فارس حميد أمانة
الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 15:17
المحور:
كتابات ساخرة
شددت الرحال الى المانيا الغربية في حينها في مهمة تدريبية وأنا في بداية حياتي العملية كمهندس ولم تنقض على تسلمي لوظيفتي سوى سنتان فقط .. كان ذلك خريف عام 1982 .. ليس في جعبتي شيء عن المانيا سوى اعتداد شعبها الشديد بلغته وعرقه .. حاملا في جيبي خارطة البلد نزلت من الطائرة في مطار فرانكفورت ..
كان مطارا كبيرا جدا ومتقدما بكثير عن مطار بلدي الذي غادرته قبل أربع ساعات ونصف .. بالتأكيد كان أفضل بكثير من مطار بغداد الذي بدا متخلفا قياسا به .. غادرت باب طائرة الخطوط الجوية العراقية مودعا بابتسامات رقيقة من المضيفات العراقيات ثم دلفت مع البقية في نفق طويل قادنا الى قاعة كبيرة ثم الى موظف دقق في جوازاتنا بعد ذلك أخذت استراحة قصيرة اذ كان علي أن أنتظر طائرة آخرى تطير بي حتى مدينة ميونخ حيث مكان المهمة التي بعثت لها مع أربعة من زملائي ..
تناولت قهوة لذيذة من ماكنة كانت بالقرب مني ثم وبعد الانتهاء توجهت الى موظف كان يجلس الى منضدة أنيقة وسألته باللغة الانكليزية عن المنفذ الذي ستقلع منه الطائرة التالية الى ميونخ فأجابني بكلمات مقتضبة وبكلمات مطعمة بلكنة ألمانية لم أفهم منها شيئا فأعدت سؤالي فرد مرة آخرى بانزعاج لم يستطع اخفاءه .. فرددت عله فورا ان كان جوابه بنفس الوتيرة لو سأله شخص آخر باللغة الألمانية ؟ كان ردي استفزازيا .. كنت أعرف ذلك .. فسألني : لماذا تعلمت الانكليزية ولم تتعلم الألمانية ؟ فرددت : ان الانكليزية يا سيدي لغة عالمية ..فرد علي قائلا : والألمانية كذلك ..فقلت له : لكن الانكليزية أوسع انتشارا من الألمانية .. فقال : ليس هذا سبب كاف ..فأجبته طاعنا اياه : لو ربح الألمان الحرب العالمية الأولى لكان العراق تحت الاحتلال الألماني ولتعلمت الألمانية .. لكنكم خسرتم الحربين ..
كان هذا أكثر مما كان يتوقع .. فأشار باستسلام الى البوابة التي ستقلع منها الطائرة التالية الى ميونخ ..
غادرته دون كلمة شكر .. ثم توجهت للبوابة مع الباقين لاحقا بالطائرة ..
#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