أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - احمد معين - نسوة العراق :-من يفتح باب الطلسم-؟















المزيد.....



نسوة العراق :-من يفتح باب الطلسم-؟


احمد معين

الحوار المتمدن-العدد: 419 - 2003 / 3 / 8 - 05:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



صورة حال :
كل متابع و مراقب لأمور و قضايا عراق التسعينات يصيبه الصدمة أمام تدهور بل و السقوط المروع لوضع ومكانة المرأة العراقية في كل مجالات الحياة. لا يخلو ميدان من ميادين الحياة الاقتصادية, السياسية , الاجتماعية والتربوية والأسرية و … الخ, من آثار أزمة عراق التسعينات. وقد طالت شرارات تلك الأزمة وضع المرأة في سائر ميادين التشغيل والتوظيف والتربية والدراسة والزواج وظروف المعيشة والصحة سواء داخل الأسرة أو على نطاق المجتمع ككل. فـ (الماجدات) العراقيات (كما يحلو لصدام تسميتهن إمعانا في الشماتة!) ينؤ ون تحت وطأة الفقر والبطالة والجوع والغلاء والقحط. إنهن الفئة والشريحة الأمامية في المجتمع العراقي اللواتي تعرضن خلال العقد المنصرم خاصة لأشكال وصور من الاستلاب والاضطهاد لا يتصورها العقل. فالحصار البربري الذي حصد حياة مئات الآلاف من العراقيين والفقر الكاوي والجوع المستشري وانفلات مد الدكتاتورية والاستبداد البعثي ــ الصدامي والمجازر والاعدامات اليومية والقصف اليومي الصاروخي الأمريكي والغربي والتدمير الكامل للبنية التحتية في العراق, بالإضافة إلى انبعاث واشتداد التعصب والتمزق القومي والديني وبروزها بشكل حركات قومية واسلامية تدعو لحكم وسيادة الطوائف والأقوام و…….. والعشرات غيرها من مشاهد الحياة المزرية في عراق التسعينات, تسحق قبل أية فئة اجتماعية أخرى المرأة العراقية المنكوبة بأمرها. أن تكون عراقيا أو بالأحرى امرأة عراقية هو غبن واضطهاد بذاته, فالعيش في العراق يعنى الرضوخ لأحد اشد الأنظمة قمعا واحد أكثر الحكام استهتارا في العالم الراهن. وتلك بحد ذاته كاف لبيان وضع المرأة العراقية. ونظرة متفحصة إلى تلك الأوضاع تبين ليس فقط التراجع المشين في شتى مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والتعليم فيما يخص المرأة العراقية مقارنة بمثيلاتها في العالم بل وتجلي تراجعها المخزي حتى بمقارنتها بعقد الستينات وما نالته المرأة العراقية من حقوق ومكتسبات اثر نضالات بدأت خاصة منذ بداية الحرب العالمية الثانية. فقوانين الزواج والطلاق والميراث ومجمل الجوانب الأخرى من تشريعات الأحوال الشخصية (مثلا) طرأت عليها تغييرات تراجعية كثيرة. والفقر والبطالة والجوع وانهيار شبكة الخدمات البلدية والتربوية والتعليمية في العراق اثر التكالب الصدامي ــ الأمريكي تسحق المرأة بصورة مباشرة. فالدكتاتورية والاعدامات والقمع والمطاردات اليومية لأجهزة النظام التي تفزع المزيد يوميا, وأجواء العسكرتاريا وغيرها تمارس ضغوطا مباشرة وغير مباشرة على المرأة العراقية وتدفعها نحو الهاوية السحيقة. وآثار الحربين العراقية ــ الإيرانية والعراقية ــ الأمريكية في مجالات القتلى والأسرى والمشوهين والمعوقين, عدا آثارها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الأخرى الفظيعة, تولد ضغوطا لا تطاق للمرآة العراقية. ويكفى ذلك مثال واحد على ما اقترفته يدي صدام ورهطه وأجهزته ونظامه القومي ــ البرجوازي بحق المرأة العراقية إذ خطف النظام 182 ألفا من أبناء كردستان العراق ( أغلبيتهم من النساء والأطفال…!) عشية انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أبادهم عن بكرة أبيهم. تلك أمثلة فقط من تراجيديا المرأة العراقية والسفر المشؤوم والسجل الأسود للنظام العراقي والدور الأمريكي القذر في تلك الأوضاع. كما لازال هناك عشرات الآلاف من العراقيات يعانين غياب أزواجهن في إيران واضعافهم من عوائل المسجونين والمفقودين والمغيبين والذين تم إعدامهم في العقدين الماضيين. ولا يتكامل الصورة التراجيدية لوضع المرأة العراقية في التسعينات دون الإشارة إلى ما واجهتها المرأة الكردستانية في العقد ذاته وضمن ظروف مشابهة في الجوهر. فحملة اغتيال المرأة الكردستانية وقتلهن بدواعي الشرف والعار أو كونهن يمارسن ابسط حقوقهن في ميادين العمل او الخيار السياسي أو ارتداء ما يروق لهن من أزياء أو التطلع إلى نيل ابسط حقوقهن. وتجري كل ذلك ضمن أوضاع رجعية سياسية واجتماعية وحملة منظمة من قبل التيارات الإسلامية تحت أبصار عيون القوميين الأكراد والمدافعين عن شرف الكرديات والوجلين من عدوى العلمانية والراديكالية النسوية.

