|
الطائفية.. والحكومة .. من ابرز اسباب اخفاق المجلس النيابي
عبدالهادي مرهون
الحوار المتمدن-العدد: 1197 - 2005 / 5 / 14 - 09:45
المحور:
مقابلات و حوارات
حمّـل عضو كتلة الديمقراطيين والنائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون الحكومة مسئولية إخفاق المجلس في كثير من الملفات ، مؤكدا أنها – أي الحكومة – تضع العديد من العراقيل في وجع أعمال المجلس بل وإنها تتبع سياسة التعقيد الإداري والبيروقراطية ، وبالتالي لا تتعاون بشفافية ووضوح بل إنها تحاول الهيمنة على المجلس على أساس أنه يتعدى على صلاحياتها ..! من جانب آخر ، حاول مرهون تبرير إخفاقات النواب ونزاعاتهم الطائفية وغير الطائفية معللا ذلك بالأمر الطبيعي بسبب حداثة التجربة وافتقار النواب إلى المستشارين الوطنيين . جاء ذلك في حديث مطول مع "العهد " .. وهذه مقتطفات منه :
- ما هي الإنجازات التي حققها المجلس خلال الفترة الماضية ؟ * بشكل عام ، انا لست من هواة تسجيل الإنجازات ، ولا تكرار القول فيما حققه المجلس ، خاصة وأن المجلس لم يرق إلى مستوى طموحات المواطنين والسبب في ذلك ناجم عن عدة مستويات من الخلل ، أولها عدم تعاون السلطة التنفيذية مع المجلس معتبرة إياه – أي المجلس – منافسا بل متعديا في بعض الأحيان على صلاحياتها ، في حين ينبغي التأكيد على أن هذا البلد يحوي ثلاث سلطات يجب أن تكون مستقلة عن بعضها مع ضرورة التعاون فيما بينها ، والحقيقة أن مسألة التعاون هذه لم تأت من فراغ بل نص عليها الدستور والقوانين التي تحولت إلى مظلة للسلطة التنفيذية تحاول من خلالها الهيمنة على المجلس ، ويمكن القول أنها نجحت في كثير من الأحيان بنسب متفاوتة في تحقيق مآربها .
ـ لماذا دائما تحيلون اللوم الى الحكومة .. في الوقت الذي يكاد يجمع الشارع البحريني على ان الفشل والتقصير هو من النواب ..؟ * أنا اعارض هذا القول. فالمجلس خطى بعض الخطوات التي لا بأس بها في الدورين الماضيين خاصة على مستوى المحاسبة والمكاشفة وهي وإن لم ترضيني شخصيا إلا أن الثابت الأكيد أن التجاوزات ما إن تصل إلى الاعتداء على المال العام أو تفشي الفساد الإداري والمالي أو أي شيء من هذا القبيل فإن النواب لا يقفون مكتوفي الأيدي ، كما حدث بالفعل على صعيد لجان التحقيق في قضية التأمينات والتجنيس سابقا ، وكما يحدث الآن في قضية التجاوزات على خليج توبلي ، والتي تبين منها أن هناك مخالفات جسيمة لا يستطيع أحد حصرها باستطراد سريع . فلجنة التحقيق في التأمينات وصندوق التقاعد استطاعت أن تعيد الأموال النقدية العينية بالكامل ، وما لم نستطع تحقيقه هو المحاسبة السياسية وإقالة المسئولين عن هذه التجاوزات والسرقات ، وعلى الرغم من ذلك يمكن القول أن ما حدث كان إنجازا ، حيث ثبت في هذا المجتمع أن كل من يرتكب خطأ أو تجاوزا لن يفلت بفعلته ، وأقر هنا بأننا لم نستطع للأسف الشديد إدانة الفاعلين إلا أن الحكومة نفسها ، لم تستطع أن تتحمل أناسا متهمين تعرضوا للمسائلة والمحاسبة فأقالتهم هي بنفسها . أما فيما يتعلق بلجنة التحقيق في مسألة التجنيس ، فأعتقد أن اللجنة حاولت أن تعمل عملا متكاملا ، غير أنني لست راضيا عن عملها ولا عن التوصيات التي رفعتها. ـ هل تعتقد ان ما ذكرته آنفا يشكل انجازا ..؟ * حدث كل ذلك على الرغم من أن الفترة التي قضاها البرلمان في العمل النيابي قصيرة خاصة إذا علمنا أن تغييب الحياة البرلمانية والرقابة الشعبية استمر لثلاثة عقود متتالية سادت فيها ثقافة الخوف والقمع واختفت فيها المساءلة والمتابعة، وتأسيساً على ذلك علينا أن ندرك حجم القضايا المطروحة التي تراكمت طوال تلك الفترة والإشكالات القائمة في المجتمع والتي تتطلب حلولاً بعضها سريع وملح والآخر لا يحتمل التأجيل، والنواب جميعاً يعملون جاهدين بدون كلل أو ملل على تحقيق إنجازات ملموسة على الرغم من كل المحبطات ، والعراقيل التي تواجهنا فحجم التعقيد الإداري والبيروقراطية اللذين تضخما بصورة ملفته نتيجة للقرارات الصادرة من السلطة التنفيذية والتي تدفقت بشكل متتالي ومقصود إبَّان فترة غياب الرقابة التشريعية منذ العام 1975 وحتى مطلع العام 2002م قد أعاق كثيراً مسيرة العمل البرلماني، فقد أثقل المجلس بقضايا عدة تمت معالجتها في السابق بصورة أحادية من قِبَل الحكومة . ـ يبدو ان في قولك بعض التناقض .. فأنت تقول انك لا تريد الحديث عن الانجازات , في الوقت الذي تعتبر به اجراءات عادية قام بها المجلس انجازات ..؟!! * لا يا عزيزي .. بالطبع لم يكن ما توصلت إليه لجان التحقيق مرضيا للكثيرين من أبناء هذا الشعب ، غير أنني أؤكد بأنها أنجزت الكثير فقد قام النواب بذاتهم في تكوين الرأي الموضوعي في اللجان ، وهذا يلقي بأعباء كثيرة في حقيقة الأمر على النواب ، إضافة إلى أن هؤلاء النواب ليسوا بقدر متساو من العلم والموضوعية ، لذلك نجد في كثير من الأحيان بعض الاقتراحات أو القوانين أو غيرها تظهر بصورة ناقصة وذلك ندركه تماما ونعيه ونقر به ، ونأمل أن يتم تخصيص مستشارين للنواب على قدر من الكفاءة والوطنية حتى يستعين بهم النواب ويأخذوا بمشورتهم ورأيهم ، وكم نتمنى من السلطة التنفيذية أن تبدي قدراً أكبر من التعاون و التجاوب وحسن النوايا في حل الكثير من المعضلات التي بإمكانها - إن أرادت - أن تتعاون مع البرلمان في حلها خاصة تلك التي تحتاج فقط إلى قرار سياسي أو إداري ولا تتصل بالتشريع أو الرقابة ، وهو ما سيسهل كثيرا عمل النواب . ـ هل تريد ان تقول لنا انه ليس بالامكان احسن مما كان .. وان النواب يعيشون يوتوبيا نيابية ..؟! * لا بالطبع .. بل انا اؤكد ان لنواب ليسوا كتلة صلبة منسجمة مع بعضها البعض ، فهم مشارب مختلفة ومن مناطق متعددة ومهن متباينة ، ومستويات علمية متفاوتة وهو أمر إيجابي يفضي في معظم أحيانه إلى إيجاد حالة من التنافس الذي يصب في مصلحة المواطن . أضف إلى ذلك أن بعض الكتل جاءت على أنقاض بعض الأحزاب أو الجمعيات ، لذا فلكل كتلة بل لكل نائب أجندته الخاصة وبرنامجه الذي ينفرد به ، وقد لا يتوافق مع الآخرين ، غير أنني أجد أن التوافق فيما بين النواب أكثر بكثير من الاختلاف ومثال على ذلك ، فإن الكل يتفق على مكافحة الفساد وتعزيز الوحدة الوطنية وهو الأمر الذي أدى بهم إلى بذل قصارى الجهد في سبيل تحقيق بعض المسائل المطلبية التي ترفع من المستوى المعيشي للمواطن ، وما عدا ذلك فإن هناك كثيرا في التباينات لكنها لا تصل إلى درجة العداء .