أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - ابو العود














المزيد.....

ابو العود


فراس عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 4180 - 2013 / 8 / 10 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


ابو العود

كانت قريه (قارع) مشهوره بنسيم هواءها العليل من نهرها الواسع الجميل الذي يطل على بساتين النخيل الفارعة والتي تحتضن تحتها مختلف اشجار الفاكهة والحمضيات, وتحاذي حقول الحنطة المنتشرة مثل واحات الذهب الاصفر المتموج اللامع تحت اشعه الشمس عند صباح كل يوم.
كان يعيش بين اهلها معلم القرية ذو الشخصية القوية والمحبوبة من جميع سكانها, يستشيره الصغار قبل الكبار ومن نساء ورجال وبكل شارده ووارده صغيره وكبيره, لثقافته الواسعة ورايه السديد الحكيم. وكان مع ذلك دائما يغمر كل افراحهم بالبهجة والسرور بصوته الرخيم وانغام عوده الذي لم يفارقه بيوم لذلك سمي المعلم (ابو العود).

كان اهلها من الفلاحين يأكلون مما يزرعون, يساعد احدهم الاخر لم يكن بينهم غنيا ولا فقير, يجمعهم العمل والامل والفرح والسعادة. ولكن للأسف ذلك لم يدم طويلا عندما بدا نهر القرية الوحيد بالجفاف تدريجيا, وجفت معه حقول الحنطة الواسعة و اشجار الفاكهة المختلفة وجفت معه بطون الفلاحين وحيواناتهم. وانتشر الفقر والجوع والمرض وانتشرت الجريمة والقتل والدم على كل طرقات المدينة التي كانت تغطيها في السابق مختلف انواع الازهار.

اتجه الفلاحين مثل عامه الناس عند مواجهتهم الشدائد والمصاعب والمحن والمشكلات الحياتية الى رجل الدين شيخ الجامع في القرية. الذي كان بدوره يهدئهم ويطمئنهم ويدعوهم للصبر على الضيم والبلوى وان هذا هو امر الله الذي لا مفر منه, وعليهم الاكثار من الدعاء ونذر النذور للجامع, لكي يأمر الله بانجلاء السخط وعوده جريان المياه في النهر الجاف, ولكنه اخبرهم بعد ذلك ان كل ما اصاب القرية واهلها هو بسبب الكافر (ابو العود) الذي انزل سخط السماء على قريتهم وهو اساس البلاء بنشره الفساد في القرية وبدا بتأليب الناس ضده وامرهم بطرده بأسرع وقت لكي يغفر الله لهم الذنوب.
امتعض المعلم (ابو العود) كثيرا بسبب ما قاله رجل الدين بحقه لأهل القرية, فحزم امره وقرر السفر الى احد اقاربه في المدينة, وضل يفكر بطريقه ينقذ من خلالها القرية التي يعشقها وابنائها, ويسعى لتخليصهم مما سيصيبهم من جوع وموت محتم, بعد ذلك قام باستدانة مبلغ من المال وقرر الرجوع الى قريته.
وعند عودته جمع اهلها من الفلاحين واخبرهم بأنه سوف يقوم بأنشاء (معمل الدبس), ويشارك ببناء هذا المعمل كل اهلها بصغارهم وكبارهم دون استثناء ويستعملون ما تبقى لديهم من تمور لغرض انتاج الدبس.
لم يصدقه احد فيما اخبرهم به بعد ان شوه صورته رجل الدين, ذهب وجلس امام موقع بناء المعمل وهو مكسور الخاطر وبدا يعزف الالحان مع صوته الشجي والدمع يسيل على خده, وابكى معه كل من سمعه, حتى شاهد البناء يرتفع في المعمل من تلقاء نفسه, استمر بالغناء والبكاء حتى الصباح وجد المعمل مشيد ومكتمل البناء.
امن به بقيه الفلاحين وبدأوا العمل معه وفي كل يوم كانت تزداد اعداد العمال, حتى شملت جميع ابناء القرية من نسائها ورجالها واطفالها, وتضاعف المنتوج وتجاوز حدود حاجتهم اليومية, حتى قاموا ببيع المنتوج الفائض عن حاجتهم الى القرى المجاورة, تحسنت اثر ذلك حاله الفلاحين الاقتصادية كثيرا عندما امنوا لقمه العيش لهم ولكل عوائلهم, وانتهت بذلك مظاهر القتل والجريمة والسلب والنهب واختفى الدم من الطرقات.
بعد ذلك قام معلم المدرسة بجمع المبلغ الذي استدانة من ايراد المعمل وارجعه لقريبه, وبعد عودته من المدينة اخبر الفلاحين ان المعمل اصبح ملكا مشاعا, يعمل به الجميع وتوزع ايراداته على الكل وبالتساوي.
واصبحت قريه (قارع) مثالا يحتذى به بين جميع القرى المجاورة. عندما تعلم ابنائها وعلموا اجيالهم اللاحقة معنى العمل ومشاركه الناس لقمه العيش بعد ان اصبح الفرد للكل والكل للفرد. عادت الافراح والرقص والبسمة على كل وجوه اهل القرية كما كانت سابقا وعلى بهجه صوت والحان المعلم (ابو العود).




#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلم الكاتب
- صحوه بلدوزر
- السوق
- فتاه اللوحه.. لوحه الفتاه
- المقهى
- الشيخ والطفل
- ثوره الصمت
- من المسؤول
- دموع تحت الصفيح
- احذروا الحليم اذا غضب
- شيوعيا انا
- التغيير بات بأيديكم
- كابوس
- الشيوعي العراقي ..والانتخابات
- الشباب والربيع العربي
- الاشتراكيه ...حلم البشريه
- مفهوم الديمقراطيه و الربيع العربي


المزيد.....




- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
- -بوشكين-.. كلمة العام 2024
- ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - ابو العود