أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)















المزيد.....

الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 15:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وديع العبيدي
الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)
الاملاءات الأمريكية في التسعينات على أنظمة الشرق، والتي دعيت بورقة الاصلاحات(*) السياسية، كانت تتضمن الدمقراطية ضمن أولوياتها. وقد لقيت رفضا تاما في البدء، قابلته الادارة الاميركية بمزيد من الضغط والتهديد، ما جعل الأنظمة تقبل جزءا وتحاول مناورة الجزء الآخر، حتى فقدت أخيرا، أية قدرة على المناورة والمساومة، إذ صار تنفيذ تلك الاملاءات واقعا مفروضا ضمن أجندتها السياسية التنفيذية. - يومها- حدث تحوّل مفاجئ من مظاهر "البيعة" و"الاستفتاء" إلى مواعيد رسمية للانتخابات وتوجه الناس إلى الصناديق، وتلك هي "موضة" الدمقراطية، كسلعة غربية جديدة تدخل حياة العرب وعقولهم، رغما عنهم!.
في هذا الموضوع يقتضي التنويه إلى أمرين..
1- ان الفرد العربي -عموما- غير منسجم مع حكومته، ولذلك يتخذ الموقف المناوئ منها ومن سياساتها، لمجرد المناكدة والتنفيس عن الغيض. مما يجعله يؤيد الضغوط والممارسات الأجنبية ضد حكومة بلده.
2- موقف الاسلاميين وجماعات الاسلام السياسي كان رافضا للاملاءات الغربية وما يأتي من جانبها، بما فيها الدمقراطية. ولكن هذا الموقف تراجع تدريجيا مع تطبيق اسلوب الانتخابات وتفضيل البعض للمشاركة والتعبير السياسي عن برامجهم، وبالتالي اتخاذه سلما لتصدّر المشهد الاجتماعي، النقابي أولا، ثم السياسي العام عموما. وقد أفادت جماعة الاخوان المسلمين المصرية من ذلك في تجربة سيادتها قيادة النقابات المهنية في عهد مبارك.
وهذا يشخص أمرين في غاية الخطورة، فيما يخص آلية القرار عند الحكومة أو الفرد..
فالحكومة العربية تفتقد الارادة السياسية الكاملة أو الاستقلال الحقيقي في رسم سياساتها واتخاذ قراراتها، في أي مجال من المجالات. وأن التدخلات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في الشؤون الداخلية للدول والحكومات لا حدود لوقاحاتها؛ مستغلة مختلف صيغ التعاون والصداقة والضغط والابتزاز والمساومة الخارجة على الأخلاق والأعراف الدبلوماسية والسياسية. هنا يتحمل الغرب مسؤوليته، في استمرار نظرته إلى البلدان غير الغربية كبلدان قاصرة وتابعة، رغما عن أنفها.
لكن الحكومة.. أي حكومة، التي تحتاج قوة سياسية غير عادية ودعم شعبي داخلي (واقليمي)، لا تستطيع كشف ملابسات ما يحدث في الاجتماعات والمفاوضات مع الوفود الأجنبية، مما يجعلها غير محسودة على وضعها. الحكومة هنا قد تتلخص في شخص الوزير أو المسؤول المكلف بالتفاوض أو مقابلة المندوب الأجنبي، الذي قد لا يتحلى أو يتوفر على اللياقة والحنكة والشخصية التفاوضية المناسبة. ناهيك عن ضرروة فهم المفاوض العربي لانماط الفكر والتفكير الغربي، ومنطق المداورة والمناورة اللغوية والضمنية غير المألوفة في الحوار العربي.
ويستنتج من هذه الصورة، أن ثمة غير قليل من الممارسات والقرارات التي قامت بها الحكومة وهي مرغمة عن أنفها، وتحت فعل التهديد والضغط. الأمر الذي يتم تناسيه أو تجاهله غالبا، إذ يتم توجيه اللوم والمسؤولية إلى الحكومات المحلية.