خلفيات القضية النسوية في العراق:
ارتبطت قضية المرأة منذ العشرينات, ارتباطا لا فصام فيها بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية ككل. فقد تأثرت وضع المرأة العراقية سلبا أو إيجابا بتلك التطورات. ولكي أكون اكثر دقة في التعبير أقول : لقد ارتبطت قضية المرأة العراقية, اي سعيهن نحو الإنعتاق من العبودية الجنسية ونيل حقوقهن, بسعي العمال والطبقات الكادحة نحو التحرر ونضالهم ضد مستغليهم وضد السلطات القائمة. وعودة بسيطة إلى تاريخ العراق منذ العشرينات, حيث تكونت الدولة العراقية و المؤسسات.
كما برزت إلى السطح الطبقة العاملة بتطلعاتها وبراعم نضالاتها وإضراباتها متزامنة مع ظهور الميول الاشتراكية والماركسية, إذ ذلك المراجعة البسيطة يبين لنا العلاقة الجدلية بين المسألتين ففي سياقها التاريخي برزت قضية المرأة في العراق منذ بداية العشرينات ارتباطا بظهور علاقات الإنتاج البضاعي وارتباط السوق الاقتصادي العراقي بالرأسمالية العالمية عن طريق اندماج عملية تراكم الرأسمال فيها مع الرأسمالية الإنكليزية. وقد لعبت الفرق الاشتراكية والماركسية البادئة بالنمو حينذاك في العراق دورا لا يستهان بها في (نفخ الروح ) في المطالب النسوية والوعي الراديكالي بتلك القضية وخاصة جماعة حسين الرحال. وقد تصدرت, بداهة, مطالب حق التعليم وحرية ارتداء الزي (أو ما اصطلح عليه آنذاك بالسفور ) مطالب النسوة ومدافعيهم من الرعيل الأول للاشتراكيين في العراق. وقد أتى نضال تلك المرحلة من الدعاية الاشتراكية ( وخاصة على صدر صفحات جرائد تلك الأيام ) ثمارها حيث ازدادت ولوج المرأة العراقية ميدان التعليم وطرحت القضية في أبعادها الاجتماعية الواسعة فيما انحسرت ارتداء الحجاب والتزمت تجاهها.
