التيار اليساري الوطني العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 01:24
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
على هامش هجوم نوري المالكي ضد تظاهرة 31/آب/2013 - مقال وتساؤلات الى السيد المالكي منشور في 16/نيسان/2012
هل هجوم نوري المالكي على اليسار العراقي استمرار لخطاب المقبورين نوري السعيد وصدام حسين أم تقدير خاطئ لظاهرة تأريخية موضوعية؟
ضمن سلسلة من الخطابات للسيد نوري المالكي, جاء خطابه في مدينة النجف على وقع خطابات المقبورين نوري السعيد وصدام حسين لناحية الموقف من الماركسية واليسار والشيوعية ( .....ا...ننا هزمنا النظريات المنحرفة ......كنـّا قد نشأنا على فكر الشهيد الصـدر ، وتسـلحنا بـه ، يوم كانت التحديات الألحادية و الماركسية والعلمانية ، فهزمناهم بكل ثقة بفضل الصدر وفكره .....قال لي شباب من تونس ، لقد هزمنا الألحاد والماركسية في الجامعات التونسية بفعل فكـر الصـدر ....الخ) وعلينا قبل الخوض في مدلولات موقفه من الشيوعية, ان نصحح لنوري المالكي وجهازه الاعلامي ومستشاريه معلومة راهنية تتعلق باستشهاده بقول شباب تونس, فنتائج الانتخابات الطلابية في جامعات تونس تقدم صورة مناقضة تماماً لما ورد على لسان المالكي, إذ فاز اليسار بنسبة 49 % من الاصوات مقابل 19% لكل القوى الاسلامية التي يفتخرالسيد نوري كامل المالكي بأنتصارها المزعوم على اليسار التونسي .
لقد برهن نوري المالكي بموقفه هذا من الشيوعية على جهل تأريخي وفقدان للذاكرة وغرور فارغ , مما يستدعي منا ان نعيده الى الواقع, ونٌذّكره بدروس التأريخ السياسي العراقي البعيد والقريب, آملين ان يتعض ويتعلم من مصير سابقيه الذين رفعوا راية معاداة الشيوعية واليساروالحزب الشيوعي العراقي وابرزهم المقبور نوري السعيد والمقبور صدام حسين وبينهما المتخلف عبد السلام عارف وصاحب فتاوى ابادة الشيوعيين محسن الحكيم, الذين ذهبوا جميعا الى مزبلة التأريخ وبقت الشيوعية اقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق
كان النظام الملكي العميل مصمم على تصفية الحزب وفقاً لأوامرسيده المستعمر البريطاني, فقد أعلن المقبور نوري السعيد تحت قبة البرلمان بأن "ليس لحكومته أي غرض إنتقامي إلا أن تصفي حساب الشيوعيين وتكافح الشيوعية الى نفسها الأخير في هذه البلاد.", فكانت الضربة الاستعمارية على يد المقبور نوري السعيد، التي تلقاها الحزب في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين، كارثية من حيث حجم الخسائر التي تكبدها الحزب الشيوعي العراقي, تمثلت بإعدام قيادة الحزب التاريخية (فهد ، حازم ، صارم) في عام 1949، وتحطيم منظماته واعتقال الألاف من الاعضاء والكوادر. وتمكنت الأجهزة القمعية من تحطيم خمسة مراكز حزبية خلال ثمانية أشهر ( تشرين الثاني 1948 ـ حزيران 1949) . ولكن، لا حملة الاعدامات والإعتقالات ولا حتى حرب الإشاعات الإنشقاقات المفبركة... إستطاعت أن تعيق نضال الشيوعيين العراقيين أو توقف جهودهم سواء على صعيد اعادة بناء الحزب وتضميد الجراح وبروز قيادات جديدة, أو على صعيد الكفاح الوطني من أجل التحرر من الاستعمار البريطاني ناهيكم قيادة الصراع الطبقي عبر الاضرابات العمالية , فقد عمت الاضرابات جميع المنشأت النفطية , حتى توجت هذه المعركة بأنتفاضة تشرين الثاني 1952 المجيدة التي هزت اركان الحكم الملكي العميل , ومثلت بروفة ثورة 14 تموز 1958الوطنية التحررية التي اطاحت بالحكم الملكي العميل وحررت البلاد من ربقة الاستعمار البريطاني, وأسست الجمهورية العراقية بمنجزاتها التقدمية الكبيرة, وكان على نوري السعيد الثاني دفع ثمن عمالته للمستعمر وجرائمه بحق الشعب العراقي وقواه الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي , ولم ينفعه التستر بلباس امرأة للهرب من قصاص الشعب الذي اعدمه سحلاً في شوارع بغداد .