الأمر الآخر يتعلق بطبيعة الانسان في الشرق الأوسط، ككائن سياسي. فالعقلية العربية (شرق أوسطية) لم تصل حتى الآن – في صورتها العامة- إلى مستوى العقلية "المدينية" كمجتمع سياسي غير تقليدي. والذي يمكن ايجازه في نقطة، أهمية الانسجام ما بين المصالح الخاصة للفرد، والمصالح العامة للمجتمع الذي يوجد فيه الفرد. فالمظاهر الشائعة حتى الآن، تقليدية تنحاز إلى العائلة والعشيرة والدين والطائفة أولاً، وتسعى لفرض المصالح التقليدية على المجتمع كله ثانيا، دون مراعاة أو اعتبار لمسألة التعددية والتتوع والتكافؤ بين المكونات الاجتماعية داخل النسيج المديني أو الوطني. على الجانب الآخر، يظهر اتجاه يرسخ الأنانية وخدمة الذات بصورة مرضية ، دون مراعاة لكلّ ما سواها. وهذه الحالة آخذة في الانتشار، مع ازدياد رقعة اليأس والقنوط من التغيير، وهي أكثر شيوعا اليوم في العراق.
فالدولة والوطن، ليست مسؤولية الحكومة، وليست هي الحاكم فقط. وان عدم قيام الفرد بدوره ككائن سياسي له دور مؤثر في الحياة اليومية الاجتماعية والسياسية، وبالاتجاه الذي يخدم ويطور عجلة الحياة ويرفع منسوب الأداء الوطني نحو الأفضل، - هذا- لا يعفيه من المسؤولية الاجتماعية والوطنية والتاريخية. وفي بلد كالعراق، جرى تسويغ نمط مرضي منحرف في التفكير، لتبرئة الناس، وتحميل كلّ الأعباء والمسؤولية التاريخية على هذا الحاكم وذاك الخليفة، مما أنتج مزيداً من التراجع والكوارث والخسائر التاريخية والحضارية. مثل هذا التنصّل والتقاعس (!!) هو الذي يدفع الحاكم أو الحكومة إلى حالة من العزلة، جراء انسحاب الناس من المسرح.
الوجه السلبي لهذا السلوك هو (الفردية). والشخصية الفردية أنانية ميكافيلية مقيتة لا يهمّها غير اشباع حاجاتها الخاصة، بأسهل الطرق وأضمنها، دون مراعاة لحاجات الآخرين، والأضرار المنعكسة على الغير جراء ذلك. ولغرض ضمان أطماعه وتحسين مستواها، ينحاز الفرد لصاحب السلطة أو رأس المال لتأمين مصالحه. وللأسف، جرى في العراق استغلال الظروف السياسية وتسخيرها لمصالح فردية، سواء على مستوى الناس، متخذاً مختلف الأساليب والصور، بدء بالانخراط في الحزب الحاكم وتسلق السلّم الحزبي أو الوظيفي أو العسكري، وصولاً إلى الانخراط في أحزاب المعارضة وتسلق مراكزها وبنفس الطريقة ولنفس الأطماع الفردية المريضة. ولا حاجة للقول، أن الذين درجوا على تسلق/ تملّق جدران الحكومة، هم أنفسهم المتسلقين/ المتملّقين على جدران المعارضة، عندما تميل الكفة. وهذا هو التطبيق السيء/ المبتذل للفرد السياسي، والذي تعارف عليه المجتمع العراقي تحت عنوان مشهور -(اللوكَيه)!.
في مثل هكذا مجتمع، لا يمكن الحديث عن شيء اسمه (Democracy) بمعنى المشاركة السياسية للشعب في آلية القرار والأداء السياسي. الديمقراطية في العراق لا تختلف عنها في البلدان المجاورة [ايران، تركيا] اسلوب يخدم تسلّط الأغلبيات على الأقليات، ووسيلة لاحتكار السلطة بيد (حزب قائد سائد). ان دمقراطية اليوم، هي مشاركة شكلية في التصويت لصالح أفراد أو فئات تشغل مراكز السلطة السياسية في الحكومة أو البرلمان. لكنها تعطّل المشاركة اليومية المستمرة للفرد، في الحياة السياسية وقنواتها التنفيذية والرقابية، دون تمييز بين الأفراد، أو قصرها على أتباع الأغلبية الحاكمة، ومنها الدمقراطية كعرف اجتماعي يبدأ من العائلة والتربية المنزلية.
ان ما تمّ في الشرق الأوسط.. هو استبدال الأحزاب العلمانية الثورية (السابق في الحكم)، بأحزاب اسلامية رجعية خانعة لإدارة الأمريكية. وحسب تعبير أحد الكتاب العراقيين، تم استبدال البردعة، وبقي الحمار نفسه!.