وقد استمرت هذه المرحلة حتى أواسط الأربعينات ونهاية الحرب العالمية الثانية. ومما يجدر ذكره أن قضية المرأة في العراق تأثرت بشكل مفهوم منذ أواسط الثلاثينات بقيام الحزب الشيوعي العراقي وسياسته ورؤيته في هذا المجال وما لعبه من دور في مجمل الميادين الأخرى في العراق. ومنذ الحرب العالمية الثانية وما رافقها من تحولات محلية وعالمية, استحالت قضية المرأة إلى أحد مواضيع وقضايا الصراع بين الحركات السياسية آنذاك. وقد تمخضت نهاية الأربعينات عن ظهور (الحركة النسوية ) العراقية بملامحها ومطالبها ونضالاتها وشخصياتها وليس ذلك فقط بل برزت في هذه المرحلة الدور المتميز للمرأة في النضالات الراديكالية والتحررية في الميدان السياسي وارتبطت نضالات المرأة العراقية فعلا بقضايا التحرر ومواجهة الإمبريالية البريطانية والرجعية الدينية والاجتماعية والنظام السياسي الملكي القائم آنذاك. وتبرز هنا حتمية تسيس قضية المرأة كأمر لامناص منها. وقد اشتركت طلائع الحركة النسوية العراقية في هذه المرحلة وبزخم قوي في التظاهرات والإضرابات والتحركات السياسية العارمة مثل النضال من اجل حق إنشاء الأحزاب والتنظيمات والجمعيات السياسية والمهنية والجماهيرية, والمطالبة بحرية الصحافة والرأي عموما وخاصة من خلال التظاهرات التي اندلعت في ( 1948و1952و1954و1956 ) وغيرها. وفي خضم تلك الحركة بتناقضاتها وميولها وخطها العام المشترك ظهرت (رابطة نساء العراق ) كمنظمة نسوية تهتدي بالآفاق السياسية المرفوعة من قبل الحزب الشيوعي العراقي ومستلهمة القوة والتصميم من دعمها. و قد لعبت الرابطة دورها في تلك المرحلة في حشد وتنظيم صفوف ناشطي الحركة النسوية العراقية وإشاعة التجربة في صفوفهن. وقد عقدت مؤتمرها الأول في بغداد في بداية الخمسينات بحضور ( 400 ) مندوبة. إلا أن الآفاق الفكرية والسياسية للرابطة, واستلهامها الآفاق الإصلاحية للحزب الشيوعي العراقي, حيث الخوف من طرح برنامج واهداف شيوعية واقعية تربط تحرر المرأة النهائي بالقضاء التام على الملكية الخاصة و الرأسمالية كنظام وبناء المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات والبقاء ضمن اشتراكية وطنية تدعو (الشعب) لبناء الاقتصاد الوطني والاستقلال والسيادة ( وهي أهداف برجوازية في نهاية المطاف وبوضوح), لعبت دورها في بقاء الرابطة والحركة النسوية العراقية آنذاك أسيرة لأوهام ( الوطنية) البرجوازية كما تبين باسطع أشكالها في مرحلة ما بعد ( 14 تموز ) في العراق. وهكذا استطاعت النزعة الإصلاحية الوطنية العراقية آنذاك وممثلها في صفوف الحركة النسوية ( اي الرابطة ) كبح جماح الحركة النسوية العراقية المتدفقة زخما وطاقة ثورية واحتواءها وتدجينها ضمن أهداف لم يكن بوسعها مس أسس التمييز النسوي أي (الملكية ــ العائلة ــ الدين ــ الدولة ). إلا أن الحركة النسوية العراقية استطاعت ولوج ميدان المجتمع الأول مرة بوصفها قوة لعبت دورا هاما في استنهاض همم النساء التحررية للمطالبة بحقوقهن عدا المشاركة في النضالات السياسية الجارية آنذاك ومواجهة الرجعية الدينية و سياسات النظام الملكي والاستعمار البريطاني وملاكي الأرض. ومما يجدر ذكره هنا إن الحركة الإسلامية برموزها وشخصياتها و مراجعها وقفت مذعورة وبصراحة ضد الحركة النسوية منذ انطلاقتها في العراق. وتلك نقطة ينبغي تدوينها وعدم المرور عليها بلا مبالاة. فمطالبة المرأة والماركسيين والاشتراكيين في العراق بالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة وبتكافؤ الفرص في التعليم والعمل والزواج والطلاق والعائلة والمناداة بالتخلي عن الحجاب وارتداء الزي العصري ومنع تعدد الزوجات ومقاومة العنف وضرب المرأة, كلها واجهت مقاومة شرسة من قبل الحركة الإسلامية ومراجعها. ولعبت المراكز الدينية في كر بلاء والنجف وفي كردستان أيضا, في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات, دورا بارزا في التصدي لتلك الدعوات الإنسانية التحررية. أما بعد 14 تموز 1958, فقد شهدت الحركة النسوية العراقية آنذاك وضمن الآفاق والأطر