أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مريم نجمه - نساء من بلادي ... مهداة .. لذكرى يوم الجلاء 17 نيسان - قصّة















المزيد.....

نساء من بلادي ... مهداة .. لذكرى يوم الجلاء 17 نيسان - قصّة


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1196 - 2005 / 5 / 13 - 10:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هي هي .. لا غيرها تعرف الوجوه , والتاريخ ..وتحفظ الكلمات .. والأفعال .. والحوادث ...
أجل , هي وحدها التي كانت تنحت على الصخور والمنعطفات .. المخطوطات اليدوية .. لتكتب أسرار الناس وحياتهم اليومية .. ونبضات قلوبهم الحيّة.
إنها واحدة من قرى ريفنا السوري الساحلية في " قضاء بانياس " الأخضر , الغافية على سفوح ( قلعة المرقب ) المطلّة على البحر المتوسط , تحرس شواطئه وأمواجه من هجمات الأعداء .
نحن في نهاية عقد الثلاثينات , وأوربا ساحة الحرب الكونية الثانية , يحترق في أتونها المدمّر ملايين الأبرياء , ضحيّة أطماع وصراع الدول الكبرى , يا لها من مجزرة بشرية عاشها العالم ست سنوات تحرق وتأكل الأخضر واليابس .. أينما حلّت .
أبت سوريا البطلة .. سورية السيف والنضال والتاريخ .. والشهداء .. والعنفوان , إلا أن تأخذ إستقلالها بيديها وبأسلحتها المتواضعة المتوفرة , وبوسائلهاالخاصة بالإعتماد على النفس . فالثورات الوطنية والتمردات والإنتفاضات الشعبية اشتعلت في سورية منذ اللحظة الأولى التي وطئت أرضها أقدام المستعمر الفرنسي , وكانت " ميسلون " القدوة والمنارة والمثل .. وكان ( يوسف العظمة ) الشهيد الأول للرفض الشعبي والوطني اّنذاك في 24 تموز 1920 .

فرق من الجيش الفرنسي الغريب حطّت هنا وهناك .. زرعت أسلحتها , ومدافعها في كل شارع , وأكمة .., رائحة الإحتلال الكريهة غطت سماء البلدة الوادعة في كنف الجبل وقلعتها التاريخية " المرقب " . -
البيوت الحجرية الرابضة في جذور الصخر أخذت تفرغ من رجالها وشبابها الأقوياء الأباة .., غصّت السجون والأقبية بالأحرار .. لماذا ..؟ أين هم ..؟
لأنهم صاحوا بأعلى صوتهم : لا, لا للمستعمر .. وبلغتهم الخاصة جدا .. والبسيطة جدا .. , تعلموها من الأجداد والاّباء , وعبر الحكايات , والتاريخ القديم القديم ..!

كانت الستائر البيضاء " الدانتيلة " في بيوت ونوافذ قريتنا هذه .. ترفع وتتحرك طوال اليوم بذكاء وقوّة ملاحظة شاملة .. ثاقبة في كل اتجاه.
ستائر النوافذ الصغيرة والكبيرة المزركشة هذه التي نسجتها , وطرّزتها أنامل النساء الريفيات الماهرات , كانت ترفع بمنتهى الدقة والدراية , وبنظرة نسائية نفّاذةفي عمق الشوارع والدروب , والأحياء الأليفة, لرصد تحرّكات العدو .
أطفال وصبايا, ونساء وأمهات وجدّات .. يغزلن ويحكن الصوف .. ويطرّزن الحرير , ويصنعن البارود للثوار والمقاتلين الرابضين وراء الصخور , وبين أشجار البلّوط والسنديان .. والزيتون .
هذه الورشات الصغيرة البيتية المتنوعة , وفرق الهندسة والإستكشاف النسائية وسط قرية " البيضا" .. , كانت تؤازرها حلقة ثانية في الجانب الاّخر من البلدة , حيث كانت الفلاّحات , والعاملات يعملن بجدّ ونشوة وفرح بمخابزهنّ المحلية " التنور الريفي " ويهيئن المؤونة والزاد , من الإنتاج الحيواني والزراعي والنباتي البسيط المتوفرلديهن , ليحملنه ليلا في أوان مموّهة , لينقلنه إلى حماة القرية من حوافر خيل العدو الفرنسي البغيض .
أما الصورة الثانية من الجانب الاّخر في الحقل النسائي المعطاء .., فهي تختلف عن الصورة الأولى , فهنا .. جغرافية البلدة أعطتهن شيئا من الحرية والتحرّك الجماعي النشيط الجميل والمفرح باّن .. بهمة تفوق الخيال , تتخللها الأحاديث , والأمثال والحكايات , والغناء , والعرق واحمرار الوجنات .., كانت كلها تجبل بابتسامة وديعة عريضة خارجة من أعماق الرئتين النظيفتين بهواء جبال " البيضا" الندية المشبعة برطوبة البحر القريب .

