عبدالله عامر
الحوار المتمدن-العدد: 4165 - 2013 / 7 / 26 - 00:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"المظاهرات علي المذهب السيسوى"
أطل علينا اليوم الجنرال الوسيم : عبدالفتاح السيسى فى خطاب يقرب من 40 دقيقة قام فيها بسرد الكثير – مما كذبه بيانى الدكتور العوى ونجل الشيخ أبواسحاق الحوينى فيم يخصهما وذكره الجنرال الوسيم- وقد إحتل ذلك "الكثير" ,الذي أخذ طابعا تأريخيا , ما يقرب من 26 دقيقة انعكس فيها الدور المؤثر والعاطفى لرجل المخابرات الأول: عبدالفتاح السيسى .. وأكد الخطاب على عدة أشياء:
1- "إن الجيش يأتمر بإرادة المصريين".
2- "أقسم بالله .. أقسم بالله..أقسم بالله الجيش على قلب رجل واحد"
3-"لما خرجتوا الجيش نفذ إرادتكم .. وائتمر بأوامركم"
4- "الاسد عمره ماياكل ولاده " وهي حقيقة جديده تسجلها له كل علوم البيطرة
وجاءت تلك التاكيدات الاربع كنوع من انواع المنة علي " شعب السيسي العظيم "وتمهيدا للطلب الذي يطلبه بعد ان كان لا يطلب ولا له ان يطلب ولكن جاء الوقت الذي يحتم عليه ان يطلب فلابد ان يطلب"....
بغض النظرعن كل المشاعر الجياشة والصوت المرهف والحس الفيروزي الرائع للفنان عبدالفتاح السيسى ... فان كل الخطاب بسياقه وسباقه ولحاقه جاء لخدمة الدعوة للتظاهر على المذهب السيسوي لمكافحة الارهاب والحشد ليوم الجمعة 26/7 /2013 لان الجيش يحتاج " تفويضا من الشعب للحرب على الارهاب"
وعلى حد معرفتنا الضئيلة بالدستور وبمهام القوات المسلحة والشرطة المدنية فان الماده 193 التي تحدد مهام مجلس الامن القومي – الذي يضم عضوية كل من وزيري الدفاع والداخليه- تنص في فقرتها الثانيه علي الآتي :
" ويختص (المجلس) باقرار استراتيجيات تحقيق امن البلاد , ومواجهه الكوارث والازمات بشتي انواعها واتخاذ مايلزم من اجراءات لاحتوائها , وتحديد مصادر الاخطار علي الامن القومي المصري في الداخل والخارج والاجراءات اللازمه للتصدي لها علي المستويين الشعبي والرسمي.
وفي الماده 197 الفقرة الثانية فيم يخص مهام مجلس الدفاع الوطني – الذي يضم ايضا عضويه وزيري الداخليه والدفاع- جاء مايلي :
" ويختص المجلس بالنظر في الشئون الخاصه بوسائل تأمين البلاد وسلامتها "
اذا لا يحتاج الفنان القدير لمظاهرات الجمعة التي تفوضه فيها "الملايين العريضة" حتي يكافح " الارهاب الاسلامي" ...... فقط ما عليه سوى التشاور مع من اسموه رئيسا لدولتهم , التي نكفر بها تمام الكفران, في عقد مجلسي الدفاع والامن القومي والنظر في الارهاب والارهابيين....
كان ذلك هو المسار الدستوري الذي فضل رجل المخابرات ,الذي صرح في السابق بان المظاهرات ما هي الاهدم لدعائم الدوله, اختراقه ... فمادام الدستور يكفل الحق في حفظ الامن وردع "الارهاب " اذن فما الهدف من طلب تفويض الشعب في حفظ الامن والقضاء علي الارهاب ؟ !!! ثم هل توقف الجيش عن العمليات في سيناء ضد الارهاب علي حد زعمهم , ان كان هناك اصلا عمليات في سيناء ,؟؟؟ وهل توقف الجيش عن قتل 320 مدني اعزل باسم الارهاب ؟ وهل طلب السيسي تفويض بدخول "كتيبه اسرائيليه " لسيناء لمكافحه الارهاب ؟ وهل علمنا عن ذلك الا من وسائل الاعلام الاسرائيلية ؟!
, ماهي فائده التفويض علي ما يجب ان يكون اصلا من اجهزه يدفع لها المال كي تحفظ الامن ؟؟ الا لو كان الهدف غير ذلك .....
وذلك ما يدفع لفتح باب سيناريوهات عدة :
1- السيناريو الاول : هو سيناريو قديم بدأ في 28 مارس 1954 حينما حشد جمال عبدالناصر التظاهرات هاتفه " ادبح ادبح في الاخوان" ... " طهر طهر واحنا معاك" .... " لارجعية بعد اليوم!!"... "تسقط الحرية وتسقط الديمقراطية"... ثم رزحت بعد البلاد في ستين عاما من الاحتلال العسكري يحكم فيها عبدالناصر وطغمه عسكرية غاشمة بأسم "جموع الشعب المويد" وبأسم "99.99999" في استفتاءات كان فيها "الرئيس الاله" هو الآمر الناهي فيها, ستين عاما حدث خلالها اقسي انواع المذابح ليس للاخوان انما للشعب المصري كله فكان تطهيرا من النوابغ والمفكرين والعلماء .. وكله باسم الشعب والاراده الشعبيه والمظاهرات المويده ..