هل يريد السيد نوري المالكي أن يثبت الرأي القائل بأن الهدف الحقيقي لتأسيس حزبه, هو القضاء على الشيوعية واليساروالماركسية , سيراً على خطى محسن الحكيم الذي شعر بالخيبة والخسران بسقوط الحكم الملكي العميل حداً لم يتمكن فيه حتى من ارسال برقية تهنئة لقادة ثورة 14 تموز 1958 بينما ارسل برقية تهنئة لانقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي الاسود الاميركي الصنع ,الذين نفذوا فتواه بأبادة الشيوعيين العراقيين وقتواه الثانية بمصادرة اراضي الاصلاح الزراعي الموزعة على الفلاحين الفقراء بعد أن حَرّم صلاة الفلاح فيها, باعتبارها أرض مغتصية ! وساهم مساهمة مباشرة بالتعاون مع السفير الامريكي وعصابات البعث في التحضير لانقلاب الردة هذا.كما لم يفت محسن الحكيم التوجه الى المنطقة الغربية وحشد القوى الاقطاعية والرجعية في حزب اسلامي, اطلق عليه تسمية الحزب الاسلامي العراقي, ناهيكم عن تحالفه مع اقطاعية البارزاني المعادية للشعب العراقي, هذا الحلف الاسود الذي ادخل العراق في اربعة عقود من الفاشية والحروب لم يسلم من كوارثها الحلفاء انفسهم على يد دكتاتورية صدام حسين وعصابته الفاشية .
اذا كنا قد ذكرنا السيد نوري المالكي بمصير العميل المقبور نوري السعيد , فلا نعتقد أننا بحاجة الى سرد وقائع السياسة القمعية للمقبور صدام حسين, فقد نال نوري المالكي وحزبه نصيبه الوافر منها, ناهيكم عن عنتريات وحروب صدام التي ادت الى تدمير العراق وتسليمه لقمة سائغة الى المحتل الامريكي, وهل لنا أن نُذكره بسياسة المقبور صدام المعادية للشيوعية, بشقيها الناعم عبر استمالة الحزب الشيوعي العراقي الى إقامة الجبهة الوطنية عام 1973, على امل ان يحل الحزب الشيوعي العراقي نفسه وينصهر في حزب البعث, وتصدي القواعد والكوادر لهذا المخطط التدميري " الناعم" الذي تحول الى الهجوم "الدموي" الشامل عام 1979 بعد فشل الهجوم "الناعم", وهل نحن بحاجة الى تذكير السيد نوري المالكي بالكفاح المسلح الذي خاضه الشيوعيون العراقيون وعلى مدى عقد كامل من الزمان ضد النظام البعثي الفاشي ؟ ناهيكم عن العمل النضالي السري الباسل لمنظمات الحزب على مدى ربع قرن من حكم الطاغية المقبور.أم يريدنا ان نذكره بأن كل رصيده هو شخصيا امام الشعب العراقي يتمثل بتوقيعه على اعدام الدكتاتور صدام حسين ؟ فما هو مآله ان تقمص هو شخصية المقبور نوري السعيد او المقبور صدام حسين؟
نصيحتنا الى السيد نوري المالكي تتمثل بالتالي
اولاً : ان اليسار العراقي على مختلف تسمياته يجُل حقوق الانسان العراقي ويناضل من أجل تحقيقها في ظل جمهورية العدالة الاجتماعية , مستنداً في ذلك الى نظرية معرفية يتسابق اليوم كبارمنظري الراسمالية المازومة على الاعتراف بأنها قد تكون الحل الوحيد لخلاص الشعوب في النظام الراسمالي الوحشي , والى مسيرة كفاحية تأريخية توازي تأريخ تأسيس الدول العراقية الحديثة منذ عام 1921 حتى يومنا هذا , مسيرة معمدة بدماء آلاف الشهداء قادة وكوادر وقواعد, اندحر خلالها الطغاة وظلت راية الشيوعية ترفرف عالياً في سماء العراق, وستبقى الشيوعية اقوى من الموت وأعلى من اعواد المشانق, اما مصير الطغاة فمزبلة التأريخ.