لماذا كلّ هذا التضامن والحبّ والفرح والمسؤولية الجماعية والعمل المبدع الخلاّق .. يتساءل المستمع أو المشاهد أو القارئ ..؟
فتجيب " عزيزة " الجدّة الوقور , ومعها أيضا الشابة ذات الجبين الوضاء " فائزة " : السبب بسيط جدا : إننا نساهم بإمكانياتنا وقدراتنا بالثورة .
سيحمل نتاج عملنا إلى الثواّر : محمود , موسى , عزيز , غانم , صالح , وأبو أسعد , ووووو هناك حيث الشيوخ , الشباب , والاّباء الساهرون على جوانب الطرق يطوّقون مراكز العدو ويقضّون مضاجعه ليل نهار .
كانت طلقات الثوّار تسمع في الليل بين الفينة والأخرى , بين إشعاع نجمة ونجمة .. , كان الرصاص يلعلع في سماء البلدة , فتهمس " فدوى " هذا أبي , و ليلى " هذا أخي , و " زكيّة " تقول هذا زوجي ..., صحيح أنّ العيون نائمة , ولكن كانت روح أهل القرية وشعورها وفكرها وقلبها مع المقاتلين ساهرة مع الحرية حتى الصباح أدعية , وعملا .

صحيح أنّ الليل ظلام وسكون , ونوم عميق , وهدوء واستراحة .. ولكن هنا في أرض " البيضاء " كان الليل يختلف عن أية بقعة أخرى . الليل في قرية البيضا , الخليّة المتحركة , هو الإنسان الذي لا يهدأ العامل والفاعل في صياغة الحدث , والمعارك , والفعل , والتاريخ .. الإنسان وحده ومعه التصميم والتحدّي والغيرة والوطنيّة لا تنام أبدا ولا تستريح طالما أرضه مغتصبة .

عينان خضراوان واسعتان جميلتان , لا تعرفان النوم في الليل .., ينسلّ هذا الطيف الزئبقي على فرس عربية أصيلة, بعد أن ترتدي شالها الأسود المطرّز بخيط ليلكيّة .., كانت تخبئ شعرها المجعّد تحته بحب وفرح ممزوجين بدفء الجمال والشذى .. , " شرف منصور " الفتاة الريفية هذه , ارتدت ثوبها الطويل بخفة الغزال , وانطلقت كضؤ البرق , وهدير الرعد , مختفية بين الأشجار والمنعطفات والوديان ( سندريلا الثوار ) .. , وصّلت الأمانة " وجمعت الأخبار .. , وعادت مسرعة كزنبقة الوادي دون أن تترك اّثار أقدامها وأطياف الملائكة على الأرض أو تحت الشجر بضؤ القمر , قبل أن تنبلج أشعة الفجر الأولى عادت شرف بنبل وشرف عادت لبيتها " لثكنتها " و " مملكتها البيتية " .. سكرى , جذلى بسيمفونية وإيقاع متوازن هادئ ومدروس ,
إنها خلية نحل تعمل ليل نهار .. كل يؤدي دوره وعمله لكي تبقى " قرية البيضا " بيضاء ناصعة خالية من الشوائب الغريبة .. , وملتحمة مع أبناء هذه الأرض بالعطاء اللامحدود المجبول بالتضحيات والحبّ .. والوعي والوطنية . ..!

إنتهى القسم الأول , وقد نشر القسم الثاني من هذه القصة سابقا .



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم جديد .. وقرن جديد
- تدحرجت الصخرة السادسة عشرة ...!
- (( كلنا للوطن .. للعلا للعلم )) ... ثورة العلم .. والإستقلال ...
- من وحي عيد الأم ,, : أماه .. أماه .. عيدك ما أحلاه .. عمّدين ...
- الرياح الشمالية .. والتحدّي .. في يوم ما ....!!؟؟
- ليس هذا هو الغناء .....!! ليس هذا بغناء .... للتذكير فقط ... ...
- عام من الفرح .. مع الحوار المتمدن .
- لا تحرير للمجتمع .. إلا بتحرير المرأة .... , تحية بعيدها الع ...
- أهلا بأّذار .. الإنتصار لهذا العام
- اّذار .. يا أجمل الأشهر .. والأيام .. , فيك تجمّعت الأعياد : ...
- رسالة .....
- الأخبار ..الأخبار ...!
- نساء من بلادي .. - تتمة القصة
- قراءة .. في مهزلة 99 , 99 ...!؟
- أيها المستلقون .. والغافلون تحت خيمة الإستبداد .., انهضوا وح ...
- قراءة ... في أرقام المهزلة ....! ؟
- مدّ يدك يا وطني إلى حافة النهر .. لنشرب معا دواء الحبّ .. ون ...
- كلنا احترقنا .. كلنا محترقون .. للوطن والشهداء .. نحن منحازو ...
- قائمة بأهم الأعمال التي كانت تقوم بها المرأة الريفية في صيدن ...
- نشارك لبنان حزنه .. وصموده


المزيد.....




- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مريم نجمه - نساء من بلادي ... مهداة .. لذكرى يوم الجلاء 17 نيسان - قصّة