فليس المطلوب في المجلس أن يكون في المياه الراكدة ، فهذه تختص بالمجالس المعينة ، التي تكون فيها السطوح مستوية ، على العكس تماما من المجالس المنتخبة . ـ وماذا عن العلاقة بين المجلس والشعب ..؟ * في الوقت الحاضر من الواجب على المجلس أن يجعل المواطن في موضع الرؤية الحقيقية – بكل شفافية ووضوح – في الإنجازات والإخفاقات سواء أكان ذلك الإخفاق أو الإنجاز مصدره التقصير من جانب النواب أنفسهم – كما يراه البعض - أو من عراقيل ومُعوقات حِيْكَت من قِبَل طرف ما من ذوي النفوذ – وما أكثرهم – أو من السلطة التنفيذية مباشرة. وعلى السلطة التشريعية أن تبذل جهوداً مضاعفة يتم فيها التركيز بشكل أكثر على الأولويات المعيشية والمطلبية ولكن دون إهمال الملفات الساخنة – ذات البعد والمحتوى السياسي - التي تصدرت البرامج والمنتدبات الانتخابية . ـ اذن حدثنا لو سمحت عن المعوقات التي تواجه المجلس * من تلك المعوقات : الطائفية ، وهي جزء من هذا المجتمع وما يحدث في المجتمع من الطبيعي أن يكون له انعكاساته على المجلس ، والعكس صحيح حيث أن النقاشات الصريحة في المجلس من الطبيعي أن تنعكس هي الأخرى على المجتمع ، وهي إحدى السلبيات للأسف الشديد ، وهنا لا بد التنويه إلى واجبات النواب في أن يكون من مهام المجلس تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز عوامل التوافق الاجتماعي ، فالاختلاف لا بد أن يقتصر تحت القبة البرلمانية وبالتالي على النواب التدقيق في ما يصدر عنهم من عبارات حتى لا يؤثر ذلك على عمل المجلس وعلى المواطنين وعلاقاتهم ببعضهم البعض ، وقد بذلنا جهدا كبيرا في كتلة الديمقراطيين بالاشتراك مع بعض الزملاء في الكتل الأخرى لاحتواء تلك الأزمات ، فنجحنا أحيانا ، غير أننا أخفقنا في أحيان أخرى خاصة مع الظاهرة الجديدة التي برزت في المجلس من سؤال وسؤال مضاد ، ففي اعتقادي أن من حق النائب التعبير عن رأيه وأن يوجه سؤالا لمن يريد من أجل أن ينتزع معلومة أو يتعرف على خلل خاص بالأداء الإداري أو المالي بأجهزة الدولة ، غير أن ما شهدناه في الفترة الأخيرة قيام بعض النواب بتوجيه أسئلة لها مدلول معين وفي المقابل يحاول النواب الآخرون توجيه السؤال على نفس المدلول وبنفس المنحى ، وهو ما دفعني أن أدعوهم جميعا للتوقف عن مثل هذه الممارسات التي لا تعود بالفائدة على الناس بل إنها تنخر في مجتمعنا وتفرقه . لقد حذرت من هذه المسألة مرارا وتكرارا وللأسف الشديد وقع ما كنت أحذر منه فقد كنت ألمس من خلال علاقاتنا مع بعض النواب أنهم يسيرون في هذا المنحى الطائفي ، حتى حدث الاحتكاك المباشر الفعلي وأفرز نتائج سيئة غير محمودة العواقب ، لكن أتصور أن البحرين قطعت شوطا كبيرا في التغلب على القضية الطائفية والمذهبية ، وتعيش حاليا فترة تعايش كبير يجب الحفاظ عليها. ـ حسنا .. ما الذي يشغلكم حاليا ..؟ * تشغلني حاليا المعالجة السطحية التي تتعامل بها المؤسسات الرسمية لقضية البطالة والتي لا تلامس جوهر المشكلة بل تلتف عليها وتحيلها إلى القطاع الخاص بينما هي ليست كذلك. فعلاجها يتطلب أولاً وقبل أي إجراء آخر جدية مؤسسات الدولة في استيعاب الأيدي العاملة الوطنية وذلك يحتاج إلى قرارات إدارية وتوجيهات لا تقبل التأخير فضلاً عن الإشكالات الاجتماعية والعمالية لبرامج تخصيص الشركات والمشاريع التي بدأت تطفو على السطح . إن ما يشغلنا كنواب هو كيفية تحقيق إنجازات ملموسة تلبي طموحات وأماني السواد الأعظم من المواطنين وهو الهم الأكبر لنا جميعاً، وليس الجري وراء المكاسب الذاتية والشخصية والوجاهة الاجتماعية التي ينبغي أن لا تشكل لنا هماً على الإطلاق. كما اننا نريد ان نضع حدا صارما لمظاهر التمييز وانعدام المساواة التي تفاقم من مشاعر الإقصاء والتهميش في المجتمع البحريني والتي تشكل المعوق الأساسي للنمو المتناسق والمنسجم والمستقر، وذلك من خلال إزالة الفيتو والتحفظات المفروضة علي توظيف قسم من أبناء البلاد في بعض مؤسسات ووزارات الدولة ,وتثبيت مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات , و مراجعة السياسات المالية للدولة من اجل تفعيل مكافحة الفساد المالي والإداري . لذا أرى أن أكبر دعم لمشروع الإصلاح يمكن أن يقوم به المسئولون والمعنيون هو إنهاء العمل بنظام الامتيازات وعدم تسييس القرار الإداري في الاقتصاد واعتماد المساواة وتكافؤ الفرص.
#عبدالهادي_مرهون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيين-: على المواصلات احترام تعهداتها مع العاملين في
...
-
الطعن في دستورية مرسوم 56 لا علاقة له بأداة إصداره
-
مرهون: مشروع الغاز القطري البحريني فرصة لخلق مشاريع اقتصادية
...
-
الاحتفال يؤرخ تاريخ الطبقة العاملة
-
الديمقراطيون : من مجلس شورى .. إلى مجلس للمشورة
-
كتلة الديمقراطيين تطالب بإنصاف ع
...
-
الإرهاب في الخليج
-
قانون مكافحة الإرهاب يعالج المشاكل السياسية بأدوات أمنية
-
مرهون يشيد باجتماع -الجمعيات- ويأمل أن تصبح -أحزابا-
-
مرهون: الحكومة تعطل قوانين -التشريعية- لتقدم مشروعات مضادة
-
البحرين: رؤى نيابية متضاربة حول إلغاء الصلاحيات التشريعية لم
...
-
الديمقراطيين مع صلاحيات كاملة للنيابي
...
-
مرهون يشيد بالتسامح بين -الشئون الاجتماعية- و-الوفاق
-
النواب- يسرق بيان -الشورى-
-
اقتراح تخصيص بند في الميزانية المقبلة لتمويل انتخابات 2006
-
مقبرة -الديمقراطيين- أم مجدهم؟
-
تخصيص بند في الميزانية المقبلة لتمويل انتخابات 2006
-
العمل الوطني وإشكال العمل المعارض
-
محذرا -ليس في كل مرة تسلم الجرة-
-
مرهون يحذر من -التضاد- في الأسئلة والاستجوابات
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|