|
جدلية حقوق المجرم وحقوق الضحية
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 12:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
جدلية حقوق المجرم وحقوق الضحية يفرض المشهد المصري وبكل قوة على الاجندة العامة والجماهيرية ، جدلا مشروعا ، حول افضل الوسائل لمكافحة الارهاب ، مع المحافظة على عدم الانزلاق الى استعمال اساليب قاسية في فض الاعتصامات المسلحة وغير المسلحة ، وذلك لعدة اسباب ومسوغات اخلاقية – حقوقية في جوهرها . فدعاة استعمال القوة ، وباعتمادهم على التفويض الممنوح للدولة المصرية بأجهزتها ، يرون ان خير رد على ارهاب المعتصمين ، الارهاب الكلامي العنفي والارهاب الحقيقي الذي تمثل في تعذيب " اسرى " ميدان رابعة حتى الموت ، هذا الفعل الذي اكدته منظمة امنستي ، اضافة الى الاعتراف ، من احد قادة المعتصمين "البلتاجي " ، بأنهم يقفون خلف الارهاب المنفلت في سيناء ، كل هذه العوامل ، تدعم وجهة نظر الداعين الى استعمال القوة ، ومهما اقتضت الحاجة والضرورة ، لفض الاعتصامات العنيفة !! لكنهم ومع ذلك ،يبرؤون ساحة الاغلبية من المعتصمين ، من المسؤولية الجنائية لانهم مضللون ومغرر بهم . وعلى الطرف الاخر ، يطلب دعاة المصالحة والتأخي ، بالتعامل برفق ولين مع المعتصمين والحفاظ على حقوقهم القانونية والدستورية ، وعدم استعمال القوة معهم !! لكن وبعيدا عن الصراع السياسي ، اين هي حقوق الضحايا ؟؟ وما هي حدود المسؤولية الجنائية ؟؟ وهل يملك احد حق التنازل عن حقوق الضحايا ؟؟ تطورت فكرة الحفاظ على حقوق المجرمين (والقصد هو حسب المفهوم الجنائي ) من الفكر الداعي لحقوق الانسان ، الشامل لكل الناس ، بما فيهم المجرمين والمتهمين وذلك بعد ان مرت البشرية بفترات ظلامية طويلة ، لم تُعر ادنى اهتمام للحقوق الانسانية الاساسية والتي تشمل المحاكمات والاجراءات القضائية السليمة ، بما في ذلك تزويد المتهم بدفاع قضائي ولو كان على حساب الدولة ، يعني دافع الضرائب (الذي قد يقع ضحية ذات يوم )!!. فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته ، بل ان الادانة بحد ذاتها ، لا تعني ان المُدان قد ارتكب الجريمة ، وقد يكون وقع خطأ اجرائي او اخر، ادى الى الحكم بادانته بجريمة لم يرتكبها ، ولربما تنجلي الحقيقة بعد حين !! لهذا السبب بالذات ومن ضمن اسباب اخرى ، تقف الغالبية ضد الحكم بالاعدام !! هذا التطور في الحفاظ على حقوق المتهمين ، حافظ على انسانية المجتمعات البشرية . لكن وبالمقابل لم تحظَ ضحايا العنف بالاهتمام نفسه ، فالضحايا والذين يفقدون "طعم " حياتهم نتيجة الاعتداءات الجسدية ، النفسية او الجنسية ، يتحملون وحدهم عبء تأهيل حياتهم ، عدا عن منظمات مجتمعية قليلة تمد لهم يد العون . الانكى ، حين تقوم الدولة ممثلة بالادعاء العام ، بعقد صفقات مع المجرمين ، تضمن حكما مخففا او تسريح مقابل خدمات يؤديها المجرمون للادعاء ، وكل ذلك دون اخذ رأي الضحايا !! بل وفي بعض الدول ، لا تستطيع الضحية من تمثيل نفسها في الاجراءات القضائية عن طريق محام ، بحجة ان "الحق العام " هو من يمثل الضحايا !! لكن الحقيقة بأن الحق العام يمثل موقفه ومصلحته فقط . ناهيك عن أن القضاء الجنائي لا يحكم بدفع تعويضات عن الاضرار الجسدية والنفسية التي تعرضت لها الضحية . مما يؤدي الى ضياع حقوق الضحايا ، لقلة حيلتهم ، لضعفهم او لعدم قدرتهم على مقاضاة الجاني في القضاء المدني !! كان من المفروض وعلى الاقل في مثل هذه الحالات ، ان تتكفل الدولة بتغطية التعويضات للضحايا ، ومن ثم تقوم بجبايتها "بقوتها " ، ان ارادت ذلك !! لكن واهم شيء في رأيي ، هو ان المجرمين المُدانين ، يخرجون اجلا ام عاجلا ، وبعد انقضاء مدة محكوميتهم ، الى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي كمواطنين متساوي الحقوق ، بينما تبقى الضحايا اسارى ما عانوه في اعقاب الجريمة من الام نفسية وصدمات ، ترافقهم طيلة حياتهم . المُدان يشعر بأنه قد أدى دينه للمجتمع ، بعد ان قضى مدة محكوميته ، وكذا تتعامل معه الاطر الرسمية والمجتمع ، لكن معاناة الضحايا لا تنتهي او تتوقف !! فماذا نقول لام فقدت ابنها ، زوجها او عزيز اخر ؟؟ ماذا نقول لطفلة صغيرة ، وقعت ضحية اعتداء جنسي ؟؟ ماذا نقول لطفل فقد والده ؟؟ وماذا ..وماذا ..وماذا ..؟؟ لكن كل هذا لا يدعوني الى الدعوة بتجريد المتهمين من حقوقهم المدنية والانسانية ، وتحديدا حقهم في محاكمة عادلة امام هيئة قضائية نزيهة ، محايدة ورسمية !! واود ان اقرر هنا ، بأن القضاء على العنف (الجنائي والعقائدي ) يتم بالتعامل مع مصادره ، مع مسبباته ومع محفزاته !! والقضاء على الارهاب يتم بالحزم والشدة ، لكن هذا لا يكفي ، يجب القضاء على الفكر الذي يزوده بالوقود اللازم لاستمراره !! التثقيف ، التوعية ، وفصل الدين عن الدولة قد تكون كلها واكثر منها ، الوصفة لمحاربة الفكر المتطرف!! شريطة ان يكفل القانون حق المواطن في الاعتقاد .. الاعتقاد ...الاعتقاد .. فليؤمن من شاء بما شاء ...لكن حرية المعتقد ، الرأي والتعبير يكفلها القانون ، ويتعامل بشدة وحزم مع من يخترقها . للجميع حقوق دون تمييز بين دين ، جنس ، عرق او لون . وكذا هو الحال ايضا ، بالنسبة لحقوق سكان مناطق رابعة العدوية والنهضة !! ورغم ان اخوتنا المعتصمين يؤمنون بأن القوة افضل من المواعظ ، فأننا مع احترام حريتهم في المعتقد . ولكي لا ننسى ، فهم من يقول : يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرأن !! يعني ببساطة القوة افضل من الموعظة !! لكن الدرس الذي لقنه شباب التحرير لهم كان قاسيا !! فرغم تحفظي على الاهانة التي تعرض لها شيخ "هاتولي راجل " والتي لا اتفق معها طبعا ، فهم لم يقوموا بتعذيبه حتى الموت ، رغم انه دعا الى قتل البرادعي وحمدين وكل خارج على سيدنا مرسي عليه السلام !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياحة الجنسية ...
-
-اقتصاد -الابراج !!!
-
اقصاء النساء من مواقع اتخاذ القرار 2 ....الاحزاب العربية بين
...
-
زغلولشتاين ونجوان ... العجز والاعجاز!!
-
ديناميكية رفض المخالف والمغاير ..
-
خير اجناد الارض .... العوا ومعمر القرضاوي !!
-
اقصاء المرأة العربية من مواقع اتخاذ القرار .. السلطات المحلي
...
-
ورحل -فلسطيني - اخر ... العفيف الاخضر
-
تعليق على مقال الاستاذ ناصر لعماري بعنوان :رضاع الكبير في ال
...
-
فوائد الضحك
-
ندى الاهدل ايقونة المستقبل ...
-
خليهم يتربوا وخليهم يفرحوا ..
-
احتفاء واعتذار
-
لكي لا ننسى ...
-
البنت ؟؟..شخص غير مرغوب به !!
-
شهيد حتف انفه ..!!
-
الاسود لا يليق بها (اسرائيل )...؟
-
نوسطالجيا الافراد ونوسطالجيا الامم ...!!
-
شيخ محمود يتسبب بقذف الذات الالهية قصة قصيرة
-
النهلستية والاسباب المجهولة للثورة !!
المزيد.....
-
إسرائيل توسع عملياتها في الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية تت
...
-
-هجوم- أوروبي مضاد في وجه أطماع ترامب التوسعية
-
السجن 14 عامًا لجندي بريطاني سابق مُدان بالتجسس لصالح إيران
...
-
كيف وقع حادث اصطدام الطائرة والمروحية في واشنطن؟ - بي بي سي
...
-
حرب -لا رابح- فيها... أوروبا تتوحد سياسة ترامب الجمركية
-
الاستخبارات الروسية: -الناتو- يستعد لحملة تشويه بزيلينسكي
-
-حماس- تعلق على إمكانية عودة إسرائيل إلى الحرب في قطاع غزة
-
رسميا.. جورجيا تسحب وفدها من الجمعية البرلمانية الأوروبية
-
ملتقى سلطنة عمان للسياحة يدعو لتفعيل التأشيرة السياحية الخلي
...
-
مبادرة المشري وتكالة.. هل تضع حدا لانقسام مجلس الدولة في ليب
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|