التنظيمية السابقة بشكل عام, انطلاقة أخرى. وقد تفاءلت المرأة العراقية بالعهد الجديد نظرا لنفوذ الحزب الشيوعي في صفوفها إذ وكما هو معروف كانت ( 14 تموز ) نموذجا حيا للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كان ينشدها الحزب الشيوعي العراقي. إلا أن انطلاقة الحركة الجماهيرية نتيجة لزوال النظام الملكي والزخم اليساري العام والثوري والجماهيري التي تلت 14 تموز ونتيجة لتراكم عقدين من التجارب وخلافا لارادة وتوجهات الحزب الشيوعي العراقي أحيانا, أدخلت الحركة النسوية أمام تحديات وظروف جديدة ومناسبة إجمالا. كما نالت نساء العراق مجموعة من الحقوق والمنجزات في هذه المرحلة, ويأتي في مقدمة كل ذلك في ميدان الحركة النسوية, قانون الأحوال الشخصية كمكسب ناضلت من اجله الحركة النسوية لمرحلة كاملة. كما تأثرت وضع المرأة العراقية طبعا بالتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الناتجة عن المرحلة الجديدة مثل إقامة النظام الجمهوري, إطلاق سراح السجناء وأجواء الحريات النسبية المفروضة من القاعدة الشعبية وما رافقه من زخم النضال الجماهيري وقيام العشرات من المنظمات الجماهيرية والنقابات العمالية, وسن قانون العمل الجديد وقانون الضمان الاجتماعي وغيره. فيما يخص قانون الأحوال الشخصية لعام ( 58), فأنها استندت أساسا إلى مشروع طرحتها ( رابطة المرأة العراقية) حيث لاقى القانون مواقف متناقضة. فقد رحبت بها القوى العلمانية واليسارية وبعض الأحزاب الوطنية والليبرالية بدرجات مختلفة من التحمس أو التحفظ. أما القوى القومية كالبعث والاستقلال فتحفظت عليه بصراحة تامة بل و وقفت ضده أحيانا. أما اكثر القوى التي وقفت بوجه التشريع الجديد خاصة, وكانت تلك أحد مآخذها الرئيسية على النظام الجديد, فكانت القوى والمراجع الإسلامية فقد نشر رجال الدين في كر بلاء والنجف وفي مسعى اكبر من الإسلاميين لمواجهة القانون الجديد, مذكرة مرفوعة إلى السلطة وصفوا فيها القانون ( بالمخالف لأحكام الإسلام). إلا أن القانون, وللحقيقة, استند في كثير من مواده إلى الإسلام بالرغم من اعترافه ببعض الحقوق العامة للمرأة كالمساواة في الإرث. فلم يحظر القانون قضايا بديهية مثل تعدد الزوجات وأتى بذرائع رجعية تجيزه كعقم الزوجة الأولى أو إصابتها بجنون و(دون ذكر حالات مشابهة لجنون الرجل !؟) وما شابه ذلك من دلائل وذرائع اقل ما يمكن القول فيها إنها كانت سخيفة. ولكن موضع فزع الإسلاميين لم يكن القانون بذاته, بل الأجواء الجماهيرية الراديكالية التي اندفعت وانطلاقة الحركة النسوية في الشارع وعلى صعيد المجتمع ككل حاملة راية المساواة والمطالب الراديكالية التي وجهت بالفعل ضربة قوية لنفوذ الرجعية ككل والرجعية الدينية و العشائرية بشكل خاص.


الواقع الراهن للمرأة العراقية
إن انعدام الحريات والتسلط السياسي والقمع كالشروط اللازمة لحكم البرجوازية البعثية في العراق, يشكل الجزء الساطع والظاهر من معانات المرأة العراقية منذ أكثر من ثلاثة عقود. إلا إن ذلك لا يشكل إلا الجزء ( الساطع و الظاهر) إذ أن المخفي والباطن من أسباب تراجيديا المرأة العراقية ليست اقل شأنا بل هو الجوهري برأينا كماركسيين. فما زالت المرأة تصنف, في العرف السائد للمجتمع وضمن الثقافة الطبقية السائدة ( وحتى غير البعثية منها طبعا), ضمن (( القيم! )) التبادلي منها او الاستعمالية, كلاهما على السواء!. وللحقيقة فان لسيطرة الجنس الذكوري على الأنثوي أسبابا موضوعية أساسها السيادة الاقتصادية للرجل وكونه المسيطر على دخل الأسرة بل ومصدر ذلك الدخل عموما. وتلك تجل محدد لوضع المرأة في المجتمع الرأسمالي العراقي. لذا فأسباب بل وجذور بؤس المرأة العراقية, تبدأ من سيادة الإنتاج الرأسمالي والملكية الخاصة شأنها شأن العالم المعاصر قاطبة. وهكذا فان ( الملكية ــ العائلة ــ الدين ــ الدولة ) تلك الأركان الأربعة للمجتمع الرأسمالي, تفرز وتتطلب قوانين وتشريعات تعيد إنتاج وديمومة النمط المذكور. وهكذا تأتي الاستغلال النسوي في العراق أيضا في جوهره ضمن ذلك السياق.
