أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - احمد حمدي سبح - علاقات شائكة















المزيد.....

علاقات شائكة


احمد حمدي سبح

الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 19:19
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


علاقات شائكة


تنتاب العلاقات بين الزوجات وأمهات الأزواج في غالب الحالات علاقات شائكة محفوفة بالتوتر والشحذ النفسي السلبي تجاه بعضهما البعض , صحيح أن كثير من العلاقات البينية بين الأزواج وأمهات الزوجات تنتابها كثير من القلاقل كذلك ولكن التوتر هنا يكمن غالبآ في التفاصيل المادية ورغبة الأم في رؤية ابنتها تعيش في ظروف مادية مناسبة أو نتيجة سوء معاملة بعض الأزواج لزوجاتهم .

ولكن التحليل هنا ينصب في التركيز على نوعية من العلاقات الانسانية التي تعنون شكل العلاقة بين الزوجة وأم زوجها يحكم تطورها وصيرورتها وهيكلها البنيوي اطار عام من البناء النفسي الذي فرضه شكل ونوعية التربية الأسرية في الصغر وطبيعة غالبية التناول والتعرض الاعلامي والتربوي له خلال مراحل النمو الفكري والنفسي منذ الصغر و وما ينتجه ذلك من آلام نفسية تعتصر جميع الأطراف وخراب للبيوت وارتفاع مستمر في حالات الطلاق .

فللأسف الشديد فان النسق التربوي والتعليمي العام والتناول الاعلامي ممركز وممنهج في اتجاه التركيز على سرد وعرض منظومة متكاملة من الأفكار والقصص ذات الأبعاد والخلفيات الدينية والتراثية حول عقوق الوالدين وتفضيل الابن لزوجته على حساب أمه التي طالما لضحت وبذلت الجهد الجهيد طيلة الليالي الساهرة من أجل تفوقه وراحته , فيكون الابن الذي يفضل زوجته على أمه بعد كل هذه التضحيات يعتبر ابنا عاقآ وغير بار بوالدته ويستحق ذم المجتمع وتحقيره .

وهذا أمر لا جدال فيه فهذه النوعية من الأبناء العاقين تزخر بهم كافة المجتمعات والثقافات , ويستحقون فعلا أن يلفظهم المجتمع بل يجب على زوجاتهم اللاتي انتصرن لهن أن يحذرن منهم لأن من خان أمه بعد كل هذه التضحيات فانه لا يؤمن جانبه في السواد الأعظم من الحالات .

لكن على الجانب الآخر من الصورة وبديلآ من تصدير صورة أحادية عن هذا الموضوع كما دأبت الثقافات المتوارثة والطروحات الاعلامية التي تناولت هذا المشهد الاجتماعي والنفسي وان تناولت عكسه فانه يكون تناول عرضي هامشي وربما في اطار أعمال درامية وسينمائية أقل اهمية من تلك التي تركز على هذه الصورة الأحادية , فانه وفي اطار الوصول الى حالة عامة من السلام الاجتماعي والنفسي يحكم هذه العلاقات وبما ينعكس بالايجاب على احداث حالة من الرضى والتركيز على أمور حياتية أهم كالترقي والنمو الاجتماعي ورفع الانتاجية العملية.

و بالطبع بعيدآ عن الحالات التي يتصدر عنوانها عقوق الوالدين , ويكون هذا العقوق واقع بشكل حقيقي دون اتهام ظالم موجه لأبناء صالحين لا يبحثون الا عن العدل واعطاء كل ذي حق حقه دون تجني أو تحيز تجاه طرف دون آخر بعقل واعي وضمير حي .

