أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - حرباء الروح














المزيد.....

حرباء الروح


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1193 - 2005 / 5 / 10 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


إلى الصديق حسين عجيب

من أمنية زائفة إلى تعزية زائفة إلى حلم زائف إلى وعي زائف.
يتمادى حالنا الزائف من لحظة انوجادنا دون رأينا مروراً باندلاقنا في أرض ووقت لم نخترهما ، وانتهاء بانطفائنا في وقت وأرض أيضاً نجهلهما وربما نكرههما.
لا بد لهذه الرحلة الكذبة المسماة الحياة ، من أغطية زائفة من الأساطير إلى الأديان إلى الأفكار بكل تصنيفاتها.
ومع كل تشبثنا بتلك الأغطية ، وتعلقنا بكل منها ، حسب مراحل الرحلة ، حتى إلى درجة إفساد كل ما هو جميل في هذه الرحلة ، تجدنا نتخلى عن تلك الأغطية واحداً واحداً تارة بحماس شديد حتى التعصب ، وطوراً بلا ندم وأحياناً بلا تفكير أو بلا مبالاة ، حتى نصل إلى حافة القبر عراة حتى لو استطعنا لانتزعنا الكفن وبصقنا في وجه عالم قادنا بقبضته من حفرة الظلام الأول ، إلى هاوية الظلام الأخير ، ونحن لا حول لنا ولا قوة وكأن البداية كالنهاية ، ولكن بينهما بعض العلف والرشا من ضمنها مؤاساة الأفكار التي تتلون كالحرباء ، وكأنها وقود أرواحنا ومخيلتنا فمن لون الحلم إلى لون الحب إلى لون الحرية وألوان تغيير العالم ، ويبدو أن الجنة السماوية ، والفردوس الأرضي ، أمر واحد ، وكلنا متدينون ولكن دياناتنا مختلفة ، بما في ذلك ديانات الإلحاد ، وتأنيث العالم كان في نظري آخر الديانات ، كما كان أولها ولكن كحياة معيشة ، ولست أدري لم تخلت الأنوثة وأمنا وحبيبتنا وإلهة أجدادنا عشتار عن عرشها ، وتركت الفردوس للذكورة ، فأوصلوه إلى ماو صل إليه ، لاهثاً باحثاً عن الفردوس المفقود، نعم هذا هو الخمر الذي صار خلاً ولن يعود خمراً ، أو كما أعلنها بوضوح فان غوغ : صار من المستحيل إصلاح العالم .
أشعر في أعماقي أن تأنيث العالم وفق مفهومي و نظرتي للأنوثة ، هو الخلاص الحقيقي للعالم ، ولكنه وفق مفاهيم الغالبية الساحقة من البشر ، ومنهم غالبية النساء ، ليس كذلك .
هذا الشعور عينه يرافق كل ذي معتقد بأن معتقده كما يراه ويؤمن به هو المخلص الوحيد للعالم ، ولكن الاختبار الفعلي للمعتقد لا يشجع كثيراً على السوق في هذا النحو ، ومع انحيازي الكلي للأنوثة ، إلا أني أدرك أن تصوري عنها مختلف كثيراً ، عن نمط وجودها الفعلي وما آلت إليه بعد ستة أو سبعة آلاف من السيطرة الجهنمية للذكورة ، على العالم .
لكن الأكثر مأساوية في الأمر أن هذه السيطرة ، لم تغير العالم فقط ، حيث أصبح بارداً وحاداً وضيقاً ، بل أيضاً غيرت الأنوثة أيضاً ، عبر ترويض وتدجين وإرهاب وترغيب ، وكنت في سبعينيات القرن الماضي ، أقرأ وأسمع عن الحركات النسوية ، وكانت تغامر في شرف مروم ، لكنها اليوم باتت أكثر عقلانية وواقعية ، وصارت جنباً إلى جنب ، تناضل من أجل مواصلة المسيرة الراهنة ، مع تلطيف غير مزعج لقادته الفعليين ، و أيضا هذه ( الأنوثة) ضرب من الخمرة التي صارت خلاً ، ولا أظنها تعود إلى حالتها المسكرة ، مادام أكثر ما تحلم به هو الوصول إلى برلمان الذكور أو رئاسة دولتهم ، وللأسف ، باتت ترى مهمتها ، أي تحرير العالم بتأنيثه ، ضرباً من هذيان الشعراء، وربما يكون ذلك صحيحاً ، لكنني أعشق هذا الهذيان وأحبُّ ما فيه إليّ أنني أعرفه كذلك .
أما واقعياً وأيضاً للأسف أرى أن الجنسين في هذه المسيرة التي بت أشك في مستقبلها ، بسبب ما جرى فيه وخاصة للأنوثة ، يسيران نحو تقارب أخشى ما أخشاه أن يؤدي إلى الاندماج سيكولوجيا ، ربما نحو جنس ثالث ، لا أدري كيف سيكون العالم الذي يخلقه ، ولا أدري ربما فيزيولوجيا بعد قرون من الأتمتة والتطور ، وتبقى صرخاتنا لتأنيث العالم ، صدى عالم منقرض ، تحمل رسائل هيروغليفية ، تعبر عن معاناة وقهر وحلم ، إنها جميلة ككل أحلامنا( بعضهم/هن يراها عنصرية وشاذة وغير ذلك)، لكنها في التحليل والتمحيص إيديولوجيا أخرى ، لون آخر لحرباء الروح ، إنها قصيدة أخرى .



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية واللا شائعات
- شرف التقليد وعار الإبداع /تحية إلى الكاتب إحسان طالب
- الدولة الدينية والدولة الحديثة
- الإصلاح في المملكة العربية السعودية
- أصغوا إلى الأغنية البحرينية
- نبيل فياض يهجر
- قاصمة الظهر
- شادي سلامتك ... ويا سيادة الرئيس
- كون آخر
- العلاقة بالآخر مرآة الذات
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري
- أشتهي... بعد
- اصح يا نايم .....كفاية
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام
- ليت رذائلنا كرذائلهم وفضائلنا كفضائلهم


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين بدران - حرباء الروح