|
لحظات مكسورة- الجزء الثالث
جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 03:34
المحور:
الادب والفن
(1) برغم المعجبين والمتعبين والموجعين، تقصم الوحدة ظهر اللهفة وتسألني: الا زلت تفتقدينه؟ وأنا صامتة أراقب الطريق.. بضجر.. (2) قالت شجرة الجوز لشجرة السفرجل: أظن بأن جذورك قد يبست ولن تستعيدي اخضرارك في الربيع القادم! وما أن حل المساء حتى اجتاحت عاصفة هوجاء المنطقة قالعة شجرة الجوز العملاقة من جذورها فسقط جزء من غصنها الثقيل في حضن شجرة السفرجل المتواضعة، ومن شدة حزنها على رفيقتها لم تعد تذّكر بـأن جذورها يابسة.. (3) أنا بحاجة لعصا العميان!.. (4) ننمو معًا ننّهار معًا تنبت فوق هزائمنا عشبة ضارة والوقت يمضي غير مبالي بنا.. كلانا يعرف بأننا نعبث بذلك الطفل الذي تبنانا من ملجأ المشردين، وحين اكتشف بأننا لا نصلح له، أدار ظهره وفر هاربًا تاركًا خلفه ظل احمقين يتجادلان على كيفية الحفاظ عليه! (5) كف عن تدليلي--أقصد عن تذليلي!.. (6) أحشر رأسي الصغير في صدرك الواسع؛ ذلك الرأس الذي كان يومًا محملاً بأحلام ملونة واليوم، ورغم ثقله، اشعر بأنه مملوء بالرمل.. ضمني ولا تسأل عن شيء! مسد شعري وغني لي تلك الأغنية التي غنيتها لي يوم اغتصبتني وقلت لي بوقاحة: كل شيء قسمة ونصيب، وأنت قسمتي يا حبيبة.. ومن يومها وأنا حبيبتك ومن يومها وانا امرأة تموت عشرات المرات كل يوم.. تغفو مثقلة وتصحو مهملة.. وأنت تلاطفني بعجلة وتمضي!.. (7) لملمت اوراق اللعب لملمت نفسها المبعثرة لملمت بقايا حب على طاولة الانتظار وسارت تعدو كي تلحق بأخر قطار.. فالوقت داهمها وصفير القطار يهز المدينة، كما يهز ابدان اللاحقون بالقطار.. (8) قال مادحًا نفسه: أنا ابن فلان ومن بيت علان وأصولي وجذوري من الأمراء. فمن أين أنتِ؟ فقالت: أنا امي حواء وأبي آدم.. تربيت في بيت قديم وامضيت عمري كله اتسكع في الأزقة واتنطط فوق أسطح الجيران.. أتأمل في أصول الناس لأجدهم في النهاية جميعًا اخوتي وأخواتي.. (9) قالت الريح: ما بالك يا غبية، كلما اقتربت منك، تولولين كالخرساء ولا يفهم أحد، ولا حتى أنا! (10) ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، ولكن لا أعرف لماذا حين اكون معك، تجتمع كل الملائكة حولي فرحة؟... (11) هاهي تحاول ادخال خيط الذاكرة في خرم الإبرة، ولكن الخيوط جميعها مهترئة والإبرة صدئة... (12) قال لها: سأمنحك كل ما أملك من الحب والحنان.. فأجابت: يبدو بأنك لا تعرف ما تتمناه تلك الخبيثة القابعة في داخلي.. (13) قال: أنت عنيدة ولحوحة وبعيدة! فأجابت: أرى بأنك تلصق كل صفاتك بي! (14) العثرة تحولت إلى سكين حادة مغروسة في خصر الذاكرة.. والذاكرة تنزف.. ببطء.. في مكان مهجور.. (15) لم أكن أعلم بأن قطتي الأليفة ستختنق على يده.. قطتي التي كانت تتمسح بمحبة لكل من يرمي بقطعة جبن لها، لأنها لم تكن تميّز بين جبن وجبن... (16) حين أكتب عن الملل فهذا يعني بأنك بعيد... (17) يتصرف معي كالمتصوفين، وأنا التي لم تفلح الآلهة بأقناعي، فكيف يعتقد بأنه سيتمكن من خداعي؟ وعجبي!.. (18) أحد اسباب أعجابي بالمتصوفين هو أنهم، بأسم التصوف، يفعلون كل ما يحلو لهم، بما في ذلك الرقص... (19) بالنسبة له القصة انتهت.. بالنسبة لها لم تكن هناك قصة أصلاً لتكون قد بدأت او انتهت... (20) من منا لا يحب الألوان الزاهية والملابس الأنيقة؟ ولكن المشكلة هي أنه لا يوجد مكان لنذهب إليه لنرتدي ملابسنا الزاهية ولنتباهى بأذواقنا، لذا فكل ما نشتريه ترانا نرتبه في دواليبنا فقط لنشعر بأننا لازلنا على قيد الشباب... (21) لدي أحذية لكل المناسبات، علمًا بأنني اعتكفت عن المناسبات كلها- العائلية منها والدينية والوطنية وحتى الحميمية... (22) أتعرفون بأني لم أعد أخرج من البيت إلا للتسوق ولشراء آخر موضات الأحذية كي أضمها لإخواتها في الدولاب، للتباهي لا أكثر.. (23) كلما قررنا الأنفصال، نجد انفسنا التصقنا ببعض أكثر.. كأن كل منا يستنجد بالآخر.. ربما هو الخوف من الخارج أو من مغادرة البيت الذي بنيناه معًا بالرغم من خلافاتنا.. أم أننا لا نستطيع تقبل فكرة أن ينام آخر في فراشنا المقدس؟ أو أنه التعود أي كانت الأسباب؟ فنحن ملتصقان وكل منا متورط بالآخر؟ (24) حين ولدت، ولدت عارية وضمتني أمي كي تسترني.. وحين أموت، سأموت عارية وستضمني الأرض كي تسترني.. وبين ضمة أمي وضمة الأرض، مخنوقة أنا ومثقلة بملابس رثة.. مثقلة بخطايا؛ بعضها اقترفتها وبعضها اقترفتني! انهم يخفّون عني كل شيء ويخفونني عن كل شيء.. عيوبي مخفية ذنوبي مخفية ولا أعرف هل يخافون عليَّ أم مني؟ وهل أنا مخيفة لهذا الحد؟ (25) قالت ورقة التوت وهي تسقط: أنا من ستر عورة آدم وحواء.. أنا من ألبس الحرير للملوك والسلاطين.. غير انه لم يسمعها أحد سوى يرقة كانت مشغولة بمضخ ما تبقى منها... (26) من يملك ذكريات جميلة لا يشيخ أبدًا... (27) فتحت عيناي على "هذا عيب!" وسأغمضهما على "هذا حرام!" وبين العيب والحرام، ضاعت مني أجمل الأيام...
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لحظات مكسورة- الجزء الثاني
-
لحظات مكسورة
-
أشهد بأنني امرأة ساقطة
-
حكاية ياسمين
-
مرادفات
-
أزهار منثورة
-
غرفة السيد ناجي
-
فلنتعلم من الغربة والغرباء
-
إليكم عني
-
قصص قصيرة جدًا
-
قصيرة جدًا
-
مرتين
-
أنتحار آخر حمامة سلام
-
رحيل عام ملعون وحلول عام العن
-
حقل التفاح
-
الملكية
-
المرأة في بلدي
-
بصحة لا أحد!
-
الداهية والأدهى منه
-
عرس في أطراف المدينة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|