هذا هو السيناريو الاول الذي سينتهي حتما بفتح جديد للمعتقلات التي تكتظ حاليا بالكثيرين وفرض حاله الطوارئ الي اجل غير مسمي , مادام مجلس الشعب والدستور في خبر كان !
2- أما السيناريو الثاني: وهو متفائل الي حد كبير .. ويقضي بان السيسي قد فقد كل مالديه من اوراق امام النظام العالمي وظهر هذا جليا في عبارات من قبيل " ينزلوا عشان يوروا الدنيا" ... "تنزلوا عشان تفكروا الدنيا"... ولا نعرف اي دنيا يقصد السيسي؟! غير دنيا الاتحاد الاوروبي وامريكا والدول الافريقية التي رفضت مبعوثيه
وقد يعني السيسي بالدنيا "ضباط الجيش" الذي صرح عصام سلطان وقال انهم في السجن الحربي الذي "يعج" بهم وبكل الرافضين للانقلاب..
وفي كل الاحوال هذا يعني ان السيسي قد خسر الغطاء الدولي بشكل كبير بعد المجازر التي نفذها ... واخشي ان اكون قد افرطت في التفاؤل عند القول بانه قد هُدِدَ بالمحاكمه الدوليه كمجرم حرب في "لاهاي"....
3- اما السيناريو الثالث: هو ان السيسي يجهز البلاد لحرب اهليه مموله من جهات ما .. لانه لا يمكن لعاقل ان يتصور ان وزارتي الدفاع والداخليه في اكبر البلاد البوليسيه في العالم تطلب تفويضا شعبيا للحرب علي الارهاب .. خصوصا ان مبارك لم يطلب ذلك التفويض ولم يطلبه عبدالناصر من قبل ... وما يؤكد تلك الرؤية
هو الرجاء الشديد الذي وجهه لشعبه قائلا :
" من فضلكم من فضلكم يا مصريين .. تحملوا المسئوليه معي ومع جيشكم ومع الشرطه واظهروا تماما صلابتكم في مواجهه ما سيحدث "
وهذا تفويض واضح " للشعب المصري الشريف" الذي يؤيده بسفك دماء من اشتبه فيه بانه ارهابي او يحمل علي جبينه علامه الارهاب واضحه الدلاله ... وربط تلك اللهجه بلهجه رئيس الانقلابيين "عدلي منصور" في خطابه عندما وصف معارضيه "بانهم من يقودوا مصر الي طريق المجهول .. طريقهم مقدمه للفوضي ومدخلا للعنف والدماء ... يحملون رايات خادعه وشعارات كاذبه .. يدفعون الوطن الي الهاويه .. وهو حمقي ايضا ومفسدون يحسبون انهم يحسنون صنعا " تفيد بان الارهابيين هم قاطني رابعه والنهضه وغيرها من ميادين "دعم الشرعيه" التي حكم عليها رئيسهم ووزير جيشهم بانها ميادين الارهابيين.. والا فماذا يعني الطلب المباشر من الشعب بتحمل المسئوليه مع الجيش والشرطه ضد مكافحه الارهاب الا ذلك ... لان مكافحه الارهاب والشغب والعنف هو المهمه البديهيه لاجهزه الامن واظن ان رجل المخابرات الحربيه يعلم ذلك جيدا.......
4- السيناريو الرابع: هو الدستور وصبغ الدوله بصبغه عسكريه يحمي فيها الجيش الشرعيه الدستوريه ويكافح الارهاب وما الي ذلك من العقائد العسكريه الجديده والتي اشار الي وجوب اضافتها للدستور زعيم الجناح المدني للانقلاب " البرادعي" ... ولكن كيف سيتم استيراد أنموذجي الجيش التركي والباكستاني بدون غطاء شعبي ينادي بسقوط " الديمقراطيه " ودبح الاخوان المسلمين" و " الهتاف بحياه السيسي ؟!!!
وهذا السيناريو ايضا يمكن اعتباره بانه تفاؤلي ... علي الاقل لانه لا يصطبغ بالدماء!
5-اما السيناريو الخامس: هو ان يقوم الجيش نفسه بالفتك بمعارضي السيسي تحت غطاء مدني وتفويض بقتل المعارضين..وحاله تعميه متعمده من الشارع ... وهذا هو الارحج... فاستخدام عبارات مثل " الحرب علي الارهاب" التي استخدمها بشار الاسد في سوريا لا يوحي الا بذلك ... ويمكن متابعه ما حدث وما يحدث في سوريا الان من الحرب علي الارهاب عبر كل شاشات التلفزه !
واستخدمت نفس العباره في الحرب الصليبيه الامريكيه –كما سماها بوش الابن- علي العراق وافغانستان ولازال يستخدمها الجيش الباكستاني ضد الباكستانيين في الحكم بغطاء مدني ..
هذه هي السيناريوهات المحتمله لخطاب الفنان القدير عبدالفتاح السيسي .. ولكن يبقي امر اخير وهو " باي صفة يدعو نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الشعب "الشريف" الي مظاهرات لتاييده وتفويضه؟؟!!! فلا هو سياسي ولا هو رئيس حزب ولا هو ناشط ولا هو رئيس جمهوريه ولا هو من المفترض ان يضلع في اي عمل سياسي او حزبي .... لكن تلك الدعوه تحمل في طياتها فضيحه تشي بالوضع في الدوله المصرية وتشي بطريقة اداره البلاد الان من الحاكم الآمر الناهي الذي يطلق الدعوه لمظاهرات ويعطي الرخص للفتك بالمعارضين ......
عبدالله عامر
15 رمضان
في 23/7/2013
#عبدالله_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