|
الإسلاميون والعفو الملكي عن مغتصب البراءة !؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4180 - 2013 / 8 / 10 - 01:26
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الإسلاميون والعفو الملكي عن مغتصب البراءة !؟ وكعادتى الصباحية ، وقبل الشروع في كتابة مقالة جديدة ، فإننى أبدأ يومي مبكرا بتصفح الأخبار ، ومتابعة الأحداث التى جرت في المغرب وفي بلاد الله العريضة خلال هذا الأسبوع , ومن خلال متابعتي لأحداث الساحة السياسية المغربية ، وجدت انها عاشت عدد من الأحداث الهامة والخطيرة ، التي لا يمكن إهمالها أو التغافل عنها ، لتأثيراتها البارزة التي قسمت على المواطنين ، الذين إنقسموا حولها ، بين مؤيد ومعارض , و بين معبر عن رأية فى هدوء , ومهاجم باللفظ العنيف , وبين من سالك طريق التظاهر والاحتجاج السلمي ، كوسيلة ضغط أصبحت متبعة في العالم العربي منذ بزوغ الربيع العربي , هذا الى جانب المتابعات الإعلامية التى تصدرت واجهات الصحف الجهوية والوطنية والدولية ، وغزت القنوات الفضائية الوطنية والعالمية .. ومن بين أبرز تلك الأحدات -التي استطاعت أن تغطي بأهميتها وخطورتها ، على ما يجري في مصر وسوريا وليبيا- قرار العفو الملكي الذي استفاد منه مجموعة من السجناء الإسبان، والذي دس من بينهم اسم المغتصب الإسباني ، الذي اعتدى على أكثر من عشرة أطفال مغاربة بمدينة القنيطرة.. حدث فتج شهية بعض المعروفين بمواقفهم الخاصة من النظام ، على الاصطياد في الماء العكر ، وتضخيم القضية/الخطأ ، والركوب عليها لمآرب سياسية ، مستغلين غضب وسخط الشارع المغربي -وهو أمر طبيعي أن يغضب المغربي عندما يحس بالإهانة، وتمس كرامته - للدعوة للخروج للتظاهر ليس ضد الإغتصاب ورد الاعتبار للضحايا والحفاظ على كرامتهم ، بل ضد الملك محمد السادس ، الذي خيبت المؤسسة الملكية مسعاهم ، كما في المثل العربي "أن حصاد البيدر، يكذب الآمال المعقودة على الحقول" بإحتوائها الأزمة المفتعلة قبل إستفحالها ، وإعادت الأمور إلى نصابها دون تردد ، من خلال تجاوبها مع نبض الشارع ، وسحب العفو ببلاغ للديوان الملكي صدر في حينه ، واستقبال أسر الضحايا استجابة لمشاعر المغاربة.. جميل جداً أن نرى المغاربة بكل شرائحهم ، معبئين و مستعدين للدفاع عن كرامتهم بالغالي والنفيس كلما لأحسوا بأي نوع من الإهانة .لكن المستهجن وغير الجميل ، والذي يحز في النفس ، هو تقاعس الأحزاب السياسية وغيابها عن تأطير المواطنين وتنظيمهم في مثل هذه المعارك المصيرية ، حيث سجل غياب مكشوف وفاضح للكثير من الأحزاب عن الساحة النضالية ، ومحطات التنديد بالعفو على المغتصب.. وعلى رأسها التيار الإسلامي وحركات الإسلام السياسي التي موعدها مع لحظة تاريخية حاسمة ، كما أخلفت مواعيد أخرى غيرها ، إما لعدم قدرتها على التكيف مع المستجدات الطارئة ، وإما لغياب الجرأة أو لحسابات سياسوية ضيقة ، لن ينساها الشارع المغربي ، وسيدفعون ثمنها.. حيث أنّه لم يكن للتيار الإسلامي وكل تنظيمات الإسلام السياسي ، أي حضور وازن في التظاهر ضد العفو ، كالذي عهدناه فيها ، كلما تعلق الأمر بقضايا بعيدة عن الوطن ، كالتضامن مع مرسي ومعارضي بشار وحماس . أما مثل هذه القضية الوطنية الحساسة ، فقد قوبلت من طرف بعض القوى الإسلامية بالتجاهل المريب ، والصمت المتواطئ الحقير -ولسان حالهم يقول "طوز فيها وهيهم" المقولة المشهورة لمرشد الاخوان المسلمين لمصر- وتوزعت ردود أفعال البعض الآخر بين بالتنديد فقط ، أو التنديد والمشاركة الخجولة أو الدفاع عن وزير العدل والحكومة وكافة الإسلاميين ، لتبرئتهم من وصمة الانسحاب من معركة العفو الملكي عن مغتصب براءة الأطفال المغاربة ، بمبررات غير مقنعة البتة ، كمبرر الاعتكاف لدى فصيل من الإسلاميين ، أو مبرر اجتناب الفتنة عند فصيل آخر منهم ، أو تخريجة بأن العفو جاء خدمة للمصالح العليا للوطن عند مكون ثالث ، وغير ذلك من المبررات الواهية التي وصفت بالمهزلة ، و قوبلت بعاصفة من التعليقات الساخرة ، والنطات المضحكة .. حقيقة لم أستطع استيعاب غياب مكون معتبر مثل فصيل الإسلاميين عن مثل هذه المحطات النضالية المهمة في تاريخ المغرب ، وابتلاع لسانه عندما تعلق الأمر بجريمة نكراء ارتكبت في حق البراءة ، وخاصة أن الدعوة إليها ، لم تكن هذه المرة من طرف فصيل سياسي معين يتطلب التعامل معها بمنطق الحزبوية الضيقة ، بل كان فعلا عفويا شبابيا في أغلبه . وكم كانت خيبة أملي كبيرة ومرة جدا ، بسبب توانى التنظيمات الإسلامية ، بل غيابها الكلي – ما عدى الحضور الباهت لبعض الأفراد في بعض المدن - عن معركة وطنية هزت الرأي العام المغربي ، وهي التي عودتنا ، بكل فصائلها ، على بلائها الحسن والجيد ، في حشد الأنصار ، وتهيج عواطف الناس بفتاواها التافهة, ضد الكثير من القضايا الجانبية ...كمهرجان موازين....والقبلة المشؤومة لفلم سبدرمان الذي عرضته شركة الطيران المصرية .....والدفاع عن مرسي و للتنديد ببشار، ومهما حاول الاسلاميون تبرير تعاملهم مع أزمة العفو ، بوع المساحيق المزيفة لتجميل فعلهم المصلحي المرفوض ، النابع من خوفهم على مصالحهم الاقتصادية ، فإن القضية أبانت بالمكشوف عن خلل هيكلي يؤكد عدم نضج تنظيمات الأسلام السياسي في تدبير الأزمات الطارئة ، بسياسة صم الاذان عن نبض الشارع ، خاصة إذا كانت على شاكلة أزمة العفو المثيرة للجدل ، والتي شكلت جرس إنذار لكل التنظيمات السياسية الإسلامية وغيرها ، لضرورة تحمل مسؤولياتها السياسية وخروجها من كراسي الاحتياط السياسي ، والقطع مع السياسة السياسوية ، والكف عن اللعب على الحبلين ، واعتماد الموضوعية ، المصداقية .. لأن قرارات ومواقف رجال السياسة تخضع عادة للمحاسبة ، خاصة عند التقصير؛ فالمسؤول السياسي محاسب إن جانبه الصواب سواء بقصد أو غير قصد ، حيث ترتكز المحاسبة بالأساس وفي البداية على حدوث الخطأ ، وليس على المقصد. ألا يستدعي هذا الغياب غير المبرر والمتعمد عن المعارك والقضايا الوطنية الحساسة ، وذاك الحضور الغفير والمشاركة المكثف في جل المعارك الأجنبية ، وغير الوطنية ، من نشطاء ومناضلي التيار الديني إمتلاك القليل من الجرأة ، والكثير من الشجاعة ، لوضع حقائق القضية على الطاولة كما هي ، واستعمال العقل والعلم فيها ، لتحليلها ومعرفة مدى صدقيتها ، قبل الحكم والاستمرار فيها ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "العقل دليل المؤمن" ، ولقول الشاعر: وإن كان ذا عقل أجل لعقله ..... وأفضل عقل عقل من يتبين. أم أن قاعدة السمع والطاعة، التي ترسخت في ذهنية الكثير من الإسلاميين وأتباعهم ، أعمت القلوب ، وأغشت الأبصار ، وجعلت عليها أكواما من