عبد السلام الزغيبي
الحوار المتمدن-العدد: 4179 - 2013 / 8 / 9 - 11:34
المحور:
الادب والفن
أمي الحنونة الصابرة، الحاجة نوارة شحات، أتذكرها في هذه الايام، أيام رمضان والعيد. أتذكر جلستها في وسط الحوش وأمامها سفرة الشاهي و القهوة. أتذكر أعدادها وتجهيزها لكعك وغريبة العيد مع أخواتي قبل العيد لاحملها لكوشة خميس في شارع مصراتة، وأرجع بالطواجين ساخنة.
كانت تجهز كل شئ بيديها المتعبتين، من غسيل الدبش على اليدين في الليان، وبالصابون السوسي قبل اختراع الغسالة، تغسل المواعين بصابون التايد، وتولع بابور الجاز باليبرة، تطحن الدقيق في الرحاية، وتبرم حبات الكسكسى بيديها قبل اختراع الكسكسى التونسي الجاهز،وتضيف الكسبر المطحون الى قهوة "الرجريجي"، وتعجن الخبزة بيديها لاحملها الى كوشة الصالحين في شارع قصر حمد،
كانت في أيام الشتاء تجهز كانون النار للتدفئة، وتعد الكاكاوية واللوز والشاهي مع حكايات وخرافات، والالغاز الشعبية... يا حزارك يا مزارك.. أمبارح شن تعشى احمارك..وخرافة أم بسيسي، وغيرها حتى ننام هانئ البال.
كانت تطبخ لنا، كل شئ نحبه، الحسا، والمقطع والدشيشة، والمحمصة، والحرويسة مع اللفت، والمكرونة والرز الجاري مع الفلفل الحار المبطبط، والمكرونة المبوخة، والرشدة والفتات والكسكسى، والفاصوليا بالكرشة والحرايمي، والرووس وكرعين البقر،والعصبان والمحشي، والعصيدة بالسمن، وفي رمضان الشربة والبطاطا المبطنة والبراك، وأعداد كل هذا يتم على البابور مع اليبرة).
أتذكر رعايتها لنا عند المرض، ولهفتها عند غيابنا، وقلقها من تأخرنا خارج البيت،
وحرصها علينا، وعطفها وحنانها، والحرص على ما ينفعنا ويسعدنا، ويدخل السرور الى قلوبنا.
مات أبي قبلها بعشر سنوات، فأصبحت هي تقوم بدور الأم والأب. ربتنا، ( ستة من الذكور وثلاثة من الإناث)، غرست فينا، قيم جميلة.. حب الناس واحترام الكبير، والعطف على الفقير ونجدة المحتاج.
ربي ارحمها وادخلها جناتك يا رحمن يا رحيم، فقد كانت مثل غيرها من الأمهات الصالحات، هي المدرسة الأولى التي ما من أحد إلا وبدأ في حضنها، هي المربية الفاضلة .. هي الحضن الدافئ والقلب الرؤوم... هي من الجنة تحت أقدامها... لا يمكن لنا أن تفيها حقها من الفضل العظيم في حملنا في بطنها تسعة أشهر، وما عانته من أسباب الحمل ومن آلام الولادة والمخاض، من أجلنا ولا يغمض لها جفن إلا بعد أن تطمئن على نومنا... ولم تبخل علينا بحبها ودعائها. ارحمها يا رب، في هذه الايام المباركة، وأرحم نساء المؤمنين أجمعين.
#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