أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من كليلة ودمنة 7














المزيد.....

حكاية من كليلة ودمنة 7


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4165 - 2013 / 7 / 26 - 03:46
المحور: الادب والفن
    



يُحكى، عن عين ماءٍ كانت تقع على صخرة عالية، عصيّة، ينحدر منها إلى الوادي جدولٌ رائق، سلسبيل. ثمّة، على قمّة الصخرة، ابتنى مالكُ الحزين عشاً عظيماً، لكي يتسع له ولفرخيه. من حالق، دأبَ الطائرُ المتوحّد على رمي بصره إلى ما يحيطه من مظاهر الطبيعة الخلابة، البكر، المونقة بأشجارها وأزهارها وأطيارها تحت شمسٍ ربيعية، متفتحة للتوّ.
" آه، كم كانت الحياة حلوة لولا أنها تتسع لعدو أفراخي، الثعبان؛ الذي سبق وقتل أمهم بطريقة غادرة..! "، فكّر مالكُ الحزين في شيء من الحزن فيما هو يلقي نظرات مشفقة على ولديه الصغيرين. كانا قد أفاقا من النوم، فراحا بدورهما يبادلان الأبّ الملول نظراتٍ لا أثر فيها لقلق أو همّ. وكان ذلك يُسعده، ولا غرو. ولكن سعادته، لا تصبح مثالية حقاً سوى عندما يعود إليهما محمّلاً بصيدٍ شهيّ لجرذ أو سحليّة؛ فيرميه في وسط العش من مسافة قريبة، دونما حاجة لأن يحط هناك، ثمّ يعاود صفق جناحيه للعودة إلى محاولة جلب فريسة أخرى.
في ذلك اليوم الجميل، صادفَ أن البومَ كان في مقرّه على شجرة التين الباسقة، الوارفة الأفياء، حينما مرّ جاره مالك الحزين في حومته المألوفة، المشكلة ما يشبه الدائرة، والتي تشمل الجنة المحيطة بالنبع. من مكانه، إذن، أبصرَ البومُ مشهداً مثيراً، رسمَهُ على غرةٍ جارُهُ المحلّق في الفضاء: ثمّة على إحدى أشجار النخيل، بدا الثعبان يتلوّى معانقاً سعفة رقيقة، راحت تتهدل نحو الأسفل بفعل جرمه الغليظ، فما هيَ إلا وهلةٍ حتى انقضّ مالكُ الحزين على خصمه هذا، منتشلاً إياه من ذيله، منطلقاً كالريح لا يلوي على شيء.
" يا هذا..! "، نادى البومُ جارَهُ بصوتٍ حاد. ويبدو أنّ الصدى قد وقعَ في مسمع الآخرَ، كما دلّ على ذلك اضطرابُ طيرانه. وها هوَ مالكُ الحزين، يفصح عن الفضول والاهتمام. فقد راوحَ فوق عش البوم مع فريسته في حركةٍ تنبي عن الانتصار، قبل أن يحط أخيراً على شجرة توت قريبة. من غصن هذه الشجرة، أين تهادى الطائر السعيد مع صيده، انهمرت إلى الأرض حبّات قليلة من التوت الناضج. وكان البومُ في الأثناء ما يني في تأمله للجار المتوحّد، الذي كان يقبض بمخالب قدميه على ذيل الثعبان. هذا الأخير، كان يبدو حياً بلا مَراء، حسبما أفصحت عضلاتُ لسانه وعنقه وجذعه.
" أعتقدُ، أيها الجار، أنك دعَوتني..؟ "، تساءل مالكُ الحزين بنبرة تتصنع عدم الاكتراث. وكان جوابُ البوم، أن أشارَ نحو الفريسة الحيّة قائلاً " أجل. فأنا أردت تهنئتك بهذا اليوم المبارك، الذي شهدَ سقوط عدوّكَ.. ". سكت هنيهة، ثمّ أضافَ محذراً " ولكن الخصم يؤخذ من رأسه، لا من ذيله! "
" آه..! كأنك حَسَبتني مثل ذلك الغراب المغفل، الذي تقول الحكاية أن الثعلبَ خدعه؟ "
" لا أدري، في الحق، عن أيّ حكاية تتكلم..؟ "، تساءل البومُ بدَوره في حيرة. عندئذٍ، نفشَ الآخرُ ريشَهُ بزهو. ثمّ راح، على الأثر، يقصّ باقتضاب كيف حاول الثعلبُ اقتناصَ قطعة جبن من منقار الغراب، عن طريق دفعه إلى الكلام.
ولم ينتظر مالكُ الحزين جواباً، بل اندفع خابطاً جناحيه بقوّة ليحلق مجدداً في الفضاء مع فريسته، المتلوية بما يشبه حركات الغضب والتحدي. فما هيَ إلا لحظات، وأضحى طائرنا على مسافة هيّنة من عشه، فأفلتَ برشاقة الصيدَ الثمين بين أرجل صغاره. ثمّ تابعَ الطيران وهوَ راضٍ تماماً عن قسمته، شاكراً الربَّ على هباتِ الفوز والطمأنينة والرخاء.
عندما حلّ الظلام، بقيَ البومُ هامداً على شجرة التين. ولكن صراخ جاره كان مزعجاً للغاية، واستمرّ حتى طلوع الفجر. كان مثل صراخ أمّ ثكلى، يخالطه العويلُ والندب والنواح.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية من - كليلة ودمنة - 6
- حكاية من - كليلة ودمنة - 5
- حكاية من - كليلة ودمنة - 4
- صورة الصويرة؛الضاحية2
- حكاية من - كليلة ودمنة - 3
- العقلية المشتركة للسلطة والمعارضة
- حكاية من - كليلة ودمنة - 2
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول


المزيد.....




- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...
- نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
- إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
- رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من كليلة ودمنة 7