وهنا وفي الحلقة اللاحقة, تأتى دور الأيدلوجيا, القضاء, التعليم, التربية, الأعراف و التقاليد, الزواج, ….الخ, لتخدم تلك العملية, أي عملية إعادة إنتاج عبودية المرأة.
إن سائر التشريعات العراقية ( قبل البعث وبعده) والخاصة بتنظيم الحياة الأسرية والزوجية, مقننة بشكل تضمن إخضاع المرأة, للرجل وللمجتمع وسلب حريتها. فالزوجة تتبدى في حيثيات قانون الأحوال الشخصية العراقي, كمتاع وملك للرجل مستندا في ذلك على الشريعة الإسلامية. فعليها حسب القانون المذكور واجبات إطاعة الزوج وخدمتها والوفاء لها. والفكر والشريعة الإسلامية بتوفيرها الإطار لذلك ( الرجال قوامون على النساء ) تكمل الحلقة المذكورة. وهكذا تكون الشريعة الإسلامية هو مصدر ( أو أحد المصادر الرئيسية أو المصدر الوحيد ) لقانون الأحوال الشخصية تكفي بذاتها لبيان الغبن العميق الحاصل بحق المرأة العراقية. إذ تشكل استعباد المرأة و الحجر على حريتها ركنا ثابتا وأساسيا من أركان الشريعة الإسلامية و لاحاجة هنا للاستدلال على ذلك. كما أن مقولات العار والشرف و التقاليد والممارسات الأبوية والرجعية الملازمة لها ذو جذور قوية في العراق. إنها تتغذى أساسا من البنية الفكرية والسياسية المهيمنة أي الثقافة الإسلامية من جهة والرجعية السياسية لعقد التسعينات من جهة أخرى وهي لا ترتضي بأقل دور إنساني للمرأة.
كما أنها تتغذى وتتكامل من قبل اغلب التيارات البرجوازية المعارضة العراقية. فانبعاث القيم العشائرية والدينية والطائفية والأبوية في المجتمع العراقي (بل و بعثها) ليست حصيلة لكون المجتمع العراقي مجتمعا محافظا وذو جذور دينية وتقليدية, إن ذلك يشكل غطاء على الواقع والأسباب الفعلية لانبعاث تلك القيم الرجعية, إنها جزء من رجعية سياسية أتت حصيلة ظروف الصراع الرجعي العراقي ــ الأمريكي وأزمة عراق التسعينات البرجوازية إجمالا ضمن ظروف عالمية سميت زورا مرحلة (( ما بعد الشيوعية )).
وفي ظروف تعم فيها اليأس والإحباط والعجز من الطبيعي أن تزدهر أرضية مناسبة لنمو روح الانطواء والتراجع والعودة إلى أحضان الخرافات والوعي الديني الزائف والمعتقدات البالية في صفوف المرأة العراقية. ان انبعاث القيم ونمط السلوك العشائري والقبلي والأبوي وما شاكلته في العراق, يشكل أحد الجوانب والمظاهر الأساسية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الأزمة السياسية للبرجوازية في العراق كما يمثل تراجعا حضاريا مستهدفا سعت إليه السلطة الحاكمة وتجاوبت مع تلك الردة كمعظم الحركات السياسية البرجوازية العراقية وان بدرجات متفاوتة. فالمرأة العراقية تحظر عليها (( الولاية )) كما يصطلح عليها في الإسلام, كما ترفض شهادتها في (( الحدود )) و (( القصاص )) حسب نفس الاصطلاح, فيما تعتبر شهادة امرأتين مساوية لرجل واحد في غيرها من القضايا وهي ذي حق في نصف ما يحق للرجل في الميراث.
