عبر تاريخها المكتوب ،وهو انقسام البشر بين من يحتكرون السلطة لاحتكارهم مصادرها المادية وبين المحرومون من السلطة لحرمانهم من مصادرها المادية ، فالسلطة مفسدة ، والسلطة المطلقة فساد مطلق ، مهما تسترت السلطة بأروع الشعارات ، واعلنت أفضل النوايا ، فالسلطة غواية لا يمكن أن يهرب من اغواءها أقدس القديسين طالما اقتربوا منها ، فدفء مقاعدها له القدح المعلى فى تحويل الملائكة لشياطيين  ، وفى افساد الذمم وتشويه الضمائر .

      و من ثم كان لابد من البحث عن طريق آخر لتحرير حقيقى للبشر بعيدا عن النزعات السلطوية ، ومن هنا كان تحولى للاسلطوية أو الفوضوية التى هى ترجمة رديئة ومغرضة فى الحقيقة لكلمة " Anarchism" ، والتى لا تعنى رفض التنظيم الاجتماعى القائم على أسس طوعية وتعاونية ،  بل هى  تسعى بالفعل لأن يكون هذا هو الشكل الوحيد لأى تنظيم اجتماعى ، فاللاسلطوية تعنى إذن رفض السلطة المنفصلة عن البشر والمتعالية عليهم ، ترفض استمرار الانقسام الاجتماعى بين من يحوزون على السلطة ، و بين من تمارس عليهم السلطة .

        فاللاسلطويون لا يدعون أنهم يمثلون أحد إلا أنفسهم ، ولا يزعمون أنهم يملكون من الحقائق ما يعطيهم الحق فى اخضاع الآخريين وتمثيلهم والوصاية عليهم بحكم هذا الامتلاك والتمثيل ، و لا يسعون للسلطة لتحقيق أهدافهم وعلى أى نحو و تحت أى مسمى ، هم يحملون فحسب أفكارا يرون أنها وحدها الكفيلة بتحقيق الحرية و المساواة لكل البشر ، و يسعون جاهدين لنشرها فى أوساط المقهورين والمحرومين من السلطة و مصادرها المادية باعتبارهم اصحاب المصلحة فى التحرر والمساواة ، وعلى هؤلاء أن يحرروا أنفسهم ذاتيا بلا وصاية من أحد و دون انتظار لمن يحررهم أو يقودهم لهذا التحرر و تلك المساواة . و لن يتأتى هذا إلا إذا تبنوا الفكر اللاسلطوى ، وانتظموا فيما بينهم على نحو تعاونى و لاسلطوى يكفل لهم الانتصار النهائى على من يقهرونهم و يستغلونهم .

      وبناء على ذلك يتمسك اللاسلطويون بالتميز والانفصال وعلى نحو صارم عن كل القوى السلطوية فى المجتمع ، مهما اتفقت معهم فى بعض المبادىْ والأفكار والشعارات مادامت هذه القوى تتمسك بعبادة السلطة والدولة والانقسام بين البشر . فليكن واضحا أن اللاسلطوية لا علاقة لها بالشيوعية التسلطية كما يسعى لها الماركسيون اللينينيون بفرقهم المختلفة ، كما لا علاقة لها بالتحررية الرأسمالية سواء بسواء .



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرم السلطة وذرات المقهورين
- فى أمس الحاجة للحلم اللاسلطوى
- اللاسلطوية والقضية الفلسطينية
- أثر الملكية الخاصة فى المجتمعات
- لماذا الحرية والمساواة معا؟
- إشكالية الهوية فى إسرائيل
- مبادئ اللاسلطوية
- الرأسمالية الكوكبية
- ردين للفعل على الاستعمار
- العالم فى عصر تحلل الرأسمالية
- ملاحظات أولية على الاستقلال الوطنى
- الحركة العمالية والنضال القانونى
- الديمقراطية وقوى غير ديمقراطية
- اشتراكية أم دولنة للإنتاج
- أزمة اليسار الوطنى
- العلم والصراع الطبقى
- حرية الهجرة مقابل حرية التجارة
- التحرر من الاغتراب
- الأساس الأخلاقى للمجتمع
- الحرية والسلطة


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامح سعيد عبود - لماذا تحولت للاسلطوية؟