|
النسق الدلالي في نصوص الشاعر عبدالرحمن مطر
ابراهيم الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 10:18
المحور:
الادب والفن
منذ أن أصدر الصحفي و الشاعر عبد الرحمن مطر مجموعته الشعرية الموسومة بأوراق المطر عند دار تانيت المغرب عام 1998 اكتسبت بعداً مميزاً. رجل وامرأة يستظلان السماء / صفق السحاب لإطلالة القمر / فانهمرت فوق الشفاه حبات المطر .
إن التركيب في بناء النص يقتضي بالضرورة العودة إلى التركيب في بناء الجملة من حيث أن المنهج اللساني يقتضي الانتقال من دراسة الجملة كمنجز بالامكان الى دراسة العبارة كمنجز بالفعل فالعبارة سواء انطلقنا من تأسسيسها في مواقف النفري ( إذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة) أو من آراء أدونيس ومابعده فإننا نصل إلى النتيجة ذاتها ومتابعة عبارات عبد الرحمن مطر تشي بأن إنجازه يعتمد على العبارة وهذا يقتضي متابعته ليس عبر مسروده الشعري بكليته بل بالتقاط عبارات خاصة من ذلك المسرود.
وردة واحدة تكفي / كي أعبر العالم .
هذا المقبوس يبين لنا وجوب متابعة عبارات عبد الرحمن مطر عبر العلاقة بين الدلالتين المباشرة والإيحائية لأنه - دائماً - يجعل من المباشرة دلالة أولية وأصلاً ومعياراً مما يؤدي إلى تكامل السمات بينهما
إنهم يشهدون غيابي / كأنما أحد قبلي لم يسافر .
يقول (رولان بارت ) في كتابه مغامرة في مواجهة النص: تعطي الوظيفة الإيحائية التي تحدد كينونة الأدب إمكانية تحرير اللغة من العلاقة الإيديولوجية فهي تتيح إبراز أصالة رسالتها عبر التاريخ القديم للعلامات فهذه المعاشرة اللغوية بين السارد ومسروده تشي بأكثر من حامل موضوعي للعبارة وأول تلك الحوامل تأتي قدرة الكاتب على رفض اعتبار البديهيات الحقيقية بينة والأهم قدرة الشاعر على إبراز مايرى في ذاته .
يمتد بي الصراخ العميق / وتغص في حنجرتي الكلمات / فأراني ممدداً على تربة / ترتفع من حولي قبراً .
باعتبار اللغة تحوي مناهل انفعالياتها دلالات مباشرة وباعتبار الشعراء هم أقدر الفنانين على التعامل مع تلك الانفعالات وصياغتها صياغة توحي بالخلق وتوظيفها بالشكل الذي يجعل منها مرجعية جمالية تنتظم فيها الأفكار وتتساوق فإن متابعتها في النص الشعري يحيلها إلى مادتها الأولية
يزهو وجه المدينة بالمطر / وفي الحجرات تلتف الكآبة / حول جمرة البؤس .
إذا كان النص مدركاً بالممارسة وهو مستمر بها باعتبار الكتابة ( كتابة النص ) هي مرحلة من مراحل صيرورته فإن القراءة والتأول والنقد والدراسة وكل مايمر به النص بعد إنجازه هو في الحقيقة جزء من تاريخ النص وبالتالي جزء من بنية النص فالنص ليس مدركاً معطى دفعة واحدة وبشكل نهائي إن إدراكه يمر بمراحل ويختلف إدراكنا للنص باختلاف الزمن الذي نقرؤه فيه فقراءة المتنبي الآن غير قراءته سابقاً أو لاحقاً ، علماً أن قصائده هي ذاتها، بيد أن زمانها الذي كتبت به قد تغير، وبالتالي وجهة نظر قراء المتنبي قد تغيرت أيضاً ، وهذا ينطبق على كل وجهات النظر ، وبكل فعاليات الإنسان الحياتية ، وديوان الشاعر عبد الرحمن مطر ، قد صدر كما سلف وذكرنا في عام / 1998 / وقد كانت تجربته آنذاك في بدايتها، وقبل أن يمتلك أدواته الفنية ، غادر إلى بلاد المغرب العربي ، لينشغل هناك بالصحافة على حساب الشعر ، فجاء ديوانه وكأنه رسالة تتضمن تفاصيل الشعور بالوحدة، وهاجس الحنين :
معلقاً على نافذة مشرعة / تخطر دونها الجميلات الأنيقات / إلى موعد مع ...
في هذه المقبوسات يوظف عبد الرحمن مطر النظم العاملة بشكل ذاتي المرجع ، ليصل إلى بناء معنى الخصائص في تشكيلاته اللغوية ، مع إدراكنا لعدم كفاية هذه النماذج لشرح دلالات المصطلحات المفردة ، إذ يوجد بالفعل / تعبيرات ذاتية / تتغير دلالاتها بتغير موقع الكلام ، حسب رأي هبرماس فالشاعر في حقيقة الأمر يشتغل بناء على حدس راهن ، وعلى اختيار الوسائل المعبرة عنه فالسلوك البشري برمته هو سلسلة من الأجوبة أو الردود ذات الدلالة على مواقف تواجهها الذات ، وتحاول أن تقيم نوعاً من التوازن بينها وبين العالم المحيط بها، كما يقول الدكتور محمد نديم خشفة .
بالمجمل يمكن القول عن نصوص عبد الرحمن مطر ، إنها تنتظم بقدرة السرد غير الملتزم بمدرسة شعرية بعينها ، هي نصوص شعبية اكتسبت صفتها من طريقة كاتبتها أولاً ، ومن اختزالها للهواجس ثانياً ، ومن دلالاتها المعرفية أخيراً ، فتوليد المدهش من البديهي ، أمر يستحق إعادة النظر ، ذلك هو نص عبد الرحمن المطر صاحب النص الذي تغلب عليه الرؤية ، وتتعاضد جوانيته مع برانيته لتشكيل الحالة ، ومن ثم النص .
#ابراهيم_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|