ما العمل إذن؟
لقد تراوحت الرؤية السياسية والحلول العملية بصدد قضية المرأة في العراق منذ العشرينات بين موقف متأثر بالليبرالية الفاقدة لأية قاعدة مادية في العراق مؤكدة على اكثر المطالب والحلول عمومية وسطحية. ولا يتجاوز رؤيتهم هؤلاء لقضية المرأة وحقها مجال القوانين والتشريعات المجردة بل لا يرون أصلا الجذور الاجتماعية و السياسية والاقتصادية للاستغلال النسوي وينفونه أصلا. ولا يتجاوز طروحات هؤلاء ( الذين ضعف دورهم منذ 14 تموز فما بعد بشكل تدريجي في العراق ), نماذج مثل تركيا ومصر.
أما التيار الآخر فهي تيار الاشتراكية الإصلاحية والوطنية التي , وبرغم تشدقها حول تحرر المرأة العراقية, فلا ترى في قضية المرأة, مطلبا وقضية بذاتها, بل تحاول توظيفها لخدمة أغراض و أهداف سياسية وطبقية أخرى مثل مقارعة الاستعمار وبناء الوطن وتحقيق السعادة و ….الخ. لقد كان آفاق هذا التيار هو السائد في صفوف المرأة لعقود من السنين في العراق كما سلفنا. ولم يستطع التيار الماركسي والشيوعي الواقعي بلورة وطرح سياسة وفهم ورؤية شفافة ومؤثرة تستجيب لحجم الكارثة النسوية في العراق. وعلى الرغم من نواياهم الطيبة فان انطلاقها من ( المثل ) الصحيحة و (الأفكار) والقوالب المثبتة, وبحثها فيما بعد لتطعيم واكساء تلك المقولات بمنفذين في المجتمع كالعمال والنسوة وغيرهم, لترجمة تلك المثل والشعارات على صعيد الواقع, حولت تلك التوجهات اليسارية الراديكالية إلى نزعة هامشية لا تربطها صلة مع القضية النسوية في العراق بجوهرها ووضعها الراهن والياتها وخصوصياتها وكيفية انطلاقها وانتصارها.
وكل ذلك يتطلب منا بحث قضية المرأة و وضعها في إطارها الصحيح, أي ضمن عملية الثورة الاشتراكية في العراق و البديل السياسي ــ العملي تجاه الأوضاع القائمة.
إننا بذلك ننطلق أساسا من نظرة راديكالية ماركسية تنظر إلى ابعد من الواقع و الخصائص اليومية المعاشة لتراجيديا المرأة في العراق محاولة وضع اليد على النزيف والانطلاق أولا من العلاقات الاجتماعية والبناء التحتي للمجتمع بوصفه السبب والعلة الأساسية في عبودية المرأة العراقية واضطهادها وثم تقديم النظام الراهن وكل اللاعبين الآخرين, عدا الفكر السائد وما يقف خلف التقاليد المعادية للمرأة, إلى المحاكمة.
إن مقياس تقديم قضية المرأة ووضعها على جدول الأعمال في العراق مرتبطة مباشرة بمدى تطور قضية الحرية بمعناها الأوسع. أي إن التحرر من شتى أشكال الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والسيطرة السياسية لأقلية من المجتمع, أي الرأسمالية كنظام وسلطة الطبقة البرجوازية او القوى المدافعة عن الرأسمالية كحكم. و لا يستثنى العراق من ذلك بل تقدم وضع المرأة هنا مثالا حيا ودليلا ساطعا على تلك الحقيقة.
وإذا علمنا إن قضية الحرية بمعناها الأوسع مرتبطة تحليلا وتاريخا وتجربة, بمسالة الصراع الطبقي وحال الصراع العام للطبقة العاملة بوجه الرأسمالية, يتبين لنا آنذاك بشكل أوضح كفة الأوضاع المزرية للمرأة العراقية و أسبابها الجوهرية وكذلك سبل حلها, سواء باتجاه تحقيق مطالبها أو تحررها النهائي. إن استراتيجية الحركة الاشتراكية العمالية, باستهدافها أسس النظام القائم وبنيتها وما تحمله من آفاق قادرة لوحدها اجتثاث جذور الظلم النسوي في العراق. لذا فان المخرج الوحيد والفعلي للمرأة العراقية من الورطة المتفاقمة لحياتها هو انضمامها للحركة العمالية.
