أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هكذا يُفْهَم الصراع في مصر الآن!















المزيد.....


هكذا يُفْهَم الصراع في مصر الآن!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 16:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



دَعوني أبدأ بـ "بديهية"؛ فإنَّ أسوأ شيء هو نسيان "البديهيات" في اللحظات التاريخية الثورية الحرجة والحاسمة.
إنَّ الإنسان الثوري، أيْ الذي يريد تغييراً لواقع الناس بما يجعله أكثر توافقاً مع المصالح الحقيقية والواقعية لأكثريتهم، يحتاج أوَّلاً إلى أنْ يُحْسِن فهم وتفسير وتعليل هذا الواقع؛ فإذا أخفق في هذا فلن يتمكَّن أبداً من التغيير الذي يريد ويعتزم؛ أقول هذا وأنا أعلم أنَّ للتاريخ منطقه، وأنَّ كثيراً من الأشياء التي تظهر إلى حيِّز الوجود التاريخي لم يكن لها من وجود، من قبل، في وعي الناس وخططهم.
مِنْ ذِكْر هذه "البديهية"، والتذكير بها، أَدْخُل في صُلْب الصراع المحتدم الآن في مصر، فأقول إنَّ أسوأ ما في أمْر هذا الصراع هو أنَّ كثيراً من المهتمين به، أو المتورِّطين فيه، لا يُحْسِنوا فهمه وتفسيره وتعليله، وكأنَّ "الفوضى الفكرية" هي، أيضاً، جزء من فوضاه العامَّة.
وإنِّى لأرى كثيراً من "الفوضى الفكرية" في رؤى ومواقف المثقفين المصريين من أهل اليسار والعلمانية؛ فهؤلاء يَفْهَمون الأمور الآن بما يوافِق المنطق (اللامنطقي) الآتي: إنَّ اليساري (والعلماني) لا يمكنه إلاَّ أنْ يكون في "عداء فكري عميق" لكل جماعة تبتني لها، أو تشتق، "هوية سياسية" من "الإسلام"، وإنَّ كل من يعادي "الإسلام السياسي (وأحزابه)"، من ثمَّ، لا بد له من أنْ يكون من أهل اليسار والعلمانية، أو من أقربائه.
هذا هو منطقهم (اللامنطقي من وجهة نظر الواقع الموضوعي للصراع) الذي يُزيِّن لهم التحالف مع قوى وجماعات معادية لثورة الخامس والعشرين من يناير؛ لكنَّها تتدثَّر وتتسربل بالعداء للرئيس المعزول مرسي، ولجماعة "الإخوان المسلمين"، وحزبها السياسي، وحلفائها من "الإسلام السياسي".
كلاَّ، ليس في هذه الطريقة يُفْهَم، أو نُحْسِن فَهْم، الصراع في مصر؛ وأنا شخصياً أفهمه على النحو الآتي: كل ثوري (كل يساري وعلماني..) يجب أنْ يكون في خصومة (فكرية عميقة وشديدة) مع جماعات "الإسلام السياسي"؛ لكن هذا لا يعني، ويجب ألاَّ نجعله يعني، أنَّ كل ما يناصِب جماعات "الإسلام السياسي" العداء يجب أنْ يكون ثورياً.
أنا أخاصمهم، وأحمد شفيق يخاصمهم؛ فهل هذا يعني، أو يجب أنْ يعني، أنْ أكون وأحمد شفيق في خندق واحد، أو في حِلْف ضدهم؟!
إذا أردت أنْ تكون خصماً "محترماً"، و"جيِّداً"، لنهج الرئيس مرسي، وجماعته، وحزبه، فإنَّ عليكَ أنْ تأتي بالدليل العملي والقوي على ذلك من طريق وقوفِكَ، في الوقت نفسه، ضدَّ أحمد شفيق، وجمهوره في "الميدان"، وضدَّ كل ما يمتُّ بصلة إلى عهد مبارك، وضد (الآن، وعلى وجه الخصوص) السيسي وحكم العسكر، الذي هو الآن قاب قوسين أو أدنى من انتهاج "الفاشية" في الصراع والحكم؛ وإيَّاكم أنْ تقولوا إنَّ "الفاشية" عديمة الجذور (أو الوزن) الشعبية؛ فالملايين من الشعب نزلوا إلى الشارع من قَبْل مبايعةً لموسوليني (وهتلر).
بعضهم قال لي، مبرِّراً، عداءه لجماعة "الإخوان المسلمين"، وتحالفه مع أعدائهم من أهل وأقرباء مبارك، إنَّ هذه الجماعة "منظمة فاشية دولية"، لا وطن لها، تخدم (في نهجها وعملها) القوى الإمبريالية؛ وإنَّها كالرأسمالية، لجهة عدم انتمائها إلى وطن.
ومع أنَّني أعلم أنَّ هذه الجماعة تتعصب، في المقام الأوَّل، لما يسمَّى "الأُمَّة الإسلامية"، لا للوطن والقومية، فلا بأس من أنْ أُذكِّر هؤلاء "اليساريين" الغيورين على "الوطن"، بأنَّ مؤسِّس "الفكر اليساري" في العالم (كارل ماركس) هو القائل "يا عمَّال العالَم اتَّحِدوا؛ وليس للعمَّال وطن، ولا يمكن، من ثمَّ، أنْ تسلبوهم ما لا يملكون".