الغشاوة التي ، تمنع الرؤية السليمة لحقائق الأمور ومسلماتها ، وتفرض الإستسلام والخنوع .. طبعا لا أحتاج إلى التخمين أو طرح الإحتمالات العديدة ، فالجواب واحد وذكره مجرد تحصيل حاصل ، وذلك لأن كل الأحزاب السلفية والمتأسلمة تشترك جميعها في نفس الفكر ونفس البرنامج الذي يتمحور حول الطاعة العمياء لأوامر القيادات ، وإن كان جلها منها غير واقعي ، ولا يحل المشاكل ولا ينهض بالبلاد ، ولا يزيد الكوارث الاقتصادية والطائفية والاجتماعية إلا تفجيرا وتفاقما. وأختم مقالتي ، بالدعاء/السابقة الذي خرج به على المغاربة والذي لم يسبق أن سجل التاريخ السياسي المغربي دعاء مثله لرئيس حكومة مغربية قبل السيد بنكيران ، الذي بعد صمته الطويل أمام "فضيحة دانييل"، وعزوفه على التعليق عليها ، رغم تحميل مسؤولية الخطأ وإقالة حفيظ بنهاشم من مندوبية السجون التابعة إداريا لرآسة الحكومة، وفي كلمة له ألقاها بمقبرة الشهداء بالرباط، ظهر يوم الثلاثاء 6 غشت ، فيها سأل الله أن يهدي الملك محمد السادس، قائلا : "نسأل الله تعالى أن يحفظ ملكنا ويوفقه لما يرضى ويهديه" ، إنها والله لسابقة خطيرة وغريبة ، غير مفهومة المغازى ولا معروفة المقاصد ، لأن العادة جرد ان الدعاء للملك ، إنما يكون بالنصر والتمكين ، ولا يكون أبدا بالهداية . حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعاقة في المغرب وحقيقة الولوجيات!
-
كلام غير مقبول من وزير سابق !
-
الجدارن فضاء مثالي لتصريف المكبوتات.الجدارن فضاء مثالي لتصري
...
-
من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
-
الديمقراطية والإسلام السياسي
-
هل الدين هو السبب فيما يحدث من صراع بين الناس ؟؟
-
قمة الخداع والنفاق !
-
توحيد الصيام بين الشعوب العربية والإسلامية
-
مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟
-
الخرافات الإخوانية !!
-
الصحة ليست ترفا ينعم به الأغنياء ، ويستجديه الفقراء !!
-
أفول نجم إخوان مصر يزلزل باقي الأنظمة الاستبدادية الاستعبادي
...
-
سقط وهم الخلافة، و لم يسقط الإسلام ؟
-
تجربة الإقتراب من الموت !؟
-
لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!
-
اقتباس ، أم سرقة فاضحة ؟
-
القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..
-
يوم عامل أزلي!!!
-
شعارات فاتح ماي، و قضايا العمال الكبرى.
-
عندما يكون النضال عفوياً وصادقاً ..
المزيد.....
-
أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل
...
-
احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
-
فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر
...
-
نقطة نظام النائبة البرلمانية الرفيقة نادية تهامي، باسم فريق
...
-
الرفيقة إكرام الحناوي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس الن
...
-
رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يوجه
...
-
من اليمين واليسار...انتقادات لبايرو بعد تصريحاته عن -إغراق-
...
-
مسؤولة كردية رفيعة تطالب تركيا بإجراءات تخص عبد الله أوجلان
...
-
ملف الهجرة: رئيس الحكومة الفرنسية -يغازل- اليمين المتطرف؟
-
غارات تركية على مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني قرب قصر ش
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|