أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حميد كشكولي - النازية وتأميم الجماهير














المزيد.....

النازية وتأميم الجماهير


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1193 - 2005 / 5 / 10 - 14:38
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


احتفل العالم في هذه الأيام بالانتصار على الفاشية والنازية و انتهاء الحرب العالمية الثانية . والبحث في النازية و الفاشية مسألة مهمة بالنسبة لنا ـ العراقيين ـ ، الذين عانينا منهما ولانزال نعاني منهما بأشكال مختلفة. النازية يمكن تعريفها أنها " أنتي هيومانيزم " أو اللاإنسانوية التي هي تقاليد أصيلة و تاريخية للبرجوازية اللبرالية . وقد أصبحت النازية في منتصف القرن الماضي و لأول مرة في التاريخ ندا مساويا للإنسانوية التي تتجلى بأشكال مختلفة أيضا. إن تمجيد العنف والقوة و الدم والفحولة من أبرز صفات النازية . و لنا أن نتأمل مدى نازية الثقافة العراقية من خلال قصائد أبرز الشعراء و الكتاب العراقيين في تمجيد القتل الدم و العنف و الأعراق وما يسمونه بالأصل والفصل *
ومن السمات الأخرى المهمة التي تتميز بها النازية ، الإيمان بجماليات السياسة و تسويغها و تسييس الجماهير ، وهذا يتجلى في المسيرات و المهرجانات التي تقيمها منظمات الحزب الحاكم والذي يخلق لنفسه عادة مليشيات لإرهاب معارضيه و ترتيب اصطفاف الجمهور . و فرض البعد الواحد على الجماهير و قتل مبادرات الفرد. وقد عانى الشعب العراقي وشعوب عديدة كانت أو لاتزال ترزح تحت أنظمة قومية توتاليتارية عملت كمايسترو قاتل يحرك الجماهير العريضة وفق أهوائها و ما يديم عمر كرسي الحكم . و جمايات السياسة تجد لها قبولا كبيرا عند البرجوازية الصغيرة ، وربّات البيوت و الشبيبة. بعكس البرجوازية الكلاسيكية التي مصلحتها تقتضي الإستقرار و الأمن و الأمان ولذلك تكون بعيدة عن الفكر النازي. وقد شهدنا كيف أن النظام البعثي شرع منذ اليوم الأول لانقلابه في العام 1986 بإبادة الطبقة الوسطى ، وقتل البرجوازية الصناعية التقليدية . فالبرجوازية الصغيرة في ألمانيا كانت تحمل عالما من " اللاثقافة" ، و من طبيعتها أنها لا تتوافق مع عالم الثقافة. لكن في أوساط اللبرالية و الإشتراكية يكون الفرد يلعب دوره ولو خلف الأشياء.، و تمتد له فروع طالعة من ذاته. لكن سيرورة السياسة الجمعية في المجتمع تقتل مبادرة الفرد و تضع حدا لطموحاته الشخصية. فالفرد في العالم الجماهيري جماهيري لأنه جزء عضوي من الجماعة. وإن العالم الجماهيري يستمد أسباب الوجود من الجمع. وإن الإضطرابات النفسية، و التي بحث فيها هايدجر ، تُفقد الفرد مميزاته الفردية لتذوب في الجمع. فحضور الجمع يزيل كل اضطراب لفترة معينة حيث الجمع و الاضطراب ظاهرتان نقيضان تؤديان إلى اختفاء الإضطراب مؤقتا. وهذا يتجلى في الاشتراكية القومية التي هي سلوك سياسي قبل أن تكون املاءات سياسية . أو بكلام آخر أن الاشتراكية القومية ناتج منطقي لمجتمع جماهيري
Mass Society
