|
عالم الأندلسيات محمود مكي يترجل إلى الآخرة من بلاد الأندلس
خالد سالم
أستاذ جامعي
(Khaled Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 17:05
المحور:
الادب والفن
عالم الأندلسيات محمود مكي يترجل إلى الآخرة من بلاد الأندلس
د. خالد سالم برحيل عالم الأندلسيات محمود علي مكي، أول أيام عيد الفطر، تفقد هذه الساحة أحد أعمدتها الصلدة التي وضعها طه حسين في خمسينات القرن العشرين لتنمو على أكتافها نبتات عدة، صارت اليوم أشجارًا هرمة، في دنيا الدراسات الأندلسية في مصر والوطن العربي وإسبانيا وأميركا اللاتينية. آثر أن يرحل عن دنيانا انطلاقًا من الأرض التي عشقها عشقًا جمًا مدريد، مجريط العربية، التي أمضى فيها شبابه وأنتج فيها أحسن ما لديه من نتاج علمي، طوال سني الدراسة في جامعتها المركزية وشغله لمنصب نائب مدير المعهد المصري لسنوات طويلة، تربو على العقد، تحت إمرة قامة علمية أخرى في عالم التاريخ والأندلسيات، حسين مؤنس. لقد عهدنا الدكتور مكي موسوعة متنقلة منذ أن تعرفنا إليه هو وزوجه الإسبانية ماريا لويسا عند مرورهما بكلية الألسن والمركز الثقافي الإسباني في القاهرة. وقد أصاب أحد تلامتذته وأصدقائه عندما وصفه بأنه المكتبة الوطنية الإسبانية –دار الكتب- المتنقلة، وذلك بفضل ذاكرته الحديدية في عالم كتب الأندلسيات. تعرف إليه جيلي والأجيال التالية أدهشته فيه علمه الغزير ودماثة خلقه وتواضعه. لم أره طوال ما يقرب من عقدين يخرج عن السياق رغم مروره ببعض لحظات الضيق والغيظ من تلسين أحدهم عليه وعلى ذويه، توهم أنه يصارعه على منصب إداري في آداب القاهرة، إلا أن الدكتور مكي، كما كنا نطلق عليه جميعًا، ترفع عن هذه الترهات وآثر الصمت ثم مغادرة المكان. ظل لعقود حجة في الدراسات الأندلسية على المستويين العربي والإسباني، فلم يكد يطرح جديد في هذا الحقل دون الرجوع إليه. كان من بين أول دفعة بعث بها الدكتور طه حسين إلى إسبانيا لدراسة التراث الأندلسي، ليثري المكتبة الأندلسية، في عدد من الجامعات العربية، بأبحاثه، واللغة العربية من خلال عضويته بمجمع القاهرة، وإنتخابه عضور مراسلاً في الرباط، ودمشق، وبرشلونة، وقرطبة، وفي المجمع الملكي للتاريخ بمدريد. دراساته إمتدت لتشمل أدب أميركا اللاتينية والأدب الإسباني القديم والمعاصر، إلى جانب الأدب المغربي والأندلسي الذي كان يدرسه في آداب القاهرة. وعاش متنقلاً بين القاهرة ومدريد حيث يتردد عليها محاضراً ومشاركاً في مؤتمرات وبرامج تلفزيونية إلى أن حاصره المرض والشيخوخة. كان من العرب القلائل المعروفين في أمريكا اللاتينية، إذ كان يتردد عليها محاضراً في جامعاتها ومشاركاً في الكثير من الفعاليات الثقافية التي تقام في دولها. شهادات التقدير والأوسمة والجوائز التي نالها من دول العالم عديدة، من بينها وسام ألفونصو العاشر الحكيم والوشاح الأكبر للإستحقاق المدني بلقب فارس، من إسبانيا، وجائزة الدولة التشجيعية للترجمة وجائزة الدولة التقديرية للآداب من مصر. وجائزة الملك فيصل العالمية . الحديث عن الدكتور مكي، عن علمه الواسع الذكريات المدريدية، يطول، لهذا آثرت أن أفسح للقارئ أن يتعرف على آرائه حول حضارة العرب المزدهرة في الأندلس من خلال هذا الحوار الذي كنت قد أجريته معه ضمن سلسلة حوارات معه، اخترت منها التالي: * نظراً لأنك عائد من العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، حيث حضرت الحوار العربي الأمريكي اللاتيني عبر إسبانيا والبرتغال، فما هي أهداف هذا الحوار وكيف تطور ؟ - في الواقع هذا الحوار هو جزء من البرنامج الذي تقوم بتنفيذه منظمة اليونسكو في إطار الحوار بين الثقافات المختلفة. وبطبيعة الحال كان من أكثر الثقافات إلتقاءً هي الثقافة العربية والثقافة الإسبانية بدلالتها الواسعة، أي بلاد شبه جزيرة أيبريا، إسبانيا والبرتغال، ثم البلاد التي إنحدرت من صلب هاتين الدولتين، وهي بلاد أمريكا اللاتينية التي تتكلم اللغة الإسبانية، من المكسيك في الشمال إلى الأرجنتين وتشيلي في الجنوب، بإستثناء البرازيل التي تتكلم البرتغالية. من الواضح أن الثقافتين العربية والإيبرية، الإسبانية والبرتغالية، هما أكثر الثقافات إتصالاً، وذلك بفضل الوجود العربي الذي إستمر على شبه جزيرة أيبريا على مدى أكثر من ثمانية قرون، ولهذا فقد كانت هناك حاجة ملحة لعقد هذا الحوار بين ثقافتين إلتقتا على مدى طويل، ومن المعروف مدى تأثير الثقافة العربية الإسلامية في نشأة وتكوين الثقافة العربية والبرتغالية. ثم إن الفاتحين الإسبان والبرتغاليين، الذين إستكشفوا قارة أمريكا اللاتينية، حملوا معهم كثيراً من هذه الرواسب العربية التي كانوا قد تشبعوا بها خلال المدة السابقة، ذلك لأنه الصدفة الغريبة هي أن نهاية الوجود العربي الإسلامي سياسياً وعسكرياً في شبه جزيرة أيبريا تم في مطلع سنة 1492 حينما سقطت غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، في أيدي الملكين الكاثوليكيين، وفي آخر هذه السنة وصل كريستوفر كولمبس إلى شواطئ القارة الأمريكية، وبدأت صفحة جديدة من تاريخ هذه البلاد بالوجود الإسباني البرتغالي عليها. وتجددت هذه العلاقة بين العرب وأمريكا اللاتينية إبتداءً من آواخر القرن التاسع عشر بتيارات الهجرة التي توجهت من البلاد العربية، ولا سيما بلاد الشام، سورية ولبنان وفلسطين، إلى بلاد أمريكا اللاتينية. والآن يقدر عدد هؤلاء المهاجرين العرب في أنحاء أمريكا اللاتينية بما يزيد على نحو ثلاثين مليون من البشر. لهذا رأت اليونسكو ومعها المثقفون الذين يهتمون بثقافة الآخر أن يكون هذا اللقاء بين الثقافتين اللتين جمعت بينهما أواصر كثيرة على الرغم من بعد المسافة الجغرافية، وكانت بداية