|
في ذكرى محاكمة جزّار ليون
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 12:39
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
العنوان عاليه يثير أسئلة مؤلمة ، منها متى يقرأ الناس عبارات من قبيل " محاكمة جزّاري العراق " ؟ وقد انبرى كثيرون للدفاع عنهم ،و يدوسون على مشاعر كل ضحاياهم . أية محكمة نزيهة تقتضي الدفاع ، ولكن ما يقلق الشعب العراقي أن لا يشهد محكمة نزيهة و عادلة للمجرمين، يستمع لاعترافاتهم وهم يفضحون من شاركهم في جرائمهم أود في هذ المقال المقارنة بين جرائم هذا النازي الذي مرت ذكرى محاكمته هذه الأيام و جرائم رؤوس النظام البعثي المقبور . ضحايا النازي كما يتوصح أدناه ، لا تتجاوز عدة آلاف . كم عدد ضحايا صدام و قادة نظامه؟ تم تسجيل 177 فقرة جرائم حرب بحق كلاوس باربي الرئيس الأسبق للبوليس السري الألماني "جستابو" في المحكمة التي أقيمت لمحاكمته 11 آيار العام 1987. وفي فترة رئاسته للجستابو أرسل 7500 يهوديا فرنسيا و أفرادا من رجال المقاومة إلى المعسكرات القسرية ، كما أصدر أوامر باعدام 4000فردا آخرين . و كان يقوم بنفسه شخصيا بتعذيب الأسرى و اعدامهم. و في العام 1943 وقع جان مولين قائد المقاومة الفرنسية في الأسر ومات تحت التعذيب الذي قام به النازيون. أصدر باربي في العام 1944 أمرا باعتقال 51 يهوديا ، كان 7 منهم مختفين في أحد البيوت في "ايجو" ، وأرسلهم إلى معسكرات الموت في أشويتس ، ولم ينجُ منهم في النهاية سوى 7. وبينما كانت القوات الهتلرية تستعد للانسحاب من ليون لم يتخلَّ باربي عن ارتكاب جرائمه حيث أرسل آخر القطارات المليئة بالمئات من الأسرى إلى معسكرات الموت. د بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و هزيمة القطعان النازية عاد كلاوس باربي إلى ألمانيا و تخفى وراء هوية جديدة بعد أن أزال عن جسمه وشم العسكرية وأصبح يعرف باسم كلاوس آلتمن . وأدام باربي نشاطاته في مكافحة الشيوعية بالتنسيق والتعاون مع مجموعة من ضباط الجستابو السابقين. في العام 1947 استسلم للأمريكان واقترح عليهم تقديم خدماته لهم كعميل سري مقابل ضمان معيشته و صيانته من عيون العملاء السريين الفرنسيين الذين كانوا يتعقبونه. هرب في العام 1949 إلى أمريكا اللاتينية و بمساعدة الولايات المتحدة واستقر هناك باسمه الجديد كلاوس آلتمن و استمر في عمله عميلا للسي آي أي و حقق نجاحات تجارية و كسبا ماليا كبيرا هناك في عمله مستشارا للنظام الحاكم في بوليفيا. وقد ساعد نظام هوجو بنيتز الدكتاتوري المجرم هناك الذي وصل إلى الحكم عام 1971في بناء معتقلات و زنازين رهيبة لسجن المعارضين السياسيين. و قد استمر في عمله ذاك في بوليفيا 32 عاما حيث أسس تنظيما ارهابيا لقتل اليساريين و المستضعفين بإسم " المشنقة". قضت المحاكم التي اقيمت له في فرنسا في أعوام 1952ـ 1954 عليه مجرم حرب، بينما كان دائم السفر والزيارات إلى اوروبا وفرنسا بهويته المزورة. وقد تمكن بوليسان سريان مهمتهما ملاحقة النازيين الهاربين من وجه العدالة هما سرج كلاروس فيلد و بيت كونزل في العام 1972 من تحديد نطاق مكان اقامته في بوليفيا ، وثم التأكد من وجوده هناك. وقد رفض النظام الحاكم في بوليفيا تسليمه إلى الحكومة الفرنسية. وبعد وصول مجموعة وطنية إلى سدة الحكم في بوليفيا في العام 1980 ، طردت باربي من البلاد وذلك لنيل حماية الجكومة الفرنسية ودعمها. فأُعتقل في 19 جناير 1983 و في يوم 7 شباط تم نقله إلى فرنسا. لقد كان ينبغيى وفق القانون الفرنسي اعادة محاكمته نظرا لمرور فترة طويلة على المحاكمات السابقة التي اقيمت له غيابيا في الخمسينات من القرن الماضي ، لكن أمريكا اعتذرت رسميا لفرنسا عن عدم التعاون في هذا المجال. و في هذه المرة أيضا تأخرت محاكته لمدة أربع سنوات بسسب اختلاف تفسيرات الأطراف الضحية للنازية للقوانين و العقوبات. وأخيرا تمت محامة كلاوس باربي المعروف بجزار ليون في 11 آيار عام 1987في فرنسا وقد واجهت المحكمة مشاكل كبيرة بسبب الملفات المترامة ضده لمرور أربعة عقود على ارتكاب تلك الجرائم ، إذ تخصص ثلاثة محامون للدفاع عن المتهم ، آسيوي و أفريقي وعربي ، بالغوا بالدفاع عن موكلهم و طالبوا بمحامة دولتي ألمانيا وفرنسا متهمين أياهما بارتكاب جرائم أكبر تفوق جرائم موكّلهم و جرائم النازيين. و في كل الأحوال حكمت المحكمة في 4 تموز 1987 على كلاوس باربي البالغ 73 من العمر بعقوبة السجن المؤبد ، أقصى عقوبة، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية . وقد مات باربي مستشفى السجن في العام 1991 على أثر مرض السرطان. فمتى تتم محاكمة صدام و المتهمين بابادة الجنس البشري في العراق؟ باربي ارتكب معظم جرائمه خارج بلده ألمانيا ، و في فترة الحرب التي تموت فيه المشاعر الإنسانية . فليفكر المرء بتلك الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي في حروبه ، ويضيفها إلى جرائمه في وقت ما يسمى السلم . إن حماية أمريكا لهذا المجرم واخفائه عن الأنظار تعتبر شراكة في ارتكاب الجرائم ، مثلما القوى الرأسمالية التي زودت النظام البعثي الدكتاتوري بأجهزة أبادة الجنس البشري شريكة في الجرائم التي ترتكب بحق البشرية.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النازية وتأميم الجماهير
-
مطر الألم والحنين
-
الأول من آيار_ اليوم الأول للدنيا
-
بقرتان و اختلاف نظريات الاحتلاب
-
السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام ص
...
-
إلى أين ؟ إلى أين ؟
-
البابا الراحل كان حليف ريغان في قتل المستضعفين
-
لي وطن من آلامي
-
مات ابن باز الغرب الإمبريالي
-
تثاؤب الخواطر
-
العشائرية و المجتمع المدني نقيضان
-
خيرالله طلفاح في الجمعية الوطنية مشرِّعا
-
حلبجة بحاجة لمداواة جراحها العميقة
-
e pur si mouvولكنّها تدور
-
نار بروميثيوس لن تنطفئ أبدا
-
ما أغناي ! لي الدنيا كلّها
-
البقرة الحنون
-
سونامي العراقية
-
معجزات أم التجرّد من الشعور الإنساني؟
-
سُوْرَة المشاهدة - للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928_ 1980
...
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|