ثانياً : ان الشعب العراقي بعماله وفلاحيه وشغيلته ومثقفيه ومهنيه وكافة اطيافه تواق الى الحرية والخبز والعيش الكريم, ولعله اكثر الشعوب العربية خبرة بالخطاب الديني الديماغوجي الذي ينافس اليوم الخطاب الصدامي القومجي المفلس لناحية تبريرتجويع الشعب ونهب ثرواته وافقاره, فالشعب العراقي واعٍ لما يجري من سياسة الخداع والديماغوجية التي تمارسها الطبقة السياسية الفاسدة المتحكمة بالبلاد والعباد , بل والشعب في حالة تململ وقد ينجر باية لحظة للاطاحة بهذه الطبقة الفاسدة .وعليه فأنه من السذاجة السياسية بمكان اللجوء الى سلاح الدين كخطاب سياسي, لخداع شعب ذو ماض حضاري وتأريخ سياسي ثوري وحاضر مأزوم.
ثالثاً : ليس امام السيد نوري المالكي من خيار كرجل دولة سوى واحد من أثنين, الخيارالاول هو خيار نوري السعيد ومحسن الحكيم وعبد السلام عارف وصدام حسين, اي مزبلة التأريخ, أما الخيار الثاني فهو خيار الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم بعد التعلم من الخطأ التأريخي الذي ارتكبه هذا الزعيم الوطني البطل ودفع حياته ثمناً لذلك, حينما خضع لضغوط القوى القومجية والدينية فحاول تحجيم دور الحزب الشيوعي العراقي فكانت النتيجة قيامها بانقلاب 8 شباط 1963الاسود والاطاحة به وقتله هو ورفاقه .
لقد تمتع الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم بشجاعة الاعتراف بالخطأ أزاء الحزب الشيوعي العراقي, ولكن للأسف بعد فوات الأوان .فعند اتصال الشهيد سلام عادل قائد الحزب الشيوعي العراقي بالزعيم المحاصر في وزارة الدفاع, إذ استمر سلام عادل بالاتصال تلفونياً بوزارة الدفاع بين فترة وأخرى، مستفسراً عن وضع الموجودين فيها، مقدماً اقتراحاته لهم. وقد ردّ عبد الكريم قاسم على أحد الاتصالات التلفونية التي أجراها سلام عادل مع وزارة الدفاع، وقال له بأننا أخطأنا مع الشيوعيين، وقدّم له الاعتذار قائلاً له إنه سيضعهم في المكان المناسب، واعداً بمعالجة الأخطاء التي ارتكبت بحق الحزب. لكن سلام عادل قطع حديثه بلباقة موضحاً له بأن الوضع حرج ويحتاج العمل السريع وعدم مناقشة الماضي، وطلب منه إذاعة بيان موجه إلى القوات المسلحة بصوته من الإذاعة السرية التي كان الحزب يعتقد بوجودها في وزارة الدفاع، يدعو فيها الجماهير إلى مقاومة الانقلاب وتسليم السلاح للجماهير.
رابعاً : ولكي لا يساء فهمنا وكأننا نقارن بين الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 تموز 1958 الوطنية التحررية وبين السيد نوري المالكي القادم الى العراق هو وحزبه بعد احتلال العراق من قبل الامبريالية الامريكية , فأننا وأمانة للتاريخ ورغم اختلافنا الايدلوجي مع حزب الدعوة, نقدر للسيد نوري المالكي وحزبه الموقف المشترك مع الحزب الشيوعي العراقي حيث رفض الحزبان الاشتراك في مؤتمر لندن كما رفض الحزبان الحرب والاحتلال وسيلة للخلاص من النظام البعثي الفاشي, واعلن الحزبان ان اشتراك حزبيهما في العملية السياسية يهدف الى انقاذ ما يمكن انقاذه وتحرير العراق بالوسائل السلمية .نقدر هذا الموقف للحزبين الشيوعي والدعوة رغم اختلافنا معه , اي هذا الموقف, جملة وتفصيلاً, استراتيجياً وتاكتكياً.
خامساً : ان السيد نوري المالكي ملزم بالاعتذارعلناً ليس لليسار العراقي فحسب , بل للشعب العراقي بأجمعه عن تصريحاته المتخلفة المتغطرسة هذه.
سادساً : لدى السيد نوري المالكي في مرحلة ما بعد 31/12/2011 فرصة واقعية لكي يقرن الاقوال بالافعال لناحية استكمال تحرير العراق والحفاظ على وحدة أراضيه والتخلص من نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد و وبناء عراق وطني ديمقراطي, عراق قادر على لعب دوره على صعيد الصراع الدائر في المنطقة العربية ,الدور المطلوب لصالح قوى التقدم والتحررالمتصدية للمخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي الهادف الى اشعال الحروب الطائفية والاثنية وتفتيت المنطقة العربية الى اقطاعيات محكومة من قبل الدويلة الصهيونية اللقيطة, اي, اختيار طريق الشعب العراقي التواق للحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
صباح الموسوي
منسق التيار اليساري الوطني العراقي
16/04/2012
#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