أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - هل هبط أهل سومر من المريخ؟؟؟؟














المزيد.....

هل هبط أهل سومر من المريخ؟؟؟؟


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


تحكمنا الذكريات بأقدار بعيدة ، ولكي لاتغيب عن شاطىء المودة أحاول أن أجمعها في آنية من زجاج وأحتفظ بها في خزانة قلبي . والحرب برغبة منا أو من دونها ، هي واحدة من أجمل صناع الذكريات . أنها كما يقول أندريه مالرو { المملكة التي لاتصلح تيجانها على رؤوسنا ورغم هذا نود في لحظة ما أن نكون عاشقين لها ومن رعاياها المخلصين } .
أيام كانت هناك ربايا ، وأسلاك شائكة وثلج ، ووسادة تمارس عليها تمني الممنوعات ، كان لك دفتر تدون فيه يوميات الذي تصوره عيناك . الموت ، طيران القطا ، أحتراق الشجر ، ولادة النسمة من فم الوادي ، سذاجة العرفاء عندما يعجزون عن كتابة الرسائل الى زوجاتهم ، فتكون أنت الكاتب ، وعليك أن تحفظ أغنية سعدون جابر { ياطيور الطايرة غني الى هلي } عن ظهر قلب وتكتبها مع كل رسالة ، ومع كل هذه الأشياء يأتي طقسك الخاص ، التوحد مع الهاجس السومري ، وكأن الحرب لن يأتي أكتمالها إلا مع هذه المسافة بين التأريخ وهذا المكان الذي كلما حرك أصابعه مرت بينها الغيوم بصمت وخجل ، وتعرت عاطفة الحلم على أجفانك التعبى ومشى القطار ، ونامت بيوت السلالات على أمل أن يجد جلجامش عشبة الخلود ونتخلص من مطالبه القاسية وخاصة بعد أن رأى الدود ينخر في عيني صاحبه أنكيدو . ولأن العشبة هي الفقدان الأول الذي تعرض أليه نبينا آدم ع ، فقد كنا حتى ونحن في لحظة الصولة لأستعادة وهم ما، نظن أن ممكن الحرب قد ينتهي عندما يعثر جلجامش على تلك العشبه ، وكنت أقول لرفاقي في بيت الحجر هذا : لاتسريح إلا عندما سيدي جلجامش يستريح.
أنتهت الحرب ببطىء كما السلاحف ، أخذت صفوة شباب سومر ، وغاب بثراها هم شعري لم تصنع مثله أي حضارة ، دفنت شهادات علمية ، وذكور كانوا يرتقبون زفاف اللحظة في الأجازة القادمة ، لكن المراد لايتحقق ، أنه كما تقول واحدة من الألواح : الهم الكبير ، الذي يجعل الحرب حلم الملك كي يتخلص من ضجره .
صديقي قرأ اللوح وبكى وهو يقول : ألهي خلقتنا لنكون ضحية الضجر ، أي أمتحان هذا ، أن كانت دلمون لهم ولنا الحرب ، فلماذا أولد أنساناً ولا أولد شجرة !
قلت : هذا كفر ؟
بكى وقال : للتو أنهيت صلاتي . هذا يأس .
بعد يومين لاأكثر أختارت شظية هاون عنق صديقي ، وهاجر الربيئة ، كما يهاجر السنونو دفء الجنوب ليذهب الى الأراضي البعيدة .
في سومر الموت على هذه الشاكلة يمنحنا القدرة على تأليف الهاجس الصعب . أدركت ذلك وأنا أضع تصوراتي لحلم طفولتي ، بين مدرك الحلم وبوابة التلقي . كان الشجن المسكوب على على عيني يولد صفاء العاطفة ، والذي مات تندرج أحلامه في أشتياقات المدن المنسوبة للهواجس العظيمة ، وكل عظيمة سيكون بيتها دلمون !
سأعود الى سومر . كنت في ذلك المكان أحتفظ بدفتر لتدوين الشجن الروحي الذي ملكته ، وكنت أفترض الوجد شكلاً لرغبة صوفية تجعلني أنسى آلام الحرب التي لاتحصى ، وكان الهمس الذي أشغل يومي فيه عندما تهدأ البنادق وتعلن القمم هدنتها الخاصة أراجع محتويات الدفتر ، فأجد مالم أتذكر أنني دونت مثل هذا ، وأشاهد تخطيطات لأناس لايرتدون مانرتديه نحن في نهارات التعبئة والأنذارات المسائية والصباحية ، لباسهم قصير ، وأكتافهم عارية .
قلت لأحدهم : مالذي أتى بك الى دفتري .؟ وأنا لا أشاهدك إلا في زجاج المتاحف . أنك من سومر ، وسومر تبتعد عنا سبعة آلاف عام .
قال : نحن نأتي مع الشجن والعاطفة والدمعة التي تسقط من أجل من نحرت عنقه الشظية .