فالزوج المظلوم بشكل حقيقي ( لا العاق والجاحد ) والذي ينظر اليه المجتمع نظرة استنكار لمجرد أنه وقف الى جوار زوجته في خلافها مع أمه وقفة عادلة , لايمكن في الغالب الأعم وتحت هذه الضغوط الاجتماعية من قبل عائلته او المجتمع نفسه لا يمكن توقع علاقة سوية ستسود بينه وبين زوجته وأبنائه , أو توقع اندماج أبنائه بسهولة في محيط عائلتهم الكبيرة , أو توقع نظرة ايجابية له من قبل زملاء العمل وبالتالي تتوالى الخسائر النفسية والاجتماعية التي تنتهي بالطلاق وخراب البيوت

والاهم من ذلك حدوث تحول لدى هذه الشخصية في طريقة النظر والحكم على الأمور انتقالآ من زاوية العدل والانصاف والبحث عن الحقيقة الى مجال واسع من الغش والنفاق والتجني والظلم والميل الى تنفيذ اجندة مجتمعية وان مالت عن الحق وشابها التحيز بعيدآ عن القناعات الذاتية والحقائق المنطقية, هذا بالاضافة الى فقدانه لاحترام نفسه واحترام زوجته وأبنائه له , فالانسان في النهاية في غالب الأحوال عبد لظروف ومفاهيم مجتمعه وان كانت خاطئة .

فانه لابد من النظر الى هذا الموضوع نظرة أكثر شمولية تتعلق بضرورة تغيير النمط
القيمي والسياق الفكري والثقافي الذي ينشأ عليه الجمهور , فالبتوازي مع ابراز المشاهد السلبية المتعلقة بعقوق الوالدين فانه لابد من تقديم مقاربة تعليمية وتربوية واعلامية جديدة للصغار والكبار تركز على أن التضحيات الأمومية لا تعني تملك الابن والسيطرة على حياته والتدخل في شؤونه الخاصة مع عمله وزوجته وأبنائه .

من الواضح أننا بحاجة الى خطاب ثقافي واعلامي جديد يركز على ضرورات التربية الأسرية التي تعمد الى بناء الشخصية المستقلة الغير اتكالية المعتدة بذاتها دون تدخل من الآباء والامهات , ونحو بناء مفاهيمي جديد يؤسس في عقلياتنا فكرة أن الاختلاف في الرأي مهما كانت أطرافه لا يجب أن يترجم في اطار نص معنون بالخيانة والجحود والعداء والكراهية والخصام وجروح غائرة في المشاعر , طالما أن هذا الاختلاف لا يشوبه قول أو فعل صريح وواضح السوء والأدب .

يجب تطوير خطاب لا يمؤسس لعلاقة عدائية بين الزوجة والحماة أو حتى بين الزوج والحماة , بل خطاب ومنهج تربوي يركز على حسن العشرة واكتشاف الجوانب الايجابية في شخصيات تلك الأطراف , ومحاولة فهم أن محاولة استعداء طرف او جذب طرف ضد آخر لايمكن أن يبني علاقة سوية وبيوت عامرة بالحب والتفاهم مما ينعكس في بناء نفسيات سوية بل ومنطقية في تعاملها مع النفس والمجتمع بصفة عامة وهو ما يسهم في تطور لأداء مجتمعي فاعل وفعال , فالانسان بطبعه لا يتجزأ .

من الهام أن تفهم كل أم أنها على الرغم من كل تضحياتها العظيمة والجليلة التي لا يمكن
لأحد أن يوفيها حقها , فانها في النهاية بشر يخطئ ويصيب وربما تكون وجهة نظرها تجاه موضوع ما تختلف عن وجهة نظر ابنها وبالتالي فانها لا تملك الا الحب والنصيحة الملائمة من وجهة نظرها ولكن تظل حياة ابنها وعلاقته مع زوجته وخططهما لحياتهما ملكآ لهما وهما أدرى بتطلعاتهما وآمالهما , فهم في النهاية لزمانهم مثلما كانت حياة هذه الأم مع زوجها وأبو ابنهما .