في المجتمع الجماهيري تطفو الجماهير على السطح. والمجتمع السويدي نموذج واضح المعالم لمجتمع الاشتراكية القومية إذ قام مجتمع الرفاهية وفق نموذج هتلر ، في سياسة السكن و السياسة النقابية و المواقف العنصرية تجاه الأعراق الأخرى. ووسائل الإعلام الرسمية هي التي تؤثر في الشعب و تحركه لصالح الاشتراكي الديمقراطي المستمر في الحكم أشبه مايكون باحتكاره. و يفتقد المثقفون لبنية تنظيمية ، فتبرز " ثقافة العامة" قائمة على بنية تحتية مبتذلة مثلما كانت في الريخ الثالث إذ كان الإبتذال سمة بارزة للثقافة في كل المستويات. و نوعية الأفلام التي كان هتلر معجبا بها تدل على ذلك الابتذال. وهذه الثقافة المبتذلة تكون هي السائدة في المجتمع و تنظم الحياة وفقا لها. فتمجيد الجمع والجماهير و عبادته يُعد من أبرز سمات النازية والفاشية الرئيسية . وتختفي في النازية كل أنواع الفن الطليعي ليحل محلها نوع من المحافظة الثقافية. ورغم كل ذلك للفرد حضوره شرط أن يكون في خدمة الجمع ووسائل الإعلام الجماهيرية التي تغدو سلطة كبيرة مسلطة على الجماهير. ووسائل الاعلام الجماهيرية تخلق أيضا نماذج أفراد عالميين ، و بالتالي تعمل وسائل الاعلام الجمعية وسيلة خطيرة لتأميم الجماهير التي تصبح ذات بعد واحد و متجانسة في صفاتها و خصالها بدون صراع طبقي أو ايديولوجي . الصراع يكون مقبولا مع الأمم الأخرى . فالنازية توحد حتى لغة الجماهير و تحدد المفردات المستخدمة في الحياة. وإن الفرد مجبور أن يتصرف مثل الآخرين ، وكأنهم خرجوا من جهاز التفقيس. فالاشتراكية القومية كاسلوب ادارة المجتمع في النظام النازي ليست نتاج مؤامرة من أصحاب الصنائع والتجار الكبار . فالنازية على الأغلب نتاج التيارات الثقافية و الفكرة القومية في ألمانيا ، و ثمة عوامل عديدة ساعدت على ظهورها و نموها في منتصف القرن العشرين . وهي حركة جماهيرية يشكل الشباب هيكلها العظمي . , ان الشعارات اختيرت بحيث تعمل فعلها بقوة في اثارة حماسة الشباب لتحقيق آمالهم القومية والوطنية المتماهية مع تطلعاتهم الشخصية. فالشعور الأعمى في حب الوطن و الأرض و الأعراق يعتبر من المبادئ الأساسية للنازية التي يمكن أن نقول إنها حركة شبابية على الأغلب. وهنا أريد أن أنبه أناسا يدعون معاداة النازية والفاشية وهم يتبنون أفكارها و ايديولوجتها ولو بأشكال مختلفة.

* يتطرق الباحث والأديب العراقي لهذه المسألة في كتابه " اشكاليات العنف في الثقافة العراقية".



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطر الألم والحنين
- الأول من آيار_ اليوم الأول للدنيا
- بقرتان و اختلاف نظريات الاحتلاب
- السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام ص ...
- إلى أين ؟ إلى أين ؟
- البابا الراحل كان حليف ريغان في قتل المستضعفين
- لي وطن من آلامي
- مات ابن باز الغرب الإمبريالي
- تثاؤب الخواطر
- العشائرية و المجتمع المدني نقيضان
- خيرالله طلفاح في الجمعية الوطنية مشرِّعا
- حلبجة بحاجة لمداواة جراحها العميقة
- e pur si mouvولكنّها تدور
- نار بروميثيوس لن تنطفئ أبدا
- ما أغناي ! لي الدنيا كلّها
- البقرة الحنون
- سونامي العراقية
- معجزات أم التجرّد من الشعور الإنساني؟
- سُوْرَة المشاهدة - للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928_ 1980 ...
- للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد ( 1935_ 1967 ) لا يبقى إلا الص ...


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حميد كشكولي - النازية وتأميم الجماهير