ادريس الواغيش
الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 18:11
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة : النقاش
وضع اللوحة الرخامية أمامه، تأملها في صمت بارد. كان نور غامض يشع منها، فانتصبت شوكات صغيرة من فوهات مسام جلده البني الداكن. تذكر مسيرته الطويلة مع الأموات ، لدرجة أصبح الموت فيها صناعته اليومية . من خلاله يعيش ، يعيل أسرته ويهب منه صدقاته.
لكنه الآن تحت شعور رهيب ومختلف تماما، كأنه يتعامل لأول مرة مع الأموات وأسمائهم. احتضن اللوحة بحنو بالغ ، وبدأ يلامسها كما لو كانت جزءا من جسده. تناسى كل الأفكار التي راودته، وأعد عدته المعهودة.
وضح المكتوب أمامه، وبدأ في النقش: "هذا قبر المرحوم...".
اشتغل على اللوحة بحرفيته المعهودة ، وجدية جعلته يبدع فيها أكثر من اللازم.
لكن فجأة ... ، وهو على مشارف الانتهاء من النقش ، تردد في كتابة اسم صاحبها. فتوقف عن العمل. حرك نظارتيه السميكتين، حتى استوتا بشكل لائق فوق أرنبة أنفه، فبدت الخطوط أكثر وضوحا. افتتن باللوحة، وقرر أن يحتفظ بها لنفسه.
أشار على مساعديه ...
- اكتبوا اسمي هنا، لا أريدها لأحد غيري...!!
لم يمر وقت طويل ...، حتى كانت اللوحة معلقة على قبره بين أموات المدينة.
#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