|
قتلة بالفطرة 1995(اوليفر ستون):عن مجنونان بريئان من الجنون لأنهما يعيشان في حضارة مجنونة اصلا
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4172 - 2013 / 8 / 2 - 16:07
المحور:
الادب والفن
قتلة بالفطرة 1995(اوليفر ستون):عن مجنونان بريئان من الجنون لأنهما يعيشان في حضارة مجنونة اصلا هو من اشهر أفلام أوليفر ستون ويجوز بقوة أن نطلق عليه (من أكثرها اثارة للجدل) بين مؤيد معارض،وربما المعارض لم يختلف على أن اوليفر ستون ربما ما يقوله صحيحا ولكنه انكر عليه اسلوبه في التقديم... هذه الفنتازيا المحبوكة بمهارة المؤدلجة على نمط الحياة الأمريكية،وعلى شدة المشاهد القاسية وكثرتها في الفيلم ولكنه ينزع إلى الضحك المخلوط بقوة بعنصر السخرية والتهكم... موضوع الفيلم هو الاعلام وقدرته على غسيل الأدمغة وتحويل القاتل إلى بطل،كما أنه يتحدث عن العنف ونزعاته واسبابه الذي يعود بشكل أو بآخر إلى سبب اجرامي,كما أن البطلين ذوا صلة قوية بالتاريخ الأمريكي الحقيقي والسينمائي...دعونا نقول على سبيل المثال (بوني وكلايد) كما أنه من الواجب القول علينا أيضا أن اوليفر ستون يوجه قصديته-كالعادة- إلى الولايات المتحدة وليس هناك أي شيء آخر متهم سوى الحضارة الأمريكية فعلا... القتل كثير في هذا الفيلم وهو كله مفتقد للهدفية الفعلية إلا أن يكون كخدمة للأسلوب الساخر التهكمي الذي اشتغل عليه المخرج ومن ثم انتقد بقسوة...ولا يمكننا القول أن القتل الذي يمارسه كل من مالوي ومالوري يعود في أساسه إلى نزعة فلسفية أو قيمة ثقافية سوى نزوع البطلين غير الطبيعي إلى القتل من وجهة نظر اجتماعية بحد ذاتها ضئيلة نسبيا مضمونها هو حب القتل نفسه... هناك انتقالات في المشاهد بين الأبيض والأسود واللقطات الملونة دمج مع شيء من الرسوم المتحركة واسترجاعات ذهنية عن شكل رسوخ الشخصية في الذهن المعقد لتلك الشخصيات... على سبيل المثال،دائما ما يرى مالوي(وودي هاريسون) في أفضل أدواره على الإطلاق عندما يذكر غايل الاعلامي أمامه على شكل شيطان تام،ثم أن هناك شيئا غير مفهوم في سينما هذا المخرج لأنه يرينا عملية دهس عقرب ومن ثم يركز بقصدية مطلقة وواضحة على الجثة المهشمة الأمر الذي شاهادناه ايضا مع قطة متوحشة فيلم العودة الكاملة. هذا كله ومع سيئاته عبارة عن اسلوب وعن حب للسينما ولكن كل بطريقته الخاصة.... ميكي ومالوري مجنونان بريئان من الجنون لأنهما يعيشان في حضارة مجنونة اصلا،مولعان بالقتل لدرجة أن القتل بالنسبة لهما عشوائي واحد معطيات الحياة اليومية وهو من دون سبب أصلا،فهما من الممكن أن يقتلا سائق دراجة كان يمشي في طريقهما دون حتى أن يعترض،وهما دائما ما يتركان شاهدا على المجازر التي يقومان بها كنوع من اخبار عن انفسهما نستطيع أن نقول عنه بأنه الشهرة... إذا كنا نتبع في المقالات التي نكتبها المنهج التحليلي بالنقد-باللغة السينمائية أو وفقا للمصطلحات السينمائية-التي لا علاقة لها بالمنهج أو الفلسفة التفكيكية لنقف قليلا ونتحدث عن الطبيعة...