هذه الملتقيات في يونيو 1992، وذلك في المؤتمر التحضيري الذي عقد في أوبورتو بالبرتغال، ويجمع بين عدد من المتخصصين في الدراسات لا على أساس الدول المشتركة وإنما على مستوى الدراسات والتخصصات. وكان الذين تقدموا بأول مقترح لعقد هذا الحوار العربي الأمريكي اللاتيني ممثلي اليمن والمغرب وموريتانيا في اليونسكو نيابةً عن جميع الدول العربية، فرحبت بلاد أمريكا اللاتينية بذلك على أن تكون حلقة الصلة ما بين الثقافتين هي إسبانيا والبرتغال، وهذا أمر طبيعي فإسبانيا والبرتغال هي التي نقلت التأثيرات الحضارية العربية منذ البداية وهي التي شاركت في نقل الكثير من عناصر ومقومات هذه الثقافة إلى القارة الجديدة. عقد المؤتمر الأول، بعد التحضيري، في نواكشوط، موريتانيا، في سنة 1993، وعقد المؤتمر الثاني في غرناطة في مارس 1994، وهذا هو الملتقى الثالث لهذا الحوار وعقد في كاراكاس في غضون هذا الشهر، يونيو 1995. وكان قد تم الإتفاق على أن يعقد الملتقى مرةً في إحدى بلدي شبه جزيرة أيبريا، ثم في بلد أمريكي لاتيني ثم في بلد عربي، وتتكرر الدورة على هذا النهج. وفي ملتقى كاراكاس قدمت أبحاث من الخبراء الذين يعملون في هذا الميدان، وقدمت محاضرات على هامش المؤتمر، كما أقيم معرض للفن الإسلامي في الأندلس، وهو مايسمي بمعرض التراث الأندلسي، وكان يقوم على عدد من الموضوعات وشرائط الفيديو التي تصور الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس. كان القائم على هذا المعرض ماوريثيو باستور الذي أشرف على المجلدات التسعة التي صدرت في غرناطة في هذه السنة حول الثرات الفني الإسلامي في الأندلس، وكان لي شرف المشاركة في أولها إذ أنني كلفت بالكتابة عن تاريخ دولة بني نصر، إذ أن معظم عناصر المعرض هي الفن الإسلامي في غرناطة. أما الأبحاث التي قدمت فإنها متنوعةً تنوعاً كبيراً، منها موضوعات طريفة لم يتطرق إليها الباحثون من قبل، على سبيل المثال الحديث عن الحصان العربي والحصان البربري ونقله عن طريق إسبانيا إلى أمريكا اللاتينية، والحديث عن المنتجات الزراعية التي كان للعرب فضل نقلها إلى إسبانيا ثم نقلها الإسبان إلى العالم الجديد مثل قصب السكر، على سبيل المثال، وطرق الري والزراعة التي تحدث عنها المتخصص الأمريكي توماس غلينك، وقد دار بحثه حول وسائل الري وإستخدام المياه في شبه جزيرة أيبريا ونقلت هذه النظم إلى أمريكا اللاتينية. والفن المدجن، mudejar، وهو الفن المعماري الذي إبتكره المسلمون الذين عاشوا في ظل السيادة المسيحية، وتوجد لهذا الفن شواهد كثيرة في إسبانيا مثل تلك التي نجدها في طليطلة وتيرويل والبراثين، أي سهل بني رزين، وإنتقل هذا الفن إلى كل بلاد أمريكا اللاتينية حيث نراه منتشراً من المكسيك إلى الأرجنتين وتشيلي، بل إننا نراه منتشراً في الكثير من الولايات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت في وقت من الأوقات في بداية الفتح تابعة لإسبانيا. على هامش هذا المؤتمر كانت هناك أنشطة أخرى، من بينها عرض موسيقي فولكلوري قام به الفنزويلي رفائيل سلثار المتخصص وقدم بحثاً طريفاً حول الموسيقى والغناء العربي في الأندلس ونقل الكثير من عناصره إلى أمريكا اللاتينية، مركزاً على بلده فنزويلا بالذات إذ أن هناك لوناً من الرقص والموسيقى يطلق عليه "خروبو" وهو متطور عن الفندانغو الإسباني الذي يحمل كثيراً من بصمات الموسيقى العربية القديمة. وقد قدم هذا العرض في أحد المسارح الكبرى في العاصمة الفنزويلية. ودار حول هذا الموضوع نقاش طويل، دام ساعتين، في التلفزيون الفنزويلي، وكان لي شرف المشاركة فيه حيث تحدثت عن بعض التأثيرات العربية في الثقافة الإسبانية التي حملت إلى أمريكا اللاتينية، وهو موضوع المحاضرة التي ألقيتها في الملتقى، ودار حولها أيضاً حوار في التلفزيون الفنزويلي. كانت هناك أيضاً لقاءات وإحتفالات بهذه المناسبة، شاركت فيها بعض السفارات العربية وكان للسفارة المصرية ولسفارة الكويت حضور واضح في هذا الملتقى. كما قام كثير من المثقفين ذوي الأصول العربية، من الفنزويليين، بالمشاركة في أعمال الملتقى أخص بالذكر الدكتور خلدون نويهض، إبن العلامة والمجاهد العربي عجاج نويهض، الذي كان رئيس المؤتمر، وكان لي شرف أن أكون نائب رئيس المؤتمر. * معروف أنك حصلت على أكبر جائزتين عربيتين، جائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الدولة التقديرية في مصر، وقد لا يكون قد شرف بالجائزتين، فماذا عنيت لك هاتان الجائزتان ؟ - فيما يتعلق بالحصول على الجائزتين معاً فهناك سوابق لها من بعض أساتذتنا مثل الأستاذ شوقي ضيف والأستاذ محمود شاكر، وربما غيرهما. بطبيعة الحال لا أملك إلا شعور بسعادة كبيرة بالحصول على الجائزتين، أي جائزة الملك فيصل التي حصلت عليها في سنة 1988 وجائزة الدولة التقديرية التي حصلت عليها في سنة 1994. طبعاً هاتان الجائزتان ليستا عن عمل معين بذاته، وإنما هي عن جملة المسيرة العلمية والثقافية في خلال السنوات الماضية، وقد أسعدني كثيراً أن يكون هذا التكريم من جانب هذه المؤسسة العظيمة، مؤسسة الملك فيصل، التي تقوم بتشجيع العلماء، ليس فقط على المستوى العربي، لأن هذه الجائزة مطروحة للعلماء من العالم كله. أما جائزة الدولة التقديرية فيسعدني أنها كانت بترشيح من جامعة القاهرة ومن مجمع اللغة العربية، وكان الترشيح لجائزة الملك فيصل بترشيح من جامعتي القاهرة والكويت. * كيف تتعامل الثقافة العربية المعاصرة مع حضارة الأندلس ؟ - يلاحظ أن حضارة الأندلس لم تلق من إهتمام الباحثين العرب ما يكفي إلا في السنوات الأخيرة، أعني منذ أربعين سنة. قبل ذلك كانت هناك صلات بين ثقافتنا العربية والأندلس ولكن لم تكن قائمة إلا على أساس عاطفي. ويمكن أن نضرب مثلاً لها بإقامة أمير الشعراء أحمد شوقي في الأندلس، حينما نفي من مصر في سنة 1914، و أقام في إسبانيا حتى 1919. فلعل ذلك أول صلة أدبية حقيقية، في تاريخنا في القرن العشرين، بين أديب عربي كبير و بين الثقافة الأندلسية، لا سيما وأن شوقي لم يكتف بالقراءات حول الأدب أوالتاريخ الأندلسي، وهو شيئ كان موجودًا منذ أول القرن، لنذكر على سبيل المثال أن مصطفى كامل، كتب مسرحية عن دخول طارق بن زياد الأندلس، وكان ذلك في 1892. لكني ذكرت أحمد شوقي بصفة خاصة لأنه أول أديب عربي كبير زار إسبانيا وأقام فيها مدة طويلة، وأنتج فيها كما كبيرا من شعره و نثره . بعد ذلك هناك من كتب من بعض الرحالة عن الأندلس، و لكنها كانت كتابة غير مبنية على أسس علمية بحثية حقيقية. وفي السنوات الأخيرة فإن عددًا من أدبائنا، تماماً كما حدث لأحمد شوقي، عاشوا مدداً في إسبانيا، فتزايد الإهتمام بالأندلس وبإسبانيا المعاصرة، مثل عبد الوهاب البياتي ونزار قباني، وهما من كبار شعراء العربية اليوم، ونظما كثيرًا من شعرهما مستوحى من حياتهما في إسبانيا، كما نجد هذا الإهتمام عند صلاح عبد الصبور. كان من الرواد المغفور له د. محمد عبد الله عنان الذي إهتم بتاريخ الأندلس، فأخرج عددًا من المجلدات عن تاريخ الأندلس كله حتى نهاية عهد المسلمين في غرناطة، وذلك من سنة 1936 وعلى مدى نحو ربع قرن عمل في هذا الميدان، وكان له فضل لا ينكر. على أن البداية الحقيقية للبحث في تاريخ الأندلس حضارًة و أدبًا، على مستوى العالم العربي، لم يبدأ على نحو منهجي إلا حينما أنشئ المعهد المصري للدراسات الاسلامية بمدريد، في 1950، بفضل الدكتور طه حسين، حيث بدأ بإرسال مجموعة من الشباب للدراسة في إسبانيا. ومنذ هذا التاريخ، ولا سيما إبتداء من الستينيات، وجدنا إهتماماً بنشر النصوص الأندلسية، وذلك لأن التراث الأندلسي كان معظمه ضائعًا. لم يكن قد نشر منه في أوائل هذا القرن إلا القليل، وكانت طبعات غير علمية وغير منهجية. بدأت كما قلت في الستينيات حركة نشر النصوص الأندلسية في سائر ألوان المعرفة، نتج عنها ما نراه اليوم من إهتمام، و من صلة وثيقة بإسبانيا، التي ظلت منذ طرد الموريسكيين، في أوائل القرن السابع عشر، في معزل عن العالم العربي إلى أن عادت مرة أخرى، منذ أوائل هذا القرن، إلى الإهتمام بالموضوعات العربية، وإلى توثيق العلاقات بهؤلاء الدارسين الذين درسوا على أرضها، وبتوثيق العلاقات الثقافية والسياسية والإقتصادية مع العالم العربي. * بعد انتهاء فعاليات واحتفالات عام 1992 في إسبانيا، بمناسبة مرور خمسة قرون على وصول كريستوفر كولمبس إلى أميركا، ما هو قدر الاهتمام بالحضور العربي في الأندلس في تلك الفعاليات العالمية؟ - سوف أتحدث عن شقين في هذه الناحية : مدى الإهتمام في العالم العربي، و في إسبانيا والعالم الناطق بالاسبانية. ففي العالم العربي نلاحظ أن عدة مؤتمرات عقدت حول التراث الأندلسي، من آخرها الملتقى الكبير الذي عقد في شهر نوفمبر1993 في الرياض، والذي نظمته مكتبة الملك عبد العزيز، وكان تجمعًا كبيرًا جمع نحو 80 باحثًا من سائر أنحاء العالم في الموضوعات الاندلسية. وسبق تلك التظاهرة الثقافية، مؤتمرات، بعضها في سوريا، وفي جامعة القاهرة، وفي تونس. فنلاحظ أن هناك إهتمامًا عربيًا، ولكني أسجل أنه لم يكن بالقدر الكافي، و أن الإهتمام في إسبانيا إستمر حتى بعد هذه الاحتفالات سنة 1992، التي لم يخل فيها شهر من مؤتمر أو أكثر من مؤتمر حول موضوعات أندلسية، كان أكبر من إهتمامنا، لأن موضوعاتنا واهتماماتنا كانت على مستوى المثقفين. ونلاحظ أن عامة المثقفين عندنا ما زالوا يجهلون الكثير عن الأندلس. صحيح أن المتخصصين يعرفون أكثر، ويتصلون بهذه الثقافة على نحو أعمق، ولكن نسجل أنه لم يصل إلى الجميع بقدر مقبول. أما في إسبانيا، فإننا يمكن أن نقول إن الأندلس كانت إكتشافًا. صحيح أن مدرسة الإستشراق الإسباني بدأت في تقويم و تقدير التراث الأندلسي على نحو معقول منذ بداية القرن الماضي. لنذكر أن خوسيه أنطونيو كوندي كان من أول من كتب عن التاريخ الأندلسي كتابة فيها قدر كبير من الإنصاف، في 1802. ثم جاء المستشرق باسكوال دي جايانجوس( توفي في 1897) ليترجم " نفح الطيب" إلى الإنجليزية ، وكتب دراسات كثيرة لها أهميتها، وينسب إليه فضل إنشاء مدرسة الأبحاث الأندلسية في إسبانيا. و كان تلاميذه أقرب الى إنصاف الحضارة الأندلسية وإلى تغيير الأفكار البالية الناتجة عن عصور التعصب في إسبانيا. فنذكر بتقدير كبير فرانثيسكو دي كوديرا (توفي في1917)، وهو خالق المدرسة الحديثة في الإستشراق الإسباني في القرن العشرين، ومن تلاميذه خوليان ريبيرا (1934م)، وأسين بلاثيوس (1944م) و أخيرًا إميليو جارثيا جوميث ( مايو 1995). هذه المدرسة الجديدة هي التي نرى فيها تغيرًا في النظرة إلى التراث الأندلسي، بعد أن كان يكاد يشطب من التاريخ، وكانت المناهج الدراسية في إسبانيا تتجاهل هذه القرون العشرة. وبفضل هذه الدراسات الحديثة أصبحوا يعتبرون هذه الحقبة الاسلامية من تاريخ إسبانيا من أهم حقبها وأكثرها إشراقا. وتكاثرت الدراسات الأندلسية، وأصبح لدى كل مدينة أندلسية إهتمام لإسترجاع هذا التاريخ و اظهار إنجازاته الكبيرة في سائر ألوان المعرفة. * ورغم ذلك فإن أصواتا عربية اعترضت على هذا الإحتفالات الإسبانية وعلى المشاركة العربية فيها، وبشكل خاص في مصر، حيث رأس بعض الدارسين القدامي في إسبانيا أن هذه المشاركة هي مشاركة في الإحتفال بذكرى سقوط غرناطة، آخر معاقل الإسلام في الأندلس. فما رأيك؟ -إن الإهتمام كبير ومستمر، والمسألة ليست قاصرة على إحتفالات 1992 في ذكرى كشف أميركا. وأود هنا أن أوجه إلتماسًا لأن كثيرًا من العرب اعتقدوا أن إهتمام إسبانيا بهذا التاريخ إنما يرجع إلى فرحتهم أو إلى إسترجاعهم لذكرى سقوط غرناطة. في الحقيقة لم يكن هذا هو هدف الاسبان حينما إهتموا بهذا التاريخ، وإن كان نوعًا من مراجعة النفس، و من محاولة إسترجاع الماضي ومعرفة تاريخهم الحديث على ضوء تاريخهم القديم، وعلى ضوء هذا التقدم الكبير الذى أحرزته الدراسات الأندلسية. ولهذا فإننا نرى أنهم ركزوا جزءًا كبيرًا من إهتمامهم بالتراث الأندلسي للحديث عنه بروح من التقدير، ومن النظرة الجديدة التي تفتخر بهذا التراث. ولم يكن ذلك نوعًا من الشماتة، أو من الفرحة بالإنتصار على الإسلام كما تصور بعض الباحثين العرب، بل أقول إن هذا الإهتمام لم يقتصرعلى إسبانيا، وإنما إنتقل إلى أميركا اللاتينية، فوجدنا من الباحثين في أمريكا اللاتينية من يهتمون بالتراث الأندلسي، ومن يحاولون أن يروا جذورهم، ليس فقط في الأصول الإسبانية التي ينتمون إليها، بل في الأصول الأندلسية. فإنهم يربطون بين الحضور العربي الإسلامي في إسبانيا، و بين حياتهم الأولى في أميركا. * ولكن هل كان هذا الإهتمام بالوجود العربي في الأندلس مساوياً بالمصالحة التي تمت بين العرش الإسباني ويهود العالم بهذه المناسبة، مع العلم بأن البعض طالب بنفس المعاملة تجاه الموريسكيين .. وكان رد الاسبان إما الإمتعاض أوالصمت ؟ - قد يكون لديك بعض الحق في أن إسبانيا أصدرت فعلا شيئًا متعلقًا باليهود يعني ما يسمونه إعتذارًا لليهود عن مناسبة طردهم، أما أن ذلك لم يحدث بالنسبة للموريسكيين، فهذه مسألة لا أعيرها إهتماماً كبيراً، فالمهم هي المواقف العملية. وأنا أذكر أن خطاب جلالة ملك اسبانيا خوان كارلوس في 4 نوفمبر 1992، الذي ختمت به الإحتفالات في قصر الزهراء في قرطبة، تضمن إعتذاراً لم يسجل رسمياً، وكان تقديرًا للحضارة العربية وتنديدًا بسياسة الإضطهاد التي قام بها أسلافه في محاكم التفتيش. أما مسألة الإعتذار إذا كان رسميًا أم لا، فهذه مسألة أعتقد أنها ربما تكون شكلية، بعيدة عن الواقع العملي، فالذي نراه هو أن هناك إهتمامًا واسعًا على مستوى عدد من الدارسين والمطبوعات والدراسات المتعلقة بالأندلس والتي تنصف التاريخ الأندلسي، والتي لم تعد قاصرة على المتخصصين في الدراسات الأندلسية. إضافة إلى أن مسألة الاعتذار هذه فهي متعلقة بالحكومات، و بطبيعة الحال كنا نرحب بأن يصدر هذا الاعتذار الرسمي ولو أنه أمر شكلي، ولكنها ترجع ربما إلى تقصير الحكومات العربية لأنها لم تقم بضغط من أجل الحصول على هذا الإعتذار. * هناك أخبار مفادها أن المتحف الوطني المكسيكي فيه وثائق تثبت مشاركة بحارة عرب في رحلة كولمبس الإستكشافية... في الوقت الذي تنفي فيه بعض المصادر الإسبانية هذا الدور؟ - المصادر الإسبانية لا أقول إنها تنفي أو تثبت، وذلك لأن إتجاه الإسبان ليس إنكار فضل العرب على الثقافة الإسبانية ولا الأوربية بشكل عام، إنما المسألة من الصعب القطع فيها ومازالت قيد البحث. لننظر إلى الوضع في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي حينما بدأت هذه المغامرة الكبرى، في 1492، حيث تبنى الملكان الكاثوليكيان الحملة الأولى التي توجهت لكشف بلاد الهند، فهذه المغامرة تقوم على مبدأ في عاية البساطة وهو الذي قرره الجغرافيون العرب منذ البداية، والأندلسيون بصفة خاصة. أشرت سلفًا إلى إزدهار علم الجغرافية والملاحة والخرائط عند الأندلسيين وإلى المغامرات التي قام بها البحارة الأندلسيون. لنذكر مثلاً قصة الفتية المغررين الذين خرجوا من ميناء لشبونة، عاصمة البرتغال، وكانت خاضعة لسلطان المسلمين، وتوجهوا غربًا إلى جزر- الخبر ذكره الإدريسي- يظن أنها جزر الباهاما، وهناك من يقول إنهم وصلوا إلى جزيرة كوبا أو البحر الكاريبي. وبصرف النظر عن ذلك، فإن فكرة الرحلة نفسها التي كانت تقول إننا إذا إتجهنا غرباً بحكم كروية الأرض فإننا نصل إلى بلاد الهند، وهي الفكرة التي طرحها الجغرافي الكبير أبو عبيد البكري في مؤلفاته، وعلى أساسها توجه كولمبس إلى الغرب، ولهذا عندما وصل إلى القارة الأميركية كان يظن أنه في بلاد الهند الشرقية، ولذلك سميت بلاد الهند ثم أطلقوا عليها الهند الغربية. ومعروف أن كثيراً من البحارة الذين رافقوا كولمبس إلى القارة الأميركية، وأن الأدوات المستخدمة كانت عربية، وأظنها حقيقة لم ينكرها أحد، فالنشاط البحري الكبير كان للمسلمين في القرن 15، ومثال ذلك الملاح العربي أحمد إبن ماجد. ويقال إن كولمبس توجه إلى رحلته بناءً على خرائط عربية. كل هذه القضايا قيد المناقشة، ولم يقطع فيها برأي تمامًا، ولكن يبدو أن الدراسات الحديثة تؤكدها، على الأقل إستخدام كولمبس لكثير من الأدوات والخرائط العربية، وربما رافقه بعض الأندلسيين، ولاسيما من جنوب الأندلس إذ كانوا يقومون برحلات بحرية كثيرة. أما فيما تذكره، بخصوص الوثائق الموجودة في المتحف المكسيكي فتتعلق بوجود الموريسكيين في العالم الجديد. وهي مسألة كانت مجهولة من قبل، إلا أن تزايد الدراسات عن الموريسكيين في السنوات الأخيرة أثبتت أن هناك عددًا من الموريسكيين تستروا تحت رداء المسيحية ووصلوا إلى العالم الجديد، لا في المكسيك، بل في بعض البلاد الأخرى منها بيرو. وأنا أذكر في ملتقى غرناطة من الحوار العربي الأميركي اللاتيني، في مارس 1994، عرض علينا سفير بيرو خورخي كثيريس عددًا كبيرًا من الوثائق التي تدل على أن هناك من دخل مع بيثارو، فاتح بيرو، من الموريسكيين بأسمائهم وصفاتهم. * يضخم اليهود دورهم في الأندلس .. فهل هذا الدور اليهودي، في سياق الحضارة العربية الأندلسية، كان بهذا القدر؟ علما بأن ابن النغريللا و ابن ميمون، وهما من أشهر رموز الثقافة اليهودية بالأندلس، عاشا وتربيا في كنف مؤسسات عربية أندلسية. وهناك شعرهم الديني وهو أرقى ما وصل إليه اليهود في الأندلس، علما بن هذا الشعر قائم على أساس العروض العربي... فما حجم هذا الدور من الناحية العلمية؟ -هذا سؤال مهم جدًا .. وطرح هذه القضية على قدر كبير من الأهمية، وهو مرتبط بما سبق أن تحدثنا عنه. إن اليهود حصلوا أولا على هذا الاعتذار الرسمي، لأنهم يعملون ومنظمون تنظيمًا جيدًا، بينما لم يحدث هذا بالنسبة للثقافة العربية وهذا راجع الى تقصير من جانب الحكومات والأنظمة العربية. أما فيما يتعلق بدور اليهود بالنسبة لدور العرب فمن الواضح وهذا أمر لا يكاد يكابر فيه أحد، لا من الإسبان و لا من الدارسين الأجانب، فلا شك أن دور اليهود كان هامشيًا. وأذكر أنه في مؤتمر" الثقافات الثلاث"-عقد في 1988 في طليطلة- أنني قلت إن ليس هناك مجال للكلام عن ثقافات ثلاث. فكان هناك ثقافتان، الإسلامية والمسيحية، وكانت اليهودية تابعة للثقافة الاسلامية أولاً ثم للثقافة المسيحية. قبل وصول العرب، كان اليهود يعانون أشد الإضطهاد في ظل الدولة القوطية، وهو ما حملهم على مساعدة المسلمين عند دخولهم الاندلس، فكانوا يعرفون عن تسامح الإسلام، وهو بالفعل ما ظفروا في الأندلس، إذ عاشوا في تسامح لم يعرفوه، لهذا فإن لهذه الحرية و ذلك التسامح الذي تمتعوا به طوال الوجود العربي في الأندلس هو الذي سمح لثقافتهم بالإزدهار. و لكن هذه الثقافة كانت تابعة للثقافة العربية، فاللغة العبرية كانت قد ماتت تمامًا، ولم تحيا إلا في الأندلس. و كبار الشعراء و المفكرين، ليس فقط في الشعر الديني، كما ذكرت، و لكن في كل ألوان المعرفة. نذكر على سبيل المثال إبتداءً من إسحق بن شبروط الذي عاش في ظل الخلافة، ثم بني حسداي الذين عاشوا ما بين الأندلس في قرطبة و بين سرقسطة، وسليمان بن جبيرول، وبعد ذلك موسى بن عذرة و يهوذا الليبي، هؤلاء كبار الشعراء و المفكرين العبريين كانوا يتقنون اللغة العربية لأنهم كانوا يعيشون مع العرب، وكثير منهم لم يكتبوا إلا بالعربية، والذين كتبوا بالعبرية كانوا ينقلون النماذج العربية في فكرهم وفي شعرهم، ليس من الناحية العروضية فحسب و إنما في تصور العالم في شعرالطبيعة، في الصور، وفي الأخيلة، كثيرون منهم كانوا يقتبسون حتى الآيات القرآنية. بل إن أهم كتاب في النحوالعبري لإبن جناح ألفه على نهج كتاب النحو العربي " الجمل " للزجاجي، النحوي العربي المعروف. أما الشعر الصوفي العبري فكان نقلاً عن الشعر الأندلسي والعربي عامة. وفي مجال الفلسفة كانت لهم فلسفة خاصة دائمًا على هامش الفلسفة العربية، وكان نقلهم عن الفارابي ، وابن سينا، وابن رشد. وكان واضحًا أن موسى بن ميمون لم يكتب إلا بالعربية. ونعرف أنه حينما هاجر من قرطبة إستقر في مصر وعمل طبيبًا لصلاح الدين الأيوبي، وهذا يبين مدى التسامح الذي كانت تبسطه الدول الإسلامية في الشرق والغرب على اليهود مما مكن ثقافتهم من الإزدهار. كل شيء لدى اليهود في العصور الوسطى كان نقلاً عن العربية. أنت ذكرت إبن النغريللا فحتى هذا كان كاتبًا لولي عهد ملك غرناطة، ومعروف أنه كان يعرف العربية معرفة جيدة، وكان ينظم الموشحات على أساس الموشحات العربية، ودار حوار بينه وبين إبن حزم حول المسائل الدينية، و تفوق عليه إبن حزم لأنه كان عارفًا و متمكنًا من الثقافة اليهودية. ورغم أن الثقافة اليهودية لم تكن لها أصالة، لأنها كانت نقلاً وعلى هامش الثقافة العربية، فانه كان لهم دور لا يمكن إنكاره في وصل الثقافة العربية بالإسبانية، فكثير منهم، من منطلق عملهم في ظل الثقافة الإسلامية، كانوا يجيدون العربية، إضافة إلى اللاتينية الدارجة، فقاموا بنقل و ترجمة كثير من الكتب العربية إلى اللاتينية، مما جعل من اليهود، إلى جانب وسائل أخرى، قنطرة بين الثقافة العربية وبين أوربا. إذا نظرنا إلى الأدب لوجدنا أن كل النماذج الأدبية الموجودة في العبري منقولة عن نماذج عربية، ففي المقامات وجدنا يهوذا الحريزي، الذي يختلف عن الحريري في حرف واحد، يقلد مقامات الحريري العربي في مقامات بعنوان "تحكموني"، أي الرجل الحكيم، يقلدها في سجعها، وفي زخارفها اللفظية، وفي شخصية بطل المقامات. وفي الشعر كانوا ينظمون على البحور العربية، ونجد أنهم في قصائدهم يبكون الأطلال في مقدمة القصيدة، كما في وصف الطبيعة، كان نقلا عن شعراء الطبيعة الأندلسيين المشهورين مثل إبن خفاجة، وابن الزقاق وغيرهم. ونفس الشئ ينطبق على الثقافة العلمية، ولهذا فإن اليهود لم يضيفوا شيئا، رغم أنهم كانوا يعملون ويتمتعون بقسط وافر من الحرية في ظل الإسلام، إلا أنهم لم يضيفوا لأنهم كانوا مجرد نقلة. وكان لهم دور في نقل الثقافة العربية الى المسيحيين، نذكر على سبيل المثال أن الفونصو العاشر حينما استولى على مدينة مرسية، صلحًا، لجأ إلى العالم المسلم محمد الرقوطي وأقام له مدرسة كان يعلم فيها المسلمين واليهود والمسيحيين، كلاً بلغته، إذ كان يعرف هذه اللغات، وكان يدرس لهم ما يسمى بالعلوم الأوائل، أي الطب، والرياضيات، والموسيقى، وكان أعجوبة في فنه، واعترف الجميع بأستاذيته. ولم يكن هذا هو المثل الوحيد، فهناك أمثلة أخرى كثيرة لهؤلاء العلماء الذين كانوا متفوقين رغم ضعف المسلمين حينئذ سياسياً، فالحواضر الاندلسية الكبرى كانت قد سقطت في أيدي المسيحيين، ولكن التفوق الحضاري كان هو الذي ألجأ اليهود والمسيحيين إلى التعرف على العلماء العرب الذين يعتبرونهم أساتذتهم و يأخذون من علمهم و يترجمون عنهم. *إلى أي مدى أفادت الثقافة الأوربية من الثقافة العربية في الأندلس؟ - هذا المضوع من أكثر الموضوعات إثارة في الوقت الحاضر. وقد إهتم كثير من العلماء الأوربيين والإسبان بتتبعه. و كثير من الدراسات الحديثة فيه اتجهت إلى الموضوعية وإلى البعد عن التعصب القديم، سواء في إسبانيا أو في غيرها من البلاد الاوربية. بطبيعة الحال لم تنته نزعات التعصب تمامًا، الديني و القومي، فهناك من يصرون على إنكار التأثير العربي في الثقافة الأوربية، ولكن آراء هؤلاء اختفتت شيئا فشيئا. واضرب على ذلك مثلا بالدراسة التي قام بها ميجيل أسين بَلاثْيُوس في 1919 حينما أصدر دراسته عن دانتي والإسلام، وعن أثر قصة الإسراء و المعراج في الكوميديا الإلهية لدانتي. حينما صدرت هذه الدراسة التي كانت قائمة على المقابلة بين النصوص العربية ونصوص الكوميديا الإلهية، قامت ثورة عارمة ضده، ولاسيما من جانب الإيطاليين الذين كانوا يرفضون أن يكون للثقافة الإسلامية تأثيرعلى أديبهم الأكبر، ولكن بمرور الزمن إستطاعت هذه الآراء لأسين بلاثيوس شق طريقها، لأنها كانت موضوعية و مكتوبة بدقة وعلى أساس المقارنة الذكية بين النصوص، إلى أن كانت سنة 1949، أي بعد وفاته بخمس سنوات، حينما أصدر خوسيه مونيوث سيندينو دراسته La escala de Mahoma، أي إعراج الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وتبين للعلماء والباحثين أن هناك نصوصًا لقصة الإسراء والمعراج قد ترجمت إلى اللاتينية والإسبانية القديمة وإلى البرتغالية، و أن دانتي قد استطاع أن يعرف هذه النصوص بطريقة مباشرة، وذلك لأن أصحاب الإعتراض القديم كانوا يقولون إنه صحيح هناك مشابهات بين قصة المعراج والكوميديا، ولكن كيف تمكن دانتي من الوصول الى هذه النصوص؟ كان هذا هو الاعتراض الأكبر بعد هذه الدراسة تبين بشكل قاطع أن دانتي قد إطلع على المصادر الإسلامية، فزال الإعتراض القديم. مثل هذا من الممكن أن نطبقه على كثير من القضايا، فعلى مستوى الشعر الغنائي، نعرف أن بواكير الشعر الغنائي في أوربا هي الشعر البروفنسالي أو شعر التروبادور، و نعرف أن أول شاعر من شعراء التروبادور هو غيوم دي بواتيه(1070-1126م) تأثر بالشعر العربي. وكان أول من أثار هذه القضية هو خوليان ريبيرا في 1912 في بحث له عن الشعر الغنائي في إسبانيا، تناول فيه الشعر البروفنسالي، ونادى بنظرية وهي أن هذا الشعر قد تأثر بالشعر العربي الأندلسي، سواء التقليدي، العمودي، أو بشعر الموشحات التي إبتكرها الاندلسيون. وقد عارض كثير من المستشرقين، ولاسيما الفرنسيين، آراءه بشدة. و لكن تبين بمرور الزمن وبكثرة الابحاث التي تناولت الموشحات ، بعد أن عرف الكثير من الموشحات و عن كونها نسيجا لغويا، هو مزيج من العربية و اللاتينية الدارجة، ولاسيما في القُفل الأخير من الموشحة وهو الخارجة. بعد ذلك شقت النظرية العربية طريقها الى هذا الميدان ، وأصبح كثير من الباحثين مقتنعين بتأثير شعرنا العربي الغنائي في مولد الشعر الأوربي. أما فيما يتعلق بالشعر الاسباني فإن الدراسات التي تمت حول شعراء القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، من أمثال أرثيبريستي دي إيتا في كتابه "الحب الطيب" ، و غيره من النصوص الأدبية التي يبدو فيها الأثر العربي واضحًا، فكل هذا مهد لبيان أن الشعر العربي كان له أثر في نشأة الشعر الغنائي الأوربي، لا في إسبانيا وفرنسا وحدها، وانما إمتد إلى إيطاليا و ألمانيا وغيرها. حينما نتناول الشعر الملحمي، من الواضح أن أول ملحمة إسبانية هي ملحمة السَيْد، El poema del mio Cid وأن هذه الشخصية نفسها إنما كانت شخصية عاشت في أوساط ومجتمعات إسلامية ومسيحية، وإن رجاله كانوا من المسلمين، وقد عرف من خلال النصوص أن السَيْد القمبيطور كما يسمى بالعربية ( رودريغو دياث دي بيبار) كان مقبلاً على الثقافة العربية، وكان يتتبع سيرة المهلب ابن أبي صُفرة، الذي كان يحارب الخوارج في أيام الدولة الأموية. بعد ذلك تبين أن هناك أشياء كثيرة، سواء في النصوص أوفي الملابسات التاريخية التي تحيط بهؤلاء الشعراء أنهم تأثروا بالتراث الأندلسي تأثرًا كبيرًا. و قد أكد هذا نظرية تأثير الثقافة الأندلسية في نشأة الملحمة الأسبانية، ثم في نشأة بعض الملاحم الاوربية مثل أنشودة رولان. فيما يتعلق بالنثر، تبين أن هناك ثأثيرًا للمقامات العربية في نشأة هذا الفن الجديد الذي إبتكره الإسبان، وهو ما يسمى بقصة الشطارة والشطار، La novela picaresca وذلك لأن شخصية بطل هذه القصص تشبه تمامًا شخصية بطل المقامة. و من المعروف أن المقامات العربية قد قلدها اليهود من ناحية، ثم تبين أن المقامات كانت معروفة في الأوساط الإسبانية، وأن كثيرًا من القسيسين في مدينة مرسية كانوا يحفظون المقامات العربية حفظًا كاملاً، ويجادلون المسلمين حول بعض القضايا المتعلقة ببلاغة المقامات. كل هذا دليل على مدى الإتصال الوثيق بين أدبنا العربي وبين هذه الآداب الأوربية. بعد ذلك كانت هناك حركة أخرى من الترجمة تمت في إشبيلية وفي مرسية في ظل الملك ألفونصو العاشر الحكيم، وكان بلاطه يشتمل على علماء من المسلمين والمسيحيين واليهود، وكان جميعهم يشتركون في ترجمة العلوم العربية إلى اللاتينية الدارجة، التي نشأت عنها اللغة الإسبانية، وكان ذلك قائمًا على أساس الثقافة العربية، فقد كان ألفونصو العاشر نفسه متشبعًا بهذه الثقافة، وهو الذي كان يشرف على أعمال الترجمة، ويشارك فيها بنفسه. ونذكر هنا الكتاب المشهور الذي يعد من أكثر الكتب إيجازًا في بيان المناهج الفلسفية الإغريقية وهو كتاب "مختار الحكم" للفيلسوف المصري المبشر بن فاتك، وكان هذا الكتاب قد نال إعجاب ألفونصو العاشر، فترجم في أيامه، ويقال إنه شارك في ترجمته، باسم Los bocados de oro. ثم بعد ذلك تمت لهذا الكتاب أكثر من 40 ترجمة إلى اللغات الأوربية المختلفة. وكان هذا الكتاب هو أول ما عرف الأوربيين بالفلسفة الاغريقية التي لم تعرف إلا عن طريق الترجمات العربية. ومثل هذا من الممكن أن يقال عن بقية الكتب العلمية : كتب الفارابي، كتب الفلك، والفلاحة، والطب. نعرف أن هناك طبيبًا و جراحًا مشهورًا، من الأندلس، وهو أبو القاسم الزهراوي، صاحب كتاب " التصريف لمن عجز عن التأليف"، و يعد من أهم كتب الجراحة والذي سجل فيه الزهراوي الآلات الدقيقة التي كان يستخدمها في الجراحات الصعبة، من بينها جراحات في المخ. هذا الكتاب ترجم الى اللاتينية و انتشر في أوربا إنتشارًا كبيرًا، وعلى أساسه قام الطب والجراحة الأوربيان حتى القرن التاسع عشر. حينما نأتي إلى التصوف، ونحن نعرف أن الأندلس عرفت في الفترة الأخيرة من حياتها بالمتصوفة، منهم أبو العباس المرسي، الذي أصبح وليًا في الأسكندرية، ومنهم إبن سبعين المرسي، ومحيي الدين بن عربي المرسي، كل هؤلاء أثروا تأثيرًا كبيرًا في نشأة التصوف المسيحي. وقد نشرت في السنوات الأخيرة دراسات عن سان خوان دي لا كروث، أول متصوف مسيحي كبير في القرن 16، وعن سانتا تيرسا دي خيسوس، و تصوفهما مرتبط إرتباطًا وثيقا بالتصوف الإسلامي كما أثبت ذلك الباحثون الأوربيون أنفسهم. فنحن نرى، في كل نواحي المعرفة، بصمات العرب واضحة في النهضة الأوربية التي كانت مراكزها، إلى جانب المراكز الموجودة في إسبانيا، نجد أنه في إيطاليا كانت هناك مراكز أخرى في نابولي، وفي باليرمو، التي كانت عاصمة صقلية، وأن صقلية كان وضعها مثل وضع الأندلس، إذ كان ملوك النورمانديين محاطين ببلاط من العلماء المسلمين، وكانت سياستهم في البداية سياسة تسامح مع هؤلاء العلماء استفادوا منهم. لو أردنا أن نجمل فنحن نقول إن الثقافة العربية كانت أساسًا للنهضة الأوربية في كل مجالات المعرفة تقريبًا. لم يخلُ مجال من المجالات سواء في الأدب أوفي الفلسفة أوفي الدراسات الدينية أوفي التصوف أوفي العلوم الطبيعيات والرياضيات والموسيقى وغيرها إلا و كان متأثرًا بما أخذه الأوربيون عن العرب عن طريق الأندلس في المقام الأول. * من خلال معرفتك بحركات الاستشراق في الغرب، أين تقف حركة الإستعراب الإسبانية من الإستشراق الغربي؟ - نحن نعرف أن حركة الإستشراق بدأت منذ عصر مبكر، ويمكن أن نقول إن حركة الإستعراب الإسباني كانت أقدم ألوان الإستشراق، لماذا ؟ الأسباب واضحة وطبيعية، لأن الاسبان كانوا أقدم الشعوب الأوربية إتصالاً بالعرب، بحكم أن المسلمين كان لهم حضور ووجود في قلب بلادهم. ولهذا فنجد أن أول قاموس لاتيني-عربي تم في إسبانيا في القرن العاشر الميلادي. ثم نجد أن حركة الجدل بين المسلمين والمسيحيين كان إزدهارها في الأندلس بحكم أن الصراع والصدام المتصل بين الطرفين كان على هذه الأرض، فإبتداء من دخول المسلمين الأندلس في القرن الثامن دارت مجادلات بين المسلمين و المسيحيين وفي عهد الطوائف، لتزدهر هذه الحركة لأنه وجدت حركة تواصل كان فيها صراع سياسي وعسكري، وفي ذات الوقت ذاته كان صراعًا فكريًا. بعد ذلك نعرف أن الإستشراق الإسباني مر بتطورات كثيرة، فبعد سقوط غرناطة كانت هناك حركة تعصب مسيحي، ومحاكم التفتيش التي تعقبت العرب وأحرقت الكتب العربية وحرمت اللغة العربية. وهذا الجزء يستاء منه الإسبان أنفسهم اليوم ويدينونه. لكن بعد ذلك من الممكن أن نرجع إلى كتاب ادوارد سعيد عن الاستشراق الذي يبين فيه أن من أهداف الإستشراق كان خدمة الإستعمار و التبشير. ولكن كان ذلك أوضح في البلاد الأوربية التي كان لها إحتلال في بلادنا الإسلامية، وخصوصاً إنجلترا، وفرنسا، وهولندا، مقارنة بإسبانيا، وإن كان لها صلات بالمغرب العربي بإستيلائها على بعض أجزائه في حقب تاريخية معينة، إلا أنها لم تمتد الى العالم الاسلامي كله. وكانت صلتها بالعالم الاسلامي أقل، ومطامعها فيه أكثر تواضعًا بكثير من البلاد الأوربية الأخرى. هذا كان من أوجه الفروق بين الإستشراق الإسباني والأوربي، الفرق الثاني وهو الأهم، وهو أن الإستشراق الأوربي كان ينظر إلى بلاد العرب والمسلمين على أنها بلاد مستهدفة للسيطرة و للإستغلال، وغريبة عن البلاد الأوربية. ينظر الإسبان إلى الدراسات الأندلسية على أنها جزء من تراثهم، لأن المسلمين كانوا مقيمين في أرضهم وكان للإسلام حضور مستمراً ليس لثمانية قرون كما يقال، وإنما نحو عشرة قرون. فينظرون إلى الدراسات العربية من الداخل ليس كالمستشرق الأوربي الذي كان ينظر إلى العالم العربي والإسلامي كأنه عالم خارج عنه. بدأت الحديث عن التراث الأندلسي الإسلامي في ظل التعصب الذي كان إبتداء من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر، كانت دائما فكرة سلبية، ثم تغيرت تمامًا من خوسيه انطونيو كوندي في أوائل القرن التاسع عشر، ثم جايانجوس، و ريبيرا، وبَلاثيوس، وجدنا أن تغيرًا فكريًا واضحًا إبتداء من التجاهل ومن عدم المعرفة إلى الإهتمام بالبحث عن مصادر الثقافة الإسلامية في الأندلس العربية ، ثم تقدير هذه الثقافة نتيجة للدراسات الموضوعية ثم إعجابًا كبيرًا بها و بيانًا واجلاءً لانجازاتها الكبرى لا بالنسبة لإسبانيا فقط وإنما بالنسبة للقارة الأوربية كلها. نجد هذا في المدرسة الأخيرة للمستشرقين إبتداء من أسين بَلاثيوس ثم أنخل بلنثيا، وجارثيا جوميث، ثم جيل المستشرقين من الشباب الذين يعملون الآن في الميدان الأندلسي، بل إن هناك فرعاً من الإستشراق الإسباني يهتم الآن بحاضر العالم العربي و بأدبه وثقافته ويقوم بترجمة الأعمال الأدبية الكبرى إلى الإسبانية. وقد قام برعاية هذا الإتجاه بدرو مارتينث مونتابيث الذي أصبح إمامًا لمدرسة جديدة في الإستشراق الإسباني تهتم بهذه الموضوعات الحديثة. من هنا وجدنا أن الإستشراق الإسباني يختلف، خصوصًا في السنوات الأخيرة، إختلافاً جذريًا من هذه الناحية، وهو أنه إستشراق ليس مستهدفًا لمطامع سياسية أو لسيطرة فكرية أوسياسية أوإقتصادية في العالم العربي. ثم من ناحية أخرى إنه ينظر إلى التراث العربي على أنه شيء حميم جزء من ماضيه، من تكوينه و من قوام شعبه. ولذلك فإن هذه النظرة التي نراها متسمة بالإعجاب والتقدير لهذا التراث العربي سواء الحديث أو القديم، نجد أنها أوضح في الإستشراق الإسباني. كل هذا يجعله مميزًا عن الإستشراق الأوربي. * وماذا عن دراسة تراث الموريسكيين؟ هل نال حظه من الدراسة مع ما يعني من أهمية في تاريخ الحضارة العربية في الأندلس؟ - حظيت الدراسات المتعلقة بالموريسكيين بنهضة كبيرة واهتمام عظيم في إسبانيا في السنوات الأخيرة. ومعروف أن هذه الثقافة أنتجها الموريسكيون، وهم بقايا مسلمي الأندلس بعد سقوط غرناطة، وكانوا من أهم عناصر المجتمع الإسباني طوال القرن السادس عشر وجزء من السابع عشر، إلى أن صدرت قرارات طردهم، في عامي 1605 و1614، وشملت آلافاً كثيرة منهم. صحيح أنهم أجبروا على التنصر، ولكنهم ظلوا يحتفظون بعقيدتهم، والدليل على ذلك الوثائق الكثيرة المتعلقة بمحاكماتهم والتي ظلت قائمة حتى نهاية القرن الثامن عشر. على الرغم من كثرة الوثائق الموجودة في دير سيمنكاس، وفي غيره، هناك كتب كاملة يعثر عليها بين وقت وآخر بين جدران البيوت في مختلف أنحاء إسبانيا. لهذا فأن متخصصين كثيرين من إسبانيا يدرسون هذا الموضوع، لاسيما أن مؤلفات الموريسكيين مكتوبة باللغة الإسبانية وإن كانت بحروف عربية، ولهذا فإن العمل في هذا الميدان يقتضي بالضرورة معرفة عميقة باللغة الإسبانية، خاصة في القرنين السادس عشر والسابع عشر. هذا ما جعل الإسبان أقدر على العمل في هذا المجال. أما في العالم العربي فنظرًا لما شرحته من ظروف فنجد أن المتخصصين في هذا الأدب قليلون جدًا. لربما كانوا أكثر في تونس لأن آخر مجموعة من هؤلاء المسلمين نزلت في تونس، ونقلت إليه كثيرًا من التقنيات التي كانوا يستخدمونها في الري والزراعة في شرق الأندلس، وما زالت هناك أسر في تونس تحتفظ بأسمائها الموريسكية القديمة، وتعرف ماضيها، بل تحتفظ بمفاتيح بيوتها في تلك المدن الأندلسية القديمة. في الشرق العربي للأسف ليس هناك إلا عدد قليل من المتخصصين في هذا المجال. * كانت البرتغال جزءاً من الأندلس، فهل الحضارة العربية في البرتغال لقيت حظها من الإهتمام والدراسة من قبل العرب والبرتغاليين ؟ - الوجود الإسلامي في البرتغال يوازي الوجود الإسلامي في إسبانيا، فنحن نعرف أن البرتغال لم تظهر كدولة إلا على أساس المدن التي انتزعها البرتغاليون قبل أن تكون دولة من مدن غرب الأندلس. و مازالت الآثار العربية في البرتغال كثيرة و قائمة كما هي في إسبانيا، وخاصة المنطقة الجنوبية من البرتغال التي تسمى الغرب، Algarve، وكانت تسمى غرب الأندلس، من هنا هذه التسمية. وهناك مدن من الواضح فيها الأثر الاسلامي مثل مدينة شيلب العربية، وشَنتارين التي منها إبن بسام الشنتاريني، صاحب كتاب " الذخيرة " ، شَنتاريم بالبرتغالية. ومثل شينترة التي تسمى سينترا الآن ، يابورة Evora، و غيرها من المدن. غير أن البرتغال لم تهتم بهذا التراث الأندلسي إهتمامًا كبيرًا. هناك عدد من المستشرقين البرتغاليين ظهر في القرن الماضي والقرن الحالي، ولكنهم قليلون بالقياس إلى المستشرقين الإسبان، وذلك لأن البرتغاليين كانوا أكثر إمعانًا في التعصب من الإسبان في عصور التعصب المظلمة. ولذلك فإنهم حاولوا طمس هذا الماضي العربي خلال القرون الماضية، وظل هذا مستمرًا حتى جزء كبير من هذا القرن العشرين حتى نهاية حكم الدكتاتورسلزار. ولكن بعد الإنفتاح الذي حدث في البرتغال، ومثله في إسبانيا، إبتداءً من منتصف السبعينيات فإننا وجدنا أن الإهتمام متزايد الآن بالماضي العربي في البرتغال، سواء من ناحية الآثار الاسلامية الموجودة في هذه البلاد، أوفي غير ذلك من مظاهر الثقافة. وهناك الآن في بعض الجامعات البرتغالية تدريس للغة العربية يقوم به بعض الزملاء المصريين، وإهتمام كبير باسترجاع هذا الماضي العربي الإسلامي في البرتغال، إلى جانب ما يقوم به بعض العلماء في البرازيل أيضا بتتبع حركات المسلمين الذين قدموا من أفريقيا الغربية إلى البرتغال وأصبحوا يكونون جزءًا مهمًا من سكان البرازيل في الوقت الحالي، وأصبح هناك أدباء يتحدثون عن هذا الوجود العربي القريب العهد مثل الكاتب البرازيلي جورجي آمادو، وغيره من الأدباء البرتغاليين .
* د. خالد سالم
#خالد_سالم (هاشتاغ)
Khaled_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغيطاني وجدلية المجرد والمحسوس في -متون الأهرام- *
-
الشاعر رفائيل ألبرتي : تأثرت بالشعر العربي الاندلسي وغارثيا
...
-
الإسلاميون والديمقراطية في مفترق طرق
-
سورية في قلب أم الدنيا
-
الرؤيا في شعر البياتي
-
لا تجبروا جيش الشعب المصري على أن يكون فاعلاً على غرار جيوش
...
-
أزمة اللغة في -المسرح الجديد- في إسبانيا
-
مشاهد بعد معركة الإخوان المسلمين
-
العرب بين الإنتحار واللهو بتطبيق الشريعة: مصر على شفا جَرف ه
...
-
من البنية إلى البلاغة في السميوطيقا البصرية
-
التأليف الموسيقي في خدمة الصورة السينمائية (الخطاب الموسيقي
...
-
توظيف وتطبيق العلامات المسرحية
-
حركة الإستعراب الإسبانية من الداخل
-
مكان الطقس في سميوطيقة العرض
-
السارد في المسرح
-
سميولوجيا العمل الدرامي
-
الشاعر أوكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن
...
-
المسرح والخيال
-
عبد الوهاب البياتي محلقًا عبر أشعاره وحيواته في العالم الناط
...
-
مسرحية -القبيحة- وتقاليد إسبانيا العميقة عبر إقليم الأندلس
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|