*
يوجد موعد دوري، مثله مثل مواعيد الأعياد والعطل الرسمية والدينية، هو موعد الانتخابات البلدية أو الرئاسية، يتوجه فيه البعض بموجب املاءات دينية وسياسية إلى صناديق الانتخاب، مؤشرين أسماء حزبية وطائفية مفروضة سلفا، بالترهيب أو الترغيب، في البطاقة الانتخابية. ورغم انعدام أدنى دليل للثقة والنزاهة في آليات إدارة الانتخابات، يتم الترويج لها دوليا، لابراز نجاح السياسة ((التبعية)) الأمريكية في الشرق الوسط.
ويلحظ، أن البرلمان العراقي (مظهر ديمقراطي) يجري تعديلات وتحويرات مستمرة في القانون العراقي لخدمة أرباب السلطة، ومنها تعديلات قانون الانتخابات. ناهيك عن دور الحكومة السائدة في تعيين الأفراد المشرفين على الانتخابات، ومن الموالين لها. ناهيك عن أخبار الاتفاق مع شركات خارجية، لإدارة صفقات الانتخابات، مقابل أجر معلوم، وشروط نتائج انتخابية محددة سلفا.
ولا يتساءل أحد، عن نتائج كل الانتخابات التي جرت في عهد مبارك، دون أن تؤثر على حكمه، ومثل ذلك في ايران- الدمقراطية الشكلية تحت نظام ولاية الفقيه الثابت و(شكلانية) تغيير رئيس الجمهورية التابع والخاضع لسلطة الفقيه. وقد نقلت وسائل الاعلام صور التهديدات الصادرة للسيد روحاني الفائز في الانتخابات الجديدة إذا ما سوّلت له نفسه تحقيق وعوده الانتخابية أو الخروج على سلطة خامنئي، خليفة الخميني، الحاكم الحقيقي للبلاد. ولا يختلف الأمر في تركيا أو عراق المالكي حتى الآن.
هذه الدمقراطية الشكلية الممثلة في الصناديق المزوّرة والأغلبيات الصامتة أو المغيبة الوعي، يمكن الاطلاع على وسائلها وأساليبها من خلال العودة إلى قصة (الانتخابات مرّت من هنا) للكاتب المصري يوسف القعيد؛ وذلك لمعرفة حقيقة ما يجري في الصناديق!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الورقة الأمريكية للإصلاحات السياسية في الشرق الأوسط التي طرحت في عهد التسعينيات، تأتي استكمالا لأوامر الاصلاح الاداري والاقتصادي التي طرحت من خلال مؤسسة البنك الدولي منذ السبعينيات، والتي كانت عمليات (الخصخصة/ الخوخصة) الداخلية والانفتاح على الغرب، أبرز مظاهرها.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا..الاسلام.. الارهاب!
- الأناركية.. وتقويض دور الدولة
- اللغز.. لم يحدث اليوم، قد يحدث غدا!.
- لماذا المشروع الأميركي نجح في العراق ولا ينجح في مصر؟!..
- الثورة والثورة المضادّة
- عندما رأيت..
- ثقافة الاعتذار السياسي
- دعوات المصالحة الوطنية.. لماذا الآن!!
- تستحق كلّ التفويض أيها القائد النبيل!.
- ازهار حكمة البستاني- مجموعة شعرية جديدة للشاعر والناقد وديع ...
- الدين.. والسيرة (3-3)
- الدين.. والسيرة (2-3)
- الدين.. والسيرة (1-3)
- الدين.. والدراسة / 2
- الدين.. والدراسة/1
- الدين.. والبيئة..
- الدين.. والمحبة..
- الدين.. والاختبار
- الدين.. والاختيار
- الدين.. والاختلاف


المزيد.....




- ترامب يكسب 500 مليون دولار بتدوينة واحدة على منصة -تروث سوشا ...
- حلوى زفاف الملكة إليزابيث والأمير فيليب بيعت بمزاد.. إليكم ا ...
- الكويت.. فيديو حملة أمنية اسفرت عن القبض على 13 شخصا
- مقتل 20 شخصاً في تفجير بمحطة قطار كويتا جنوب غرب باكستان
- لوحة بورتريه آلان تورينغ باستخدام الذكاء الاصطناعي تباع بـ 1 ...
- ظهور مستكشف جديد.. -معلومات موثوقة- تعيد الطائرة الماليزية ا ...
- قتلى وجرحى بانفجار في محطة للسكك الحديدية في باكستان (فيديو) ...
- وسائل إعلام: ترامب قد يسعى للانتقام من خصومه السياسيين على م ...
- وزارة الإعلام الأفغانية تنفي التقارير حول إغلاق بعض وسائل ال ...
- -بيلد-: انتقادات للرئيس الألماني على موقفه تجاه روسيا تثير غ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)