هل موقف البطلين في الفيلم موقف طبيعي؟ بالتأكيد لا..إذا كان هدف المدرسة الطبيعية التي لا علاقة لها أكيدا بمدرسة المخرج،فمن المستحيل أن يكون موقف كلا البطلين والشخصيات برمتها في هذا الفيلم موقفا طبيعيا،وحتى إن كان اوليفر ستون يقارب وودي ألن في مداخلاته الفيلمية،إلا أن هذه المداخلات عبارة عن تأكيد تهكمي والأمر مختلف تماما عند وودي ألن التي كانت مداخلاته في فيلم(آني هال) عبارة عن تأكيد-ربما يكون ساخر لموقف طبيعي... يبرز المخرج معاناة مالوري الاسرية التي يعتبرها بشكل واضح أساسية لسلوكها الحالي على شكل برنامج كوميدي من الذي يكثر عرضها على التلفزيونات الأمريكية،ليبرز معاناة أصبحت منهجية في نمط الحياة الأمريكية ... أم مالوري متزوجة وزوجها يتحرش بمالوري جنسيا ويضاجعها...على الرغم من أننا أمام سلوك عام قد يحدث في أي مجتمع إلا أن الفيلم موجه لأمريكا ولا يوجد فيه أي طرف متهم سوى الولايات المتحدة،لذلك سيكون القتل غلا في البداية لأنها ستقتل أمها وزوجها بمساعدة ميكي،ثم سوف يتحول هذا القتل غير ممنهج ليوصل إلى قضية أخرى ربما تكون هي صلب موضوع الفيلم ألا وهي الإعلام... القصة فنتازية(مدخل إلى الواقع بكل ما تعنيه الكلمة) كناياتها حقيقية أكبر من حجم القصة فعليا،فمثلا نحن نتوصل بأن أوليفر ستون يقول أن المجتمع الأمريكي هو المسؤول عن خلق الجريمة... من البريء فعليا المجتمع أم المجرم المجتمع معجب بهذين الشخصيتين لدرجة بأنهما سوف يصبحان قدوة للشباب وسيظهران على غلاف مجلة تايم الأمريكية وسيقارنان مع عظام ممثلين هوليوود على شاكلة جاك نيكلسون وجيمس دين... أضف إليهما بعض المتفجرات سيصبح لديك ميكي وكالوري داني غايل(روبرت داوني جونيور) مخرج ومنتج برنامج (مجانين أمريكا) طبعا سيطلب العمل مع ميكي ومالوري بعد إلقاء القبض عليهما... إذا أردنا التحدث عن الاعلام فأمريكا نفسها تنتج الكثير من أفلام الرعب(المنقوعة بالدماء) وأفلام الاكشن المنقوعة هي الأخرى بالدماء والرصاص،كما أن التاريخ نفسه صنع اشخاصا-كانوا في فترة ما أبطالا- على شاكلة ستالين وهتلر... قلنا أن اشكاليات هذه القصة أكبر من حجمها بكثير... مثلا شعور الندم الوحيد الذي ينتابهما هو عند قتلهم الهندي الأحمر وبكل وضوح فهذا عبارة عن صرخة اتهام ضد أمريكا وفي نفس الوقت ندم على غلطة-شنيعة واجرامية-ارتكبتها الولايات المتحدة في وقت سابق... جاك سباغيتي شرطي مكلف بالقبض على ميكي ومالوري وهو معتوه مصاب ايضا بالماضي العائلي الأليم ولكن بشكل مختلف،لأنه عندما تسلق (شارل ويتمان) برج جامعة تكساس ومن ثم بدأ باطلاق النار بشكل عشوائي تفجر صدر والدته امامه من دون أن يسمع أي طلقة... الذي نصل إليه أن هذه الجماعة المضربة عقليا هي ميزة نامية في هذا المجتمع الاستهلاكي،وفي نفس الوقت لا يوجد أي شخصية في الفيلم مذنبة...