وإنَّهم يَفْهَمون القضاء على جماعة "الإخوان المسلمين"، ولو من طريق حربٍ يشنها العسكر (بزعامة السيسي) عليهم، على أنَّه "نِعْمة ديمقراطية"؛ لأنَّ هذه الجماعة مجبولة على العداء للقيم والمبادئ الديمقراطية، وتَفْهَم "الانتخابات (الحُرَّة النزيهة)" على أنَّها "بَغْل" تركبه للوصول إلى السلطة، فإذا وصلت إليها، وأحكمت قبضتها عليها، قَتَلَت هذا "البغل" حتى لا يركبه غيرها.
كلاَّ، إنَّ الثوريين لا يَقِفون أبداً مع العسكر في سعيهم إلى القضاء على جماعة "الإخوان المسلمين"، بعد تصوير الآلة الإعلامية للعسكر لهذه الجماعة على أنَّها "قَوْم من الإرهابيين"؛ فالثوريون يصارعون تلك الجماعة بوسائل وأسلحة وأساليب تكفل لهم إقامة برزخ بين هذه الجماعة (وفكرها ونهجها) وبين الشعب؛ فالأمر الذي ينبغي له أنْ يستأثر بالاهتمام ليس "الكلام الفكري والسياسي" لجماعة "الإخوان المسلمين"، وإنَّما أنْ يُجاب ثورياً عن السؤال الآتي: لماذا يَقَع هذا الكلام على أسماع شعبية تشبه سمع الجماعة؟
وبعد ذلك، لا بدَّ من خوض الصراع بما يوافِق تلك الإجابة.
وبعضهم اكتشف الآن أنَّ "الحداثة (والمعاصرة)" خيرٌ وأبقى من "الانتخابات"؛ و"الحداثة" هي، في فهمهم وتعريفهم لها الآن، كل ما يبقى الدولة والمجتمع بمنأى عن مخاطِر "الأسلمة"؛ وكأنَّ شعارهم من ثمَّ هو "لا لصندوق الاقتراع (الشَّفاف) إذا ما جاء بالإسلاميين (أعداء "الحداثة") إلى السلطة، ونَعَم للسيسي وعسكره إذا ما اتَّخَذ الفاشية طريقاً إلى الحداثة"!
إنَّهم يريدون لمصر "أتاتوركاً" مصرياً، يحكمها بالعسكر والعداء للإسلاميين، ينشر "الحداثة"، أيْ ما يمكنه نشره من قِيَم ومبادئ الحياة الديمقراطية الغربية، ويَصْنَع "صندوق اقتراع" يَضْمَن بقاء الحكم الفعلي في البلاد في أيدي العسكر، وبقاء "الإسلاميين" ليس في خارج الحكم فحسب، وإنَّما في خارج المعارَضَة (الشرعية الدستورية).
و"المأساة ـ المهزلة" هي أنَّ غالبية هؤلاء الأعداء لجماعة "الإخوان المسلمين" لا يَمُتُّون بصلة إلى هذه "الحداثة"، ولا إلى "قِيَم ومبادئ الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة"؛ فَهُم أبناء "العهد القديم" وقد لبسوا لبوس "الحداثة" في صراعهم (الذي لا ناقة ولا جَمَل للثوريين فيه) ضدَّ "الإسلام السياسي".
وثمَّة كلمة حقٍّ يُراد بها باطل الآن؛ وهذه الكلمة التي يصدحون بها الآن هي "الديمقراطية ليست صندوق اقتراع فحسب"؛ وعندما يُحْكم العسكر قبضتهم الفاشية على مصر وشعبها وثورتها قد نسمعهم يقولون أيضاً إنَّ "الديمقراطية ليست الحرِّيَّة في التعبير.. فحسب"!
إنَّكم، وبتغنيكم بهذه "الديمقراطية المغشوشة"، إنَّما تَدْفَعون مصر إلى هاوية الدكتاتورية العسكرية؛ وأنا أعلم أنَّكم ستندمون، ولكن بعد فوات الأوان؛ فندمكم مع ما يخالطه من حكمة بعد خراب البصرة سيشهد على أنَّكم كنتم قَوْماً من الأغبياء.
أمَّا ما أضحكني كثيراً فكان قول بعضهم إنَّ السيسي، بدعوته "الشعب" إلى النزول إلى الشارع، مبايعةً له في "حربه على الإرهاب"، أثبت أنَّه أعظم الديمقراطيين في العالَم؛ فهو اختار "الديمقراطية الشعبية المباشِرة"؛ وعلى فولتير ومونتسكيو وجون لوك وتوماس هوبز وجان جاك روسو أنْ يتعلَّموا منه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسي أشعل فتيلها!
- -العرب اليوم-.. معانٍ كبيرة في شأنٍ صغير!
- كيري الذي تَفرَّع من -الملف السوري- إلى -الملف الفلسطيني-!
- نقابة الصحافيين الأردنيين -بيت أبي سفيان-.. مَنْ يَدْخُله فه ...
- -العرب اليوم-.. أزمة صحيفة أم أزمة صحافة؟
- لو حدثت هذه -الثورة الطبية-!
- مصر الآن.. صراع بلا وسيط!
- ما معنى أنَّ -الحركة- تتسبَّب في -إبطاء الزمن-؟
- تأمُّلات مصرية!
- إنَّها الثورة المضادة يقودها بونابرت صغير.. فالحيطة والحذر!
- مِنْ -مرسي- إلى الأَمَرِّ منه.. -المُرْسيسي-!
- هذا ما أتوقَّعه في الساعات المقبلة
- ما يجب أنْ يُقال قبل فَوْت الأوان!
- -يناير- الذي تجدَّد في -يونيو-!
- عندما تُزيَّف حقيقة الصراع في مصر!
- مصر التي توشك أنْ تودِّع مصر!
- هل سمعتم ب -الطلقات الخنزيرية-؟!
- -جنيف 2- كما يراه المعلِّم!
- ظاهرة اشتداد الطَّلَب على الفتاوى!
- الثلاثون من يونيو!


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هكذا يُفْهَم الصراع في مصر الآن!