يجب أن تدرك كل أم أن من الحب ما قتل وهو عين ما يجب أن تدركه كل زوجة محبة لزوجها يجرفها حبها له للاستحواذ عليه لدرجة أن تحاول أن تنحي أمه جانبآ بعيدآ عن حياته وهو أمر ان طاوعها فيه الزوج كان لهذه الزوجة ان كانت عاقلة أن تعيد حساباتها لأن من يغدر بأمه فلا خير فيه بل ويخاف منه على الأبناء .

صحيح أن الغيرة تحكم في السواد الأعظم من الحالات علاقة الحماة بزوجة ابنها فهذه تريده ان يظل ملكآ خاصآ لها وتلك تريد الاستحواذ عليه , وهذه النظرة الشعورية الصفرية لابد من تغييرها فليس هكذا تؤتى سعادة الأبناء والأزواج , ان السعادة الحقيقية لجميع الأطراف تكمن في الحب الحقيقي والتعاون والموائمة وتفهم احتياجات كل طرف والرغبة الحقيقية في التقدم والابحار بالقارب الى بر الامان بما يحقق سعادة الجميع .

لابد من تناول تربوي تعليمي اعلامي جديد حول هذا الموضوع يتمحور حول الحيدة والنزاهة في بناء العلاقات الانسانية , لايركز على جانب واحد من تلك الصورة ذات الجوانب المتعددة ولا يعلي جانبآ على حساب آخر , فان كان هدف كل أم هو سعادة ونجاح ابنها وبالطبع ابنتها فانها يجب أن تربيهما على النزاهة والموضوعية والعقلانية في الحكم على الأشياء والمظاهر الاجتماعية المختلفة بعقل واعي وضمير حي , حتى في تلك الأمور التي تكون هي نفسها طرفآ فيها بما يضمن أن تقدم للمجتمع انسانآ موضوعيآ واعيآ مستقلآ يستطيع أن يحسن اختيار زوجته ومستقبله .

وليس انسانآ أنانيآ غير موضوعي مرتهن الفكر والارادة للآخرين لا تجد الحيدة والموضوعية سبيلآ اليه في نظرته وتناوله للامور سواء الذاتية أو المجتمعية مما ينعكس على المجتمع بالسلب في ظل تواجد أناس مبتوري الارادة والعزيمة والقدرة على الحكم والتنفيذ بعيدآ عن الأهواء الذاتية وارادة الآخرين .

لابد من تناول تربوي تعليمي اعلامي جديد يستهدف بناء زوجة تتفهم حقيقة أن الحب لا يعني الاستحواذ واستعداء الآخرين وأن العلاقة بين حماتها وابنها يجب أن تستمر في اطار الحب والتفاهم وأن علاقتها بحماتها لا يجب أن تكون كالسير على الأشواك أو حتى على قشور البيض بل يجب أن تكون تحت عنوان اسرة واحدة ومستقبل افضل .

أحيانآ كثيرة ما تحتاج الزوجة أو الأم للشعور بتأنيب الضمير من خلال ادراك حقيقي وموضوعي أخطاء وقعوا فيها بدلآ من استدعاء مشاعر الضحية والعمر الضائع التي تزيد من عمق الجروح والآلام و تلك المشاعر التي تهدم ولاتبني ,


فاعتذار المخطئ أيآ كان لابد ان يكون نابعآ من مشاعر صادقة بالخطأ والندم عليه لا مجرد ارضاء للخواطر ويبقى ما في القلب في معينه .

لا شك أن كل ما سبق يندرج تحت مسمى أعم ووأشمل ألا وهو بناء ثقافة الحوار وحق الاختلاف دونما خلاف , ولا شك أيضآ أننا نتحدث عن غالب الحالات أو كثير جدآ منها في اطار بحثنا عن علاقات أسرية سوية ومجتمع أفضل قوامه الحب والتفاهم والتعاون داخل أنويته الأسرية الصغيرة بما ينعكس على المجتمع ككل.



#احمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتضغطوا على المجلس العسكري


المزيد.....




- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - احمد حمدي سبح - علاقات شائكة