المنظومة هي المذنبة وهم يعيشون في هذه المنظومة قسريا ويتغذون من الحالة الفكرية العامة الروتينية غير المدروسة أو المقصودة لهذا المجتمع وسيكون السجن-كحالة أكيدة-مليء بهذه الجماعة المضربة عقليا... المقابلة في التلفاز مع ميكي تحقق أكبر نسبة متابعات على شاشات التلفاز مع مظاهرات تهتف وتقول: اقتلني يا ميكي He is be Famous frome Nothing-or Frome Something Apsolutly so Weard…. من خلال المقابلة نكتشف بأن ميكي شخص عاقل جدا،وهو لم يولد قاتل بالفطرة لأن القتل قانون من قوانين الطبيعة المشهد الختامي يقول الكثير...لأنه لاداعي لإبقاء شاهد على جريمة قتل غايل،لأن الشاهد الآن هو الكاميرا... كاميرا غايل هي الشاهد القصة لا تمت إلى الواقع بأي صلة عبارة عن كناية رمزية خيالية لمعطيات اجتماعية من جريمة إلى ماضي عائلي والمشاكل الاجتماعية ومن ثم دور الاعلام الذي اباح كل شيء...من الجنس وصولا إلى فكرة تقديس القاتل،والفيلم لا نستحق أن نقول عنه سوى بأنه فيلم كبير يستحق أن يعتبر علامة بارزة في تاريخ السينما الأمريكية... يشدنا ما قلناه هنا في النهاية عبارة ميكي-القريبة مما قلناه فعلا- عندما تزوج من مالوري على طريقته الخاصة بوصفي إله عالمي...أعلننا بأني أنا وأنت زوج وزوجة.
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
1966 مايكل أنجلو أنتونيوني: Blowe-pالانفجار أو تكبير الصورة:
...
-
الصحراء الحمراء1964(مايكل أنجلو أنتونيوني): (حتى الطيور تعلم
...
-
الخسوف 1962(مايكل أنجلو أنتونيوني):عن سينما غارقة في التفاصي
...
-
Eros2004:مايكل أنجلو أنتونيوني وستيفن سوديربرج وونغ كار واي
-
اسطورة 1900 جوسبي تورانتوري1999:حكاية شخص لم تلمس قدميه أرض
...
-
سينما براديسو1990(جوسبي تورانتوري): حكاية افضل فيلم يتحدث عن
...
-
الليل1961(مايكل أنجلو أنتونيوني): حوارات عابرة بين زوج وزوجت
...
-
المغامرة 1960(مايكل أنجلو أنتونيوني): سينما اللاحدث،أو سينما
...
-
الصرخة 1957(مايكل أنجلو أنتونيوني):التحليق فوق سينما واقعية
...
-
الانعطاف الكامل 1997:أوليفر ستون يعرض جانب أمريكا الأسود
-
حلم أريزنا 1993(امير كوستاريكا): .شخصيات هشة تنتظر الموت بشغ
...
-
فيلم بين النساء أو الصديقات (The Girl Friend) مايكل أنجلو أن
...
-
أنتونيوني حاول أن يكون واقعيا في قصة يعرف هو نفسه بأنها لأتص
...
-
الشباب والحاجات (مايكل أنجلو أنتيوني)1952:سينما وعظية في قصة
...
-
مدونات حب 1950(الفيلم الأول في مسيرة المخرج الكبير مايكل أنج
...
-
باري ليندون 1974(ستانلي كوبريك):فيلم عن الفن والحياة
-
الحياة معجزة 2005(امير كوستاريكا):عن كوستاريكا المخرج المفعم
...
-
البرتقالة الآلية1971(ستانلي كوبريك): احتمالات مستبعدة لأي خي
...
-
فاني والكسندر1983(أنغمار بيرغمان):الفيلم الأخير فعليا في مسي
...
-
سوناتا الخريف1978(أنغمار بيرغمان): مباراة في الأداء بين ليف
...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|