أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أماني فؤاد - التنازلات تبدأ تباعا..














المزيد.....

التنازلات تبدأ تباعا..


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 23:42
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



سألتها أتعملين ؟ أجابت من عينين مكحولتين خلف نقاب أسود : لا ...، عينان تقفزان خارج العتمة، قدر ما تشيران إلي حياة قد قُمعت.

قالت: أنا خريجة جامعة الأزهر، بعدها سجلت رسالة الماجستير في الوثائق والمكتبات، وقطعت شوطا كبيرا بها، ارتبطت بزوجي الحالي، ولم يمانع في البداية أن استكمل دراستي وعملي ، وبمجرد أن تزوجنا ورزقني الله بأبني الأول، رفض تماما أن أنهي الشوط الذي قطعته من دراساتي، كما رفض عملي ، ووضعني في اختيار قاس: إما حياتي العملية، أو أن ننهي ارتباطنا الذي لم يكن قد انقضي عليه عاما، وأثمر طفلا .

سألتها: ألم يكن من الممكن وقتها الوصول لصيغة تفاهم كي لا تضحين بطموحاتك ؟ أجابت: كان قاطعا ورفض تماما . وانحصر الاختيار أمامي بين استكمال أحلامي الشخصية أو هدم هذا الكيان الوليد، و أن يُنسب إليّ وحدي الفشل السريع زوجة وأم.

ضحيت بما يخصني لا ما يخصه، ويخص أسلوب تربية أسرتي لي، التي لم تعترض علي قيده الذي فرضه عليّ ، ولا مايخص طفلي ، تبعثرت أحلامي وطموحاتي، وقُمع شعوري بكيان خاص بي كفرد، تحت وطأة قراره الذي اتخذه غير عابئ بي ، أضافت: حُجة زوجي وقتها لي وللأخرين بأنه الزوج الراعي لأسرته الصغيرة التي تتكون، ردد كثيرا: أتركي لي أنت العمل والشقاء، و تفرغي لي ولطفلك وبيتك..وانعمي بالراحة.

لعله السم الذائب في العسل الذي شربته وقتها راضخة، واتجرع مراراته لأكثر من ثلاثة عشر عاما.

سيدتي هو ذات المصير الذي تعانيه أكثر النساء، بعد ارتباطهن برجل يستدرج المرأة للزواج مستندا علي طبيعتها العاطفية، مزينا الأمر أمامها في البداية بأنه سيرعي كيانها الشخصي، ولن يتغول عليه ، بل سيدعمها ، ويحاول التوفيق بين شئون الأسرة وشأنها الخاص، الذي يغفل الرجال أن علوه وتنميته سيصب في مجري حياته وحياة أولاده معها.



بعد الزواج وتوالي القيود يفرض الرجل إرادته، ولا يصبح أمام المرأة سوي الانصياع؛ لأن موروثها في ظل ثقافة ذكورية بامتياز، لا يعطيها الحق سوي في التنازل ووجوب التضحية؛ لتحقيق رغبات الاخرين لا رغبتها الخاصة في تحقيق كيانها.

تُراني أدعو إذن لأن تهدم المرأة كيان الأسرة، وأن تغادر هذه المؤسسة بمجرد أن تتعارض مع تحقيق كيانها الخاص؟

بالطبع لا ..

لكن لماذا تصبح هي الضحية علي الدوام، لماذا تصبح خادمة الجموع، وتتلاشي ذاتها الخاصة في الرجل والأولاد.

لماذا لا نستطيع الوصول إلي صيغ تراعي الكيان الأسري بكل أفراده، ولا تجور علي نصف المجتمع الذي تمثله المرأة بداية من: وضع شروط واضحة في عقد الزواج ، و ترسيخ مفهوم العمل الجزئي للمرأة في طفولة أولادها، وغيرها من مقترحات يمكن مناقشتها تباعا .

هل كتب الموروث الثقافي عليها أن تكون الكائن الذي يجب أن يضحي دائما؟ والدعاوي جاهزة الإعداد، مغلفه بالنوايا الحسنة: ثقافة المجتمع لا تريد لها التعب والشقاء، فلتتركه للرجل.. لكنها حتما ستترك جزء من كيانها الشخصي معه.

لا يريد المجتمع لها أن تتعرض لمضايقات الخارج، فهو يضعها في صوبة مجهزة من الرعاية الفائفة، فتضمحل مع الوقت قدراتها، ومقومات شخصيتها، وتصبح أقرب إلي الدمية الفارغة.

ماذا تريدين ؟، دائما ما يقول الرجال: "متكفل أنا بكل ماتحتاجينه ماديا .."ثم تصبح مع الوقت تابعا اقتصاديا تُمنح بشروط الأخر، لا أن تستطيع هي بذاتها إعالة نفسها.

عزيزتي المرأة التنازلات تبدأ أولا مزينة بالورود.. ثم تستمر تباعا، ولن يصبح من حقك التوقف في منتصف الطريق، وقتها سيدعي الجميع انه اصابك لوثة ما، او انك تتمردين، واجتاحتك الانانية.

تستمر التنازلات في ظل الثقافة المجتمعية السائدة، لتصلين للحظة ان وجهك عورة، كيف بالله عليك خلقك الخالق وواجهة كيانك ، ما يميزك عن الاخرين، عورة؟ كيف تقبلين التعتيم عليك لتصبحين بالنهاية هذه الكتلة السوداء الصماء ؟ تلك العينان المنطفئتان خلف نقاب أسود.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوابة الذهبية للأنوثة..
- المفاهيم الخاصة بالمرأة فى وسائط الإعلام
- المرأة ثورة لم تنجز فى أدب -نجيب محفوظ-
- العيد.. ودموع في المآقي
- فلتكن رؤية بحجم اللحظة الثورية التي نعيشها
- رسائل إلى الفريق السيسي


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أماني فؤاد - التنازلات تبدأ تباعا..