ـ ولكني حولت الدمعة الى قصيدة . ولم أحولها الى زمن كي تأتي أنت .
ـ أتيت لأني ولدت من رحم تلك القصيدة التي كتبتها .
ـ لم أذكرك فيها ، قلت وقتها : ليت حزني يصير نورساً يأخذني الى المريخ . لأمارس عزلة النسيان .
ـ ولقد أوصلك النورس الى هناك ، ولأننا من سكان هذا الكوكب فلقد أيقظنا مجيئك ، وعندما عدت ، عدنا معك ، لنبحث عن أجداد تائهين لنا .
وقتها تذكرت معلومة من معلومات الخيال العلمي تقول : أن واحدة من أفتراضات الأصول السومرية تقول أنهم جاءوا من كوكب آخر ، وربما كوكب المريخ .؟
قلت : أهلاً بك أيها المريخي .
قال : قل أهلاً بك أيها السومري .
يالهذه الحرب . أنها تقودني الى متاهات عميقة ، فأنا في كل مرة أجاهر بسومريتي ، وحين يعلمون بحوارية الدفتر ، سيقولون : أيها الجندي المريخي ، لماذا لاتغادر الربيئة الآن وتذهب الى كوكبك المريخ وتتخلص من هذه الحرب القاسية ؟
قال السومري المرسوم في دفتر خواطري ، وكانت مهنته كاهن في معبد . أن سومر تنبع من مرئي لايشاهد ، لهذا وعت بشفافيتها كل جديد ، وهي اليوم محط أنظار العيون وسر الميثولوجيا الدائم .
قلت : وتعرف هذا المصطلح ؟
ـ وعينا دائم كالشمس ؟
ـ وللحرب ماذا تعي ؟
ـ موتك ، وسرمدية في الكوكب الذي تنتمي أليه : الكوكب الأحمر .
ـ المريخ ؟
ـ نعم . أن سومر تنتمي الى مألوف من كون أخر ، وهي أتت الى الأرض بأرادة الألهة ، وذهبت منها بذات الأرادة رغم أن المشهد كان مأساوياً ، ولكنه كان قدراً .
ـ بعد أحتراق اور هل عدتم الى المريخ ؟
ـ أبداً ، الأرض كوكب يخلق العشق ، فكيف نفارقه ؟
ـ ويخلق الحرب أيضاً .
ـ سومر في بعض من وعيها ، كانت الحرب هي واحداً من الأحلام القسرية التي تصنعها شهوات الملوك .
ـ تماماً مثل هذه الحرب .
ـ في معايير الأزمنة والأمكنة ، للحرب قلب واحد .
ـ ولها كوكب واحد . ولكني لاأريد ان أموت .
ـ الأرادات لاترغم المقدر على أن يبتعد عن سير وهو ينتقي من سومر أحلامه .
ـ وهل أنا حلم ؟
ـ نعم أنت حلم .
كان الديك يضرب للصباح طبل حنجرته .أستيقظت وقد تأخرت عن دوام المدرسة . ماجرى كان حلم لرؤى قديمة . الحرب أنتهت من خمسة عشر عام ، والحروب التي تلتها لم تستدعي المعلمين . أذن أنا حي ، وماقاله رجل المريخ . كان مجرد دعابه . ورغم هذا أشعر بوغزة قوية في منطقة القلب ، ربما هي بداية شد عضلي أو جلطة . ألهي أين أجد طبيب سومري ليسعفني ، وأي مركبة ستأخذني الى المريخ لأدخل المستشفى هناك .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبر أيوب عولمة من الألم ..أم ألم من العولمة؟
- للقلب دموع وللبصل ايضا
- امراة تتحدث مع وردة
- الذكورة والأنوثة بين الثقافة التقليدية والعولمة ...رؤى مؤسطر ...
- معزوفة ليل تحت جفن أمراة
- أتحاد أدباء العراق الصامت كحجر
- حمامة بيكاسو وحمامة كاظم ابو زواغي
- الحرب وأجنحة الفراشات ..فصل من مذكرات العريف كاستون باشلار
- عقيل علي طائر لن يتوارى وآدم باق في جنائنه
- مارواه الطبري عن العشق السومري
- ماركيز يكتب عن شاكيرا وأنا أكتب عن ماركيز وشاكيرا
- الأصول الأرضية والسماوية للطائفة المندائية
- الحرب بين تهديم الذاكرة وبناءها
- البيت المندائي أشعل قلب الوردة بالحب
- الاهوار ذاكرة البط والميثولوجيا ..الحرب
- غاليلو يتأرجح من بندول ويتصل بالهاتف المحمول
- السابح في العطر
- ماتخيله ماكس مالوان في مقبرة أور المقدسة..محاكاة لعودة الأنك ...
- يوم تولد الشمس علينا أن نفطم القمر
- لتفاصيل السرية للحظة موت أبي


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - هل هبط أهل سومر من المريخ؟؟؟؟