ولكي لا يبقى كلامي كليشة جاهزة ودعوة للالتحاق بمجهول دعني اشرح بإيجاز معاني ذلك المخرج في ترابطها بالوضع الفعلي للحركة العمالية والاشتراكية العمالية في العراق.
إن دعوتي هذا تعني في افضل حالاتها النظرية الأنضواء تحت راية الاشتراكية والشيوعية كالهدف الجوهري والرد النهائي للحركة العمالية على مجمل أشكال استلاب واستغلال الإنسان ومن ضمنها الاضطهاد النسوي, إن بديل العمال الشيوعيين تجاه الأوضاع القائمة وشعارهم المركزي ((الخبز, العمل, الحرية, حكومة المجالس )) بوسعها تامين ذلك وتحقيق النصر المرحلي وربط نضال وتطلعات هذه المرحلة العصيبة نحو الهدف النهائي إلا وهو القضاء التام على البنية الاقتصادية للنظام القائم و اجتثاث جذور الاستغلال النسوي أيضا.
إلا أن عمال العراق أنفسهم يعيشون في ظروف اقل ما فيها مأساوية من حيث درجة الاستغلال والقمع والتنكيل والحرمان كما ان حركتهم الشيوعية في حال من التبعثر والضعف وضآلة النفوذ. يعيش عمال العراق في ظروف تسود فيها التشتت والتراجع وضعف المقاومة تجاه استعمال الاستغلال الطبقي والقمع الدموي الشرس المسلط عليهم. ان الاشتراكية والشيوعية ضعيفة في صفوف عمال العراق والمجتمع العراقي عامة, وتلك حقيقة ينبغي الإقرار بها فان أردنا أن نشمر عن سواعدنا للانطلاق نحو تغييرها.
ولكن أي تحسن وتحول على ظروف المرأة العراقية مرتبطة أساسا بمدى ما يطرأ من تغيير في معادلات الحركة العمالية والشيوعية في العراق أمام الرأسمالية عامة وشتى مشاريع وطروحات البرجوازية العراقية والعالمية ذي الصلة بالعراق.
إلا إن ذلك ليس مسك الختام في دعوة المرأة العراقية نحو سلوك سبيل تحررها وتحسين أوضاعها وللعمل الشيوعي في صفوفها.
ففي ظل الظروف الراهنة يتم ترجمة المعاني العملية لتلك المهام بأشكال أخرى, فبث روح التحدي والمقاومة والنضال في صفوف المرأة العراقية, ونشر الوعي الأشتراكي والماركسي بينهن, وفضح شتى أشكال الفكر البرجوازي القومي والدين في صفوفهن, وتناقض ذلك التيارات مع ابسط حقوق المرأة, واماطة اللثام عن جوهر القوانين والتشريعات والتعليمات المنافية لحقوق المرأة في ظل النظام الحالي وكيفية التصدي لكل ذلك, وكيفية ضرورة مشاركتهن في النضالات والمقاومة اليومية الجارية في أنحاء العراق المختلفة ضد السلطة وأجهزتها بشعارات وأساليب مستقلة, وسبل وأشكال توحيد صفوفهن بصور بدائية أو راقية حسب مستوى نضالهن وظروف حركتهن, ورفع شعارات ومطاليب عملية تتناسب وتنسجم مع كل ذلك, وبث وضخ الثقافة الراديكالية والاشتراكية وتجارب الحركة النسوية في التأريخ والظرف الراهن في صفوفهن وغيرها وغيرها…, هي من الميادين المهمة والأشكال والسبل الحية والفاعلة نحو أيجاد تغيير كمي ونوعي في صفوف المرأة العراقية.
