صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 11:02
المحور:
الادب والفن
19
... ... ... .... .... .....
.. ويهرُّ عاماً آخر مِنَ الضَّجرِ
يقرِّبُني أكثرَ مِنْ حافّاتِ القبرِ
تزدادُ همومي
كلَّما تقتربُ ليلة رأس السَّنة
أتألَّمُ
أشعرُ أنّي أزدادُ اقتراباً نحوَ الفناءِ
أراجعُ أوراقي
الشُّهورُ المارقة على سككِ الانكسار
المتشرشرة كشهبٍ حارقة
من تصدُّعاتِ هذا الزَّمان
محطّاتُ العمرِ مفهرسةٌ بالعذابِ
انّي أبحثُ عن فرحٍ
أريدُ أن ألتقطَ ذبذباتَ الفرحِ
اللَّائذة بينَ ظلالِ النُّجومِ
أريدُ أنْ أبدِّدَ أوكارَ الحزنِ المتاخمة
لسهوبِ الرُّوحِ
مَنْ يستَطيعُ أنْ ينجو
من شراراتِ هذا الزَّمان؟
شراراتٌ هاطلة
فوقَ شهقةِ الصَّباح
فوقَ صمتِ اللَّيلِ
تحرقُ أطيافَ النَّسيمِ
بالقيرِ والنَّارِ
الذَّاكرةُ البعيدة
بعيدةٌ للغاية!
طفولةٌ طافحةٌ بالألعابِ
طافحةٌ بالشَّقاءِ
طفولةٌ ممزوجةٌ بالعشبِ البرّي
ملوَّنةٌ بألوانٍ
اضمحلَّت في هذا الزَّمان
أريدُ أن ألملمَ ما تبقّى
من نقاوةِ الطُّفولةِ
المعلَّقةِ بينَ تجاعيدِ الذَّاكرة
أريدُ أنْ أفرشَ رحيقَ تلكَ النَّقاوات
على صباحاتِ غربتي
أريدُ أنْ أبدِّدَ أوجاعي
أنْ ابنيَ جسراً مِنَ الفرحِ
يمسحُ الأشواكَ العالقةَ
بينَ جنباتِ الرُّوح
يمتدُّ مِنْ وهجِ هذهِ الصَّباحات
حتّى عناقات الطُّفولة المكتنـزة بالنَّقاء
تعالَي أيَّتها الذَّاكرة البعيدة
أيَّتها الطُّفولة السَّاطعة
فوقَ جبهةِ الرُّوحِ
بَلْسِمي جراحَ القلبِ
من غربةِ الأيامِ!
طهّري الغبارَ العالقَ
في أردانِ صباحاتي
افرشي تحتَ أقدامي المتعبة
بساطاً نديّاً من الأعشابِ البرّية
بلابلُكِ تطيُر فرحاً
فوقَ تلالِ الذَّاكرة
أيَّتها الطُّفولة
يا صديقة غربتي
أراكِ تتشبَّثينَ في قعرِ الذَّاكرة
انهضي واشمخي
فوقَ جبينِ المسافات
أريدُ أن أنقشَ فوقَ صدرِكِ
نورساً مفروشَ الجناحين
يفوحُ عبقُكِ في فمي
كعسلٍ برّي كلَّ صباح!
منكِ أستمدُّ خصوبةَ الحياة
يتعطَّشُ إليكِ شراهةُ قلمي
أريدُ أنْ أفترشَكِ
على مساحاتِ الخيالِ
أن أرسمَ على خدِّكِ قبلةَ المحبَّة
قبلةَ الوداعة
أنْ أمنحَكِ وسامَ الحنين
أنْ أستمدَّ منكِ كنوزَ البراءة
لأنثرها فوقَ البحار ِ
لعلَّها تصبُّ بركاتَهَا
في قلوبِ أطفالِ العالم!
أنتِ واحتي الظَّليلة
أهربُ مِنْ غربتي
كلَّما تجثمُ عليّ
لحافها الصَّقيعيّ السَّميك
أهرعُ إليكِ
لأستريحَ تحتَ ظلالِكِ الخصبة
لأنامَ بينَ أحضانِ النَّرجسِ البرّي
... ..... .... .... ..... يتبع!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