ومن الطبيعي أن يبدأ ذلك من النسوة الطليعيات وذوات الميول السياسية وخاصة الشيوعيات والماركسيات والاشتراكيات اللواتي يلعبن دورهن في المعامل والأحياء والمجالس والدوائر والجامعات بمثابة نبض الحركة النسوية والمقاومة داخل العراق. إن إحداث هذا التغيير مرهونة بالنسوة الرائدات للحركة النسوية أولا, وثانيا بالدور الذي يمكن أن يلعبه الشيوعيين في هذا المجال. كما ينبغي وفي ظل تداخلات الأوضاع السياسية الراهنة في العراق واستقطابات القوى السياسية التأكيد على أن الموقف من قضية المرأة العراقية معيار أساسي لفرز القوى والأحزاب والبدائل المطروحة أمام الوضع القائم من قبل المعارضة العراقية. كما تبرز الحاجة الماسة لغرس وإشاعة مفاهيم ومطاليب راديكالية ثورية في صفوف الجماهير العراقية فيما يخص قضية المرأة وحقوقها. وتتزايد أهمية ذلك إذا أخذنا بنظر الاعتبار تنافس كل القوى والأحزاب البرجوازية مع النظام الحاكم لاعادة المرأة العراقية اكثر فاكثر نحو الماضي وتعبئتها في خدمة الأهداف الرجعية وطمس حقوقها في كل تغيير بالعراق وفرض العبودية المتزايدة عليها مستغلة في ذلك تلهفهن لقبر النظام الحاكم بأسرع ما يكون.
ويتبين ذلك بجلاء من مواقف الأحزاب الإسلامية والقومية العراقية المعارضة على سبيل المثال, أو ما يتبين من سكوت مجمل أطراف المعارضة عما تتعرض لها المرأة العراقية من حملة شديدة من النظام في جميع المجالات وما تتركه سياسات أمريكا وتدخلها العسكري والسياسي وخاصة الحصار الاقتصادي من آثار شديدة الو خامة على المرأة العراقية. وما تجري في كردستان العراق منذ ما يزيد على( 9 ) سنوات من حملة رجعية وممارسات بشعة بحق المرأة من قبل القوى الإسلامية المتحالفة مع الأحزاب القومية الكردية أومن قبل القوى القومية ذاتها من إجحاف متزايد, بل وحتى التصفيات الجسدية المتزايدة في صفوفهن بحجج ( العفة والشرف!) أو الإبقاء على قانون الأحوال الشخصية البائدة للنظام العراقي البعثي في كردستان, كلها نماذج حية على ما تنتظر المرأة العراقية في ظل وثوب تلك الأحزاب العراقية وقواها البرجوازية إلى سدة الحكم في بغداد.

تعتبر المرأة العراقية الضحية الأولى لغياب المجتمع المدني في العراق وسيادة دكتاتورية الطبقة البرجوازية ونفيها لشتى أشكال حرية المرأة وحقوقها وتكافؤها في الفرص مع الرجل.
إن المجتمع المدني بمعنى تلبيتها لحقوق ومطاليب المرأة في العراق تعني إشراك المرأة بديناميكية قوية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية حسب ظروف متساوية مع الرجل. وتلك أحد أركان حكومة المجالس التي ننشدها فورا. وبعكس ذلك فالقيم الأبوية والتقليدية التي انتعشت بشكل خاص منذ بداية عقد التسعينات في العراق, و لأسباب جلية, سدت كل الطرق أمام مشاركة المرأة العراقية أعادتها سجينة جدران المنزل في اتعس وأقسى الظروف الاجتماعية والاقتصادية. إن إقامة المجتمع المدني و إقرار الحقوق المدنية كاملة ( وتستلزم قبل كل شيء فصل الدين عن الدولة) تعني من وجهة نظرنا الإقرار للمرأة العراقية كونها مواطنة متساوية في جميع الميادين والمجالات بدون أي تمييز جنسي وخلق الدوافع التي تترجم ذلك على الصعيد العملي. إن الانطلاق من هوية المواطنة و إقرارها دون نقص أو زيادة, هو الشرط الأولي للقضاء على الأسس الاقتصادية والمادية لعبودية المرأة, أي إقامة الاشتراكية. تلك رؤيتنا وموقفنا إيجازا وهو السبيل الفعلي الوحيد لأنتشال المرأة العراقية من الجحيم العراقي.

أحمد معين
آذار 2000






#احمد_معين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن فهد الذي لم يُحتَفى به!


المزيد.....




- كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء على العن ...
- مقتل 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنح ...
- أولى جلسات توجيه لائحة الاتهام بحق المتهمين في قضية الاغتصاب ...
- تقرير أممي: جرائم العنف الأسري تقتل امرأة كل 10 دقائق في الع ...
- ابتكارات لمكافحة العنف ضد النساء في مناطق النزاع والحروب
- بيان حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد النساء: ثلاثون عامًا على مت ...
- اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
- الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - احمد معين - نسوة العراق :-من يفتح باب الطلسم-؟